Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الأحد 02 فبراير 2025 8:32 صباحًا - بتوقيت القدس

إلى أين يا زكريا؟

هو أول من أطل علينا فوق الأرض، وبعده توالى انبثاق فدائيين غيّبوا طويلاً، يأخذون حصتهم الآن من الهواء الرطب، فلم تسعفهم اللحظة لعناق كثيف للأهل والأحباب، ونحن سنمضي أعواماً في تذكر أساطير الحقيقة. 

في يوم الثلاثين من يناير، سمع زكريا الزبيدي خشخشة مفاتيح السجان، كان يتثاءب، ولشدة قلقه بقي يقظا، ها هي روح التنين فيه تنهض وتستعد ليوم الحرية المنتظر، بعد سنوات وساعات مضت خطواتها فوق قلبه، تجُول في خاطره مسافات بين هنا وهناك.  


فُتح الباب، فسقطت أعوام كاملة مهشمة وباردة، لطالما صبّت الجمر على طول الجرح، ليعانق الحرية مشياً على الغمام، ويسقي الشوارع كرامة، بيدين تلوحان كما قلبُه، لرفاق الزنزانة، وللأوفياء الذين انتظروه.


الآن يعتنقون البلاد ويرتفعون بها، ها هو زكريا الزبيدي ورفاقه يُبعثون من فم الموت، وعداً للنشيد، رغم

مشقة الرأس والجسد، حيث يتدفق التعب، تصدح الحناجر بنجاتهم من حادث المستحيل، كما اعتمر الفخر أفئدة الصغير قبل الكبير، حينما انتزعوا الحرية من جلبوع، وأشرق نورها على أرض بيسان. 


إلى أين يا زكريا؟ تجيبنا الحنطةُ التي تعتمرُ وجهه، بعد أن كسر قيد المسافة الفاصلة بين غرفة السجن وهواء الحرية، إنه ذاهب إلى مخيم جنين، حيث مهبط القلب والهامة العالية، تغمره سحائب الشغف، ليتفحص حجارته حجراً حجراً، ويُلقي التحية على الأحياء فوق الأرض وتحتها. 


تجاوزت الحافلة أسوار سجن عوفر، ظل يقف شامخاً، تشتعل سنوات السجن في دمه، وهو في الطريق إلى رام الله، تتهاوى ذكريات القيد في عينيه، وتَحِلّ أخرى، كيف له أن ينتقل من المكان الضيق المعتم، إلى الأفق الفسيح؟ يصافح الشمس ويغسل وجه الأرض. 


بسنوات عمره التاسعة والأربعين، يتّقدُ حفاظا على العهد لسيدة البلاد- فلسطين، رغم أن الحزن يمضغ كيانه، فهو الذي لطالما أراد حقه في توديع أحبته، لكنه لم يجربه ولم يعش طقوس العزاء كذلك. 


إلى أين يا زكريا؟ فقد أراد الاحتلال أن يعتقل الضوء في يوم تحررك والفدائيين الآخرين، وحوّل الأماكن كلها إلى مناطق عسكرية ونشر جنده، ليسرق الفرحة ويمزقها قطعة قطعة. 


ها قد وصل زكريا الزبيدي، ولن يصحو بعد اليوم رغماً عنه للعدد، ولن ينام على البُرش مُجدداً، سيتوسد أكتاف المخيم، وينفث نيرانه ما بقي حيا، فلا أحد يستطيع أن يخلع ذاكرته ويمضي.

دلالات

شارك برأيك

إلى أين يا زكريا؟

المزيد في أقلام وأراء

الذكاء الاصطناعي في التعليم.. قفزة نحو المستقبل أم تحدٍّ أخلاقي يلوح في الأفق؟

سارة الشماس

نتنياهو ومبررات استئناف الحرب

حديث القدس

نحو علاقات أردنية أوروبية متزنة

حمادة فراعنة

التربية الإيجابية

فواز عقل

ترامب ومخطط التهجير

عطية الجبارين

لا للتهجير.. نعم للإعمار

بهاء رحال

صفقة القرن.. الموسم الثاني

د. دلال صائب عريقات

اللاجئون الفلسطينيون إلى أين ؟

حديث القدس

معادلة: حذاري.. الذئب مجروح يلعق دمه

حمدي فراج

وعــــد آرثر بلفور وأوامر دونالـد ترامــب

فـوّاز إبراهيـم نـزار عطية

جولة ويتكوف.. بين حسابات واشنطن وتل أبيب والحق الفلسطيني

مروان إميل طوباسي

الذكاء الاصطناعي مقابل البشر: من يتفوق؟ وكيف يمكن تحقيق دخل إضافي عبر تقنياته؟

صدقي أبوضهير

المارد القادم من الشرق: ثورة "الديبسيك"

بقلم: عبد الرحمن الخطيب، مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ترامبُ والتَّهجيرُ القَسريُّ: مُخطَّطُ الهَيْمَنةِ الجَديدُ

بقلم: ثروت زيد الكيلاني

حكاية وطن

حديث القدس

أمريكا دونالد ترمب.. نـزعـة انـعـزالـيـة وطـمـوحـات إمـبـريـالـيـة!

ماهر الشريف

قانون السماح للمستوطنين بتسجيل أراضٍ في الضفة تحايل على القانون الدولي

مدحت ديبه

من جديد.. المنطقة على موعد مع سياسة دونالد ترمب الهدامة

تيسير خالد

ترمب وسياسة الهوية الجندرية.. تحديات الاستقطاب الداخلي وتأثيرات العلاقات الدولية

فادي أبو بكر

التهدئة في لبنان.. الغموض سيد الموقف

راسم عبيدات

أسعار العملات

الثّلاثاء 28 يناير 2025 12:16 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.61

شراء 3.6

دينار / شيكل

بيع 5.09

شراء 5.08

يورو / شيكل

بيع 3.77

شراء 3.76

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 547)