Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الجمعة 31 يناير 2025 9:14 صباحًا - بتوقيت القدس

ترمب وسياسة الهوية الجندرية.. تحديات الاستقطاب الداخلي وتأثيرات العلاقات الدولية

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في خطاب قسمه عن سياسة رسمية للولايات المتحدة تعترف بجنسين فقط، هما الذكور والإناث، ويعكس هذا القرار التوجه السياسي المحافظ الذي يسعى لتعزيز القيم التقليدية، وهو ما يلقى دعماً كبيراً من الناخبين المحافظين في البلاد. وفي هذا السياق، يظهر ترمب وكأنه يستثمر قضايا الهوية الجندرية لتقوية شعبيته بين شرائح المجتمع الأمريكي، مثل الناخبين المحافظين والإنجيليين، الذين يؤيدون السياسات التقليدية.


يتماشى قرار ترمب مع توجهه السياسي الذي يهدف إلى تعزيز هذه القيم التقليدية التي تجد دعماً لدى فئة كبيرة من الناخبين. ويتخذ ترمب مواقف حازمة في قضايا الهوية الجندرية ليظهر نفسه مدافعاً عن هذه القيم، وهو ما يمكن أن يسهم في تسريع تمرير قوانين مختلفة ذات طابع اجتماعي واقتصادي، بل وحتى سياسي. خاصة، إذا أخذنا بعين الإعتبار أن فوزه الكاسح في الانتخابات الأمريكية لم يكن مقتصراً على الفوز الرئاسي فحسب، بل شمل أيضاً فوزاً كاسحاً للجمهوريين في الكونغرس ومجلس الشيوخ. ويمكن القول أن ترمب والجمهوريين عموماً استفادوا من الإخفاقات السياسية والاقتصادية لإدارة الرئيس الأسبق جو بايدن، والتي قد تكون الأشد في تاريخ الإدارات الديمقراطية، ما قد يفتح المجال أمام حكم طويل الأمد للجمهوريين في أمريكا.


من المتوقع أن يزيد هذا القرار من الاستقطاب في المجتمع الأمريكي، حيث يُرحب به مؤيدو ترمب والمحافظون باعتباره خطوة لاستعادة القيم التقليدية، بينما يعارضه الليبراليون وجماعات حقوق الإنسان الذين يرون فيه تمييزاً وانتهاكاً للحقوق. وقد تؤدي هذه المواقف إلى احتجاجات واسعة، بما في ذلك مقاطعات تجارية ضد الشركات التي تدعم هذه السياسة، وهو ما قد يؤثر سلباً على الاقتصاد الأمريكي. كما قد يترتب على هذا التحول تعقيد في العلاقات التجارية مع الدول التي تدعم حقوق مجتمع الميم، رغم أنه قد يجذب استثمارات من دول محافظة توافق على هذه السياسات.


على المستوى الدولي، يعكس هذا القرار تحولاً في المواجهة الثقافية بين الشرق والغرب، حيث ينقلها ترمب إلى داخل المعسكر الغربي. وقد يخلق هذا القرار انقساماً بين الولايات المتحدة والدول الغربية الليبرالية مثل كندا وألمانيا وفرنسا التي تدعم حقوق مجتمع الميم. في الوقت نفسه، يمكن أن يُعتبر خطوة سياسية لتعزيز علاقاته مع دول محافظة مثل السعودية وروسيا، بهدف تحقيق مصالح سياسية واقتصادية، مثل دعم مسار التطبيع بين السعودية وإسرائيل، واستقطاب دعم اقتصادي كبير من المملكة، فضلاً عن توفير بيئة مواتية للتفاوض مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن الحرب في أوكرانيا. ومن الممكن أن تكون هذه الخطوة أيضاً دافعاً لأحزاب المحافظين في دول غربية أخرى، مما قد يؤثر في الانتخابات القادمة في هذه البلدان.


يشير هذا القرار إلى تحول عميق في التوجهات الاجتماعية داخل الولايات المتحدة، حيث يتّضح التوتر بين الأجيال والمجموعات الثقافية المختلفة. ويظل النقاش حول الهوية الجندرية واحداً من المواضيع الأكثر إثارة للجدل في المجتمع الأمريكي، ويعكس هذا التحول تأكيداً على أن جزءاً كبيراً من المجتمع الأمريكي لا يزال متمسكاً بالقيم التقليدية في مواجهة التحديات الثقافية المعاصرة.


قد تكون هذه الخطوة استجابة للضغوط الاجتماعية والسياسية التي تزايدت نتيجة لحركات حقوق مجتمع الميم، التي أصبح لها تأثير كبير في السنوات الأخيرة. حيث يسعى ترمب من خلال هذه القرارات إلى الحفاظ على قاعدة مؤيديه التي ترى أن القيم التقليدية يجب أن تكون أساس المجتمع الأمريكي، والتمسك بالثوابت الثقافية التي يعتبر البعض أنها مهددة من التغيير الاجتماعي السريع.


في النهاية، سيكون من المهم متابعة ردود الأفعال على هذا التحول في المدى الطويل، سواء على الصعيدين الداخلي أو الدولي. وقد تثير هذه السياسات تغييرات في الحياة اليومية للمواطنين الأمريكيين، خاصة لأولئك الذين يعتبرون أنفسهم جزءاً من مجتمع الميم أو من المدافعين عن حقوقهم. ومن المحتمل أن يكون لها تأثير في المشهد السياسي الأمريكي، حيث تتنافس الأحزاب على جذب الناخبين بناءً على مواقفهم تجاه هذه القضايا الحساسة.


وبالنظر إلى هذه التحديات، قد يضطر ترمب إلى اتّخاذ مزيد من الخطوات لتوضيح موقفه أمام معارضيه الذين قد يحاولون تحويل هذه القضية إلى مسألة رئيسية في الانتخابات القادمة. وفي المقابل، قد تكون هذه السياسات خطوة لتعزيز التماسك داخل الحزب الجمهوري، الذي قد يرى فيها وسيلة لتوحيد قاعدته المحافظة والإنجيلية.


لا شك أن القرار سيكون له تأثيرات واسعة داخل الولايات المتحدة وعلى مستوى العلاقات الدولية، وستظل الساحة السياسية الأمريكية في صراع بين تيارات تسعى للحفاظ على القيم التقليدية وتيارات أخرى تدفع نحو التغيير والمساواة، مما سيترك تداعيات على المشهد السياسي والاجتماعي والاقتصادي في المستقبل.

دلالات

شارك برأيك

ترمب وسياسة الهوية الجندرية.. تحديات الاستقطاب الداخلي وتأثيرات العلاقات الدولية

المزيد في أقلام وأراء

حكاية وطن

حديث القدس

أمريكا دونالد ترمب.. نـزعـة انـعـزالـيـة وطـمـوحـات إمـبـريـالـيـة!

ماهر الشريف

قانون السماح للمستوطنين بتسجيل أراضٍ في الضفة تحايل على القانون الدولي

مدحت ديبه

من جديد.. المنطقة على موعد مع سياسة دونالد ترمب الهدامة

تيسير خالد

التهدئة في لبنان.. الغموض سيد الموقف

راسم عبيدات

متلازمة ستوكهولم.. قراءة في واقع الأسرى الفلسطينيين والإسرائيليين

أمين الحاج

غزة أسقطت مخطط التهجير يا سيد ترامب

بهاء رحال

في العيد 63 لميلاد جلالة الملك عبد الله الثاني دعم ومساندة الشعب الفلسطيني مستمر

كريستين حنا نصر

حرب إسرائيل على المخيمات الفلسطينية.. إلى أين؟

حديث القدس

النازحين يبدأون العودة إلى شمال قطاع غزة

سري القدوة

التهدئة في لبنان.. الغموض سيد الموقف

راسم عبيدات

عائد إلى الشمال.. حين يكون الركامُ وطناً

أمين الحاج

إخوته هم قاتلوه!

بكر أبو بكر

هل يكفي وقف إطلاق النار لإنقاذ غزة؟

ياسر منّاع

خطة ترمب.. صفقة القرن

حمادة فراعنة

نعم لخطة ترامب، نعم للتهجير

مؤيد شعبان

تهجير الفلسطينيين.. جريمة حرب

حديث القدس

طوفان عودة النازحين من الجنوب للشمال

وليد العوض

عودة اللاجئين إلى مناطق 48

حمادة فراعنة

لكُم فرحُكم.. ولي حُزني!

بثينة حمدان

أسعار العملات

الثّلاثاء 28 يناير 2025 12:16 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.61

شراء 3.6

دينار / شيكل

بيع 5.09

شراء 5.08

يورو / شيكل

بيع 3.77

شراء 3.76

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 531)