فلسطين
الجمعة 31 يناير 2025 8:26 صباحًا - بتوقيت القدس
مجزرة طمون.. إبادة تُحاكي غزة وتمهد لضم الضفة
رام الله -خاص بـ"القدس" دوت كوم
د. جمال حرفوش: مجزرة طمون ليست حدثاً عابراً بل تأتي في سياق سياسة متعمدة تهدف لتوسيع نطاق المجازر في الضفة
نبهان خريشة: طبيعة العدوان في جنين وطولكرم وطوباس تظهر حالة التوحش الإسرائيلية كما في حربها على قطاع غزة
د. رائد نعيرات: إسرائيل تنفذ مخطط الضم في الضفة الغربية بغطاء أمني وعسكري وسط غياب الفعل الفلسطيني لمواجهته
عماد موسى: ما يجري في الضفة ليس مجرد عمليات عسكرية متفرقة بل حرب إبادة تنفذ على مراحل لفرض وقائع ديموغرافية جديدة
د. رائد أبو بدوية: إسرائيل تدرك أن الضم لا يمكن أن يتحقق دون تصفية مظاهر المقاومة المسلحة في الضفة لخلق بيئة آمنة للمستوطنين
هاني أبو السباع: الاحتلال يمارس قمعاً دموياً وضغطاً ناعماً في إطار استراتيجية أوسع لدفع الفلسطينيين نحو الهجرة القسرية
يعكس تصاعد العدوان الإسرائيلي في الضفة الغربية تحولاً خطيراً في سياسات الاحتلال، حيث أصبحت تشير المجازر الإسرائيلية، التي كان آخرها المجزرة في بلدة طمون جنوب طوباس، وأسفرت عن استشهاد عشرة مواطنين، إلى نية الاحتلال تنفيذ مجازر أُخرى، في تطور يعكس تصاعد عمليات الإبادة الممنهجة الهادفة للضم والتهجير.
ويرى كتاب ومحللون سياسيون ومختصون وأساتذة جامعات، في أحاديث منفصلة مع "ے"، أن الاحتلال الإسرائيلي يعمل على استراتيجية شاملة تهدف إلى إضعاف المقاومة الفلسطينية وكسر إرادة الشعب الفلسطيني من خلال المجازر المنظمة والتضييق المستمر، وهدم المنازل، والاعتقالات الواسعة، إضافة إلى تصعيد الاستيطان في مناطق مختلفة، ما يجعل الضفة أمام خطر الضم الفعلي تحت غطاء أمني وعسكري.
ويعتبرون أن التحركات الفلسطينية على المستويات السياسية والدبلوماسية ما زالت قاصرة عن تشكيل ضغط حقيقي على الاحتلال، ما يفرض ضرورة ترتيب البيت الداخلي، وتكثيف الجهود القانونية والإعلامية والدبلوماسية لكشف حجم المجازر والانتهاكات الإسرائيلية، والعمل على محاسبة الاحتلال أمام المحاكم الدولية.
استمرار لجريمة الإبادة الجماعية
البروفيسور د. جمال حرفوش، أستاذ مناهج البحث العلمي والدراسات السياسية في جامعة المركز الأكاديمي للأبحاث في البرازيل، أن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة هو استمرار لجريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل، في تحدٍّ واضحٍ لكل القوانين والمواثيق الدولية.
ويوضح حرفوش أن العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة منذ أكثر من 15 شهراً، والذي أدى إلى استشهاد وإصابة عشرات الآلاف، يتزامن مع تصعيد خطير في الضفة الغربية، خاصة بعد إعلان وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس عن "حرب مفتوحة" ضد الضفة.
ويعتقد حرفوش أن هذه التصريحات لكاتس ليست مجرد تهديدات جوفاء، بل تعكس توجهاً سياسياً رسمياً ينتهجه الاحتلال لتصعيد العنف والقتل الجماعي، وفرض واقع جديد بالقوة العسكرية.
ويشير حرفوش إلى أن الهدف الأساسي لهذه الجرائم هو محاولة إخماد جذوة المقاومة الفلسطينية، وضرب صمود الشعب الفلسطيني، عبر مجازر ممنهجة تشرف عليها حكومة الاحتلال المتطرفة.
ويؤكد حرفوش أن مجزرة طمون الأخيرة ليست حدثاً عابراً، بل تأتي في سياق سياسة متعمدة تهدف إلى توسيع نطاق المجازر في الضفة الغربية، تحت غطاء رسمي من حكومة الاحتلال.
ويؤكد حرفوش أن الربط بين تصريحات كاتس وتنفيذ المجزرة خلال ساعات، يكشف أن هذه العمليات ليست مجرد "إجراءات أمنية"، وإنما جزء من استراتيجية تهدف إلى الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين، استهدافاً لوجودهم وهويتهم.
ويشير حرفوش إلى أن إسرائيل تراهن على كسر إرادة الفلسطينيين عبر العنف المفرط، لكنها تفشل في إدراك أن هذه المجازر لم تؤدِ في الماضي، ولن تؤدي مستقبلاً، إلى تحقيق أهدافها، بل تزيد من تمسك الفلسطينيين بحقهم في المقاومة والصمود في أرضهم.
ويحذر من أن استمرار المجازر الإسرائيلية في الضفة الغربية قد يؤدي إلى اندلاع مواجهات شاملة، خاصة مع تصاعد عمليات الإعدام الميداني، وهدم المنازل، والاقتحامات الليلية، والحصار المفروض على البلدات والمخيمات الفلسطينية.
ويوضح حرفوش أن الخطاب الإسرائيلي المتطرف، المدعوم أمريكياً وأوروبياً، يعكس نية الاحتلال تصعيد العنف بشكل غير مسبوق، ما قد يسفر عن سقوط أعداد كبيرة من الشهداء في الفترة القادمة.
ويشير حرفوش إلى أن هذا التصعيد قد يُعيد رسم خريطة التحالفات والمواقف الإقليمية والدولية تجاه الاحتلال، خاصة إذا استمر المجتمع الدولي في التغاضي عن الجرائم الإسرائيلية.
ويرى حرفوش أن العالم، رغم ازدواجيته في المعايير، قد يضطر إلى إعادة النظر في مواقفه إذا ما استمر الاحتلال في ارتكاب المجازر العلنية، التي بات من الصعب تبريرها.
ويؤكد حرفوش أن مواجهة هذا التصعيد الإسرائيلي تتطلب تحركاً على عدة مستويات، تشمل السياسي والدبلوماسي والقانوني والإعلامي والشعبي والعربي والإسلامي.
ويشير حرفوش إلى ضرورة تكثيف الجهود الدبلوماسية الفلسطينية والعربية والدولية لتوثيق الجرائم الإسرائيلية، ورفع دعاوى قانونية ضد الاحتلال أمام المحكمة الجنائية الدولية، والعمل على فرض عقوبات سياسية واقتصادية على إسرائيل، مشدداً على أهمية حشد التأييد الدولي لإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية، ووقف محاولات تهميشها في الأجندات الدولية.
أهمية توثيق الجرائم الإسرائيلية بشكل منهجي
ويؤكد حرفوش أهمية توثيق الجرائم الإسرائيلية بشكل منهجي، وفضح سياسات الاحتلال عبر وسائل الإعلام الدولية، مع ضرورة الاستفادة من شبكات التواصل الاجتماعي لكشف حقيقة ما يجري.
ويدعو حرفوش إلى تعزيز الدور القانوني في ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين، ومطالبة الدول بالالتزام بالقانون الدولي في محاسبة منتهكي حقوق الإنسان.
ويؤكد حرفوش أن الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية مطالبٌ بتعزيز صموده، وتكثيف الحراك الشعبي، عبر كافة أشكال المقاومة المشروعة التي يضمنها القانون الدولي. كما شدد على أن الوحدة الوطنية ضرورة حتمية لمواجهة العدوان الإسرائيلي، إذ لا مجال للفرقة والانقسام في ظل سياسة الإبادة الجماعية التي تستهدف الجميع دون استثناء.
وينتقد حرفوش اقتصار المواقف العربية والإسلامية على بيانات الإدانة، مطالباً بانتقال الدول العربية والإسلامية إلى دائرة الفعل السياسي والاقتصادي الفاعل، عبر فرض ضغوط حقيقية على إسرائيل، وإعادة تفعيل سلاح المقاطعة الاقتصادية، واتخاذ خطوات عملية لوقف العدوان، ومنع الاحتلال من الاستفراد بالشعب الفلسطيني.
ويؤكد حرفوش أن ما يجري في الضفة الغربية ليس مجرد حملة عسكرية عابرة، بل هو جزء من حرب الإبادة المستمرة التي تنفذها إسرائيل ضد الفلسطينيين، بهدف تصفية قضيتهم وفرض واقع جديد يخدم المشروع الاستيطاني.
ويرى حرفوش أن استمرار صمت المجتمع الدولي وعدم اتخاذه إجراءات جادة ضد الاحتلال سيجعله شريكاً في هذه الجرائم، التي لن يغفرها التاريخ، ولن تُنسى من ذاكرة الأجيال الفلسطينية المقبلة.
حملة عسكرية ممنهجة تهدف لتدمير مقومات الحياة
يؤكد الكاتب الصحفي نبهان خريشة أن طبيعة الهجمات الإسرائيلية المتواصلة في جنين وطولكرم ومخيماتهما وما جرى في بلدة طمون جنوب طوباس، والتي وصلت ذروتها باغتيال عشرة فلسطينيين في بلدة طمون، تعكس حالة التوحش التي تمارسها إسرائيل، بشكل مشابه لما قامت وتقوم به في حربها على غزة.
ويشير خريشة إلى أن هذه العمليات تأتي استجابة لضغوط اليمين المتطرف على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ليستمر بالحرب على الفلسطينيين، خاصة بعد التوصل لاتفاق إطلاق النار وتبادل الأسرى مع حركة حماس.
ويلفت خريشة إلى أن التصريحات الإسرائيلية، سواء من نتنياهو أو وزير الجيش يسرائيل كاتس، بأن العمليات العسكرية في الضفة تهدف إلى "هزيمة المسلحين الممولين من إيران"، ليست إلا مبررات واهية تهدف إلى إخفاء الحقيقة.
ويوضح أن الواقع على الأرض يكشف عن حملة عسكرية ممنهجة تهدف إلى تدمير مقومات الحياة الفلسطينية، كما أن العدوان الحالي أسفر عن سقوط عشرات الشهداء والجرحى، واعتقال أعداد كبيرة من الفلسطينيين، إلى جانب تهجير العائلات من منازلها، وهدم وإحراق بيوت كثيرة، ما يعكس سعي الاحتلال إلى تفريغ المدن والمخيمات من سكانها.
ويؤكد خريشة أن هذه الاعتداءات تتزامن مع دخول قانون الكنيست الإسرائيلي القاضي بحظر نشاط وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) حيز التنفيذ، والذي ينص على مصادرة ممتلكاتها وعقاراتها في القدس، ومنعها من العمل في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ويعتبر خريشة أن هذه الخطوة تعزز الاعتقاد بأن إسرائيل تستهدف المخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية ضمن خطة ممنهجة للقضاء على حق العودة، من خلال تفريغ هذه المناطق من اللاجئين وتحويلها إلى مناطق غير صالحة للسكن، ما يسهم في إنهاء الصفة القانونية للاجئين.
ويؤكد خريشة أن نطاق العدوان الإسرائيلي لن يقتصر على شمال الضفة الغربية، بل سيمتد إلى وسطها وجنوبها ومنطقة الأغوار، في إطار تعزيز الاستيطان وتنفيذ مخططات الضم، التي قد تحظى بموافقة أمريكية، التي قد تحظى بموافقة إدارة ترمب.
ويرى خريشة أن المشاهد التي توثقها الاعتداءات الإسرائيلية في طولكرم وجنين لا تختلف كثيراً عن تلك التي تحدث في غزة، حيث العائلات تهرب من نيران القناصة، والجيش الإسرائيلي يعتمد على سياسة تدمير المنازل وإحراقها، وتجريف الطرقات والبنى التحتية.
ويلفت خريشة إلى أن الاحتلال، بدلاً من تنفيذ عمليات سريعة والانسحاب، كما كان الحال في السابق، بات يتبنى استراتيجية جديدة تعتمد على السيطرة الميدانية الطويلة، عبر احتلال منازل الفلسطينيين بعد طرد سكانها، وهو ما يشير إلى نية الاحتلال لإطالة أمد العمليات العسكرية، ما يعني ارتفاع حصيلة الضحايا واستمرار الدمار لفترات أطول.
ويدعو خريشة السلطة إلى إعادة النظر في سياساتها تجاه الاحتلال، مشدداً على ضرورة وقف التنسيق الأمني الذي لم يعد منطقياً في ظل التصعيد الإسرائيلي المتواصل، الذي يتدحرج ككرة ثلج متزايدة من قمة الجبل.
ويشدد على أن العدوان الإسرائيلي لا يستهدف الفلسطينيين فحسب، بل يهدف أيضاً إلى تقويض المشروع الوطني، وتحويل السلطة من كيان سياسي يسعى لإقامة دولة مستقلة إلى مجرد هيئة إدارية ذات وظائف محدودة أشبه بالبلديات.
ويحذر من استمرار الرهان على موقف أمريكي متوازن تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، معتبراً أن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب حول تهجير الفلسطينيين من غزة إلى مصر والأردن، والتي قد تشمل الضفة لاحقاً، إلى جانب التصريحات المتكررة حول شرعنة ضم أجزاء من الضفة لإسرائيل، تؤكد أن أي أوهام حول دور أمريكي عادل في حل الصراع يجب أن تتبدد.
ويشير خريشة إلى أن التطورات المتسارعة في الضفة الغربية، من تصعيد عسكري وعمليات تهجير، تؤكد أن إسرائيل ماضية في تنفيذ مشاريعها الاستيطانية والتهويدية، دون أي اعتبار للقانون الدولي، مما يتطلب موقفاً فلسطينياً موحداً قادراً على مواجهة هذه المخططات ومقاومتها بكافة الوسائل الممكنة.
فرض وقائع جديدة على الأرض تمهيداً للضم
يؤكد الكاتب والمحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية د.رائد نعيرات أن كافة الإجراءات التي تنفذها إسرائيل في الضفة الغربية تحمل بعداً أمنياً وعسكرياً ظاهرياً، لكنها في جوهرها ترتبط بتوجهات سياسية استراتيجية تهدف إلى فرض وقائع جديدة على الأرض تمهيداً لمخطط الضم الكامل، مشيراً إلى أن ذلك يجري وسط غياب الفعل الفلسطيني لمواجهته.
ويوضح نعيرات أن الاحتلال يستخدم الغلاف الأمني والعسكري كأداة لتسويق خطواته السياسية، مستدلاً بقرار الكنيست الأخير الذي يسمح للأفراد من المستوطنين بتملك أراضٍ في مناطق "ج" بالضفة الغربية، وهو قرار سياسي بامتياز، يعكس تعامل إسرائيل مع الضفة وكأنها جزء من دولتها.
ويشير نعيرات إلى تصريحات وزير الحرب الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، بشأن استمرار الوجود العسكري الإسرائيلي في منطقة "حرش السعادة" بعد انتهاء الحملة العسكرية على مخيم جنين، وإقامة معسكر دائم هناك، ما يثبت أن العمليات العسكرية ليست سوى مقدمة لفرض واقع سياسي جديد.
ويلفت نعيرات إلى أن تسمية العملية العسكرية الحالية بـ"السور الحديدي" تذكر بعملية "السور الواقي" عام 2002، التي دشنت مرحلة جديدة من السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية، وهذه العملية الحالية لها مفهومها في الواقع الجديد.
ويؤكد نعيرات أن هناك ارتباطاً بين العمليتين، حيث تفصل كل منهما بين مرحلتين سياسيتين مختلفتين، تُصاغ خلالهما سياسات السيطرة والضم والاستيطان.
ويشدد نعيرات على أن نوايا الاحتلال تجاه الضفة الغربية واضحة، فكل تحركاته تصب في اتجاه الضم الفعلي، وهي سياسات بدأت حتى قبل السابع من أكتوبر 2023 أصلاً.
ويعبر نعيرات عن مخاوفه من أن تكون المرحلة المقبلة أكثر دموية، إذ قد تلجأ إسرائيل إلى تنفيذ مجازر أوسع، بحيث تتحول أعداد الشهداء إلى مجرد أرقام، ما يهدف إلى تطبيع المجازر واستمرارها دون ردود فعل دولية تُذكر، الأمر الذي يهدد بمجازر أكبر في المستقبل.
ويؤكد نعيرات أن مواجهة سياسات الإبادة في الضفة الغربية وقطاع غزة تتطلب تحقيق الوحدة الوطنية، ووضع برنامج وطني سياسي واضح يحدد معالم المرحلة المقبلة.
ويوضح نعيرات أن هذا البرنامج يجب أن يرتكز على تعزيز صمود المواطن الفلسطيني في أرضه، وزيادة التماسك المجتمعي، إضافة إلى توحيد الخطاب الإعلامي الفلسطيني لمواجهة الدعاية الإسرائيلية، والعمل على إيصال وجهة النظر الفلسطينية إلى المؤسسات الدولية والرأي العام العالمي.
ويشير نعيرات إلى أن هناك غياباً تاماً للفعل الفلسطيني المطلوب على كافة الأصعدة، ما يتطلب وضع الجميع عند مسؤولياته.
كاتس يسعى من خلال التصعيد لتحقيق هدفين أساسيين
يؤكد الكاتب والمحلل السياسي عماد موسى أن مجزرة طمون، التي أسفرت عن استشهاد عشرة مواطنين، تأتي في سياق سياسة الإبادة والتطهير العرقي وجرائم الحرب التي تمارسها إسرائيل، وسط غطاء سياسي أمريكي في المحافل الدولية.
ويشدد موسى على أن هذه المجزرة في طمون تندرج ضمن مخطط شامل يستهدف الضفة الغربية، من خلال تصعيد عمليات القتل والدمار لتقويض السلطة الوطنية الفلسطينية، التي تحظى باعتراف دولي، وكانت قد نجحت في إيصال فلسطين إلى عضوية الأمم المتحدة.
ويشير موسى إلى أن وزير الحرب الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، يسعى من خلال هذا التصعيد لتحقيق هدفين أساسيين؛ الأول هو تقديم نفسه أمام الرأي العام الإسرائيلي والعالمي كمنتصر على المدنيين العزل، في محاولة للترويج بأن جيشه يخوض مواجهة مع قوات منظمة، بينما الحقيقة تشير إلى استهداف ممنهج للسكان المدنيين والبنية التحتية الفلسطينية.
ويشير موسى إلى أن الهدف الثاني لكاتس، هو كسب تأييد التيار اليميني المتطرف والمستوطنين، من خلال تقديم أوراق اعتماده كمسؤول سياسي قادر على تنفيذ سياسات أكثر تشدداً ضد الفلسطينيين، في ظل التنافس داخل الائتلاف الحكومي الإسرائيلي المتطرف.
ويؤكد موسى أن حكومة بنيامين نتنياهو لا تزال تراهن على تنفيذ استراتيجية الإبادة والتهجير القسري، باعتبارها وسيلة لتحقيق هدفها النهائي بجعل فلسطين خالية من سكانها الأصليين، معتبراً أن ما يجري في الضفة الغربية ليس مجرد عمليات عسكرية متفرقة، بل حرب إبادة تنفذ على مراحل، بهدف فرض وقائع ديموغرافية جديدة.
ويعتقد موسى أن استمرار العدوان بهذه الوحشية قد يدفع نحو تداعيات إقليمية خطيرة، حيث ستجد الدول المجاورة نفسها أمام موجات جديدة من التهجير القسري للفلسطينيين، كما حدث في نكبة عام 1948 ونكسة 1967.
ويشير موسى إلى أن المطلوب في هذه المرحلة هو تحقيق وحدة وطنية حقيقية بين مختلف الفصائل الفلسطينية، والتوحد تحت شعار إفشال المخطط الإسرائيلي، من خلال تصعيد المواجهة السياسية والميدانية، والعمل على حشد المواقف الدولية لوقف الجرائم الإسرائيلية المستمرة.
تحضيزات أمنية لقرارات سياسية جوهرية
يرى أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية في الجامعة العربية الأمريكية، د.رائد أبو بدوية، أن الحملة العسكرية الإسرائيلية المتصاعدة في شمال الضفة الغربية، خاصة في جنين، لم تعد مجرد استجابة سياسية لإرضاء اليمين الإسرائيلي بقيادة بتسلئيل سموتريتش، بل أصبحت جزءاً من تحضيرات أمنية إسرائيلية شاملة تهدف إلى تنفيذ قرارات سياسية جوهرية، أبرزها مخطط الضم.
ويشير أبو بدوية إلى أن هناك دلائل واضحة على أن التحركات الإسرائيلية تأتي في سياق استكمال رؤية اليمين الإسرائيلي للضفة الغربية، وسط مؤشرات أمريكية من الرئيس دونالد ترمب، تُلمح إلى استعداد واشنطن لتقديم "ثمن سياسي" يرضي التيار اليميني في إسرائيل، بما في ذلك دعم إجراءات ضم الضفة الغربية.
ويؤكد أبو بدوية أن إسرائيل تدرك أن الضم لا يمكن أن يتحقق دون تصفية مظاهر المقاومة المسلحة في الضفة الغربية، حيث تسعى حكومة الاحتلال إلى إنهاء كافة أشكال التسليح الفلسطيني، بهدف خلق بيئة آمنة للمستوطنين، في وقت تتزامن فيه هذه الإجراءات مع إعطاء المستوطنين ضوءاً أخضر لتنفيذ اعتداءاتهم بحق الفلسطينيين، ورفع القيود المفروضة عليهم في الولايات المتحدة، خاصة بعد قرارات إدارة ترمب بإلغاء بعض العقوبات على المستوطنين المتورطين في انتهاكات.
ويرى أبو بدوية أن تصاعد القمع العسكري الإسرائيلي في الضفة الغربية يعكس إستراتيجية متعددة الأبعاد، تشمل الضغط الأمني والممارسات القمعية، بهدف دفع الفلسطينيين إلى الهجرة، مشيراً إلى أن إعلان الجيش الإسرائيلي الضفة منطقة مواجهة عسكرية مفتوحة، كما أن إعلان وزير الحرب الاسرائيلي يسرائيل كاتس، الذي تحدث فيه عن "حرب مفتوحة" في الضفة الغربية، يترجمان ميدانياً إلى مجازر ضد الفلسطينيين، ليس فقط في جنين، بل أيضاً في مناطق أخرى، حيث ينتقل الجيش من مخيم إلى آخر في إطار سياسة "الردع المسبق"، والتي تهدف إلى إرهاب المواطنين وردعهم عن مجرد التفكير بالمقاومة.
ويشير أبو بدوية إلى أن المرحلة المقبلة قد تشهد سياسات تضييق إضافية، مثل محاصرة الفلسطينيين في مراكز المدن الكبرى، كخطوة تمهيدية لفرض الضم.
ويؤكد أبو بدوية أن السلطة الفلسطينية تواجه أزمة داخلية وضغوطاً إسرائيلية، محذراً من الرهان على الموقفين الأمريكي أو الأوروبي، لأن إسرائيل لا تريد كياناً سياسياً فلسطينياً، بل مجرد كيان إداري لإدارة شؤون الفلسطينيين في بعض المناطق.
ويشدد أبو بدوية على أن المخرج الوحيد أمام الفلسطينيين هو تعزيز الوحدة الوطنية الداخلية، وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني، ومراجعة العلاقات والاتفاقيات مع إسرائيل، في ظل وضوح نوايا الاحتلال الساعية إلى فرض واقع جديد على الأرض.
الانقسام يضعف القدرة على التصدي لمخططات الاحتلال
يرى الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشأن الإسرائيلي، هاني أبو السباع، أن التصعيد الإسرائيلي في شمال الضفة الغربية، وآخره مجزرة طمون التي استخدم فيها الطيران الحربي، يندرج ضمن سياسة ممنهجة تهدف إلى القضاء على المقاومة وإضعاف الحاضنة الشعبية، في إطار استراتيجية أوسع للضغط على الفلسطينيين ودفعهم نحو الهجرة القسرية.
ويشير أبو السباع إلى أن هذا التصعيد تزامن مع إعلان كاتس أن قوات الاحتلال ستبقى في شمال الضفة حتى بعد انتهاء العمليات العسكرية في جنين. وسرعان ما ترجمت هذه التصريحات إلى مجزرة دامية في طمون، حيث شنت قوات الاحتلال هجوماً جوياً مكثفاً أدى إلى سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى.
ويوضح أبو السباع أن الاحتلال يسعى إلى تحقيق عدة أهداف رئيسية، منها القضاء على المقاومة في شمال الضفة، ومعاقبة الفلسطينيين بالعقاب الجماعي لحرمانهم من الأمل في الصمود، ومنع تكرار ما تسميه إسرائيل بـ"سيناريو 7 أكتوبر" في الضفة الغربية، لقربها من المستوطنات. كما يعتمد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على استراتيجية تصعيدية، حيث يضاعف استخدام القوة مع كل فشل عسكري، وهو ما لم يؤدِ حتى الآن إلى إنهاء المقاومة، بل عززها.
ويؤكد أبو السباع أن الشاباك وجيش الاحتلال أقرّا بأن المقاومة في جنين لا تزال نشطة رغم الضربات العسكرية، مشيراً إلى إحباط محاولة لتنفيذ عملية إطلاق نار في العفولة، رغم الحملة الأمنية المشددة على جنين.
ويرى أبو السباع أن الحملة الإسرائيلية في الضفة جاءت مباشرة بعد انتهاء الهدنة في غزة، حيث تخشى إسرائيل من استلهام المقاومة في الضفة لزخم المعركة هناك. كما تمثل الضفة خاصرة رخوة للاحتلال وتهديداً استراتيجياً للمستوطنات، ما يدفع حكومة نتنياهو، وبدعم من وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، إلى السعي لفرض سيطرة كاملة عليها تمهيداً لضمها.
ويشير أبو السباع إلى أن الاحتلال ينتهج سياسة مزدوجة، فمن جهة يمارس قمعاً عسكرياً وحشياً، ومن جهة أخرى يستخدم "الضغط الناعم" لدفع الفلسطينيين إلى الهجرة الطوعية، من خلال التضييق الاقتصادي والمعيشي. كما كشفت شهادات جنود إسرائيليين عن إطلاقهم النار على الفلسطينيين دون وجود تهديد حقيقي، ما يعكس تحول القتل إلى "هواية" لدى بعضهم.
ويحذر أبو السباع من أن عدد الشهداء في الضفة سيواصل الارتفاع مع استمرار الاحتلال في استخدام الطيران الحربي واستهداف المناطق السكنية، في ظل صمت عربي ودولي مريب. كما يستغل نتنياهو عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب إلى المشهد السياسي، إذ يسعى للقاء معه في الرابع من شباط لضمان دعم أمريكي لمخططاته، خاصة أن ترمب يحمل رؤية خطيرة للقضية الفلسطينية، سبق أن عبّر عنها بقوله إن "إسرائيل صغيرة ويجب توسيعها"، مما يعني دعماً لمشاريع التهجير القسري.
ويشير أبو السباع إلى أن الاحتلال انزعج من مشاهد عودة سكان جنوب غزة إلى الشمال بعد الهدنة، والتي أظهرت تمسك الفلسطينيين بأرضهم رغم المجازر، وهو ما يدفع إسرائيل إلى تصعيد الضغط العسكري في الضفة كخطوة تمهيدية لفرض سياسات تهجير ناعمة مستقبلاً.
وفي ظل هذه التطورات، يدعو أبو السباع إلى تحرك عربي ودولي عاجل لكبح العدوان الإسرائيلي وفضح جرائمه، مطالباً الجامعة العربية بتفعيل الجهود الدولية ضد الاحتلال. كما يحث السلطة الفلسطينية على دعم صمود المواطنين عبر التخفيف من الأعباء الاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز دعم العائلات المتضررة في جنين وطولكرم ومناطق أخرى.
ويشدد أبو السباع على أن الوحدة الوطنية هي السبيل الوحيد لمواجهة العدوان الإسرائيلي المستمر، محذراً من أن استمرار الانقسام يخدم الاحتلال ويضعف القدرة على التصدي لمشاريع الاستيطان والتهجير القسري. ويؤكد أن الاحتلال ماضٍ في فرض الأمر الواقع بالقوة، ما لم يواجه بتحرك فلسطيني وعربي ودولي حقيقي.
دلالات
محمد قبل حوالي 3 ساعة
والله أن أهل طمون عرب مسلمون يا مسلمين اين منكم خالد وإصلاح الدين
الأكثر تعليقاً
أبو عبيدة يعلن رسمياً استشهاد محمد الضيف ومروان عيسى
نتنياهو: حماس هم النازيون الجدد ونحن ملتزمون بهزيمتهم نهائيا
الأمم المتحدة: أكثر من 423 ألف مهجّر فلسطيني عادوا إلى شمال غزة
إنه الفلسطيني يا غبي!
بعد دعوة ترامب لتهجير فلسطينيي غزة.. قطر: حل الدولتين الطريق الوحيد
غوتيريش يطالب بإجلاء فوري ﻟ2500 طفل من قطاع غزة لأسباب طبية
محدث: ثمانية شهداء وعدة إصابات في قصف للاحتلال شرق طوباس
الأكثر قراءة
تعهدات أميركية لإسرائيل بتعطيل إعادة الإعمار وإدخال "الكرفانات" شمالي غزة
سويسرا ترحل الصحفي الأميركي الفلسطيني علي أبو نعمة بعد اعتقال جائر
زكريا الزبيدي... «التنين» الذي عذّب إسرائيل يُفرج عنه في إطار الهدنة
وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يوافقون على تفعيل مهمة المراقبة في معبر رفح
أنتوني بلينكن يوقع عقدا لكتاب عن سنواته كوزير خارجية جو بايدن
إعلان أسماء الأسرى المحررين من سجون الاحتلال ضمن الدفعة الثالثة من التبادل
"أنا بخير في غزة".. سرايا القدس تبث مقطعًا مسجلًا للمحتجزة أربيل يهود
أسعار العملات
الثّلاثاء 28 يناير 2025 12:16 مساءً
دولار / شيكل
بيع 3.61
شراء 3.6
دينار / شيكل
بيع 5.09
شراء 5.08
يورو / شيكل
بيع 3.77
شراء 3.76
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%55
%45
(مجموع المصوتين 531)
شارك برأيك
مجزرة طمون.. إبادة تُحاكي غزة وتمهد لضم الضفة