أقلام وأراء
الإثنين 09 ديسمبر 2024 9:33 صباحًا - بتوقيت القدس
سوريا الجديدة.. التاريخ والدور والقدر
شخصية جوهر في مسلسل الخربة عكست بكثير من الدقة والاحتراف، أزمة النظام والحزب الحاكم السابق في سوريا، الشخصية التي أداها محمد خير الجراح بطريقة بارعة ورائعة كانت تتميز بكثير من السطحية والفهلوية والرغبة في الظهور والشعور بالأهمية الفارغة، كانت الشخصية تعتقد أن مجرد مشاركتها الهامشية في حفلات التدشين تضمن له مكانة أو أهمية في القرية وفي الحزب أيضاً، لكنه اكتشف متأخراً جداً أن الأحداث تتجاوزه ولا تلتفت إليه، وأن أحداً لا تعنيه حفلات التدشين على الإطلاق، ولهذا كانت زوجة جوهر أكثر عملية من زوجها، وأكثر عقلانية منه عندما كانت ترجوه أن يذهب إلى الحقل للعمل فيه. كاتب العمل الدكتور حمادة ممدوح كان مبدعاً في نحت شخصية جوهر لتعبر عن أزمة النظام والحزب في سوريا، أقصد أزمة الانفصال عن الواقع، تغيير الأولويات، إهدار الوقت والجهد، إهمال وإغفال التحديات اليومية والحياتية، وعبادة الشعار على حساب المضمون، والتعايش مع كل المتناقضات، وإمكانية القفز على الحبال، والإحساس بالأهمية والمكانة الزائفة. وليس من قبيل الصدفة أن يكون جوهر يلبس السروال السوري التراثي ويلبس في ذات الوقت ربطة العنق الأجنبية في تآلف غريب متناسق ومتناقض، ولكن النصائح التي كانت تباع بجمل فيما سبق، تباع الآن ببيضة لعدم الحاجة إليها. سقوط نظام الأسد في سوریا یعني ضمن أمور أخرى سقوط فكرة البعث بطبيعتها العراقية والسورية، ولا يعني ذلك سقوط فكرة العروبة وضرورتها وأهميتها، ولكن ذلك یعني سقوط الترجمة السياسية والتطبيق العملي للفكر القومي العربي لأسباب عديدة، منها طبيعة العلاقة المتردية بين النخب العسكرية الحاكمة وقوى الشعب، ومنها العلاقات البينية السيئة وعدم تحقيق الوحدة، ومنها قوة العدو الإمبريالي ومؤامراته المتعددة. سقوط نظام الأسد يشكل نهاية حقيقية للفكر الذي ساد منذ الخمسينيات في العالم العربي.
منذ سنة ٢٠١٠ وحتى اللحظة، فإن العالم العربي لم يستقر بعد على شكل نهائي للعلاقة الناظمة والمستقرة بين أركانه ومكوناته السياسية والاجتماعية والعرقية، هناك بحث مستمر عن علاقة دستورية بين الأنظمة وشعوبها، مقبولة وتحفظ للأطراف جميعاً حقوقها السياسية والمدنية والاجتماعية، سقوط نظام الأسد سيزيد من قوه طرح هذه الاسئلة وسيزيد من حمأة البحث عن تلك العلاقة الناظمة والمقبولة لتأسيس نظام حكم مدني قوي، وليس من الضرورة أن تحكم العسكرتاريا أو الطغم المسيطرة أو الحزب الواحد، وليس من الضرورة أن يتم اختيار التقسيم أو البلقنة كحلول نهائية لشعوب الأمة العربية – على غموض المصطلح الآن - بالنسبة لنا نحن الشعب الفلسطيني الذي نواجه القتل والتصعيد والتقسيم والضم وشطب فكرة الدولة المستقلة، فإننا نقف إلى جانب الشعب السوري بكل أطيافه وطوائفه، ونحن مع وحدة التراب السوري ومع خيار الشعب السوري السياسي، نحن بخير ما دامت سوريا بخير، ونحن مع سوريا حرة وديموقراطية قوية وقادرة على أن تمنحنا نموذجاً جديداً للحكم والإدارة والعقد الاجتماعي والحضاري، وسينكسر ظهرنا إذا قسمت سوريا أو تفككت، وسيتراجع الاهتمام بقضيتنا إذا دخلت سوريا مرحلة أخرى من الاقتتال لا سمح الله، ما نأمله هو أن تتم معاملة شعبنا في سوريا بما نعهده من الشعب السوري الأصيل والكريم من الشهامة والنخوة وإكرام الضيف. ولا يمكن لسوريا أو شعبها أن يتنكر لدوره وقدره في مساعدة الشعب الفلسطيني، ليس بسبب الجغرافيا، وليس بسبب المصالح الاستراتيجية، وليس بسبب الأمن القومي، ولكن بسبب تلك الأواصر العميقة من الأخوة والدين والإنسانية. هناك دول وهناك شعوب لا تحركها المصالح فقط وإنما الأخلاق والمبادئ أيضاً، وقد لعبت سوريا هذا الدور دائماً وأبداً ، وعندما نقرأ ما كتبه مؤرخو القرون الوسطى سنتفاجأ بأن دمشق كانت المصد والسند والنصير للعروبة والإسلام، كان الله ينصرها في نهاية الأمر. سقوط النظام السوري لا يعني على الإطلاق أن تتنكر سوريا لتاريخها ودورها وقدرها، بل هي تستعيده الآن.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
حرب ترامب الاقتصادية
حمادة فراعنة
العالم على كف "رئيس"
منظمة التحرير وشرعية التمثيل الوطني في الميزان الفلسطيني !!
محمد جودة
عندما يتحمل الفلسطيني المستحيل
حديث القدس
المشهد الراهن والمصير الوطني
جمال زقوت
الخيار العسكري الإسرائيلي القادم
راسم عبيدات
ترامب في خدمة القضية الفلسطينية!!
د. إبراهيم نعيرات
ما المنتظر من لقاء نتنياهو وترامب؟
هاني المصري
زكريا الزبيدي تحت التهديد... قدّ من جبال فلسطين
حمدي فراج
هل وصلت الرسالة إلى حماس؟
حمادة فراعنة
مجدداً.. طمون تحت الحصار
مصطفى بشارات
بين الابتكار وحكمة التوظيف .. الذكاء الاصطناعي يعمق المفارقات !
د. طلال شهوان - رئيس جامعة بيرزيت
الطريق إلى شرق أوسط متحول: كيف نحافظ على السلام في غزة مع مواجهة إيران
ترجمة بواسطة القدس دوت كوم
عيد الربيع يصبح تراثاً ثقافياً غير مادي للإنسانية
جنيباليا.. مأساة القرن
حديث القدس
لقاء نتنياهو- ترمب ومصير مقترح التطهير العرقي ووقف الإبادة
أحمد عيسى
"الأمريكي القبيح" واستعمار المريخ
د. أحمد رفيق عوض
رافعة لفلسطين ودعماً لمصر والأردن
حمادة فراعنة
"ترمب" والتهجير الخبيث!
بكر أبو بكر
تحويل الضفة إلى غيتوهات
بهاء رحال
الأكثر تعليقاً
من أين جاؤوا بنظرية "الضعيف إذا لم يُهزم فهو منتصر" ؟
الرئيس يطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لوقف العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية
استراتجية أم تكتيك؟ تصريحات أبو مرزوق تلقي حجراً في المياه المتدفقة
العالم على كف "رئيس"
اللواء ناصر البوريني يستقبل سفير المملكة الأردنية الهاشمية في فلسطين
صحة غزة: 20 شهيداً و20 إصابة خلال 24 ساعة الماضية
ما المنتظر من لقاء نتنياهو وترامب؟
الأكثر قراءة
إعلام عبري: نتنياهو يناقش خطط عودة الجيش الإسرائيلي إلى غزة
الشرطة الإسرائيلية تعتقل 432 عاملا فلسطينيا داخل أراضي 1948
ترامب: لا ضمانات لدي أن الهدنة بين إسرائيل وحماس ستصمد
مستعمرون يقتحمون مبنى "الأونروا" في حي الشيخ جراح
ترامب يبحث الثلاثاء مع نتنياهو سيناريوهات التهجير لغزة واحتمال العودة للحرب
مارتن أولينر يدعو إلى دعم خطة ترامب للتهجير.. "سكان غزة لا يستحقون الرحمة"
استراتجية أم تكتيك؟ تصريحات أبو مرزوق تلقي حجراً في المياه المتدفقة
أسعار العملات
الثّلاثاء 28 يناير 2025 12:16 مساءً
دولار / شيكل
بيع 3.61
شراء 3.6
دينار / شيكل
بيع 5.09
شراء 5.08
يورو / شيكل
بيع 3.77
شراء 3.76
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%55
%45
(مجموع المصوتين 560)
شارك برأيك
سوريا الجديدة.. التاريخ والدور والقدر