أقلام وأراء
الأحد 25 أغسطس 2024 9:24 صباحًا - بتوقيت القدس
من المفاوضات إلى الإملاءات: الوسيط النزيه
على مدى عقود، وبعد الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية بأنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، تبنت قيادة المنظمة عدة استراتيجيات للتعامل مع الاحتلال الإسرائيلي، وانتقلت من الكفاح المسلح إلى استراتيجية العمل السلمي والمفاوضات، والتي رحب بها المجتمع الدولي من خلال تبنيه لحل الدولتين؛ العرض الدولي والتنازل التاريخي الذي قبلت به المنظمة مقابل السلام والحرية. بعد مؤتمر مدريد الذي تم التخطيط له من الإدارة الأمريكية بشكل كامل، وتمت استضافته بطلب أمريكي في العاصمة الإسبانية، قامت قيادة منظمة التحرير والرئيس محمود عباس الذي قاد المفاوضات السرية بتوقيع اتفاقيات أوسلو، وأُبرمت في النهاية في واشنطن تحت رعاية الولايات المتحدة.
كانت الولايات المتحدة هي الراعي والوسيط لعملية السلام، لكن، أظهرت حقيقة هذه المفاوضات على مدار ثلاث عقود أن الولايات المتحدة، رغم اعتبارها أكثر اعتدالاً تحت رئاسة بوش وكلينتون وأوباما، إلا أنها لم تلعب دور الوسيط النزيه، كما تنص عليه مبادئ الوساطة في حقل حل الصراع باعتبار الوساطة أحد الأدوات الأساسية للحلول السلمية في فض النزاعات. ووفقاً لهذه المبادئ، يدرك المختصون أن هناك عدة صفات يتمتع بها الوسيط منها:
- محايد وغير طرف في النزاع.
- تقريب وجهات النظر بين الأطراف.
- بناء الثقة بين الأطراف.
- تسهيل عملية التفاوض دون فرض الحلول.
في عهد ترامب، انهار قناع الحياد تمامًا، حيث أصبحت السياسات الأمريكية منحازة بشكل صارخ لمصلحة إسرائيل. الصفقة التي اقترحتها إدارته كانت صفقة عملية من وجهة نظر أمريكية وإسرائيلية، تستثني القدس واللاجئين. هذا النهج أظهر بوضوح انحرافًا عن التعريف النظري للوساطة وانتقلت عملية الوساطة والمفاوضات لمرحلة من الإملاءات وفرض الحقائق على الأرض بما لا يتماشى مع أسس المفاوضات أو دور الوسيط.
حتى في عهد الرئيس بايدن ووزيره بلينكن، تستمر الولايات المتحدة في التصرف بطريقة تتماشى أكثر مع فرض الحلول بدلاً من تسهيل مفاوضات عادلة. على الرغم من التعاطف الأوروبي والدولي مع القضية الفلسطينية، إلا أن القوى العالمية تتردد في مواجهة السياسات الأمريكية خوفًا من تهديد مصالحها الخاصة في عالم أحادي القطبية.
هذا الوضع يبرز التحديات التي تواجه القيادة الفلسطينية، التي تبنت طويلاً استراتيجية التفاوض من منطلق الالتزام بالسلام والشرعية الدولية وسيادة القانون. ومع استمرار توسع الاستيطان وتصلب المواقف الإسرائيلية، يبدو من وجهة نظر واقعية سياسية أن إمكانية حل الدولتين تتلاشى تدريجياً وأن استمرار الحديث بهذا الحل يأتي على حساب الحقوق الفلسطينية، بينما "وسيط" عملية السلام، أي الولايات المتحدة هي التي توفر الغطاء القانوني والمادي والاستراتيجي والعسكري ما هو مدعاة لشراء الوقت لدولة الاحتلال لمزيد من السياسات العنصرية.
ومع استمرار الولايات المتحدة في فقدان مصداقيتها كوسيط نزيه، يجب على القيادة الفلسطينية إعادة التفكير في استراتيجيتها، والبحث عن طرق للحفاظ على كرامتها وحماية حقوق الشعب الفلسطيني في مواجهة الضغوط الخارجية والداخلية المتزايدة.
يبدو ان الولايات المتحدة تستعمل الوسطاء العرب الجدد لإخفاء تورطها ودورها المنحاز. هنا دعوة لضرورة استعادة الوسطاء لدورهم الحقيقي، وإعادة التعريف الطبيعي للوسيط، بما يخدم عمليات التفاوض والحلول السلمية، خدمة لكل الأطراف، بدلاً من توظيف المفاوضات والوساطة لخدمة طرف، بانحياز كامل يعكس عدم مصداقية الوسيط وانعدام أهليته للقيام بدور الوسيط.
مع استمرار الولايات المتحدة في فقدان مصداقيتها كوسيط نزيه، يجب على القيادة الفلسطينية إعادة التفكير في استراتيجيتها، والبحث عن طرق للحفاظ على كرامتها وحماية حقوق الشعب الفلسطيني.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
مآلات موافقة حزب الله على ورقة أمريكا الخبيثة
حمدي فراج
الأكثر تعليقاً
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
أ.د. أبو كشك يشارك في المؤتمر العالمي للغة الصينية في بكين ويوقع اتفاقية تعاون مع جامعة جيان شي
الأكثر قراءة
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الأونروا: فقدان 98 شاحنة في عملية نهب عنيفة في غزة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%54
%46
(مجموع المصوتين 79)
شارك برأيك
من المفاوضات إلى الإملاءات: الوسيط النزيه