أقلام وأراء
الأربعاء 15 مايو 2024 9:37 صباحًا - بتوقيت القدس
لاجئ وحتما عائد
تلخيص
الخامس عشر من ايار من العام ١٩٤٨ .. يوم توقفت فيه عجلة التاريخ وتعطلت وهي ترصد نكبتنا ، عندما احتل الغزاة ارضنا ، وطردوا شعبنا ، ودمروا مدننا ، وخربوا قرانا وبلداتنا ، وعبثوا بترابنا ، وسمموا هواءنا ، وخنقوا أفراحنا ، وجثموا على صدورنا ، ونهبوا ممتلكاتنا وخيراتنا ، وقطعوا اشجارنا ، وسرقوا ثمراتنا ، وحاولوا طمس تراثنا ، وانهاء حكاياتنا .. وقتلوا رجالنا وأبناءنا ، وأمعنوا في جراحاتنا ، وعذبوا أسرانا ، واغلقوا طرقنا وممراتنا ، وفرضوا التهجير على امتنا، فكتبنا قصة لجوئنا ، إلى مخيماتنا في الداخل والشتات، لنبدأ فصلا جديدا من حياتنا ، ونحن نشتاق لحريتنا واستقلالنا ..
رغم كل الصعاب والمضايقات ، إلا ان شعبنا هو رمز عزتنا وقوتنا ، وان مات كبارنا فان صغارنا لا ينسون ، سندفن النكبة خلف ظهورنا ، وسنكتب العودة في الآتي ، وسنتحرر حتما من الماضي ، وسنمحي كلمة لاجئ من قاموسنا ، وسنكتب عائد ، لنعيد نظم القصائد ، ونرحب بشعبنا الوافد ، إلى وطنه وأرضه وترابه، ليعانق القدس والأقصى والقيامة ، ويسجد في الحرم الإبراهيمي ويتذوق الشهد في عنب الخليل ، ويقطف التمر والنخيل ، من اشجار حيفا والجليل ، ويغوص في بحر يافا ، ويكتب نشيد العودة ليردده العائدون من مهد المسيح إلى رام الله وجبال النار ، ليشهد على برتقال قلقيلية وطولكرم والأغوار ، ومساحة الحب الشاسعة في مرج ابن عامر لتفتح جنين حضنها للأحرار ..
هكذا هو شعبنا الأصيل ، ينظر إلى نكبته في ذكراها السادسة والسبعين ، بعزيمة لا تلين ، رافعا شعار العودة مرحبا بالعائدين حتما إلى ارض الانبياء والشهداء ..ارض الاسراء والمعراج .. ارض العطاء والكبرياء ..ارض فلسطين ..
يحيي الشعب الفلسطيني اليوم ذكرى النكبة ، هذا المصطلح الذي يعبر عن حجم المعاناة والكارثة الإنسانية التي تسببت بتشريد حوالي مليون فلسطيني من ارضهم ووطنهم ..يوم، هدمت فيه إسرائيل معظم معالمنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحضارية ..يوم طرد فيه شعبنا وخسر ارضه التي أقام عليها الاحتلال كيانه ..
نفذت اسرائيل في عام النكبة عشرات المجازر التي راح ضحيتها كم الالاف من ابناء شعبنا ، ودمرت معظم قرانا وبلداتنا وحولت مدننا الفلسطينية الكبرى إلى طابع تهويدي ، وحاولت مسح هويتنا الوطنية والثقافية ، وغيرت المعالم الجغرافية ، في اكبر حملة تهجير وتطهير عرقي في التاريخ ..
اثرت النكبة على ثقافتنا الفلسطينية التي تعتبر الرمز المعنوي والتأسيسي للهوية الفلسطينية ، فاصبح حنظلة ( ايقونة ) والكوفية باتت وشاحنا الرسمي ورمزنا الوطني ، بينما المفتاح هو احد الدلائل القوية على تمسكنا بحق العودة لنفتح بيوتنا ونستعيد مفقوداتنا من هذه البيوت التي هجرها شعبنا منذ ٧٦ عاما ..
النكبة لا تصلح فقط كمصطلح تاريخي للدلالة على حدث جرى في الماضي تم خلاله سرقة الارض الفلسطينية ، وانما هي استمرار لحاضر متواصل تسعى من خلاله إسرائيل للإبقاء على كيانها وتهويد وطننا بالكامل وتهجير المزيد من ابناء شعبنا الفلسطيني، وما يحدث في غزة اليوم وبعد اكثر من سبعة اشهر متتالية على العدوان خير دليل على ذلك ، وهذا يقودنا للحديث على ان اثار النكبة والمخططات الاسرائيلية بدأت ايضا قبل العام ١٩٤٨ بكثير وتحديدا في المؤتمر الصهيوى الاول في بازل بسويسرا عام ١٨٩٧ ووعد بلفور ( ١٩١٧) الذي وعدت فيه بريطانيا اليهود بوطن قومي في فلسطين ، وما تبع ذلك من اعتداءات بنهج استعماري بريطاني واسرائيلي على شعبنا ، ليستوطن اليهود في ارضنا ، ليأتي إعلان عام ١٩٤٨ للإشهار الرسمي عن اقامة كيانهم المحتل ..
ادت النكبة إلى تكوين فلسطين الشتات نظرا لسيطرة إسرائيل على فلسطين الداخل وتحول الفلسطينيين إلى (أمة لاجئين ) يعيشون خارج فلسطين بنسبة تبلغ اكثر من ٦٠ بالمئة ..
لم تنته النكبة عام ١٩٤٨ بل تبعها نكبات اخرى مرورا بنكسة حزيران ١٩٦٧ التي شردت اكثر من ٢٠٠ الف فلسطيني معظمهم نحو الأردن وصولا إلى نية اسرائيل بضم الأغوار وطرد اهلها والنكبة الحالية التي تتواصل فصولها في قطاع غزة بأبشع صور القهر والعدوان في محاولات اسرائيلية بائسة لطرد شعبنا من غزة إلى مصر وسيناء ..
ولان النكبة هي منعطف استراتيجي في التاريخ الفلسطيني فلا بد من ذكر أهم معطياتها حتى تبقى حاضرة للأجيال اللاحقة ، فقد شكلت النكبة أكبر عملية تطهير عرقي شهدها القرن العشرين، حيث تم تشريد ما يربو على 957 ألف فلسطيني قسراً من قراهم ومدنهم بقوة السلاح والتهديد من قبل العصابات الصهيونية إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المجاورة، من أصل مليون و400 ألف فلسطيني كانوا يقيمون في فلسطين التاريخية عام 1948، وتم إحلال اليهود مكانهم، وسيطرت العصابات الصهيونية على أكثر من 85% من مساحة فلسطين التاريخية والبالغة حوالي 27 ألف كم2 ، بما فيها من موارد وما عليها من سكان، أي ما يزيد على ثلاثة أرباع مساحة فلسطين التاريخية ، كما سيطرت العصابات الصهيونية خلال النكبة على 774 قرية ومدينة فلسطينية، وتم تدمير 531 منها بالكامل وطمس معالمها الحضارية والتاريخية، وما تبقى تم إخضاعه إلى كيان الاحتلال وقوانينه ، وإرتكبت العصابات الصهيونية أكثر من 70 مجزرة بحق الفلسطينيين ، وبلغ عدد الشهداء الفلسطينيين في معارك النكبة حسب عدة مصادر تاريخية نحو 15 ألف شهيد،وعدد الأسرى العرب 5204 أسيرًا، منهم 4702 فلسطيني والباقون أردنيون ومصريون وسعوديون وعراقيون ولبنانيون ويمنيون، وبقي نحو 150 ألف فلسطيني فقط في المدن والقرى الفلسطينية التي قامت عليها "إسرائيل" بعد النكبة الفلسطينية، وصل عددهم في نهاية العام 2023 إلى نحو سبعة ملايين في الضفة وغزة والداخل .
تشير سجلات وكالة الغوث أن عدد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين 58 مخيما رسميا تابعا للوكالة، تتوزع بواقع 10 مخيمات في الأردن، و9 مخيمات في سوريا، و12 مخيما في لبنان، و19 مخيماً في الضفة الغربية، و8 مخيمات في قطاع غزة.
تمر الأرقام والتواريخ مسرعة لكنها تبقى محفورة في سجلاتنا وتبقى النكبة ناقوسا يدق بقوة على باب الذكريات ليؤكد ان شعبنا هو صاحب الارض والحق بها وعلى اليهود ان يرحلوا كما قال شاعرنا الكبير الراحل محمود درويش :
( أيها المارون بين الكلمات العابرة
آن أن تنصرفوا وتقيموا أينما شئتم ولكن لا تقيموا بيننا..
آن أن تنصرفوا ولتموتوا أينما شئتم ولكن لا تموتوا بيننا
فلنا في أرضنا ما نعمل
ولنا الماضي هنا
ولنا صوت الحياة الأول
ولنا الحاضر ، والحاضر ، والمستقبل
ولنا الدنيا هنا .. والآخرة ْ
فاخرجوا من أرضنا..من برنا .. من بحرنا
..من قمحنا .. من ملحنا .. من جرحنا
من كل شيء ، واخرجوا من ذكريات الذاكرة ْ
أيها المارون بين الكلمات العابرة ْ!
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
زعيمة حركة استيطانية تدخل غزة بدون علم الجيش لإعادة الاستيطان
واشنطن ترفض قرار المحكمة الجنائية الدولية بإلقاء القبض على نتنياهو وغالانت
7 مجازر و120 شهيدًا بعدوان الاحتلال على غزة في 24 ساعة
الأكثر قراءة
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%52
%48
(مجموع المصوتين 92)
شارك برأيك
لاجئ وحتما عائد