Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الإثنين 13 مايو 2024 9:54 صباحًا - بتوقيت القدس

حرب غزه والخيار الشمشوني

تلخيص

الحرب على غزه ترقى للحروب الكلية الشاملة، ويمكن مقارنتها بالحروب الكونية، بأطرافها ‏وفواعلها وتداعياتها. فالحرب على غزة ليست قاصره على إسرائيل وحماس، بل تشمل الدور ‏المباشر للولايات المتحده كقوة كونية أحادية وقوى إقليمية، وتفعيل لدور الفواعل من غير الدول، ‏وبالحراك الطلابى الذى يعم الجامعات الأمريكية والأوروبية والكثير من الدول الأخرى، وفى ‏المسيرت الشعبية باختلافها، وهذا كله يجعلنا أمام نموذج إستثنائي لحرب لا تكافأ بين طرفيها ‏الرئيسيين، إسرائيل وحماس، مما يعنى أن تداعياتها قد تدخلنا في سيناريو الخيار الشمشونى، ‏فهى من أنواع الحروب التي يصعب أن تنتهي بالنصر المطلق، فعلى الرغم من مرور أكثر من ‏سبعة أشهر والحجم غير المسبوق من الضحايا المدنيين في غزة، الذى يزيد عن أربعين ألفا، وأكثر ‏من مائة ألف جريح ومعاق هم أقرب للموت، وتدمير شامل للبنية التحتية التي كانت أصلا ضعيفة‏، وتدمير أكثر من سبعين في المائة من منازلها، ليجد أكثر من مليوني نسمه أنفسهم يعيشون في ‏العراء وبلا غطاء إنساني.
رغم ذلك لم تنجح إسرائيل في تحقيق الأهداف المعلنة منها، والتساؤل ‏ثانية هو: ما علاقة الخيار الشمشونى بهذه الحرب؟ لو عدنا إلى عملية طوفان الأقصى، لنجد من ‏عناصر هذا الخيار الذى مس هيبة وبقاء إسرائيل، لترد إسرائيل بهذا الخيار في محاولة هدم المعبد ‏على رؤوس الجميع. والسؤال: هل من علاقة بين الحرب وخيار شمشون الجبار؟ الإجابة على ‏السؤال لن تقتصر على إسرائيل فقط، بل قد تشمل أيضا حماس، فإسرائيل لن تسمح لحماس أن ‏تنتصر وتحقق ما تريد، لأن هذا يعنى نهاية إسرائيل. وحماس من جانبها، لن تسمح لإسرائيل بأن تنتصر، ‏عبر ما تملكه من أوراق قوة، وأهمها العمليات الفردية التي تتسبب بإنهيار المعبد على الجميع. ‏والصورة الثالثة للخيار الشمشونى مشاركة جماعات أخرى، كما نرى الحوثيين وغيرها، وقد تجر ‏لمشاركة وأوسع تدخل من الجميع أمام هذا الخيار. وإذا كانت هناك علاقة فما هي أوجه الشبه؟ القاسم ‏المشترك، هو غرور القوة وعدم رؤية الواقع رؤية واقعية سليمة، فلا إسرائيل يمكنها القضاء على ‏حماس والمقاومة الفلسطينية من جذورها، ولن يأتي اليوم الذى تعلن فيه حماس إستسلامها، فبدلا ‏من ذلك سيأتى يوم هدم المعبد، ولا حماس قادرة، وهي لن تقدر على هزيمة إسرائيل بكل قوتها، ولن ‏يسمح لحركة أو لفصيل تحقيق هذا الهدف. ومع إفتراض أو تخيل ذلك فقد تذهب إسرائيل ‏للجوء لقوتها النووية كخيار اخير لتهدم المعبد على رؤوس الجميع.
وعلى الرغم من مرور أكثر من سبعة ‏أشهر على هذه الحرب، فما زالت الإبادة وغرور القوة الإسرائيلية طاغية ومسيطرة، عبر التدمير والقتل ‏دون اعتبار لطفل أو مسن، وفى الوقت ذاته إستمرار المقاومة وحماس بإطلاق ما تبقى من ‏صواريخ كرسالة على عدم الإستسلام والقبول بما تحاول إسرائيل فرضه لليوم التالي للحرب (بدون ‏حماس).
والمفارقة في هذا الخيار هو الثمن غير المحتمل بشريا الذي، يتحمله أكثر من مليوني نسمه ‏في غزة، ينزحون من مكان لآخر في مساحة لم تعد قادرة على إستيعابهم، فهم من يتحملون خيار ‏هدم المعبد حتى اللحظة.
إسرائيل فقدت بصيرتها بغرور قوتها، ولم تعد ترى إلا الدمار والقتل، ‏وترفض حتى دراسة الواقع الذى فرضته الحرب، وترفض كل الحلول السياسية وأى تسوية ‏تفاوضية قائمة، مدعية أنها لم تحقق هدفها بالقضاء على حماس، وحماس من جانبها (ولها الحق في ‏ذلك) ترفض الهدنة المؤقتة أو المستدامة، وتطالب بوقف كامل للحرب، الأمر الذى تعتبره إسرائيل هزيمة‏، فعودة حماس من وجهة نظر إسرائيل للحكم يعنى هزيمة لها ونصرا لحماس، وهذا السيناريو ‏مستبعد تماما.
الحرب خلقت بيئة سياسية جديدة، لا يمكن أن تعود معه غزة كما كانت في السابق، ‏فلا يمكن تصور حكم حماس وتطوير قدراتها العسكرية ثانية، ولا يمكن في الوقت ذاته قبول ‏عودة إسرائيل لإحتلال غزة من جديد، لأن هذا الوضع يقرب الجميع من خيار شمشون واستمرار ‏الحرب بدرجاتها وأشكالها المختلفة، ولعل الذى يقوي من خيار شمشون، أن إسرائيل "تعيش" في ‏قلب غزة والأراضى الفلسطينية، وحماس والشعب الفلسطينى يعيش في قلب إسرائيل ذاتها، وهذا ‏من شأنه أن يوفر كل الظروف المناسبة لهدم المعبد على رؤوس أصحابه.
مشكلة إسرائيل أنها لم ‏تقدر حجم التضحيات التي قدمها الشعب الفلسطينيى، ولعل أخطر ما يدفع في اتجاه التسريع ‏بخيار شمشون الجبار حالة الكراهية والحقد والرغبة في الثأر، ناهيك عن ‏الأيدولوجية العمياء التي تحكم الحزب الحاكم في إسرائيل، وحالة التسليح الشاملة، وهذا يوفر ‏البيئة القوية لهذا الشمشون، ويهدم المعبد قبل أن يذهب للإنتحار.
اليوم قادة إسرائيل معرضون ‏لصدور أحكام ضدهم بالاعتقال، والأمر ليس قاصرا عليهم، بل سيشمل قادة حماس وغيرهم، ‏وهذا من شأنه أن يضع الجميع أمام هذا الخيار. وقد يزيد من هذا الخيار الدور الذي يلعبه الدين ‏وتحكمه في السياسية. حرب تحكمها السياسة والدين، كما يقول إبن خلدون: إن الفهم المغلوط ‏للسياسة يجعل من السياسى مستبداً، والفهم المملوء بالغلو لرجل الدين يجعله محرضا على التكفير، ‏وكلاهما يصنعان الدمار ويهددان العمران، وقول ونستون تشرشل: إحذروا أن يشعلها رجل دين ‏حتى ينفذها رجل سياسة.

دلالات

شارك برأيك

حرب غزه والخيار الشمشوني

المزيد في أقلام وأراء

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام

بهاء رحال

المقاومة موجودة

حمادة فراعنة

وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي

سري القدوة

هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!

محمد النوباني

ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟

حديث القدس

مآلات موافقة حزب الله على ورقة أمريكا الخبيثة

حمدي فراج

مصير الضفة الغربية إلى أين؟

عقل صلاح

كيف نحبط الضم القادم؟

هاني المصري

هل من فرصة للنجاة؟!

جمال زقوت

تحية لمن يستحقها

حمادة فراعنة

قل لي: ما هو شعورك عندما ترى أحداً يحترق؟!

عيسى قراقع

أسعار العملات

الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.28

شراء 5.26

يورو / شيكل

بيع 3.96

شراء 3.95

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%54

%46

(مجموع المصوتين 78)