أقلام وأراء
الإثنين 06 مايو 2024 9:43 صباحًا - بتوقيت القدس
السعودية وولي العهد الشاب: ما بين الرؤية والثوابت
تلخيص
في الرياض، شاهدت وشهدت التغيير نحو الدولة الحديثة …دولة الفرص بكل المقاييس، هذه الفرص للمواطن أولاً وثانياً للمستثمرين الكبار عابري القارات، رؤية ٢٠٣٠ لا تتحدث عن مشاريع اقتصادية فقط، الرؤية تشمل تغيير شامل يبدأ من المرأة والحريات الشخصية ثم الاقتصاد والبيئة والمشاريع الوطنية العملاقة لتكون مركز الجذب الاقتصادي والسياسي ليس فقط في الخليج بل جل المنطقة العربية.
المنتدى الاقتصادي العالمي جاء إلى الرياض، جلب اكثر من ١٠٠٠ من قيادات العالم الاقتصادي والسياسي التي التقت في العاصمة وستستضيف السعودية هذا اللقاء الاقتصادي السياسي الرفيع المستوى على مدار الأعوام القادمة لتكون الرياض منصة الاقتصاد والسياسة في الإقليم. يدرك السعوديين تماما ان العالم اتجه نحو الطاقة البديلة وان احتياطي النفط وحده لن يسمح للمملكة بمواكبة الحداثة والازدهار والتفوق لهذا تبنت المملكة رؤية استراتيجية ضمنت عدم اعتماد الاقتصاد الوطني على النفط وحده والان ٥٠٪ من عوائد الدولة من قطاعات مختلفة, هناك تنوع وتوزيع في حجم الاستثمارات واستدامة الأفكار التي تترجم حفاظ المملكة على البيئة ومواجهة تحديات التغيير المناخي والتصحر والامراض, تلتزم المملكة بضخ المليارات لعلاج الأوبئة المزمنة وحل مشاكل الصحة والمرأة والطفل حول العالم.
تقدم المملكة نفسها اليوم من خلال صورة الشباب والمرأة المتمكنة المهنية التي تتقن تخصصها في كل المجالات. من المطار وفي الاستقبال, في المسرح وفي ارفع المناصب تجد الشباب والمرأة السعودية القوية المعتدة صاحبة العلم والخبرة, تقدم السعودية المرأة كعلامة تجارية أساسية وطنية للمملكة. الرياض تقدم اليوم محطة جذب سياحي, هناك زرقاء اليمامة، اول عرض أوبرا سعودية، أوبرا باللغة العربية! مزجت ما بين العمق الفني المسرحي الموسيقي والأوبريت بشكل حديث واستثنائي لم أشهده في عواصم أوروبا! أما النص، فمن العنوان، زرقاء اليمامة تصوير للمرأة صاحبة البصر والبصيرة، المرأة ذات الشيب والحكمة، هكذا اختارت ان تروي المملكة العربية السعودية روايتها للزوار. للسياحة هناك الدرعية، عاصمة السعودية الأولى، حيث مر وادي صفار ووادي حنيفة، حيث كان الماء نعم في الرياض فهكذا تبدأ المدن حوّل واحات المياه، اليوم الدرعية تقدم للزوار عرض تاريخي حضاري بشكل حديث وعملي يكلله الفلكلور والتقاليد والعمق العربي الخليجي حيث تشهد فن العمارة وانعكاسه فيما بعد الحداثة وتشهد الخط العربي الذي يقدم كهدية رمزية برسم اسم الزوار ثم تمر بمرابط الخيول العربية الأصيلة لتشهد العراقة. المرأة السعودية هي التي تستقبل الزوار، تقدم عرض تاريخي ثقافي، وهي التي تقود "الكارت" وتقدم شرح تفصيلي عن المكان، أما الرجال فيستقبلونك بالقهوة العربية السعودية، ولن تكتفي بفنجان سيعودون لك لصب المزيد مع التمر القسيم المميز، الرجال يغنون ويقدمون الرقصات الشعبية ترحيباً بالزوار, المشهد ديالكتيكي لقد انقلبت الأدوار او تساوت فلا صور نمطية للمرأة والرجل اليوم امام فكرة المواطنة بالتوازن واحترام الثوابت..
آرامكو السعودية، الجميع يسمع بهذه الشركة العملاقة العابرة للقارات والتي تشكل مصدر البترول الأكثر جودة بلا منازع، زيارة لموقع شيبا في الربع الخالي حيث احد حقول استخراج البترول, هناك تشهد ثورة علمية مستدامة، دمج تكنولوجي رهيب بأحدث أدوات الذكاء الاصطناعي وأدوات البحث العلمي التي ترتبط مباشرة مع كبرى مراكز أبحاث الوقود والطاقة حول العالم، تقدم الشركة تجسيد عملي لاستراتيجية الاستدامة في التصنيع والحفاظ على البيئة بطريقة جميلة بتربية الحيوانات البرية الصحراوية المهددة بالانقراض لتعيد التوازن في الطبيعة. أما الربع الخالي، والرمال الصفراء الممزوجة بالبرتقالية تكسب الجسد طاقة ايجابية اوتوماتيكية من هول جمال المكان، لا "ابل" ولا جمال هناك كما يظن العرب ولكن هناك الصقر العربي وهناك الملح وهناك كرم الرمال الغنية بالنفط والكيروسين والغاز والمياه ووفير الثروات.
تقدم المملكة العربية السعودية توازن غير مسبوق ويصعب تخيله، فبينما يشعر اي اجنبي بالحرية الشخصية لا نشعر ان هناك اي تعدي على الهوية العربية السعودية التي أصبحت كنقطة جذب في منطقة الخليج العربي. طالما كانت السعودية منطقة جذب سياحي ديني بحكم الحج والعمرة واليوم تقدم منصة للاقتصاد والاستثمار والتكنولوجيا والطاقة, انعكاسات الهوية ما زالت حاضرة من العمارة إلى اللغة إلى الخيول والقهوة والإسلام, المواطنين المحليين يشغلون المناصب العليا, يمتلكون الخبرة والمهارة. السعودية امنت بالتعليم كاستراتيجية نحو المستقبل, فمنذ عام ٢٠٠٦ بدأ مشروع الابتعاث التعليمي وخلال ١٠ سنوات اكثر من مليون شاب وصبية سعوديين تم ابتعاثهم للدراسة الجامعية في الخارج وعادوا لخدمة المملكة, التعليم أساس الثورة وحجر الأساس في هذه الرؤية الطموحة, التعليم وتوافد الخبرات عبر الحدود هو أساس بناء الاقتصاد المنافس, من الواضح ان الأمير راهن على هذا الجيل الشاب المبتعث إلى الخارج, ليعلن ميلاد السعودية الجديدة.
السعودية تتبنى رؤية استراتيجية براغماتية نحو الحداثة يميزها التوازن بين المصالح والثوابت العربية والإسلامية فالموقف السعودي تجاه القضية الفلسطينية وتجاه غزة ثابت برغم براغماتية السياسة, نعم تسعى لتحقيق مصالحها العديدة العسكرية والسياسية والاقتصادية والتكنولوجية والسياحية دون تنازلات ودون خضوع ودون هرولة وراء صفقات تطبيع ابراهيمية!
هنيئا للرياض... هنيئا لأهل السعودية, هذا فخر للعرب, الرؤية تتبنى ايديولوجيا براغماتية بحتة في عالم نيوليبرالي يتبنى الحداثة وما بين المصالح والتقدم والازدهار من جهة والثوابت والعادات والعقيدة من جهة أخرى, تشهد الدقة والتوازن والاصالة, هذا ما جاء به ولي العهد الشاب !
د. دلال عريقات, أستاذ مشارك, كلية الدراسات العليا, الجامعة العربية الامريكية.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
منع الدواء والطعام في غزة.. سلاح إسرائيلي قاتل
حديث القدس
رسالة فلسطين في عيد الميلاد
فادي أبو بكر
معركة المواجهة وشروط الانتصار
حمادة فراعنة
احفظوا للمخيم هيبته وعزته وللدم الفلسطيني حرمته
راسم عبيدات
مئوية بيرزيت.. فوق التلة ثمة متسع رحب لتجليات الجدارة علماً وعملاً!
د. طلال شهوان ، رئيس جامعة بيرزيت
لجنة الإسناد.. بدها إسناد!
ابراهيم ملحم
من التغريد إلى التأثير .. كيف تصنع المقاطعة الرقمية مقاومة شعبية فعالة
مريم شومان
الحسم العسكري لغة تبرير إسرائيلية لمواصلة قتل الفلسطينيين
حديث القدس
سعيد جودة طبيب جراحة العظام في مشفى كمال عدوان شهيداً
وليد الهودلي
بوضوح.. الميلاد في زمن الإبادة الجماعية
بهاء رحال
ولادة الشهيد الأول
حمادة فراعنة
(الْمَجْدُ لِلّهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلامُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ)
حديث القدس
اعتقال المسيح على حاجز الكونتينر
عيسى قراقع
ما الذي يحدث في جنين، ولماذا الآن، وما العمل؟
هاني المصري
ما يجري في جنين يندى له الجبين
جمال زقوت
شرق أوسط نتنياهو لن يكون
حمادة فراعنة
في ربع الساعة الأخير للإدارة الموشكة على الرحيل!
حديث القدس
العام الثلاثون.. حلم جميل وواقع أليم
الأب إبراهيم فلتس نائب حارس الأراضي المقدسة
بلورة استراتيجيات للتعامل مع الشخصيّة المزاجية – القنبلة الموقوتة
د. غسان عبدالله
من الطوفان إلى ردع العدوان.. ماذا ينتظر منطقتنا العربية؟ الحلقة الثانية
زياد ابحيص
الأكثر تعليقاً
ما الذي يحدث في جنين، ولماذا الآن، وما العمل؟
اعتقال المسيح على حاجز الكونتينر
دويكات: أجندات خارجية لشطب المخيمات الشاهد الحي على نكبة شعبنا
الاحتلال يخلي المستشفى الإندونيسي ويقصف المستشفيين الآخرين شمالي غزة
قناة إسرائيلية: كاتس يعترف لأول مرة بالمسؤولية عن اغتيال هنية
مقتل عنصر من الأجهزة الأمنية في الأحداث المستمرة بجنين
مصطفى يبحث مع خارجية قبرص الرومية إنهاء الإبادة الإسرائيلية بغزة
الأكثر قراءة
العام الثلاثون.. حلم جميل وواقع أليم
اعتقال المسيح على حاجز الكونتينر
تحديات كبيرة وانغلاق في الأفق السياسي.. 2025 في عيون كُتّاب ومحللين
الحوثيون يعلنون إسقاط طائرة "إف-18" واستهداف مدمرة
السماح بنشر تفاصيل محاولة إنقاذ فاشلة لأسيرة في غزة
الكرملين يكشف حقيقة طلب زوجة بشار الأسد الطلاق
يسوع المسيح مُقمّطاً بالكوفية في الفاتيكان.. المعاني والدلالات كما يراها قادة ومطارنة
أسعار العملات
الأربعاء 25 ديسمبر 2024 9:36 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.65
شراء 3.64
دينار / شيكل
بيع 5.15
شراء 5.13
يورو / شيكل
بيع 3.8
شراء 3.77
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%57
%43
(مجموع المصوتين 303)
شارك برأيك
السعودية وولي العهد الشاب: ما بين الرؤية والثوابت