بعد حالة كبيرة جدا من التفاؤل صباح امس بشأن قرب التوصل إلى اتفاق يمهد لانهاء الحرب على غزة ، وبعد تقارير عربية واجنبية في وسائل إعلام مختلفة نقلا عن مصادر سياسية مطلعة على المفاوضات المتواصلة في القاهرة منذ عدة ايام والحديث عن رغبة واضحة وجدية لحماس للتوصل إلى اتفاق يؤدي إلى ترسيم صفقة تبادل واستعداد الحركة للتخلي عن شرط وقف إطلاق النار كليا في المرحلة الاولى وترحيل هذا الشرط إلى مراحل لاحقة بعد تلقي وعودات وضمانات أميركية بان يتحول وقف إطلاق النار الجزئي إلى وقف شامل للعدوان ، أطل نتانياهو بتصريحين اعتبرتهما وسائل إعلامية اسرائيلية بانهما حرجين نظرا لصدورهما على غير العادة خلال عطلة السبت لدى اليهود ، في الاول قال نتانياهو ان العملية البرية على رفح قادمة لا محالة ، وفي الثاني اشار إلى رفض اسرائيل وقف الحرب نهائيا سواء في المرحلة الاولى او المراحل اللاحقة وان التعهدات الاميركية المقدمة لحماس لن توافق اسرائيل عليها ، في رد واضح وصريح بان إسرائيل لا تريد صفقة التبادل رغم مرونة حماس وتعاونها مع الوسطاء …

خطط نتانياهو جيدا لهذه اللحظة ، فلم يكن مفاجئا ان يصدر رئيس جهاز الامن القومي تساحي هنغبي تصريحا اشار فيه إلى ان الجيش الاسرائيلي سيقتحم رفح بأي ثمن وان الموعد سيفاجئ العدو على حد مزاعمه ، ولم يكن مستغربا ان يدعو نتانياهو لاجتماع في مكتبه خلال عطلة السبت ايضا ويستثني غادي إيزنكوت وبيني غانتس ويقرر ايضا منع وفد اسرائيل من التوجه إلى القاهرة وذلك للقضاء على اي فرصة للوصول إلى اتفاق رغم التقدم الكبير في المفاوضات ورغم نداءات عائلات المحتجزين التي طالبت الليلة الماضية بالأسرى أحياء مع الموافقة على دفع الثمن ، وقدمت انتقادات حادة لنتانياهو الذي فضل التحالف مع بن غفير وسموتريتش على اعادة الاسرى المحتجزين ..

وضع نتانياهو الاتفاق وصفقة التبادل في مأزق حقيقي وواصل مع حكومته اليمينية المتطرفة الظهور على حقيقتهم الرافضة لاي مبادرة لوقف الحرب ، وكل ذلك قبل ان تقدم حماس ردها الرسمي للوسطاء بانتظار الانتهاء من كافة الملاحظات ، علما ان حكومة الاحتلال تدرك جيدا ان المعطيات تشير إلى أن رد حماس سيكون ايجابياً، لكن نتانياهو استبق الرد وذلك من اجل تعطيل التوصل إلى اتفاق هدنة انطلاقا من حسابات مرتبطة بشخصه ومستقبله السياسي وهو غير معني بالتوصل لاتفاق…

رغم كل ما تقدم ستبقى الحالة التفاوضية متأججة في محاولات اخيرة للوصول إلى اتفاق ، لكن من الواضح ان إسرائيل معنية بشكل كبير لمواصلة عدوانها ومن هنا اشارت مصادر مطلعة الليلة الماضية ان صفقة التبادل وصلت إلى مرحلة حرجة ، فهل يتم إنعاشها ، وهذا مستبعد بناء على المعطيات الاسرائيلية ، أم يتم دفنها حية في تراب غزة الذي يبدو انه سيتقبل المزيد من جثامين الشهداء وخصوصا في رفح ، لان اسرائيل يبدو انها لم ولن تشبع من سفك الدم الفلسطيني وستواصل عدوانها السافر على شعبنا ..