أقلام وأراء

الأحد 05 مايو 2024 9:45 صباحًا - بتوقيت القدس

السردية الاسرائيلية ومظلوميتها المصطنعة

تلخيص

قد يعتقد البعض أن غزة اليوم، هي الموقع الأساسي الذي تدور فيه رحى الحرب الطاحنة التي يركز عليها الإعلام العالمي، لكن الحقيقة أنّ هناك حربًا من نوع آخر تدور في الوقت نفسه، وترتبط بشكل متكامل بالحرب الدائرة في غزة، وهذه الحرب تدور في الضفة الغربيّة والقدس.

ليس المقصود هنا الهجمات التي تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي في مدن الضفة الغربية يوميًا، والتي تتسبب كل يوم بتفجير منازل وسقوط شهداءَ، زاد عددهم حتى وقت كتابة هذا المقال على 450 شهيد في مختلف مدن وقرى الضفة الغربية.

وإنما نشير في هذا الشأن إلى الحرب التي تعلنها جماعات المستوطنين على الفلسطينيين في الضفة الغربية وفي القدس، استغلالًا للتعاطف السياسي الغربي الجارف مع حكومة الاحتلال، ومحاولةً لتحقيق واقع جديد في المنطقة بعد أن ينجلي غبار المعركة في غزة، أو عملًا بسيناريوهات مختلفة يضعها بعض ساسة الاحتلال.
تقوم هذه السيناريوهات على أساس تحقيق الانتصار الإسرائيلي في الحرب على غزة، وتفكيك حركة حماس، وتهجير سكان القطاع إلى سيناء، كما كان يتوعد عدد لا بأس به من ساسة إسرائيل في بداية الحرب.

بالرغم من أن فكرة تهجير الفلسطينيين- في غزة إلى سيناء، وفي الضفة الغربية إلى الأردن- تبدو سطحية من الناحية الواقعية، فإنه ينبغي الإشارة هنا إلى أن التيار اليميني المتشدد الذي يحكم دولة الاحتلال اليوم، ليس تيارًا علمانيًا في جزء كبيرٍ منه، وإنما يوجد فيه جزء كبير ينتمي- في الحقيقة- إلى التيار الديني الخَلاصي، الذي يؤمن بنبوءات آخر الزمان، ونزول المسيح المخلّص وغيرها من الروايات الأصولية الدينية التي تحكم حركة أتباع هذا التيار.
وهذا التيار اليوم يشارك بحماسٍ في هذه المعركة، لأنه يعتبر أنها مقدمة معركة نهاية العالم التي ستأتي بالمسيح المخلّص.
وهذا ما يشير له باستمرار أقطابُ هذا التيار المشاركون في القتال على جبهة غزة. وأغلبهم من المنتمين لتيار الصهيونية الدينية الذي ينتمي له الحاخامان: إيتمار بن غفير، وبتسلئيل سموتريتش.
ويمكن تمييز أفراد هذه الجماعات بين جنود الاحتلال في غزة من بعض الرموز التي يحملونها على ملابسهم العسكرية كصورة المعبد مثلًا.
وتحرص مؤسسات هذا التيار – مثل منظمة (بيدينو) المتطرفة على سبيل المثال – على نشر صورهم باستمرار للتأكيد على وجودهم في الجبهة.
هناك في قرى الضفة الغربية مثل المغير ودوما وبرقا وغيرها تدور رحى معركة لا تتوقف منذ سنوات على مواطنينَ فلسطينيين عُزل، من مستوطنين مسلحين متطرفين، تحت انظار الامن الاسرائيلي بكافة افرعه حيث يقف متفرجاً بقرار حكومي، اذ اكدت دراسة أجرتها منظمة غير حكومية لحقوق الإنسان أن الشرطة الإسرائيلية أغلقت بين عامَي 2005 الى2024، حوالي 93.7 بالمائة من ملفات التحقيق المتعلّقة بالمستوطنين الذين ألحقوا الضرر بالفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة الغربية المحتلة. ومنذ أن تولّت الحكومة الحالية مهامّها في ديسمبر/كانون الأوّل 2022، اختار 57.5% من الفلسطينيين ضحايا الجرائم الإسرائيلية عدم تقديم شكوى بسبب انعدام الثقة في النظام.

لقد تبنّت الدولة الإسرائيلية عنف المستوطنين كأداة لتسريع وتيرة تهجير الفلسطينيين. وبمجرد تطهير أجزاء رئيسية من فلسطين المحتلة من المجتمعات الفلسطينية الأصلية، عندها يمكن للمشروع الاستيطاني أن يستمر بلا هوادة ودون معارضة، ويمكن أن يتم الضمّ أيضًا.
ونظرًا إلى أن الأنشطة الاستيطانية تشكل انتهاكًا معترفًا به للقانون الدولي، فلا يمكن للمجتمع الدولي أن يذعن لعنف المستوطنين الذي يدفع الفلسطينيين إلى ترك أراضيهم لتسهيل التوسع الاستيطاني.
وهناك تحقيقات معلقة حول الوضع في فلسطين في المحكمة الجنائية الدولية. وقد أكد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان أن مكتبه يعمل على تسريع التحقيقات فيما يتعلق بعنف المستوطنين، مشددًا على أن "إسرائيل تتحمل مسؤولية أساسية كقوة احتلال" للتحقيق في هذه الجرائم ومحاكمتها ومنع تكرارها وضمان العدالة".

ومن وجهة نظرنا، قد يكون لتحقيقات المحكمة الجنائية الدولية آثار رادعة، فقط إذا أدرجت دور السلطات الإسرائيلية في تمكين هذا العنف، ولكن أيضًا عدم شرعية المستوطنات، ولا شكّ أن "ترحيل المدنيين" من قبل سلطة الاحتلال هو في الواقع إحدى جرائم الحرب المزعومة الأكثر توثيقًا في دولة الاحتلال.
ونجد أيضًا أن العقوبات الأخيرة ضد المستوطنين العنيفين الأفراد التي فرضتها الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا ودول أخرى قصيرة النظر. ومن خلال استهداف الأفراد، وليس الدولة، تستمر القوى الغربية في منح إسرائيل حرية التصرف عندما يتعلق الأمر بانتهاك حقوق المدنيين الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي.

وبدلًا من ذلك، يجب على المجتمع الدولي أن ينسب بوضوح ودون تردد عنف المستوطنين إلى الدولة الإسرائيلية، وأن يحاسب مسؤوليها في المحافل الدولية المناسبة، لعدم اتخاذهم إجراءات حاسمة لمنعه ووقفه وعكس آثاره، مع العلم ان غزة الآن فضحت كل الداعمين وكشفت كل العيوب في دولٍ لطالما نادت باسم الانسانية والقيم والحرية التي حُرِمَ منها حتى طلاب جامعاتهم الذين يعتبرون رواد المستقبل وصانعيه.


فهل تستمر هذه السردية الكاذبة ومظلوميتها المصطنعة، ونحن على اعتاب منعطف جارف لصالح قضية أصبحت ايقونة العالم الحر الا وهي قضية شعبٍ يقارع اقدم واقذر احتلال في هذا الزمان.

دلالات

شارك برأيك

السردية الاسرائيلية ومظلوميتها المصطنعة

المزيد في أقلام وأراء

إسرائيل تحاول التنصل من جرائمها

حديث القدس

الفعل وليس القرارات ما هو مطلوب

حمادة فراعنة

حراك الجامعات في مواجهة ألة القمع الإسرائيلية

زاهي علاوي

استكشاف هندسة الأوامر: الابتكار والتطور والتأثير على المستقبل

صدقي أبو ضهير

‏ الحكومة الجديدة وأهمية دعم القطاع الزراعي

عقل أبو قرع

معاداة السامية" ... سلاح ظلم وبغي

عطية الجبارين

القادمون من السراديب والذاهبون إليها

حمدي فراج

القمة العربية ما بين الوقائع والاستحقاقات اللازمة

مروان أميل طوباسي

أمريكا وحروب الإبادة: سجل حافل بالصناعة أو التورط

صبحي حديدي

انتظروا بياناً هاماً ...!!

سمير عزت غيث

اليوم التالي ووهْم حلّ الدولتين

محمد الهندي

ألسنة اللهب ترتفع في الجنوب والشمال والدبلوماسية الدولية تكتفي بالأقوال ..!!

حديث القدس

احتجاجات الجامعات: تحولات كمية.. إلى نوعية

د. أسعد عبدالرحمن

بداية التعافي الاقتصادي في الأردن

جواد العناني

النكبة وسرديّة المخيّم الكبرى

سمير الزبن

الجامعات والإعلام ودورهما في تعزيز"الانتماءِ للقضية الفلسطينية"

تهاني اللوزي

المقاومة ونتنياهو ولعبة الوقت

بهاء رحال

القضاء على الشعب الفلسطيني

حديث القدس

النكبة مستمرة

حمادة فراعنة

"إسرائيل" عالقة بين معادلتي العجز في التقدم والعجز في التراجع

راسم عبيدات

أسعار العملات

الجمعة 17 مايو 2024 12:34 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.71

شراء 3.7

يورو / شيكل

بيع 4.02

شراء 4.0

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.2

بعد سبعة أشهر، هل اقتربت إسرائيل من القضاء على حماس؟

%7

%93

(مجموع المصوتين 71)

القدس حالة الطقس