أقلام وأراء

الخميس 25 أبريل 2024 11:17 صباحًا - بتوقيت القدس

"عقوبات" أمريكية مع 26 مليار دعم.. تبرئة للمجرمين وتمويه الشراكة بالإبادة

تلخيص

آخر المحاولات الأمريكية المضحكة، هو القرار بفرض عقوبات على كتيبة "نيتسح يهودا" في جيش الاحتلال، باعتبارها تقوم بممارسات "لا تتفق وحقوق الإنسان"، وقبله فرض "عقوبات" على 3 مستوطنين متهمين بالاعتداء على فلسطينيين في حوارة وغيرها من القرى.


إلى هذا الحد يمكن أن تصل ماكينة الكذب والخداع والتضليل الإمبريالية، التي يعرفها حتى التابعين وواضعي البيض كله في سلة أمريكا. ومع ذلك، ورغم اتضاح المشاركة في الإبادة، ورغم كل تاريخ الإجرام والكذب الإمبريالي الأمريكي، يأخذون بنصيحة أن "ليس من الحكمة إعادة تجربة مقاطعة البيت الابيض"، حسبما كتبت أكاديمية فلسطينية. وبالعموم فمّنْ لم يتخذ خطوة فعلية واحدة ضد مَنْ يقوم بالإبادة، كسحب الإعتراف بالكيان، ووقف التنسيق الأمني المذل، فليس من المتوقع أن يتخذ موقفا ممّنْ يشارك في الإبادة. لتبقى علاقة التبعية بين التابع والمتبوع كما هي، بذلها ومهانتها، مهما فعل المتبوع.


ليست المسألة فقط ممارسة التضليل والخداع للرأي العام بأن الامبريالية تتخذ موقفاً من الإجرام الصهيوني، بل هي "بعقوباتها تلك"، تقدم صك البراءة لمن يقف خلف تلك الجرائم. فأن تعلن "العقوبات" ضد كتيبة في الجيش، فهذا يعني أن الجيش، كجيش، بريء مما أُتهمت فيه الكتيبة، فما هي إلا كتيبة "فالتة" والسلام، فيتم تصوير القضية وكأن هناك محض كتيبة واحدة ترتكب ممارسات "لا تتفق وحقوق الإنسان"، لا أن الجيش برمته، والكيان برمته، والمشروع الصهيوني الاستعماري الاستيطاني برمته، هو أصلا ضد الإنسانية والإنسان.
وما يقال عن "العقوبات" ضد الكتيبة، يقال عن العقوبات ضد ثلاثة من المستوطنين. فقط لنتخيل هذا الحجم من الكذب والخداع والتضليل الذي يتسم بسمات أخلاقية غاية في الانحطاط، حين يعزو كل جرائم المستعمِرين الصهاينة، وهم بعشرات الآلاف لثلاثة فقط، فيجري، وكما جرى مع الكتيبة، تصوير المسألة وكأنها مسألة فردية لا تتعلق بكل المشروع الاستيطاني ومادته البشرية في فلسطين، أولئك المستوطنون المستعمرون وممارساتهم الإجرامية.


هذه التجزئة بهدف تبرئة الكيان ومستوطنيه وجيشه هو ما يبغيه البيت الأبيض، فوق محاولة استرداد بعض من مكانته عند الرأي العام الأمريكي والعالمي، ولا بأس فوق ذلك، بالسعي لمحاولة تعزيز مكانة التابعين المنهارة تماماً في فلسطين، بمنحهم بعضا من "حجج" الدعاية لصالح تبرير تبعيتهم، بالقول "ها هي أمريكا اتخذت موقفا". لا يستغربن أحد أن هناك مَنْ يقول ذلك، وفق جملة "جيد ولكنه غير كاف".


منذ اليوم الأول لحرب الإبادة، تشكل الخطاب الإمبريالي الأمريكي وفق مقولتين: مقولة "من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها"، اي منح الكيان شيكا على بياض لحرب الإبادة والتهجير والتطهير، ومقولة "حماية المدنيين وإدخال المساعدات". كانت الثانية غطاءً مخادعاً للأولى، وتلطيفا ما لخداع الرأي العام. أما الحقيقة فهي آلاف أطنان الذخائر والمعدات العسكرية عبر الجسور الجوية والبرية والبحرية التي لم تتوقف منذ 8 أوكتوبر، وهي الخبراء والاختصاصيين الذين يشاركون في عمليات الجيش، وهي كل الخبرة التقنية التجسسية لخدمة جيش الكيان، وهي الدعم السياسي غير المحدود لحرب الإبادة، وضد الحقوق الوطنية، وآخرها التصويت بالفيتو ضد مشروع الاعتراف بفلسطين كدولة دائمة العضوية، في صفعة لكل رهانات القيادة الفلسطينية على الدور الأمريكي، رغم كل ما يقال عن "دولتهم" المسخ تلك.

منذ وضع الرجل الأبيض الأوروبي أول قدم له في أرض المستعمرات، والكذب والخداع والنفاق بطبعته الليبرالية هو الموجه لخطابه الاستعماري، من مقولة "الرسالة الحضارية" مروراً "بتمدين الشعوب"، وصولاً "لتهيئة الشعوب لحكم نفسها". كلها ثيمات اساسية لحرب الإبادة الإمبريالية تجاه الشعوب، والتي أنتجت على سبيل المثال الولايات المتحدة وكندا واستراليا ونيوزيلندا وجنوب إفريقيا وكل دول أمريكا الجنوبية، وقدمت للرأسمالية الوليدة الذهب والعبيد، ليشكلا معاً العاملين الرئيسيين لتشكلها وتطورها، كنتاج إبادة ما يزيد على 80 مليون ساكن اصلي في الأمريكيتين، حسب أغلب الدراسات العلمية، واستعباد عشرات ملايين الفقراء السود من إفريقيا، لتولد دولهم "الحضارية" الرأسمالية، وهي تقطر دماً حسب التعبير الموفق لكارل ماركس.


لا جديد إذاً. هي تنافق "بالعقوبات" على الكتيبة الصهيونية، وتقدم للكيان 26 مليار دولار دعماً عسكرياً للجيش.


 تدعم الاستيطان الصهيوني ومشروعه في فلسطين ككل، بكل السبل القانونية والسياسية والبشرية والعسكرية، وتعلن "عقوبات" على 3 مستوطنين. ربما لا تسعف اللغة الحصيفة لتصوير هذا الحجم من العدائية والعدوانية والصفاقة الامبريالية المغلفة بخطاب الخداع والنفاق حسب آخر طبعة لليبرالية الجديدة.

دلالات

شارك برأيك

"عقوبات" أمريكية مع 26 مليار دعم.. تبرئة للمجرمين وتمويه الشراكة بالإبادة

المزيد في أقلام وأراء

نعم ( ولكن) !!!!

حديث القدس

أسرار الذكاء الاصطناعي: هل يمكن للآلات التي صنعها الإنسان أن تتجاوز معرفة صانعها؟

صدقي أبو ضهير

من بوابة رفح الى بوابة كولومبيا.. لا هنود حمر ولا زريبة غنم

حمدي فراج

تفاعلات المجتمع الإسرائيلي دون المستوى

حمادة فراعنة

أميركا إذ تقف عارية أمام المرآة

أسامة أبو ارشيد

إنكار النكبة

جيمس زغبي

مأساة غزة تفضح حرية الصحافة

حديث القدس

بمناسبة “عيد الفصح”: نماذج لعطاء قامات مسيحية فلسطينية

أسعد عبد الرحمن

شبح فيتنام يحوم فوق الجامعات الأميركية

دلال البزري

البدريّون في زماننا!

أسامة الأشقر

تحرك الجامعات والأسناد المدني لوقف لعدوان

حمزة البشتاوي

‏ آثار ما بعد صدمة فقدان المكان الاّمن – هدم بيتك أو مصادرته

غسان عبد الله

حوار عربي أوروبي في عمّان

جواد العناني

حرب نفسية عنوانها : تهديد اسرائيلي وضغط أميركي

حديث القدس

الأمم المتحدة والإعتراف بفلسطين دولة

ناجي شراب

خطاب ديني يواري سوأة المغتصِب

سماح خليفة

نتياهو قرر إفشال الهدنة وصفقة التبادل

بهاء رحال

تعرية التحالف الاستعماري

حمادة فراعنة

عزلتهم تزداد وهزيمتهم مؤكدة

وسام رفيدي

عاش الاول من أيار ..عيد العمال الأحرار

حديث القدس

أسعار العملات

السّبت 04 مايو 2024 11:31 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.3

شراء 5.27

يورو / شيكل

بيع 4.07

شراء 3.99

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%75

%20

%5

(مجموع المصوتين 209)

القدس حالة الطقس