أقلام وأراء

الثّلاثاء 26 مارس 2024 9:53 صباحًا - بتوقيت القدس

كيف تخذل أهلَ الخندق خذلاناً عظيماً!

تلخيص

الخذلان العظيم يعني أن تقفوا دون إسناد أهل الثغر في خنادقهم، ولا تأتون البأسَ قليلاً ولا كثيراً، بينما المجاعة تأكلهم، والدماء تحيط بهم في الزمن الحرِج الشديد الذي يحتاجون فيه إلى عونك الفوريّ ونصرتك العاجلة، وتعلم أنّك إن تأخّرتَ عليهم فإن الشدّة ستستأصلهم وتستبيحهم.

فأنت تخذلهم عندما لا تتبنَى روايتهم أمام الملأ، ولا تقبل حجّتهم، وتطعن في اجتهادهم وإعدادهم المأمورين به، وتهزأ من صمودهم، وتحمّلهم تداعيات أدائهم لواجبهم، وتكون جزءاً من الحملة عليهم بحسن نية أو بسوئها، إذ لا يجوز لك بحال فتح هذا السؤال المثبط حتى لو كنتَ مخالفاً لقرارهم أو طريقتهم، ويسعك ذلك بعد انجلاء البلاء.


وأنت تخذلهم إذا عاهدتهم على النصرة والإسناد بالفعل والعمل ثم لم يروا منك إلا أفعال العاجزين وكلام المنظّرين واستعراض العابثين.

وأنت تخذلهم إذا لم تستدرك على مواطن ضعفك وعجزك وتأخُّرك، وتفتح باب نصرة بأي طريقة عاجلة فإن الميدان ليس في ترفِ انتظارِ جاهزيّتكم وإكمال استعداداتكم وتمام تخطيطكم فاخرج بنصف قوّتك المستطاعة أو رُبعها أو عُشرها.

وأنت تخذلهم إذا عرفتَ أن احتياجهم يكون في هذا المجال ثم تذهب إلى مجال آخر ليسوا بحاجة إليه فتفرغ فيه جهدك.

وأنت تخذلهم إذا لجأت إلى المشروعات المستقبليّة التي تحتاج إلى سنوات لتثمر، أو المشروعات الثانوية، بينما يموت الناس بالمئات كل يوم وتتهدّم بيوتهم وتنتهي حياتهم.

وأنت تخذلهم إذا انخرطتَ في أعمال وفعاليّات تعلم مسبقاً أنّها شكليّات وإجراءات استعراضيّة ولا قيمة لها على الأرض ولا تأثير، ولا تغيّر الواقع تحت النار.

وأنت تخذلهم إذا لم تغير قواعد لعبتك الباردة وسياساتك المهادِنة التي ألزمتَ بها نفسك، وترفع سقفك حتى لو دفعتَ ضريبةً عليها، فإنّ رفع السقوف إذا انتشر سيكون عاملَ ضغطٍ كبير على الأنظمة التي تظهر الموادّة وهي معادية في حقيقة سلوكها.
وأنت تخذلهم إذا جعلتَ من قضيّتهم فرصة للتكسّب السياسي والارتزاق الحزبيّ والشخصيّ دون أن يكون له امتداد إلى محل الوجع المنشود.

وأنت تخذلهم إذا سكتّ عن خذلانك، ولم تعترف به، ولم تعط الإشارة لغيرك لفعل ما عجزت عنه، وأنت ملزومٌ ببيان عذرك في الخذلان وتبرئة ساحتك من جريرته، أو الانسحاب من عُهدتك وتركِ الأمر لمن يستطيعه بعدك.

وأنت تخذلهم إذا لم تستنفر مَن معك ليجدوا لهم سبيلاً إلى ملاقاة العدوّ أو الكيد له ومحاصرة أسباب حياته.

وأنت تخذلهم إن استطعتَ النفاذ إلى مكان تُرِي العدوّ منك بأساً ثم قصّرتَ في ذلك.

إنّ كل ساعة تأخير هي نقص كبير من الأنفس والأموال والثمرات، ولم يَعُدْ لكم عذر بعد ستة أشهر من انتظاركم، وكل ساعة يتأخّر فيها الإسناد عن موعده الواجب فإنه يُضاف إلى رصيد خذلانكم الذي يكبر.

إنّك إن خذلتَهم بدوام عاداتك التي لا تفيد فإنّك قد استحققتَ تخلِّي الله عنك لتخلّيك عن إخوانك وعقوقهم (وجزاء سيئة سيئة مثلها).


( إلا تنفِروا يعذبكم عذاباً أليماً ويستبدل قوماً غيركم ولا تضروه شيئاً والله على كل شيء قدير )
فاحذر أن يكتبك الله في سجل الخاذلين كما كتب الذين من قبلك، واعلم أنّ الله وليّ أهل الثغر، وناصرُهم بأيدي الجُدَراء من عباده !

دلالات

شارك برأيك

كيف تخذل أهلَ الخندق خذلاناً عظيماً!

المزيد في أقلام وأراء

نتانياهو وفيتو صفقة التبادل

حديث القدس

هل ما زالت ألمانيا تكره الحروب؟

وليد نصار

مكاسب استراتيجية للفلسطينيين

حمادة فراعنة

دورنا في مواجهة المعادلات الجديدة في ظل عجز أمريكا وأزمة إسرائيل

مروان أميل طوباسي

حماس وطوفان الأقصى.. والإكراهات الجيوسياسية

ماجد إبراهيم

رفح ثغر الشعب و حبل الصرة مع الأمة

حمدي فراج

رفح بين الصفقة والحرب

حديث القدس

رحيل الطبيب والوجيه الفاضل د. جواد رشدي سنقرط

معتصم الاشهب

الاسرى الفلسطينيون في مواجهة “مخططات هندسة القهر” الإسرائيلية

اسعد عبد الرحمن

هل سيجتاح نتنياهو رفح؟

المحامي أحمد العبيدي

الدولة العميقة في أمريكا تقرر مواصلة الحروب

راسم عبيدات

رفح في مرمى العاصفة

حديث القدس

الدعم الأميركي والعقوبات على «نيتساح يهودا»

إميل أمين

مسارات الحرب في مرحلتها الثالثة

معين الطاهر

وحدة الضفتين أنموذج للفكر الوحدوي الهاشمي

كريستين حنا نصر

لماذا يقف الأردن مع فلسطين

حمادة فراعنة

"عقوبات" أمريكية مع 26 مليار دعم.. تبرئة للمجرمين وتمويه الشراكة بالإبادة

وسام رفيدي

"التخطيط للمستقبل مع قائد السعدي : استراتيجيات التغلب على الأزمات المالية للشركات الناشئة"

قائد السعدي

عالم صامت امام عدوان إسرائيل على كل معالم الحياة البشرية ..!!

حديث القدس

كأن هذه الامة استمرأت الهزائم و لم تعد تحب الانتصار

حمدي فراج

أسعار العملات

السّبت 27 أبريل 2024 8:23 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.81

شراء 3.79

يورو / شيكل

بيع 4.07

شراء 4.05

دينار / شيكل

بيع 5.41

شراء 5.39

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%73

%22

%5

(مجموع المصوتين 167)

القدس حالة الطقس