Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الثّلاثاء 26 مارس 2024 9:50 صباحًا - بتوقيت القدس

مشاهدُ العدوان في غزةَ محزنةٌ وصورها مؤلمةٌ

تلخيص

أكاد أجزم أن أغلب أبناء شعوب أمتنا العربية والإسلامية على امتداد العالم كله، والكثير من الفلسطينيين في الوطن واللجوء والشتات، لا يستطيعون مشاهدة مشاهد القتل والدمار، وصور الحرب والعدوان، وفيديوهات النساء الثكلى والأطفال القتلى، ومشاهد إنقاذ الجرحى واستخراج الشهداء من تحت الأنقاض، ولا صور الشهداء وهم مسجون بأكفانهم البيضاء على الأرض بأعدادٍ كبيرة، ولا عمليات دفنهم في قبور جماعية وأخاديد كبيرة، لا يميز فيها بينهم، ولا تعرف أسماء بعضهم، ولا يدركهم ذووهم للسلام عليهم أو إلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليهم، وغيرها من مشاهد استهداف المواطنين بصواريخ الطائرات المسيرة التي تحرقهم ولا تبقي على شيءٍ يميزهم، أو عمليات القنص التي تمزق الأجساد وتفتت الجماجم والعظام.


ولعل أكثر الصور والمشاهد التي تدمي القلوب وتفطرها، وتقطع نياطها وتؤلمها، هي تعليقات الأطفال الفطرية وكلماتهم المعبرة، وأمانيهم الطيبة وأحلامهم البسيطة، وإحساسهم بالخوف الذي يحيط بهم ويلون بالدم حياتهم، واعتقادهم أن ما يعيشونه ليس إلا كابوساً سينتهي، وحلماً لن يتحقق، حيث يظنون أن هذا القصف المهول والدمار المريع ليس حقيقةً، ولا يمكن تخيله حتى في الأحلام، فلا يوجد دمارٌ يشبه الدمار الذي أصابهم، ولا القتل البشع الذي لحق بهم، إنه وهمٌ أو خيالٌ، أو كأنه حلمٌ أو جزءٌ من عرضٍ سينمائي سينتهي، لتعود حياتهم الطبيعية التي كانت، ويعيشوا أحلامهم البسيطة التي تمنوها وسعدوا بها.


ولعل بعض الأطفال لبراءةٍ فيهم وصدمة هزتهم يظنون أن أمهم المسجاة ستنهض، وأن أباهم الغائب سيرجع، وأن بيتهم المدمر سيعود كما كان، عامراً بأهله، زاخراً بمقتنياته، وفيه عرائسهم وألعابهم، ودفاترهم وأقلامهم، ورسومهم وألوانهم، وصورهم وثيابهم وبقايا ذكرياتهم، فهم يحبون الحياة كغيرهم من أطفال العالم، ويحلمون بغدٍ آمنٍ ومستقبلٍ واعدٍ، ويفكرون ماذا سيعملون وأين سيذهبون ومن سيصطحبون.
ولعل من يسمع حديثهم ويشاهد صورهم، يظنهم لوعيهم أنهم كبارٌ في سنهم، وخبراء في حياتهم، وحكماء بين شعبهم، فهم يعبرون بوضوحٍ وجلاء، ويتحدثون بطلاقةٍ وجرأةٍ، رغم أن أسمالهم بالية وأجسادهم نحيلة، ووجوههم كالحة قد أعياها الجوع وأضناها العطش، وأوهن قواها الخوف والمرض، إلا أن كلماتهم حادةٌ كسكين وقاطعة كسيف، يتضائل السامعون أمامها، ويخجلون من أصحابها، ويخفون وجوههم بأيديهم خجلاً منهم وتقديراً لهم.
أمام هذه المشاهد المؤلمة والصور الحزينة، والدمار المريع والقصف المخيف، لا يستطيع كثيرٌ من أبناء الأمة العربية والإسلامية مشاهدتها، ويذرفون الدموع بسببها، ويصرفون النظر عنها لعدم قدرتهم على احتمالها، أو التعايش معها والتعود عليها، فهي غاية في القسوة والشدة، وتكرارها كل حينٍ يجعل الحياة مريرةً والأيام مضنيةً، إذ تغتال بوحشيتها الفرحة من القلوب، وتخنق البسمة من على الوجوه، وتغرس في النفوس الأسى والوجوم، التي تضيق وتتحشرج، وتفقد السيطرة على نفسها وتتعصب، ولعل بعضهم يصاب بالإغماء أو الغثيان، وبالاكتئاب والإحباط، وبالحزن والغضب، لعجزهم عن مساعدة أهلهم في غزة وفلسطين، أو وقف الحرب المجنونة ضدهم، أو تحريك حكوماتهم وحث قادتهم على ضرورة التحرك لوقف المذابح ومنع المجازر في حقهم.
ليس إنساناً ولا ينتمي إلى جنس البشر، من يقبل بهذه المشاهد ويعتاد عليها، أو يسكت على الجرائم ولا يثور ضدها، أو يطيب له الطعام وهو يراها، ويستسيغ الحياة وهو يشاهدها، فمن الطبيعي أن يرفضها البشر ولا يقبل بها الإنسان، وأمتنا العربية والإسلامية أمةٌ حيةٌ وإن كانت عاجزة ومسلوبة الإرادة، وهي صادقةٌ في مشاعرها وإن كانت مقيدة ومشلولة بسبب حكوماتها وأنظمة بلادها.
لكن الذي يقوم بهذه الجرائم الفاحشة ويرتكبها، وينفذها بحق شعبنا ويكررها، إنما هو عدوٌ لا يعترف بالإنسانية وإن ادعى أنه ينتمي إليها، ولا يوصف بالحضارة وإن ظن أنه ينتسب إليها، وليعلم وحلفاؤه أنه بممارساته هذه إنما يزرع حقداً ويؤسس كراهيةً، ويفرض على الأجيال القادمة الإصرار على حربه، والعمل على إقصائه والخلاص منه، فلا خير للبشرية ما بقي، ولا سلام للعالم ما استمر وجوده، ولا أمن للمنطقة وهو فيها، إذ أنه زرعٌ غريبٌ ونبتٌ دخيلٌ لا مكان له بيننا، وسرطانٌ يقتل ووباءٌ يفتك لا يعيش معنا، والخير كل الخير في فنائه وزواله، وفي نهايته وغيابه.

دلالات

شارك برأيك

مشاهدُ العدوان في غزةَ محزنةٌ وصورها مؤلمةٌ

المزيد في أقلام وأراء

سيادة العراق ولبنان في خندق واحد

كريستين حنا نصر

إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين

حديث القدس

توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين

سري القدوة

حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال

د. دلال صائب عريقات

سموتريتش

بهاء رحال

مبادرة حمساوية

حمادة فراعنة

Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة

بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً

بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة

أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي

بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ويسألونك...؟

ابراهيم ملحم

الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية

منير الغول

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%53

%47

(مجموع المصوتين 93)