Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الأحد 24 مارس 2024 10:22 صباحًا - بتوقيت القدس

غزة باقية والاحتلال إلى زوال

تلخيص

كانت منذ الأزل مدينة عصرية، ذات مهابة وحضور أخاذ، تحط على شاطئ البحر المتوسط بكامل جمالها وبهائها، وأرست حضارتها بعمق التجربة والتكوين منذ قديم الزمان، وبدت عبر كل العصور كما هي الآن عصية، قصيّة، متمردة، ففي مزاجها تكوين سحر خاص يجمع بين الحرية والغموض، وفي داخلها فضول التجربة والغوص بلا تردد نحو العمق، متكبرة كما لو أنها وحدها تمتلك سحر المتوسط، تبحر بلا خوف ولا رجفة، وتغوص نحو القاع لا لتبحث في بقايا الأولين، بل لتجدد زمان المعجزة. وهذه معادلة لا يفهمها الأعداء، حديثي العهد، ومضطربي الولادة مهما بلغت دموية حربهم وحقدهم، ومهما تعددت فصول جرائمهم، في هباء البحث عن هوية التكوين المفقودة من نصيب أسفارهم، فعادة المدن الكبرى أنها لا تلغي نفسها أمام مشهد، وإن وقفت محتارة لبعض الوقت، تتأمل ما حولها، فهي تقبض على نصيبها من الحرية لأنها جربت الاستغناء. هكذا تقوم ثانية على ساق متعبة، وتجبر الأخرى مرة تلو المرة لتقف من جديد، وهي ترمم ما حطمه الأوغاد في ثنايا الوقت الناقص، وتطمئن إذ ترى موج البحر يضحك لها من بعيد، وتبتسم لسماء ترقص غيمة غيمة، وتغضب كلما ذاقت مرّ الخذلان.


غزة التي تجيد رسم ذاتها بأبدع الصفات، تجيد أيضًا وسم أيام الآخرين بما يليق بهم، لكنها تفضل الصمت لأنها تهوى لنفسها هذا العلو السماوي على هبوط البقية، فلا تراها تلتحق بأحد، بل تستقل بذاتها، لتصل ماضيها بغدها مهما كان حاضرها صعبًا، ومهما اشتد عليها الألم.


غزة التي تعيش حرب الإبادة التي تريد قتلها، بل طمسها عن خريطة العالم بقوة البارود وحمم النار التي أسقطها الأعداء عليها كما لو أنها قطعة من جهنم، وأرضًا محروقة فاقدة لكل الأشياء. ستقوم ثانية من تحت هذا الدمار وهذا الخراب الذي حل بها، وستنهض كالعنقاء رغم بشاعة ودموية حرب الإبادة الجماعية التي تتعرض لها، في حرب لا مثيل لها، تعدت كل أخلاقيات الحروب وكل ضوابط القتال، وكل الشرائع والعقائد والقوانين، فهدمت المساجد والكنائس، ودمرت المكتبات العامة والخاصة، وأحرقت مراكز الآثار والتراث، وهدمت البيوت على ساكنيها، وحتى مراكز وكالة الأونروا لم تسلم وموظفيها، والمستشفيات والمراكز الصحية والجامعات والمدارس والمعاهد والبنى التحتية، وشبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي، وتفاخر الجنود بما أحدثوه من خراب عبر تسجيلات بالصوت والصورة، في مشاهد كشفت اللثام عن مدى العنصرية التي تسكنهم.


إنها غزة الجميلة والجريئة، القادرة على النهوض والبقاء، الرافضة للانحناء، المتمردة من دون تردد، المتوددة بقلب جسور لصغارها وأطفالها وناسها، المستعدة لغدها القادم، الناسكة، المبتهجة لشغف العيش، الصابرة في وجه ظلم الأعداء، العصية على الكسر، التواقة للحياة.


وهذه غزة التي لها سحر خاص، ولها فلسفتها في الحياة، وتجليات حضورها الكامل على شاطئ المتوسط.

دلالات

شارك برأيك

غزة باقية والاحتلال إلى زوال

المزيد في أقلام وأراء

سيادة العراق ولبنان في خندق واحد

كريستين حنا نصر

إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين

حديث القدس

توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين

سري القدوة

حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال

د. دلال صائب عريقات

سموتريتش

بهاء رحال

مبادرة حمساوية

حمادة فراعنة

Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة

بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً

بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة

أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي

بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ويسألونك...؟

ابراهيم ملحم

الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية

منير الغول

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%53

%47

(مجموع المصوتين 93)