أقلام وأراء
الثّلاثاء 19 مارس 2024 11:15 صباحًا - بتوقيت القدس
هل تتراجع حرية الإعلام في معاقلها الأساسية؟
تلخيص
في أحد البلدان، تريد شركة أجنبية أن تستحوذ على صحيفة رئيسة، لكن مخاوف كبيرة وانتقادات نشأت، واستهدفت ذلك التوجه بشدة، بداعي وجود «مخاطر على حرية الصحافة»، ولقد أُجْرِي تحقيق في هذا الشأن، وسُلمت نتائجه لوزيرة الإعلام، وهي بصدد اتخاذ قرار قد يمنع تنفيذ الصفقة.
وفي بلد آخر، يجتهد المشرّعون من الحزبين الرئيسين لتمرير تعديلات قانونية تستهدف وضع قيود على الشركات المملوكة لجهات أجنبية عند العمل في قطاع التكنولوجيا والإعلام، والهدف هو منع تطبيق «تواصل اجتماعي» رائج من العمل محلياً، بداعي أن له صلات بحكومة أجنبية، وأنه يجمع معلومات عن المستخدمين قد تهدد «الأمن القومي» للبلاد.
البلد الأول هو بريطانيا، والبلد الثاني هو الولايات المتحدة الأميركية، وفي الحالتين ستثور أسئلة شائكة وحادة عن حرية الرأي والتعبير، وانفتاح وسائل الإعلام، وحرية المنافسة، والمجتمع الحر المتعدد، الذي هو ضمانة للتنوع والديمقراطية، وفق الأدبيات الغربية.
الخبران راجا في الأسبوع الماضي؛ وفي الخبر الأول عرفنا أن بريطانيا بها وزيرة إعلام، ويمكن لهذه الوزيرة منع صفقة الاستحواذ على صحيفة، وهو قرار سيحظى بعديد المناصرين بين الساسة والنُّخب والجمهور في حال اتخاذه.
حدث ذلك، حين أعلنت مجموعة إماراتية عزمها شراء صحيفة الـ«ديلي تلغراف» البريطانية الشهيرة، وشقيقتها مجلة الـ«سبكتاتور»، وهما منصتان محسوبتان على التيار المُحافظ في البلاد.
لكن الدولة البريطانية، بمؤسساتها المعنية، قرّرت أن تدرس الصفقة وأبعادها أولاً، وعند متابعة المساجلات التي تجري على هامش أنباء تلك الصفقة سيتضح أن مخاوف عميقة تتصاعد ضد عملية البيع، وفي بعض هذه المساجلات استُخدمت ذرائع من تلك التي تستخدمها بلدان العالم الثالث حين تدافع عن قراراتها وسياساتها الرامية إلى «تحصين» بيئتها الإعلامية من «الاختراقات».
الشيء نفسه حدث في الولايات المتحدة، التي يدرس برلمانها حالياً تعديلات قانونية، شارك في تقديمها مشرعون من الحزبين الرئيسين في البلاد (الجمهوري والديمقراطي)، بهدف وضع مزيد من الضغوط والقيود على تطبيق «تيك توك» الصيني الرائج، والذي ينافس منتجات «ميتا» وغيرها من الشركات الأميركية المشابهة بشراسة، ويتقدم في بعض مراحل المنافسة، فتزداد حصته، ومعها تأثيره، باطراد.
يقول الرئيس «الديمقراطي» جو بايدن، إنه سيوافق على هذه التعديلات إذا وصلت إلى مكتبه، بعد إقرارها في «الكونغرس»، أما الرئيس السابق دونالد ترمب، والمنافس المُحتمل في الانتخابات الرئاسية المقبلة، فإنه يعارض هذه الخطة، وهو أمر فسّره البعض بأنه مجرد «مماحكة انتخابية»، بالنظر إلى أن هذا الأخير نفسه كان يسعى إلى حظر التطبيق خلال فترة رئاسته من دون أن ينجح في ذلك. يقول المشرعون الأميركيون الذين تبنوا هذه التعديلات إن «تيك توك» له روابط بالحكومة الصينية، وإنه يجمع معلومات بشراهة ونهم شديدين، وإن وجود تلك المعلومات لديه، واحتمالات تسليمها للحكومة الصينية يهددان «الأمن القومي» للبلاد. ويستشهدون، في ذلك الصدد، بما سبق أن فعلته حكومات ومؤسسات بريطانية وأوروبية - منها البرلمان الأوروبي - حين اتخذت قرارات، في العام الماضي، بوضع قيود على استخدام «تيك توك»، كمنع الموظفين من استخدام هواتفهم المزودة بالتطبيق في أماكن العمل.
من خلال هذين الخبرين أصبحنا نعرف معلومات جديدة بخصوص حالة حرية الرأي والتعبير والمنافسة والتعددية في بلدين يمثلان معقلين أساسيين للديمقراطية والليبرالية الغربية، ولكل منهما باع كبير وتاريخ زاهر في مضمار حرية الصحافة وديمقراطية الاتصال، كما أن أحدهما يمثل الحاضن الرئيس لمعظم شركات التكنولوجيا و«التواصل الاجتماعي» المُهيمنة على ساحة الاتصال والإعلام في العالم.
وفي حال رفضت وزيرة الإعلام البريطانية صفقة استحواذ الإمارات على الـ«ديلي تلغراف»، ونجح المشرعون الأميركيون في إقرار التعديلات التي من شأنها أن تجبر شركة «بايت دانس» المالكة لـ«تيك توك» على بيع التطبيق في غضون 6 أشهر، سيكون لدينا دليل جديد على الازدواجية الغربية في مجال حرية الإعلام.
لقد تزعزعت الثقة في الميراث المتراكم من الأدبيات والممارسات الأميركية والبريطانية، والأوروبية أيضاً، في مجال حرية الرأي والتعبير والمنافسة في المجال الإعلامي، منذ الوقائع المُحزنة التي واكبت المقاربة الإعلامية للحربين في أوكرانيا وغزة، والآن يأتي هذان الخبران ليؤكدا أن خللاً كبيراً يعتري الديمقراطية الغربية في هذا الصدد. ويبدو أن كثيراً مما قيل عن نسق الحريات الغربي وصلابته واتساقه يحتاج إلى مراجعة، وهو أمر سيُصعب قدرة الديمقراطيات الغربية العريقة على الإقناع عندما ستضغط لاحقاً على بلدان في الشرق، أو العالم الثالث، من أجل مفاهيم حقوقية تتصل بالحريات الإعلامية.
(عن الشرق الاوسط)
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
سيادة العراق ولبنان في خندق واحد
كريستين حنا نصر
إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين
حديث القدس
توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين
سري القدوة
حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال
د. دلال صائب عريقات
سموتريتش
بهاء رحال
مبادرة حمساوية
حمادة فراعنة
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الأكثر تعليقاً
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
"الجنائية" تتحرك أخيراً ضد الجُناة.. قِيَم العدالة في "ميزان العدالة"
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
زعيمة حركة استيطانية تدخل غزة بدون علم الجيش لإعادة الاستيطان
السيسي: السلام العادل والمستدام هو خيار استراتيجي لمصر
الأكثر قراءة
نتنياهو و"الليكود" يتربصان بغالانت لفصله من الحزب وإجباره على التقاعد
لائحة اتهام إسرائيلية ضد 3 فلسطينيين بزعم التخطيط لاغتيال بن غفير ونجله
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 93)
شارك برأيك
هل تتراجع حرية الإعلام في معاقلها الأساسية؟