أقلام وأراء

السّبت 24 فبراير 2024 11:34 صباحًا - بتوقيت القدس

كيربي كتلة من الكرب والصّلف؟!

" عدد الضحايا المدنيين صفر" تصريح لمستشار الامن القومي الأمريكي كيربي جاء مستفزّا للصخر ولكل من كان له ذرّة من ضمير. هكذا بكلّ صلف وصفاقة يقول أن عدد ضحايا المدنيين في غزّة صفر. هذا بالطبع بعد ان اقترب عددهم من الثلاثين ألفا، معظمهم من النساء والأطفال، وقد استخدمت الأسلحة الامريكية في الحرب بكلّ ضراوة، وكان أغلبها بتدمير العمارات السكنية فوق رؤوس ساكنيها باستخدام قنابل وصواريخ أمريكية ثقيلة، فكيف لهذه التي اعترفوا بأنها غير ذكيّة أن لا تقتل مدنيين، والحرب تدور رحاها في أماكن مكتظّة سكنيّا. لو اعترف بقتل مدنيين لثبت بانهم مشاركون في هذا القتل لذلك فإن الكذب هو أحسن وسيلة لإنقاذ رقبتهم من حبل المشنقة.
ومن الصفاقة بمكان أن يذهب إلى هذه الدرجة من الانكار. كان بإمكانه وحتى يصدقه الناس مثلا أن يقلّل من الاعداد أو أن يشكّك بصحّتها ويذهب بأنها تحتاج إلى تحقيق، أمّا أن يُنصّب نفسه لجنة تحقيق ويعتبر نفسه أنه قد قام بالتحقيق ووصل إلى هذه النتيجة، أو أنه قد اعتمد مصدرا موثوقا لهذه المعلومة مثلا. أمّا أن يرمي بإفكه وافترائه بهذه الجرأة على دماء الناس فهو أشد فتكا من الذي قتلهم، ذاك قتل، وجاء هذا ليخفي الدم والالم، ولا نتحدّث هنا عن دماء بسيطة وإنما هو نهر من الدماء لشعب ظلم كثيرا وحمل جبالا من الالام بعد أن أوقعوا عليه نكبتهم وسارت بهم منذ خمس وسبعين سنة من شتات إلى شتات ومن مذبحة إلى مجزرة.
ولنا أن نسأل أنفسنا كيف يفكّر هذا المخلوق؟ ما هي الثقافة التي بنت هذا الانسان؟ عندئذ ندرك أنه بالفعل لم ير الانسان المذبوح لأنه لا يعتبره إنسانا بأيّ شكل من الاشكال، فهو سلالة أمّة قامت على أنقاض أمّة سبقتها وكانت تشكّل السكان الأصليين لبلده، جاء الرجل الأبيض الذي يشبه سحنة هذا المستشار فأباد 100 مليون من الهنود الحمر، وبنى بنيانه على جماجم وعظام ذاك الشعب المسحوق. جاء رجل الكابوي الذي أظهرته هوليود بالبطل الخارق الذي لا يكتفي بمسدس واحد بل يحمل اثنين ويتفنّن في قتل أولئك "المتخلفين". الذي تفضّل على البشرية بقتلهم وإبادتهم، هذا الكيربي الان هو ذات رجل الكابوي، جاء اليوم ليتفنّن في تجلياته وفبركاته الدعائية ليتفانى فيها في خدمة الجلاد المحتل وتبرئته من كل جرائمه. ويستخفّ بعقول البشر وهو غير بعيد عن الحروب التي أشعلوها في العالم منذ فيتنام وأمريكا الجنوبيّة وأفغانستان والعراق والصومال... الخ.
هذا البوق الجميل، في داخله قلب ذئب مفترس ويجيد وجهه الظهور والتشكّل بوجه حمل وديع، يحمل لسانا ذلقا يدور بالأشياء ويسوقها إلى حيث يريد المستعمر، يتفلسف ويشقلب الكلمات ويرسيها في غير أماكنها الصحيحة، يخرج منها سمّا قاتلا، وينثرها ذات اليمين وذات الشمال، فروة رأسه سميكة جدا، لا يسمع ولا يرى ولا يعقل إلا بما يمليه عليه أسياده بنو صهيون، قائم على خدمتهم ومستعد للعق أحذيتهم إذ يرى الحق أبلجا، فيلقي عليه شباكه السوداء ويعيد القول أسودا لا بياض فيه، يكفي لكلمة الحق أن تمرّ في قلبه فتصبح رمادا أسودا جاهزة لذرّها في وجوه المنافقين.
سيّدي الأبله بحركاتك الساذجة، حريّ بك أن تجد لنفسك مكانا في صناعة السينما الامريكية، في هوليود سيجدون فيك دمية قادرة على التشكّل حيث أرادوا، هناك أفلام تنتج خصّيصا للترويج لثقافة المستكبرين، ستجد لك فيها مكانا مرموقا وستشتهر أكثر في هذا الميدان الذي ظلمك من وضعك فيه كثيرا، في التمثيل تستطيع أن تقتل أكثر، أن تكذب أكثر، أن تصنع إثارة بطريقة أفضل وتقوم بدورك خير قيام.
نقول له لن تخدع بكلامك الأسود أحدا إلا من هم على شاكلتك، ستبقى أنت ومن تمثّل ومعكم الدول المستكبّرة في مواجهة العالم كلّه، لقد سقطت منظومة القيم التي صدّعتم فيها رأس البشرية، سقطت سقوطا مدوّيا ولم يعد هناك من يأبه بها أو يقيم لها وزنا، ومن هنا في غزّة حيث وقع ظلمكم ستنطلق قيامة منظومة قيم إنسانية لا تشبهكم ولا تشبهوها أبدا بل هي على النقيض التام معكم، اعلموا أن فلسطين هي ملتقى الحضارات ولن تذوب في سياساتكم الضالة أبدا وستبقى شوكة في حلقكم وحلق من طاف في فلككم.

دلالات

شارك برأيك

كيربي كتلة من الكرب والصّلف؟!

المزيد في أقلام وأراء

نتانياهو يجهض الصفقة

حديث القدس

هل الحراك في الجامعات الأمريكية معاد للسامية؟

رمزي عودة

حجر الرحى في قبضة المقاومة الفلسطينية

عصري فياض

طوفان الجامعات الأمريكية وتشظي دور الجامعات العربية

فتحي أحمد

السردية الاسرائيلية ومظلوميتها المصطنعة

محمد رفيق ابو عليا

التضليل والمرونة في عمليات المواجهة

حمادة فراعنة

المسيحيون باقون رغم التحديات .. وكل عام والجميع بخير

ابراهيم دعيبس

الشيخ الشهيد يوسف سلامة إمام أولى القبلتين وثالث الحرمين

أحمد يوسف

نعم ( ولكن) !!!!

حديث القدس

أسرار الذكاء الاصطناعي: هل يمكن للآلات التي صنعها الإنسان أن تتجاوز معرفة صانعها؟

صدقي أبو ضهير

من بوابة رفح الى بوابة كولومبيا.. لا هنود حمر ولا زريبة غنم

حمدي فراج

تفاعلات المجتمع الإسرائيلي دون المستوى

حمادة فراعنة

أميركا إذ تقف عارية أمام المرآة

أسامة أبو ارشيد

إنكار النكبة

جيمس زغبي

مأساة غزة تفضح حرية الصحافة

حديث القدس

بمناسبة “عيد الفصح”: نماذج لعطاء قامات مسيحية فلسطينية

أسعد عبد الرحمن

شبح فيتنام يحوم فوق الجامعات الأميركية

دلال البزري

البدريّون في زماننا!

أسامة الأشقر

تحرك الجامعات والأسناد المدني لوقف لعدوان

حمزة البشتاوي

‏ آثار ما بعد صدمة فقدان المكان الاّمن – هدم بيتك أو مصادرته

غسان عبد الله

أسعار العملات

السّبت 04 مايو 2024 11:31 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.3

شراء 5.27

يورو / شيكل

بيع 4.07

شراء 3.99

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%75

%20

%5

(مجموع المصوتين 210)

القدس حالة الطقس