أقلام وأراء
السّبت 17 سبتمبر 2022 10:59 صباحًا - بتوقيت القدس
مرّة أخرى، هل إسرائيل "جيش له دولة"؟
بقلم: انطوان شلحت
من الأمور التي رشحت عن العدوان الإسرائيلي أخيرا ضد غزة، أنه جرى من دون اتخاذ قرار في الهيئة الرسمية المُخوّلة بذلك، وهي الحكومة، والتي يمكن أن تكون مقتصرةً على ما يسمّى "المجلس الوزاري المصغّر للشؤون السياسية - الأمنية"، ووقف وراء القيام بالقرار رئيس الحكومة، ووزير الدفاع، وطبعًا قيادة الجيش.
وفي التقارير المنشورة في هذا الشأن أشير إلى أن البند رقم 40 من "قانون أساس الحكومة" يتيح لرئيسها إمكان القيام بعملية عسكرية من دون اتخاذ قرارٍ في المجلس الوزاري المذكور، فقط في حال تأكّده من أن تلك العملية لن تؤدّي إلى اندلاع حرب. وفي تفسير حيثيات هذا الأمر، ذُكر أن المؤسّسة الأمنية هي من يحسم على نحوٍ باتٍ في مسألة تأدية تلك العملية إلى حربٍ أو لا، بناءً على "خبرتها المهنية" والمعلومات الاستخباراتية التي بحيازتها.
وسرعان ما أعادت هذه المسألة طرح موضوع جوهر العلاقة بين المؤسستين، السياسية والعسكرية، في إسرائيل على مرّ الأعوام، منذ حمّل رئيس الحكومة الإسرائيلية الأول، ديفيد بن غوريون، المؤسّسة العسكرية مسؤولية رسمية واسعة النطاق، تتجاوز حدود المهنية العسكرية المتعارف عليها في "الدول الديمقراطية"، كما كُلّف الجيش بمهمات غير عسكرية مثل الاستيطان والتربية واستيعاب الهجرة اليهودية، بل واعتبر "بوتقة الصهر" لإيجاد "الإسرائيلي الجديد"، ما أسفر عن ولادة مصطلح "جيش له دولة".
وما زال الجيش يتولّى تنفيذ جزء من تلك المهمات، بينما وضعته مزاياه التنظيمية في منزلةٍ قريبةٍ من المؤسسة السياسية، وفي ظل غياب منافسين حقيقيين أصبحت المؤسّسة العسكرية الجسم القيادي الأكثر تأثيرًا على المؤسّسة السياسية التي طوّرت، إلى حد كبير، نوعًا من التبعية للمؤسسة الأولى.
أما نظرية بن غوريون الأمنية فاستندت إلى فرضية أن إسرائيل تخوض صراعًا مستمرًا وطويلًا لم تؤدِّ حرب 1948 إلى حلّه أو تسويته. وأحد مشتقّات هذا الصراع "نشوء خطر وجودي دائم، نظرًا إلى أن هدف الدول العربية هو تدمير دولة إسرائيل". ومن الأسماء التي أطلقت على إسرائيل أيضًا من مسؤولين، "دولة حامية" و"دولة قلعة". ووفقًا لهذا، غدا لمسألة الأمن دور مركزي في صيرورة الدولة، وأصبح خبراء الشؤون الأمنية متنفذين فيها.
وإحدى المرّات التي استخدم فيها مصطلح "جيش له دولة" لتوصيف صيرورة إسرائيل، تزامنت مع صدور تقريرٍ لمراقب الدولة قبل عدة أعوام، ورد فيه أن 80% من أراضي الدولة (باستثناء الأراضي الموجودة في الضفة الغربية) موجودة بيدي المؤسسة الأمنية بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وتستعمل هذه المؤسسة نصف هذه الأراضي لأغراضها الخاصة، بينما تفرض قيودًا شديدة على استعمال النصف الباقي، في وقتٍ تحتاج فيه الدولة إلى الأرض. وأبدى استغرابه من محاولات المؤسسة الأمنية فرض سيطرتها على مزيد من أراضي الدولة.
وقبل هذا التقرير، عرض كتاب بعنوان "بلد باللون الكاكي.. الأرض والأمن في إسرائيل" للباحثين عميرام أورن ورافي ريغف، بشكلٍ مفصّل، خريطة الامتداد أو الانتشار الأمني الإسرائيلي جغرافيًا، وبيّن أنه بالرغم من شحّ الأرض في إسرائيل، فإن ما يقارب نصف مساحة الدولة يتبع للمؤسسة الأمنية أو واقع تحت تأثيرها. وتمتد هذه المساحات في كل أنحاء البلد، الوسط والأطراف، المدن الكبرى والصغرى، الجبال وشواطئ البحر، وكذلك في المناطق المأهولة والمفتوحة. وفي هذه المساحات كلها، ثمّة بنى تحتية ومناطق أمنية.
والحديث هو عن ظاهرة جغرافية ليس لها مثيل في حجمها مقارنة بالدول الأخرى. وأعرب المؤلفان عن دهشتهما من اكتشاف أن دولة إسرائيل المدنية من حيث المساحة أصغر كثيرًا مما كانا يعتقدان في السابق، وشدّدا على أن الجيش هو بمثابة دولة ظلّ، بدلًا من أن يكون تابعًا لدولة ذات سيادة.
الحديث هنا منحصر في تأثير المؤسسة العسكرية على المؤسسة السياسية، ولا بُدّ من القول إن ما لا يقلّ أهمية هو سيطرة الفكر العسكري/ الأمني على السياسيين الإسرائيليين، تقريبًا من دون استثناء. عن "عرب ٤٨"
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
الأردن: قصف إسرائيل حيًّا ببيت لاهيا ومنزلا بالشيخ رضوان "جريمة حرب"
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
مستعمرون بينهم بن غفير يقتحمون الحرم الإبراهيمي
الأكثر قراءة
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%54
%46
(مجموع المصوتين 82)
شارك برأيك
مرّة أخرى، هل إسرائيل "جيش له دولة"؟