أقلام وأراء
الخميس 14 يوليو 2022 9:47 صباحًا - بتوقيت القدس
زيارة بايدن... الكتاب يقرأ من عنوانه
بقلم: د. مصطفى البرغوثييتساءل كثيرون عما سيقوم به الرئيس الأمريكي، جو بايدن، تجاه الموضوع الفلسطيني، في أثناء زيارته الحالية للمنطقة. وما زال مسؤولون يراهنون على إمكانية أن يدفع بايدن بعملية سياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وكما يُقرأ الكتاب من عنوانه، فإن نتائج التحقيق الأمريكي حول اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة، والتي أعلنتها الخارجية الأمريكية، قطعت الشك باليقين بأن انحياز الإدارة الأميركية لإسرائيل مطلق، فالتقرير الأميركي جزم، على عكس رأي الخبراء الفلسطينيين، بأن الرصاصة القاتلة مشوهة إلى درجة تمنع مطابقتها بالسلاح المستخدم، وكان هذا رأياً إسرائيلياً قبل أن يكون أميركياً.
وعلى الرغم من إقراره بأن مصدر الرصاصة كان على الأغلب (ولم يقل بالقطع) من الجانب الإسرائيلي، فإن التقرير الأميركي إدّعى القدرة على الجزم بأن قتل شيرين أبو عاقلة لم يكن مقصوداً، وبذلك خالف التقرير الرسمي الأمريكي سبعة تقارير، معظمها محايد بالكامل وبعضها أميركي، بما في ذلك تقارير السي ان ان (CNN) وأسوشيتد برس، ونيويورك تايمز، وواشنطن بوست، ولجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، والتقرير الفلسطيني، وكذلك تقرير قناة الجزيرة نفسها.
وفي النهاية اتضح أن الضغط الأمريكي على السلطة الفلسطينية لتسليم رصاصة الإغتيال، كان غرضه أولاً تبرئة إسرائيل وجيشها من جريمة القتل والاغتيال العمد لصحافية تحمل الجنسيتين الفلسطينية والأميركية، وثانياً إزالة موضوع شيرين أبو عاقلة المحرج من المؤتمرات الصحفية واللقاءات التي ينوي بايدن عقدها أو المشاركة فيها. وأملي كبير ألا يسمح الصحفيون المهنيون لبايدن ومرافقيه بالتهرب من هذا الموضوع الخطير، كما تهربت إدارات أمريكية سابقة من محاسبة قتلة الأميركية راشيل كوري .
إدعاء التحقيق الأمريكي بأن القتل، إن حدث من الجانب الإسرائيلي، كان غير مقصود يناقض كل الوقائع المادية، والتحقيقات الميدانية.
إذ كيف يمكن الإدعاء بأن القناص، أو القناصة، الإسرائيلي الذين قتل شيرين أبو عاقلة، فعل ذلك خطأ، مع العلم أن القاتل أطلق عشر رصاصات على الأقل على النقطة نفسها والمكان الذي تجمع فيه صحفيون، بمن فيهم شيرين، وهم يرتدون زي الصحافة الواضح كالشمس، وأولى الرصاصات أصابت الصحفي علي السمودي الذي كان يقف أمام شيرين ، والثانية اخترقت جمجمة شيرين بعد أن دخلت من أسفل الخوذة التي ترتديها، وهذه إصابة دقيقة لا يمكن أن تتم إلا على يد قناص محترف، يعرف ماذا يفعل، وأي هدف يوجه رصاصاته له. بل إن باقي الرصاصات من نفس المصدر أطلقت على نفس المكان بدقة في محاولة لإصابة صحافيين حاولوا إسعاف شيرين أبو عاقلة، و أصابت هذه الرصاصات الشجرة المجاورة لرأس شيرين بعد سقوطها على الأرض ، عدة مرات.
والشاهد أن كل عملية التحقيق الأمريكية أرادت إعفاء الإدارة الأمريكية من مطالبات ربع أعضاء مجلس الشيوخ و54 عضواً من الكونجرس الأميركي، بالتحقيق الجدي في عملية الإغتيال، وتبرئة الجانب الإسرائيلي من جريمة القتل، والاكتفاء بنصف أسف من رئيس الوزراء الإسرائيلي.
ويمثل ذلك كله مؤشراً لما هو متوقع من زيارة الرئيس بايدن تجاه القضية الفلسطينية، فاستراتيجية إدارته المعلنة تقول صراحة أن موضوع تحريك العملية السياسية الإسرائيلية الفلسطينية ليس على جدول أعمالها. وهذه الإدارة مثل إدارة ترامب وقبله أوباما، ترفض ممارسة أي ضغط على إسرائيل لوقف التوسع الاستيطاني الجنوني الذي يدمر حرفياً، وفي كل يوم، أي فرصة لما سمي "حل الدولتين". وإذا كانت هذه الإدارة عاجزة عن إجبار إسرائيل على الاعتراف بجريمة قتل واحدة، فهل تجبرها على وقف اعتداءات جيشها، ومستوطنيها اليومية على الفلسطينيين والتي أودت بحياة 70 شهيداً وشهيدة منذ بداية هذا العام؟!
ولا يحتاج الأمر لإثبات، فبايدن نفسه صرح، وبلسانه، أن هدف زيارته الرئيس دعم إسرائيل، والدفع بعملية التطبيع التي بدأها ترامب، في إطار تطبيق "صفقة القرن" بين الدول العربية وإسرائيل على حساب القضية الفلسطينية وضمن محاولات إنشاء تحالف استخباراتي عسكري بين إسرائيل ودول عربية، وجر هذه البلدان إلى صدام مباشر وخطير مع إيران، بالإضافة إلى نقل جزء من الدور الأميركي الأمني في المنطقة لإسرائيل، ومحاولة إقناع دول الخليج بزيادة إنتاجها النفطي، لتخفيف أثر الحرب في أوكرانيا على الإقتصاد الأمريكي.
وحتى المطالب الفرعية، بالمقارنة مع مطلب إنهاء الاحتلال والإستيطان، مثل فتح القنصلية الأمريكية في القدس، أو فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن، أو إزالة منظمة التحرير الفلسطينية من قائمة الإرهاب الأمريكية، لن تحدث.
وخلاصة ما سيجري حذف حقوق الشعب الفلسطيني، ومظالمه، من جدول الزيارة، وتسكين الموضوع الفلسطيني بمجرد لقاء بين الرئيسين الأمريكي والفلسطيني، كي يتفرغ بايدن لمهمته الرئيسية في دعم إسرائيل، والتطبيع معها، والدفع بتكوين حلف عسكري جديد في المنطقة بينها وبين أنظمة عربية لم تعد ترى في الموضوع الفلسطيني، سوى مصدر إزعاج تسعى لتجنبه.
ارتكبت السلطة الفلسطينية خطأً فادحاً بتسليم رصاصة إغتيال شيرين أبو عاقلة لثلاثة أسباب: الانحياز الأميركي الذي ثبت باعتراف السلطة الفلسطينية نفسها، وإجراء الفحوصات في السفارة الأمريكية التي يرفض كل الفلسطينيين وجودها في القدس، والسماح الأميركي للإسرائيليين بأن يكونوا طرفاً في التحقيق، وكأن من الجائز السماح للمجرم بالتحقيق مع نفسه، وذلك مقابل أمل لن يتحقق، بتدخل سياسي أميركي لإنقاذ عملية أوسلو الغارقة في مستنقع الاستيطان والتطرف العنصري الإسرائيلي.
وبإمكان السلطة الفلسطينية لو أرادت، بدل التعلق بالأوهام، أن تباشر خطوات ملموسة تصوب الخلل القائم في ميزان القوى لمصلحة إسرائيل.
وأول هذه الخطوات، التوجه نحو مصالحة فلسطينية داخلية حقيقية، مع كل القوى الفلسطينية، لإنهاء الانقسام وتوحيد الجميع في قيادة وطنية موحدة.
وبإمكانها ثانياً أن تنفذ تهديداتها المتكررة والتي لم يعد أعداء الشعب الفلسطيني يأخذونها على محمل الجد، بتنفيذ قرارات المجلس المركزي الفلسطيني المتخذة منذ عام 2015، بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، والتراجع عن الإعتراف الذي قدم لها، والتحلل من التزامات اتفاقيات أوسلو، التي تعفنت في الأدراج الإسرائيلية، ومزقتها إسرائيل مراراً وتكراراً.
وفي الخلاصة تبني إستراتيجية مقاومة وطنية كفاحية موحدة، بدل مواصلة التعلق بأوهام مفاوضات لن تحدث، وتدخل أمريكي لن يتحقق.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
عندما يتحمل الفلسطيني المستحيل
حديث القدس
المشهد الراهن والمصير الوطني
جمال زقوت
الخيار العسكري الإسرائيلي القادم
راسم عبيدات
ترامب في خدمة القضية الفلسطينية!!
د. إبراهيم نعيرات
ما المنتظر من لقاء نتنياهو وترامب؟
هاني المصري
زكريا الزبيدي تحت التهديد... قدّ من جبال فلسطين
حمدي فراج
هل وصلت الرسالة إلى حماس؟
حمادة فراعنة
مجدداً.. طمون تحت الحصار
مصطفى بشارات
بين الابتكار وحكمة التوظيف .. الذكاء الاصطناعي يعمق المفارقات !
د. طلال شهوان - رئيس جامعة بيرزيت
الطريق إلى شرق أوسط متحول: كيف نحافظ على السلام في غزة مع مواجهة إيران
ترجمة بواسطة القدس دوت كوم
عيد الربيع يصبح تراثاً ثقافياً غير مادي للإنسانية
جنيباليا.. مأساة القرن
حديث القدس
لقاء نتنياهو- ترمب ومصير مقترح التطهير العرقي ووقف الإبادة
أحمد عيسى
"الأمريكي القبيح" واستعمار المريخ
د. أحمد رفيق عوض
رافعة لفلسطين ودعماً لمصر والأردن
حمادة فراعنة
"ترمب" والتهجير الخبيث!
بكر أبو بكر
تحويل الضفة إلى غيتوهات
بهاء رحال
من أين جاؤوا بنظرية "الضعيف إذا لم يُهزم فهو منتصر" ؟
د. رمزي عودة
محمد الطوس "أبو شادي" يبعث من جديد بعد أربعين سنة
وليد الهودلي
الذكاء الاصطناعي في التعليم.. قفزة نحو المستقبل أم تحدٍّ أخلاقي يلوح في الأفق؟
سارة الشماس
الأكثر تعليقاً
من أين جاؤوا بنظرية "الضعيف إذا لم يُهزم فهو منتصر" ؟
الاحتلال يفرج عن الدفعة الرابعة من المعتقلين ضمن اتفاق وقف إطلاق النار
الترامبيّة المُتحوّرة!
استراتجية أم تكتيك؟ تصريحات أبو مرزوق تلقي حجراً في المياه المتدفقة
الرئيس يطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لوقف العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية
21 اقتحامًا للأقصى ومنع رفع الأذان 47 وقتاً في الإبراهيمي الشهر الماضي
المشهد الراهن والمصير الوطني
الأكثر قراءة
إعلام عبري: نتنياهو يناقش خطط عودة الجيش الإسرائيلي إلى غزة
الشرطة الإسرائيلية تعتقل 432 عاملا فلسطينيا داخل أراضي 1948
ترامب: لا ضمانات لدي أن الهدنة بين إسرائيل وحماس ستصمد
مستعمرون يقتحمون مبنى "الأونروا" في حي الشيخ جراح
ترامب يبحث الثلاثاء مع نتنياهو سيناريوهات التهجير لغزة واحتمال العودة للحرب
مارتن أولينر يدعو إلى دعم خطة ترامب للتهجير.. "سكان غزة لا يستحقون الرحمة"
استراتجية أم تكتيك؟ تصريحات أبو مرزوق تلقي حجراً في المياه المتدفقة
أسعار العملات
الثّلاثاء 28 يناير 2025 12:16 مساءً
دولار / شيكل
بيع 3.61
شراء 3.6
دينار / شيكل
بيع 5.09
شراء 5.08
يورو / شيكل
بيع 3.77
شراء 3.76
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%55
%45
(مجموع المصوتين 553)
شارك برأيك
زيارة بايدن... الكتاب يقرأ من عنوانه