رغم الاتفاق على وقف الحرب والتوجه نحو صفقة تبادل، فإن مجازر الإبادة الجنونية ارتفعت وتيرتها بشكل صاخب، حيث ارتقى أكثر من ٨١ شهيداً يوم أمس فقط، الأمر الذي دفع مكتب الإعلام الحكومي في القطاع إلى إصدار بيان حذر فيه من غدر الاحتلال، مناشداً أبناء شعبنا اتخاذ أقصى درجات الحذر والحيطة، في مواجهة هذا الغدر، وتوخي الانتباه من جرائم القصف والمجازر والاستهدافات المتواصلة.
ومع استمرار الجيش الإسرائيلي في حرب الإبادة الجماعية وارتكاب جرائم الحرب والمجازر المروعة بحق النازحين، فإن هذه المحاولات تستهدف تهجير سكان شمال قطاع غزة من خلال قصف المربعات السكنية ونسف المنازل، حيث وصلت أصوات الانفجارات لبعض مناطق وسط الضفة، نظراً لاستخدام إسرائيل قنابل خارقة للتحصينات، وهذا من شأنه أن يزيد أعداد الشهداء والمصابين، الذين لم تعد هناك قدرة استيعابية للمستشفيات لاحتضانهم وعلاجهم.
الغدر والمكر والاحتيال أيضاً جعلت نتنياهو يقوم بمحاولة التفاف على صفقة التبادل، حيث ادعى صباح أمس أن حماس تتلاعب بالاتفاقيات، واتضح أن نتنياهو نفسه هو من يسعى لنسف الصفقة من خلال طرحه شرطاً جديداً ينادي بالإفراج عن تسعة من الجنود الإسرائيليين في المرحلة الأولى، لينشأ خلاف حول عدد الأسرى الوازنين الذين ستفرج عنهم إسرائيل مقابل المرضى والجرحى الإسرائيليين.
استغل نتنياهو هذه الجزئية ليمرر الساعات في حرب المماطلة، مع الأحزاب المتطرفة، خصوصاً حزبي قوة يهودية والصهيونية الدينية، حيث أطل بن غفير محذراً في مؤتمر صحفي نتنياهو من مغبة الوصول لاتفاق، وإلا فستكون النتيجة استقالته من الحكومة الإسرائيلية، مع أعضاء حزبه بدعوى أن الاتفاق هو كارثة للأمن القومي الإسرائيلي، فيما استغل سموتريتش ذلك، وواصل تهديداته بضرورة استئناف الحرب بعد المرحلة الأولى، حتى القضاء على حماس.
ورغم أن نتنياهو يمتلك أغلبية ساحقة للتوجه نحو التصويت على الصفقة وإقرار الاتفاق، فإنه اتجه إلى خيار التلاعب، فأجّل جلسة الحكومة الإسرائيلية وجلسة الكابينيت، على أن تُعقدا اليوم، الأمر الذي قد يؤجل بدء تنفيذ بنود الاتفاق ليوم الإثنين بدلاً من يوم الأحد، وحمّل المسؤولية لحماس، حيث تعرض لفضيحة عبر وسائل الإعلام الإسرائيلية، وعائلات المحتجزين الذين تطرقوا بوضوح إلى أن نتنياهو وبن غفير وسموتريتش هم من لا يريدون صفقة، وليست حماس.
يبقى القلق مسيطراً على مواطني غزة الذين يتعرضون لأقسى وأبشع المجازر التي ترتكبها إسرائيل، والسؤال الملح هنا: من سيوقف شلال الدم في غزة، ومن سيردع نتنياهو وحاشيته المتطرفة؟
شارك برأيك
غدر الاحتلال