أقلام وأراء
الجمعة 17 يناير 2025 8:41 صباحًا - بتوقيت القدس
انبعاث الفينيق ودموع فرح الناجين في غزة
غزة دائماً كانت مدرسة تُبدع في اختراع المعاني للكلمات، تصنع لغتها الخاصة التي تنبثق من عمق معاناتها وتجربتها الطويلة مع الاحتلال والطغاة. منذ البدايات، وحين وطأت أقدام الاحتلال القذرة أرضها، كانت غزة تسقط دون أن تستسلم في كل مرة كما اليوم أيضاً، وما قبل ذلك حين هاجم الاستعماري البريطاني "اللنبي" غزة عام ١٩١٧، مروراً بمرحلة نشأة الفدائيين نواة جيش التحرير الفلسطيني زمن الشهيد كمال عدوان وإخوانه، وفي زمن معين بسيسو وعبد الرحمن عوض اللّه ورفاقهم لإسقاط مؤامرة التوطين، وما تبعها حين تعاظمت مقاومة قوات التحرير الشعبية التي انضمت إلى "فتح" لاحقاً بقيادة زياد الحسيني وأبو علي شاهين، وبعدها ما سطرته أسطورة جيفارا غزة في سبعينيات القرن الماضي حين قاد مقاومة الجبهة الشعبية هناك، فكانت غزة يحكمها الفدائيون ليلاً دون أن تُهزم، فكانت غزة تقاوم دوماً وتنتصر من أجل كرامتها وعزتها.
كانت غزة تقدم تعريفات جديدة للمقاومة والصمود والبقاء، وتُبدع بالأشكال المختلفة منها، فانطلقت لاحقاً شرارة انتفاضتنا الكبرى، وصعدت قوى المقاومة تُعيد صياغة معاني المقاومة الشعبية والفداء، وتكتب دروساً في الكرامة والنضال بدماء أبنائها من كافة الشهداء، فكان من بينهم الشيخ الجليل أحمد ياسين ليتبعه بعدها الرئيس المؤسس الخالد أبو عمٌار، الذي لا نريد له الابتعاد عنا، كما كل الشهداء كلما ابتعد ذلك الماضي الجميل.
واليوم، تُضيف غزة إلى قاموسها مصطلحاً جديداً هو "فرح الناجين".
إنه نوع فريد من الفرح، ليس كباقي الأفراح. فرح يصنعه مَن نجا من أتون المحرقة، ومن خدع الموت فبقي حياً ومن قاوم واستشهد أو بقي ينتظر المصير.
فرح من تحدّى القصف والجوع والبرد، فصمد ونجا، حتى لو بقيت روحه معلقة ومثقلة بخسارة بيت أو استشهاد حبيب من قوافل الشهداء الذين ذهبوا ليصبحوا نجوماً في سماء فلسطين ننتظر عودتهم أو لقاءهم يوماً.
فرح غريب، مزيج من الحُزن والخوف والألم، لكنه مع ذلك يحمل شُعلة أمل.
فرح يُعبّرون فيه ونُعبّر نحن معهم عنه بدموع حارقة، دموع تُخبرنا أن الفرح في غزة ليس إلا شكلاً آخر من الصمود والبقاء، رسالة تُعلّم العالم معاني جديدة للصبر والإرادة حتى الانتصار.
وكأن غزة، في لحظة انفراجة الألم، تُجسد أسطورة طائر الفينيق، تنهض من تحت الرماد، تحمل جراحها وتعيد تشكيل نفسها، تتشبث بالحياة لتنهض من جديد أقوى وأجمل. فالقصة الكنعانية تقول إنه عندما يشعر هذا الطائر بدنو أجله يقوم ببناء عش من جذوع الأشجار ويُضرم النار فيها، ويطلق لحناً تسمعه جميع مخلوقات الأرض والآلهة ومن ثم يحترق، وبعد أن يبرد رماده ينبعث طائر فينيق جديد من الرماد ليكون أقوى.
لقد سمعت كل شعوب الكون صوت غزة عند الاحتراق، فوقفت متضامنة متكاثفة مع شعبنا وبإدانات غير مسبوقة لدولة الاحتلال وأشكال عزلها ومقاضاة قادتها المجرمين. سيبرُد الرماد وينبعث شعبنا أينما كان من جديد، ليكون أكثر حكمة وأكثر أصراراً للوصول إلى ما هو غير قابل للتصرف من الحقوق التاريخية والسياسية.
ورغم أن المعركة لم تنته بعد، وكفاح شعبنا سيستمر بانتباه للمخاطر والتحديات، فإن غزة في كل مرة تُعيد رسم صورة جديدة للحياة، لوحةً تزدان بالأمل رغم سواد الجراح، لتبقى رمزاً خالداً للإرادة التي لا تُقهر إلى الأبد، مهما حاول طغاة العصر من فنون الشر والظلم بالإبادة والتهجير، نحو تجسيد حلم شعبنا في الحرية والاستقلال الوطني الديمقراطي في وطن واحد لا نملك سواه
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
التحدي الأكبر خلال الهدنة: استعادة مكانة القضية الفلسطينية باعتبارها قضية سياسية، ومنع الاحتلال من العودة لتنفيذ مخططاته في الابادة والتهجير
وليد العوض
رحلة الجسر تُكلِّف عائلة مقدسيّة ألف دولار
داود كُتّاب
غدر الاحتلال
حديث القدس
هذه الحرب التي تقترب من نهايتها.. ماذا قالت وماذا كشفت؟
راسم عبيدات
كفى تكراراً للأخطاء والعبث بمصير الشعب الفلسطيني
إياد أبو روك
خطاب النصر
حسام أبو النصر
التّكَافُل الاجتماعي في الإسلام
د. دعاء يوسف سلامة
الإرادة انتصرت على الإبادة
حديث القدس
الضفة الغربية بين مطرقة الجيش الإسرائيلي وسندان المستوطنين
عقل صلاح
التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة
غسان عبد الله
بعد وقف اطلاق النار: المعركة النفسية لا تنتهي
سماح جبر
اتفاق الهدنة الوشيك وطريق النجاة من الفوضى القادمة
وليد العوض
صفقة التهدئة
حمادة فراعنة
الهدنة وصفقة تبادل الأسرى
بهاء رحال
بعد وقف اطلاق النار: المعركة النفسية لا تنتهي
السلطات المتجددة ، أدوات جديدة للهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط .
مروان أميل طوباسي
الوطن العربي بين جحيم ترامب والنهوض؟
د. فوزي علي السمهوري
أهوال جحيم الإبادة
بهاء رحال
صوت الكفاح الفلسطيني العاقل
حمادة فراعنة
ظروف مثالية نحو صفقة التبادل.. وماذا عن الضمانات؟
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
محاضرة في النمسا تثير تساؤلات: لماذا يسرق الاسرائيليون تراث الفلسطينيين؟
نتنياهو: "حماس" تتراجع عن بعض تفاصيل اتفاق غزة
خلال 15 شهراً من الإبادة.. حسابات الربح والخسارة
"الرئاسة" تدين جريمة الاحتلال في مخيم جنين
رئيس الوزراء: يجب ألا تحكم أي سلطة غير السلطة الفلسطينية قطاع غزة
مصطفى: غزة تحتاج إلى حكومة قادرة على مداواة جراح شعبنا وإعادة توحيدها
"هآرتس" تكشف تفاصيل عن الأسرى الفلسطينيين المُفرج عنهم ضمن الصفقة
الأكثر قراءة
الصحة العالمية: إعادة بناء النظام الصحي في غزة تتطلب 10 مليارات دولار
مصر تنسق لفتح معبر رفح وتنفيذ اتفاق يهدف لتحسين الأوضاع في غزة
بايدن: الفلسطينيون عانوا كثيرا ويستحقون السلام ونحن على مقربة من الصفقة
سكان غزة يحتفلون بأنباء اتفاق وقف النار وصفقة تبادل الأسرى
"رويترز" تنشر أجزاءً من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة
مصادر منخرطة في المفاوضات تكشف لـ"القدس" تفاصيل الاتفاق الذي سيعلن اليوم
"هآرتس" تكشف تفاصيل عن الأسرى الفلسطينيين المُفرج عنهم ضمن الصفقة
أسعار العملات
الأربعاء 15 يناير 2025 8:59 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.63
شراء 3.6
دينار / شيكل
بيع 5.12
شراء 5.1
يورو / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.72
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%57
%43
(مجموع المصوتين 438)
شارك برأيك
انبعاث الفينيق ودموع فرح الناجين في غزة