Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الجمعة 03 يناير 2025 9:26 صباحًا - بتوقيت القدس

جنين.. دروس الماضي وأمل الحوار

تشهد مدينة جنين ومخيمها تصعيدًا خطيرًا في العنف، ما ضاعف معاناة السكان وفاقم أزمات إنسانية وسياسية قائمة. هذه الأحداث المؤلمة تعيد إلى الأذهان الاقتتال الداخلي الدامي في قطاع غزة عام 2007، الذي ترك بصمات كارثية على الشعب الفلسطيني. إن استحضار تلك التجربة الأليمة والبحث عن حلول بديلة مثل الحوار أصبح ضرورة ملحّة لتحقيق مستقبل أفضل لشعب أنهكته عقود من الحرب والحصار والدمار.


في عام 2007، شهد الفلسطينيون اقتتالًا داخليًا طاحناً انتهى بتعميق الانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة.


 لم يكن ذلك الصراع مجرد مواجهة سياسية، بل أدى إلى تدمير النسيج الاجتماعي الفلسطيني وتدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي، وما زالت آثاره تتفاقم حتى اليوم. لقد دفع الشعب الفلسطيني ثمنًا باهظًا لهذا الاقتتال، حيث تعمقت حالة الاستقطاب وتلاشت فرص الوحدة الوطنية. ومع ذلك، تظل هذه التجربة درسًا حاضرًا يجب أن نتعلم منه لتجنب اللجوء إلى العنف الداخلي الذي لا يجلب سوى المزيد من الخراب.


يقول الكاتب إيلي فيزل عن الحوار:  "نحن جميعاً شركاء في البحث. الأسئلة الجوهرية ليس لها إجابات. أنت سؤالي، وأنا سؤالك – ثم يحدث الحوار. في اللحظة التي نحصل فيها على إجابات، ينتهي الحوار. الأسئلة توحد الناس، بينما الإجابات تفرقهم. فلماذا نحصل على إجابات عندما يمكننا العيش بدونها؟".


يُخطئ من يأتي إلى الحوار حاملاً إجابات جاهزة أو قرارات مسبقة، ويُخطئ أكثر من يستقبله بمواقف وأحكام مغلقة. الحوار الحقيقي لا يبدأ من الافتراضات بل من الأسئلة المفتوحة التي تكشف وجهات النظر وتُظهر الأسباب والدوافع.


على سبيل المثال، يمكن توجيه أسئلة للسلطة الفلسطينية مثل:

* لماذا تُشن حملة عسكرية في مخيم جنين؟

* هل تعتقدون أن استمرار وجود المجموعات المسلحة يُشكل ذريعة للجيش الإسرائيلي لتدمير جنين؟

* هل ترون أن هذه العمليات تشكل حماية للشعب الفلسطيني؟

وفي المقابل، يمكن طرح أسئلة للفصائل المسلحة:

* ما هي رؤيتكم لاستمرار العمل المسلح؟

* ما الأهداف التي يمكن تحقيقها في هذه المرحلة؟

* ألا تخشون تكرار سيناريو غزة؟

إن الحوار الذي يركز على الأسئلة بدلاً من الإجابات الجاهزة يُتيح فهمًا أعمق للمواقف ويُمهّد الطريق لإيجاد حلول مشتركة. 


في سياق الأزمات المعقدة، يمكن أن يكون البحث عن الأرضية المشتركة بين الأطراف نقطة انطلاق لحوار بنّاء. في الحالة الفلسطينية، يمكن لطرف ثالث مختص بتيسير الحوار، وممارس للوساطة في تسوية النزاعات وعمليات بناء السلام أن يقترح أرضية مشتركة تشمل قضايا مثل وقف العدوان على غزة، تحسين الظروف المعيشية، وحماية مصالح الشعب الفلسطيني. 


إن الاستخدام الفعال لأداة مثل التلخيص خلال إدارة الحوار من قبل وسيط ميسر محترف يجنب الأطراف الفهم الخاطئ للمفاهيم والتصريحات المتبادلة. كما أن قيامه بإعادة صياغة الكلمات المتضمنة للاتهامات المتبادلة التي عادة ما يكون صدورها من الأطراف كفيلاً بانهيار الحوار يشكل ضمانة لاستمراره. في كل مره يتجاوز الأطراف العقبات خلال عمليات الحوار والتفاوض، فإنهم يزدادون ثقة بالعملية بما يشجعهم على الانخراط فيها أكثر فأكثر.    


البداية يمكن أن تكون بمبادرات صغيرة تُبني الثقة تدريجيًا بين الأطراف، إذ إن المصالحة ليست حدثًا يحدث بين ليلة وضحاها، بل هي عملية طويلة تعتمد على النوايا الصادقة والرغبة الحقيقية في إنهاء النزاع.


الأحداث الجارية في جنين تذكرنا بأهمية مراجعة دروس الماضي والعمل على تجنب أخطاء الانقسام والتدهور.


 الحوار ليس مجرد خيار مثالي، بل هو ضرورة لتحقيق الوحدة الوطنية والاستقرار. يمكن استلهام التجارب العالمية الناجحة في حل النزاعات عبر الحوار، مثل تجربة كولومبيا التي أنهت عقودًا من الصراع مع القوات المسلحة الثورية (فارك) من خلال مفاوضات طويلة أثمرت عن اتفاق سلام تاريخي في عام 2016. 


إن البحث عن الأرضية المشتركة والانخراط في جهود صادقة للمصالحة يمكن أن يفتح صفحة جديدة للشعب الفلسطيني، قائمة على الأمل والعمل المشترك نحو مستقبل أفضل. في ظل التحديات الراهنة، يبقى الحوار أداة أساسية لإعادة بناء النسيج الوطني وتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والكرامة.


دلالات

شارك برأيك

جنين.. دروس الماضي وأمل الحوار

المزيد في أقلام وأراء

لا إنسانية في قاموس إسرائيل

حديث القدس

دروس "الطوفان" وارتداداته (1).. قول في النصر والهزيمة

د. إياد البرغوثي

أصوات المعاناة من غزة إلى ضمير العالم

بهاء رحال

الإعلام والدبلوماسية

د. دلال صائب عريقات

نظام دمشق بين نارين

حمادة فراعنة

الشخصيات الافتراضية بالذكاء الاصطناعي: استثمار Meta في مستقبل التفاعل الرقمي

بقلم : صدقي ابوضهير / باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

الذكاء الاصطناعي: الأمل التكنولوجي في مواجهة الاحتلال

بقلم عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

دروس "الطوفان" وارتداداته (1)... قول في النصر والهزيمة

د. اياد البرغوثي

النقابة لا النيابة!

ابراهيم ملحم

خلق الذرائع لمواصلة الفظائع

حديث القدس

لنمتلك شجاعة الاعتذار حتى نَجِد لأنفسنا مكاناً تحت الشمس

مروان أميل طوباسي

مخيم جنين .. نقطة تحول في المشهد الفلسطيني والشرق الأوسط

علاء كنعان

شباب غزة ومنظمة التحرير.. استعادة البوصلة الوطنية في زمن الارتباك

جواد العقاد

الدور التفاعلي لمناهج الدراسات الاجتماعية في المخيمات الشتوية

سارة محمد الشماس

تقليص مساحة غزة وتهجير أهلها.. أخطر المخططات الإسرائيلية

حديث القدس

2024 عام الزلازل و2025 عام الهزات الارتدادية

راسم عبيدات

غزة.. بداية عام جديد والإبادة مستمرة

بهاء رحال

رغم المجاعة.. التكافل في غزة بـ"الرغيف"

ريما محمد زنادة

وكالة الغوث.. ومعركة نزع الشرعية

فتحي كليب

مهابةُ الفكرةِ وهيبةُ المسيرةِ

أسعار العملات

السّبت 04 يناير 2025 10:26 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.65

شراء 3.64

دينار / شيكل

بيع 5.15

شراء 5.12

يورو / شيكل

بيع 3.75

شراء 3.72

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%59

%41

(مجموع المصوتين 349)