فلسطين
الجمعة 03 يناير 2025 8:28 صباحًا - بتوقيت القدس
حجب قناة الجزيرة في فلسطين.. محللون يعتبرونها خطوة متسرعة ويطالبون السلطة بالتراجع عنها
رام الله -خاص بـ"القدس" دوت كوم
د. محمد أبو الرب: القرار بشأن الجزيرة ليس حظراً بل خطوة قانونية مؤقتة لحين تصويب أوضاعها
الجزيرة: قرار الإغلاق محاولة لثنينا عن تغطية الأحداث ونطالب السلطة بإلغائه
محمد اللحام: نقابة الصحفيين لم تكن طرفاً في القرار ولا يمكن الفصل بين الحريات والأخلاقيات
د. عمار الدويك: قرار إغلاق الجزيرة خطوة متسرعة ومخالفة للقانون الأساسي
د. أحمد الأشقر: أداء القناة وسياستها التحريرية لا يبرران تقييد حريتها
نجود القاسم: إغلاق المحطات الإعلامية في العصر الرقمي لم يعد ذا أهمية
فراس الطويل: القرار سابقة خطيرة تُعرّض العمل الصحفي لقيود غير مسبوقة
مراد السبع: الأصل إنذار قناة الجزيرة وليس إغلاقها بشكل مفاجئ
لاقى القرار الصادر عن اللجنة الوزارية المختصة بشأن تجميد عمل قناة الجزيرة في الأراضي الفلسطينية تفاعلاً واسعاً، وسط تأكيد من اللجنة أنه إجراء قانوني مؤقت إلى حين تصويب القناة أوضاعها، فيما وصفه البعض بأنه انتهاك لحرية الصحافة وتضييق على الإعلام في تغطيته للأحداث الفلسطينية.
وفي الوقت الذي تؤكد فيه الجهات الرسمية الفلسطينية أن القرار جاء بعد سلسلة مراسلات وملاحظات أُرسلت للقناة بشأن ضرورة الالتزام بمعايير المهنية وأخلاقيات الإعلام، فإن القرار أثار جدلاً ما بين مؤيد ومعارض خاصة في ظل الأجواء المشحونة التي تعيشها الأراضي الفلسطينية.
وكانت اللجنة الوزارية المختصة المكونة من وزارات: الثقافة، والداخلية، والاتصالات، قررت مساء الأربعاء، وقف بث وتجميد كافة أعمال فضائية الجزيرة ومكتبها في فلسطين، وتجميد عمل كافة الصحفيين والعاملين معها والطواقم والقنوات التابعة لها بشكل مؤقت، إلى حين تصويب وضعها القانوني، وذلك لمخالفة فضائية الجزيرة القوانين والأنظمة المعمول بها في فلسطين.
ووفق ما نشرته وكالة الأنباء الرسمية "وفا"، فإن القرار جاء إثر إصرار الجزيرة على بث مواد تحريضية وتقارير تتسم بالتضليل وإثارة الفتنة والعبث والتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية.
إجراء قانوني ومؤقت وليس حظراً
ويؤكد د. محمد أبو الرب، مدير مركز الاتصال الحكومي، أن القرار من اللجنة الوزارية بتجميد عمل قناة الجزيرة في الأراضي الفلسطينية هو إجراء قانوني ومؤقت، وليس حظرًا كما يروج البعض.
ويوضح أبو الرب أن القرار يأتي في إطار تنظيم العمل الإعلامي والتأكد من التزام المؤسسات الإعلامية بمعايير المهنة وأخلاقياتها، وهو ما تم تطبيقه على عدة وسائل إعلام محلية وأجنبية في السابق.
ويشير أبو الرب إلى أن القرار لا يعني إلغاء بث الجزيرة، فبثها مستمر، ومنصاتها المتعددة لا تزال موجودة وتواصل تغطياتها، إلا أنه يهدف إلى تصويب أوضاعها وفق القوانين الفلسطينية.
ويلفت أبو الرب إلى أن كل دول العالم لديها جهات تنظيمية تشرف على وسائل الإعلام، تمنح التراخيص وتتابع المضامين الإعلامية، وفي السياق الفلسطيني، ينظم القانون الأساسي عمل وسائل الإعلام المحلية، إلا أن وسائل الإعلام الأجنبية تحتاج إلى تراخيص استثنائية لمزاولة عملها، وهذا الإجراء ليس استثناءً، بل تم تطبيقه سابقًا على وسائل إعلام أخرى فلسطينية وأجنبية، وعملت الكثير من هذه الوسائل على تصويب أوضاعها واستئناف عملها.
ويوضح أبو الرب أن القانون الأساسي الفلسطيني، وتحديدًا المادة 27، يكفل حرية الإعلام الفلسطيني، إلا أن الإعلام الأجنبي يخضع لضوابط قانونية خاصة، بما في ذلك التراخيص التي تمنحها وزارات الثقافة والاتصالات والداخلية، وفي حال وجود تجاوزات، يحق لهذه الجهات تجميد الترخيص مؤقتًا إلى حين تصويب الوضع.
تحريض ودفع نحو الاقتتال الداخلي
وفيما يتعلق بقناة الجزيرة، يوضح أبو الرب أن الحكومة الفلسطينية تعاونت مع القناة في العديد من الأزمات، بما في ذلك دعمها خلال قرار إغلاق مكتبها من قبل الاحتلال الإسرائيلي، فتم تجديد ترخيصها دون فرض رسوم أو تكاليف، ومن غير المقبول أن يقابل ذلك بالتحريض والدفع نحو الاقتتال والتدخل المنحاز بالشأن الداخلي الفلسطيني.
ويؤكد أبو الرب أن الجزيرة لم تلتزم بتنبيهات متعددة وجهتها الحكومة ونقابة الصحفيين، خاصة فيما يتعلق بالتحريض والتعبئة الخطابية التي اعتُمدت في تغطياتها، والتي تسببت في توتير الساحة الفلسطينية وزيادة الانقسام بما يتعلق بالاحداث في جنين.
ويشير أبو الرب إلى أن الجزيرة استخدمت أحيانًا تقنيات الذكاء الاصطناعي، وكذلك إنتاج مشاهد تمثيلية بشأن الأحداث في جنين، علاوة على إبراز أحداث وتضخيمها مقابل حجب أو تسطيح أحداث أخرى، ما أثار تساؤلات حول دقة ومصداقية ما تقدمه القناة، كما أن الخطاب الإعلامي الموجه لتسليط الضوء على القضايا الداخلية الفلسطينية، مثل أحداث جنين، دون التركيز على جرائم الاحتلال الإسرائيلي وحرب الإبادة في غزة، لا يخدم القضية الفلسطينية.
ويتحدث أبو الرب عن خطورة الانشغال بالقضايا الجانبية التي تغذي الانقسامات الداخلية على حساب فضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة، قائلا: "لا يعقل أن نكون شعبًا يتعرض للإبادة الجماعية في غزة، وفي الوقت نفسه يتم تسليط الضوء على قضايا داخلية بأسلوب تحريضي وتعبوي، إن هذا النوع من الخطاب يضر بالوحدة الوطنية الفلسطينية، ويصب في مصلحة الاحتلال".
ويدعو أبو الرب وسائل الإعلام العربية، بما فيها الجزيرة، إلى التركيز على جرائم الاحتلال ودعم الوحدة الفلسطينية بدلًا من تغذية الانقسامات، مؤكداً أن معالجة القضايا الداخلية هي من اختصاص الإعلام المحلي الفلسطيني، الذي يمتلك رؤية أقرب وأشمل لطبيعة الأوضاع الداخلية.
رفض التحريض على الصحفيين ومراسلي الجزيرة
وحول ما يثار بشأن التحريض ضد الصحفيين بمن فيهم مراسو الجزيرة وصحفيون آخرون، يشدد أبو الرب على رفض التحريض بجميع أشكاله، سواء كان يستهدف مراسلي الجزيرة أو أي صحفيين آخرين.
ويقول أبو الرب: "يجب أن نحتكم جميعًا للقانون، وأي شخص يتعرض للتحريض أو الأذى، سواء كان صحفيًا أو مواطنًا عاديًا، عليه أن يلجأ إلى الجهات المختصة، مثل نقابة الصحفيين أو النيابة العامة".
ويشير أبو الرب إلى أن التحريض لا يجب أن يصل إلى المساس بالشرف أو الدعوة للعنف، مؤكدًا أهمية الالتزام بأخلاقيات المهنة الإعلامية وتجنب الخطاب التحريضي الذي يعمق الانقسام ويضعف المجتمع الفلسطيني.
ويدعو أبو الرب جميع الأطراف الإعلامية والمجتمعية إلى التركيز على خطاب موحد يعزز الوحدة الوطنية ويحمي الجبهة الداخلية الفلسطينية من مخططات الاحتلال.
ويقول أبو الرب: "في ظل الجرائم الإسرائيلية وحرب الإبادة في غزة، يجب أن نرتقي بخطابنا الإعلامي ونتعالى على الانقسامات لنتمكن من فضح الاحتلال وتوحيد صفوفنا".
ويشدد أبو الرب على أن القرار بتجميد ترخيص الجزيرة مؤقت وقانوني، داعيًا القناة إلى تصويب خطابها والتركيز على دعم القضية الفلسطينية بما يعزز صمود الشعب الفلسطيني ووحدته ويكشف جرائم الاحتلال أمام العالم.
الجزيرة: محاولة لإخفاء حقيقة الأحداث في جنين ومخيمها
من جانبها، استنكرت شبكة الجزيرة في بيان لها قرار السلطة الفلسطينية تجميد عملها وتغطيتها في الضفة الغربية، واعتبرت القرار محاولة لثنيها عن تغطية الأحداث المتصاعدة التي تشهدها الأراضي المحتلة.
وأكدت قناة الجزيرة أن قرار الإغلاق يأتي في أعقاب حملة تحريض وترهيب مستمرة من جهات ترعاها السلطة الفلسطينية ضد صحفيي الشبكة، وأن قرار منع صحفييها من مواصلة عملهم هو محاولة لإخفاء حقيقة الأحداث بالأراضي المحتلة خاصة في جنين ومخيمها.
وعبرت الشبكة عن استغرابها من هذه الخطوة، مشيرة إلى أنها تأتي وسط الحرب على غزة واستهداف الاحتلال وقتله للصحفيين الفلسطينيين، محمّلةً السلطة الفلسطينية المسؤولية الكاملة عن سلامة وأمن جميع موظفي الشبكة داخل الضفة الغربية.
وطالبت شبكة الجزيرة السلطة الفلسطينية بإلغاء القرار فوراً، والسماح لفرقها بالتغطية الحرة في الضفة من دون ترهيب، مشيرة إلى أن قرار السلطة لن يوقف التزام الشبكة بمواصلة تغطية الأحداث والتطورات في الضفة الغربية بكل مهنية.
تغطية تفتقر إلى الموضوعية والنزاهة والحياد
بدوره، يؤكد عضو الأمانة العامة لنقابة الصحفيين ورئيس لجنة الحريات العامة فيها، محمد اللحام، أن النقابة أعربت عن موقفها الواضح بشأن تغطية شبكة الجزيرة للشأن الفلسطيني الداخلي، مشيراً إلى أن الشبكة خالفت القواعد المهنية والأخلاقية المعتمدة في العمل الصحفي، بما في ذلك مدونتها الخاصة.
ويوضح اللحام أن تغطية الجزيرة تفتقر إلى الموضوعية والنزاهة والحياد، مما يسهم في تعميق الانقسامات والتشظي في الحالة الفلسطينية نتيجة اصطفافها التحريري الواضح، بالإضافة إلى منشورات وتغريدات بعض العاملين فيها التي تحمل طابعاً حزبياً.
ويشدد اللحام على أن النقابة لم تكن طرفاً في القرار الذي اتخذته اللجنة الوزارية الفلسطينية بوقف بث الجزيرة في الأراضي الفلسطينية بشكل مؤقت.
ويقول اللحام: "لم تتم مشاورتنا أو اطلاعنا على هذا القرار قبل إعلانه، كما أن النقابة لم تتلقَّ حتى اللحظة أي شكوى رسمية من شبكة الجزيرة بخصوص الإجراء الحكومي المتخذ ضدها".
ويشدد اللحام على أن النقابة ملتزمة بمبدأ سيادة القانون وصون الحريات العامة، سواء للصحفيين أو المجتمع الفلسطيني، مؤكداً أن هذه الالتزامات يجب أن تتماشى مع الحفاظ على أخلاقيات المهنة لضمان جودة الأخبار التي تصل للجمهور.
لا فصل بين الحريات والأخلاقيات المهنية
ويقول اللحام: "لا يمكن الفصل بين الحريات والأخلاقيات المهنية، فهما جزءان لا يتعارضان، بل يجب أن يكونا في حالة انسجام كامل".
ويرى اللحام أن شبكة الجزيرة لم تلتزم بتحقيق هذا التوازن في تغطيتها للشأن الفلسطيني الداخلي، مما أدى إلى تفاقم الانقسامات وإثارة الاقتتال الداخلي من خلال اعتماد سياسة تحريرية منهجية تُطلق فيها أحكام التخوين بحق فئات أصيلة من النسيج الوطني الفلسطيني.
ويشير اللحام إلى أن شبكة الجزيرة سبق أن قدمت اعتذاراً للإسرائيليين عن تقرير بثته حول الهولوكوست، وتم توقيف اثنين من العاملين فيها نتيجة لذلك. ويتساءل اللحام: "إذا كانت الجزيرة قد قدمت اعتذاراً عن تقرير للهولوكوست، فلماذا لا تعتذر عن العبث بالشأن الداخلي الفلسطيني وفي عدد من الدول العربية الأخرى؟".
سياسات تحريرية ممعنة في تعميق الأزمات الداخلية
ويؤكد اللحام أن النقابة تواصلت مع شبكة الجزيرة قبل صدور قرار اللجنة الوزارية، ووجهت عدة بيانات ورسائل دعتها فيها لضبط جودة أخبارها وتعديل سياستها التحريرية، لكن هذه الدعوات قوبلت بعدم تجاوب من قبل الشبكة، التي استمرت في سياساتها التحريرية التي وصفها بـ"الممعنة في تعميق الأزمات الداخلية".
ويشدد اللحام على أن النقابة تطالب اللجنة الحكومية التي أصدرت قرار تجميد عمل شبكة الجزيرة بالعودة عن قرارها وأن تلتزم الجزيرة بقواعد وأصول الإفادة الإخبارية السليمة.
ويؤكد اللحام أن النقابة مستعدة للتعامل مع القضية بشكل قانوني في حال توجهت الجزيرة بشكوى رسمية، قائلاً: "لدينا طواقم قانونية متخصصة جاهزة للتوجه إلى القضاء أو أي جهة ذات صلة لمعالجة هذا الملف بما يخدم المصلحة العامة ويحافظ على الحريات العامة في إطار القانون والأخلاقيات المهنية".
الدويك يدعو السلطة للتراجع عن القرار
أما مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم"، د. عمار الدويك، فقال إن قرار الحكومة الفلسطينية بوقف بث قناة الجزيرة وتجميد عملها بشكل مؤقت، خطوة "متسرعة" وتنطوي على مخالفة واضحة للقانون الأساسي الفلسطيني، وكان الأصل الذهاب للمحكمة لمعالجة القضية وليس اتخاذ قرار إداري.
ويدعو الدويك الحكومة إلى التراجع عن القرار وسحبه فوراً، مطالباً باتباع الإجراءات القانونية السليمة في التعامل مع وسائل الإعلام.
ويوضح الدويك أن المادة 27 من القانون الأساسي الفلسطيني تنص بوضوح على أن أي تقييد أو وقف لعمل أي وسيلة إعلام يجب أن يتم بموجب حكم قضائي، وليس عبر قرار إداري صادر عن الحكومة.
ويقول الدويك: "الحكومة استندت في قرارها إلى القوانين المتعلقة بترخيص المحطات الفضائية والأرضية، والتي تطلب من وسائل الإعلام الالتزام بالموضوعية والدقة في التغطية، ومع ذلك، كان من المفترض أن يُرفع الأمر إلى القضاء إذا كانت هناك تجاوزات، بدلاً من اتخاذ قرار إداري".
وقال الدويك الحكومة تعتبر أن قناة الجزيرة خرقت معايير الموضوعية والدقة، ما دفعها إلى اتخاذ هذا الإجراء، مضيفاً "غير أن الحل الأمثل كان يتطلب اللجوء إلى المحكمة، أو فتح حوار مباشر مع القناة لتقديم الملاحظات المتعلقة بمضمون تغطيتها الإعلامية، ومطالبتها بالرد بشكل علني على هذه الملاحظات".
ويؤكد الدويك أن الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان تعمل حالياً على دراسة القرار بالتشاور مع نقابة الصحفيين للوصول إلى حل عملي، والتوصل إلى مخرج يوازن بين احترام القانون وحماية حرية الصحافة.
قرار يتعارض مع القانون الأساسي والتزامات فلسطين الدولية
من جانبه، يعتبر القاضي السابق والمحامي د. أحمد الأشقر أن قرار السلطة الفلسطينية بإغلاق قناة الجزيرة وتجميد عملها مؤقتاً يتعارض مع أحكام القانون الأساسي الفلسطيني وقانون المطبوعات والنشر، والنظام الخاص بترخيص قنوات البث التلفزيوني، إلى جانب التزامات فلسطين الدولية المتعلقة بحرية الإعلام.
ويصف الأشقر القرار بأنه "منعدم قانونياً" بسبب عدم صدوره بناءً على حكم قضائي كما تنص عليه المادة 27 من القانون الأساسي الفلسطيني، حول توفر حماية واضحة للحريات الإعلامية، وتنص على أن أي تقييد لعمل وسائل الإعلام يجب أن يتم بموجب حكم قضائي صادر عن محكمة مختصة، وليس بناءً على قرارات إدارية تصدرها الجهات التنفيذية.
ويقول الأشقر: "القانون الفلسطيني رسم بشكل واضح آليات اللجوء إلى القضاء عند مخالفة أي وسيلة إعلامية للأخلاقيات المهنية المنصوص عليها في القانون، وإذا رأت السلطة أن هناك تجاوزات، فإن المسار القانوني الصحيح هو تقديم طلب إلى الجهة القضائية المختصة، مع منح الوسيلة الإعلامية حق الطعن في القرار أمام القضاء".
القرار الحالي يفتقر إلى أي سند قانوني
ويشير الأشقر إلى أن القرار الحالي يفتقر إلى أي سند قانوني، مؤكداً أن كتاب النائب العام الموجه إلى قناة الجزيرة اقتصر على تبليغ القرار الإداري الصادر عن وزير الثقافة، بناءً على توصية لجنة ثلاثية، دون وجود حكم قضائي واجب النفاذ، حيث أن هذا الإجراء يشوبه عيب جسيم في الاختصاص.
ويشدد الأشقر على أن أداء قناة الجزيرة وسياستها التحريرية لا يبرر اتخاذ قرار إداري يقيد حريتها الإعلامية.
ويشير الأشقر إلى أن مثل هذه القرارات تعكس إخفاقاً في الالتزام بالمعايير القانونية والدولية المتعلقة بحرية الصحافة.
ويقول الأشقر: "إغلاق قناة الجزيرة بهذه الطريقة يضر بسمعة فلسطين كدولة تلتزم باحترام حقوق الإنسان والحريات العامة، خاصة في ظل التزاماتها الدولية التي تؤكد على حرية الإعلام كجزء أساسي من حقوق الإنسان".
ويدعو الأشقر إلى ضرورة تصحيح المسار عبر اللجوء إلى القضاء في أي نزاع يتعلق بوسائل الإعلام، مشدداً على أهمية الحفاظ على سيادة القانون وحماية الحريات الإعلامية لضمان بيئة ديمقراطية تحترم الحقوق الأساسية للجميع.
علاقة متوترة تاريخياً بين السلطة والجزيرة
من جانبها، تقول الصحفية نجود القاسم إن قرار السلطة الفلسطينية وقف بث قناة الجزيرة وتجميد عملها مؤقتاً يأتي في سياق تاريخ من التوتر بين الطرفين، يمتد منذ العام 2007، حين بدأت الانتقادات تُوجه للقناة من قبل السلطة وحركة فتح بدعوى تدخلها في الشأن الداخلي الفلسطيني وانحيازها لصالح طرف دون الآخر.
وتضيف القاسم : "رغم ذلك، فإن العديد من المسؤولين في السلطة وحركة فتح كانوا دائمي الظهور على شاشة القناة، مما يعكس تعقيداً في العلاقة بين الجانبين".
وتوضح القاسم أن هذا التوتر تفاقم بعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، حيث ازداد انتقاد السلطة لتغطيات القناة التي اعتبرتها منحازة ومثيرة للجدل.
وتشير القاسم إلى أن العام الماضي شهد تصاعداً في حدة التوتر، إذ أرسلت السلطة رسائل احتجاج رسمية إلى قناة الجزيرة اعتراضاً على تغطيتها للأحداث في جنين، كما أن نقابة الصحفيين الفلسطينيين أيضاً أعربت عن رفضها لسياسة القناة التحريرية من خلال رسالة احتجاجية أخرى.
وتشير القاسم إلى أنه خلال السنوات الأخيرة، أرسلت السلطة رسائل احتجاج الى الجزيرة تطالبها بان تكون معالجتها لتغطية الاحداث الفلسطينية بموضوعية وبمهنية، لكن المطلوب ليس فقط الجزيرة بل وسائل إعلام عديدة أن تغطي الملف الفلسطيني بموضوعية، كما أن الاعلام الفلسطيني نفسه يستخدم مصطلحات معينة تخدم مصالحه وتوجهاته السياسية.
بحاجة إلى إعلام فلسطيني مهني يقدم الحقائق
وتقول القاسم: "هنا تبرز الحاجة إلى إعلام فلسطيني مهني يقدم الحقائق كما هي، يناقشها بحياد، ويحترم عقول الجماهير، دون ذلك ستبقى الساحة الفلسطينية مباحة أمام الأجندات السياسية المختلفة".
وترى القاسم أن تغطية الجزيرة للأحداث في جنين، وخاصة للحملة الأمنية التي قادتها الأجهزة الأمنية الفلسطينية هناك، كانت عاملاً رئيسياً في القرار الأخير.
وتقول القاسم: "السلطة اعتبرت أن بعض المواد التي بثتها القناة عبر منصاتها المختلفة مضللة وتثير الفتنة، فضلاً عن تدخلها في الشؤون الداخلية الفلسطينية، لكن يجب الانتباه إلى أن لكل وسيلة إعلام أجندتها الخاصة، وقناة الجزيرة ليست استثناءً، حيث تعتمد في تغطياتها على التركيز الانتقائي بما يخدم سياساتها وأهدافها، وهذا هو حال الإعلام ومنصاته، إذ تعمل كل وسيلة وفق سياستها التحريرية".
وتشير القاسم إلى أن الواقع الفلسطيني المعقد يتطلب إعلاماً مهنياً يقدم الحقائق بمصداقية بعيداً عن التحريض وخطاب الكراهية، لكن القاسم تعتبر أن معظم وسائل الإعلام تغطي الأحداث بما يتناسب مع مصالحها ورؤيتها.
وتشير القاسم إلى أن قرار وقف بث قناة الجزيرة استند، وفقاً للسلطة، إلى القوانين الفلسطينية التي تفرض على وسائل الإعلام الالتزام بالدقة والنزاهة وتجنب نشر ما يثير التعصب والكراهية.
وتشدد القاسم على أن إغلاق المحطات الإعلامية في العصر الرقمي لم يعد إجراءً ذا أهمية كبيرة، نظراً للتطور التكنولوجي وإمكانات البث والانتشار الهائلة التي تمتلكها وسائل الإعلام الحديثة.
وتدعو القاسم إلى ضرورة التركيز على تعزيز المهنية الإعلامية في فلسطين، مشيرة إلى أن المرحلة الراهنة تتطلب معالجة القضايا الداخلية بروح من المسؤولية، بعيداً عن التصعيد الإعلامي الذي يعمق الانقسامات.
حرية الصحافة هي الركيزة الأساسية لأي نظام ديمقراطي
ويعتبر الصحفي فراس الطويل أن قرار وقف بث قناة الجزيرة وتجميد أعمالها مؤقتاً يمثل انتهاكاً صريحاً للقانون الأساسي الفلسطيني الذي يضمن حرية الإعلام والتعبير، مشيراً إلى أن هذا القرار يعد سابقة خطيرة تهدد عمل الصحفيين واستقلاليتهم.
ويؤكد الطويل أن مثل هذه الخطوة ليست فقط غير قانونية، بل تعرّض منظومة العمل الصحفي لقيود غير مسبوقة، وتحرم الجمهور من حقه الأساسي في الوصول إلى المعلومات.
ويقول الطويل: "إن حرية الصحافة هي الركيزة الأساسية لأي نظام ديمقراطي، وأي مساس بها يُعدّ تهديداً مباشراً لدور الإعلام في مساءلة ومراقبة السلطات".
ويعتبر الطويل أن تكميم الأفواه والتضييق على وسائل الإعلام لا يؤدي إلا إلى تعزيز الانغلاق الإعلامي والسياسي، وهو أمر يضر بالمصلحة العامة ويضعف الثقة بالمؤسسات.
ويشدد الطويل على أن الحظر الإعلامي في العصر الرقمي فقد فعاليته، حيث توفر المنصات الرقمية والوسائل الحديثة خيارات متعددة للوصول إلى المعلومات.
ويقول الطويل: "في وقت باتت فيه المعلومات متاحة للجميع عبر الإنترنت، تبدو هذه الإجراءات غير مجدية، بل تسهم فقط في تشويه صورة الجهات التي تتبناها، سواء على المستوى المحلي أو الدولي".
ويؤكد الطويل أن "الصحافة ليست مجرد مهنة، بل هي حق المجتمع في أن يُسمع صوته ويُسلَّط الضوء على القضايا التي تمسه مباشرة."
ضمان حق الجمهور في الوصول إلى المعلومات
ويشدد الطويل على أن القرار يتناقض مع القيم الديمقراطية التي ينادي بها القانون الفلسطيني، ويشكل سابقة قد تُستخدم لتبرير قيود إضافية على وسائل الإعلام مستقبلاً.
ويدعو الطويل الصحفيين والمؤسسات الإعلامية إلى الوقوف صفاً واحداً في وجه هذه القرارات التي تهدد مستقبل المهنة.
ويقول الطويل: "علينا أن نرفض هذه الإجراءات ليس فقط لحماية حقوقنا كصحفيين، بل أيضاً لضمان حق الجمهور في الوصول إلى المعلومات بالطريقة التي يختارها".
ويحذّر الطويل من أن مثل هذه القرارات تُضعف صورة فلسطين أمام المجتمع الدولي، وتتناقض مع التزاماتها تجاه الحريات العامة.
ويقول الطويل: "المعركة من أجل حرية الإعلام ليست معركة الصحفيين وحدهم، بل هي معركة كل مواطن يدافع عن حقه في معرفة الحقيقة".
قرار لا يستند إلى مسوغات إعلامية مهنية
وقال الصحفي مراد السبع إن قرار السلطة الفلسطينية وقف بث وتجميد عمل قناة الجزيرة يفتقر إلى الأسس القانونية والمهنية، مرجعاً السبب الرئيسي وراء القرار إلى رؤية السلطة للجزيرة كجهة إعلامية ذات طابع حزبي مرتبط بالدعم القطري لحركة حماس.
ويقول السبع: "لا أعتقد أن القرار بشأن الجزيرة يستند إلى مسوغات إعلامية مهنية تتعلق بالتحريض أو التدخل في الشأن الداخلي الفلسطيني. الأمر يبدو أقرب إلى قرار فئوي وحزبي أكثر منه سياسي".
ويشير السبع إلى أن القانون الأساسي الفلسطيني يكفل حرية الرأي والتعبير، لكن السبع يتساءل عن مدى الالتزام الحقيقي بهذا القانون في ظل القرار الأخير. ويقول السبع: "إذا افترضنا أن هناك قانوناً أساسياً يتم تطبيقه، فإن هذا القرار يخالف مبادئه، إذ لم تُثبت أي تهمة تحريض ضد الجزيرة بشكل واضح، فالتحريض هنا مفهوم فضفاض، وكان يتوجب على السلطة أن تقدم تحذيراً مسبقاً إذا رصدت مواد إعلامية تحريضية، ثم تصدر قراراً قضائياً محدد المدة بناءً على ذلك، لكن ما حدث هو اتخاذ قرار متسرع عبر اللجنة الوزارية الثلاثية".
ويؤكد السبع أن القرار سيترك أثراً سلبياً على صورة السلطة الفلسطينية على الصعيدين الداخلي والدولي.
القرار سيظهر السلطة كجهة تقمع حرية الرأي
ويضيف: "هذا القرار سيؤثر على صورة السلطة كجهة تقمع حرية الرأي والتعبير، ويُظهر أن الفلسطينيين ليسوا موحدين في رؤيتهم السياسية والإعلامية، وهذه الصورة قد تقلل من الدعم الدولي للقضية الفلسطينية، إذ سيُفسّر الموقف على أنه صراع داخلي بين أطراف غير متفقة".
وفيما يتعلق بتبرير السلطة القرار بأنه يهدف إلى "تصويب الوضع القانوني" للقناة، يصف السبع هذا التبرير بأنه "واهٍ ولا أساس له من الصحة".
ويقول السبع: "الجزيرة تعمل منذ تأسيسها في فلسطين، وتقوم بتجديد تراخيصها سنوياً وفق الإجراءات المعمول بها، وإن كانت هناك أي تقصيرات قانونية، فالأمر الطبيعي أن تقوم الجهات المختصة بإنذار القناة وليس إغلاقها بشكل مفاجئ".
ويشدد السبع على أن معالجة هذا الملف كانت تحتاج إلى اتباع مسار قانوني واضح وشفاف، مشيراً إلى أن الإجراءات غير المدروسة تُضعف مصداقية الخطاب السياسي الفلسطيني وتعزز الانقسام الداخلي.
ويؤكد السبع على أهمية التمسك بحرية الإعلام كركيزة أساسية لأي نظام ديمقراطي، محذراً من أن مثل هذه القرارات قد تعمق حالة التشتت السياسي والإعلامي الفلسطيني.
دلالات
عمر احمد الدجاني قبل يوم واحد
يعني السلطة الفلسطينية تركت الاحتلال الصهيونى يقتحم مدن وقرى وبلدات فلسطينية في الضفة الغربية وما عملت شي يعني لا شو الأجهزة الأمنية الفلسطينية موجودة ليش ما يدافعو عن الشعب الفلسطيني لما قوات الاحتلال
محمد قبل 2 أيام
يجب محاسبة المسؤول الذي انسحب من المقابلة مع الجزيرة هذا اولا ثم يا من تدعون نفسك بابي فارس تكلم عن نفسك ولا تجملنا معك
ابو فارس قبل 2 أيام
احنا اهل البلد مع القرار ويجب اغلاقها نهائي وعلى هؤولاء المحللين يحلو عنا هم والجزيرة
فلسطيني قبل 2 أيام
قناة الجزيرة هي الوحيدة التي فضحت اسراىيل على جرائمها في كل العالم وفي فلسطين بالذات وخاصة غزة وهي نافذتنا إلى الخارج والمتحدثة باسمنا
الأكثر تعليقاً
دروس "الطوفان" وارتداداته (1)... قول في النصر والهزيمة
حجب قناة الجزيرة في فلسطين.. محللون يعتبرونها خطوة متسرعة ويطالبون السلطة بالتراجع عنها
قرار بوقف بث وتجميد كافة أعمال فضائية الجزيرة والعاملين معها ومكتبها في فلسطين
"حارس أملاك الغائبين".. الحرامي يسطو على أراضي السكان الأصليين
ارتفاع قيمة ضريبة المغادرة عبر معبر الكرامة
مقتل عنصر من الأجهزة الأمنية بحادث عرضي في مخيم جنين
وزيرة خارجية ألمانيا من دمشق: أوروبا لن تمول "هياكل إسلامية"
الأكثر قراءة
"سرايا القدس": إنقاذ أسير إسرائيلي حاول الانتحار
نواب في الكنيست يطالبون "كاتس" بتدمير كافة مصادر الماء والغذاء والطاقة في قطاع غزة
شهادات جديدة لعدد من معتقلي غزة في سجن "النقب"
قرار بوقف بث وتجميد كافة أعمال فضائية الجزيرة والعاملين معها ومكتبها في فلسطين
القبض على "عزرائيل" سجن صيدنايا في سوريا
دروس "الطوفان" وارتداداته (1)... قول في النصر والهزيمة
وزيرة خارجية ألمانيا من دمشق: أوروبا لن تمول "هياكل إسلامية"
أسعار العملات
السّبت 04 يناير 2025 10:26 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.65
شراء 3.64
دينار / شيكل
بيع 5.15
شراء 5.12
يورو / شيكل
بيع 3.75
شراء 3.72
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%59
%41
(مجموع المصوتين 348)
شارك برأيك
حجب قناة الجزيرة في فلسطين.. محللون يعتبرونها خطوة متسرعة ويطالبون السلطة بالتراجع عنها