أقلام وأراء
الإثنين 09 ديسمبر 2024 11:04 صباحًا - بتوقيت القدس
البقعة السوداء
أَعلَم أن العنوان سيثير تساؤل الكثيرين منكُم، لكنّك أيها السائل ستجِد الجواب الشافي إن واصَلت القراءة حتى النهاية!
مَرحبًا بكم مِنَ البُقعة السوداء.. من نهاية سنة 2023 إلى بداية سنة 2024 وحتى وصولنا نهايتها.. كم أصبحت الحياة ساذجة في أعيننا في هذه السنة التي مرّت علينا كأنها قَرن!
بدأ بِي الحال هُنا. حيث إنني أُلزمت على مغادرة مدينتي إلى رام الله للبحث عن وظيفة لي، كان اليوم الأول الذي أحمل فيه بعضًا من ثيابي وأغادر مكاني، وكنت أظنّ ذلك أسهل مما كان عليه، وكَم كانت المسافة قريبة قَبل بداية السابع من أكتوبر، لكنها أصبحت اليوم أبعد مما توقعت.
وصلنا إلى حاجز مُغلق، يتطلب العبور منه الكشف عن هويتك الشخصيّة وتنقيب هاتفك المحمول بحثًا عن أي معلومة تمنح الجنود ذريعة لمصادرة حياتك إلى الأبد. وقفَت السيارة، جاء دوري لفحص هويتي وتصويرها والبحث عن ملامح وجهي عَبرها.. أتدرون كم استغرق الوقت حينها؟ ساعة ونصف الساعة بالتمام والكمال ونحن ننتظر دورنا، بالطبع ما لا تعرفونه أننا على هذا الحاجز أمامنا خياران، إما الحياة بمذلة الانتظار أو الموت.
كُلّ شيء أصبح اليوم بعيدًا، وكُلّ شيء اختلف ديموغرافيًا، هُنا أصبحت الفصول واحدة، والأيام متشابهة مع زيادة الأخبار الدامية التي نسمعها كلّ يوم، مع نقصان أعمارنا وخذلان أصواتنا.
يا لمسافة الطريق التي اجتازها اليوم كي أشتم رائحة الخليل التي اعتدتها دائمًا منذ سنوات طويلة!
يا لصعوبة كُل شيء مَرّ بِنا من اكتوبر الماضي للآن، فقد كان أضعافَ عذاب سنة واحدة!
ويا لكثرة الحواجز التي وُضِعَت، والطرق التي أُغلقت ولا نستطيع أن نَخطو عليها ولا أن نراها مرة أخرى!
كانت آخر مرّة أذهب فيها إلى الخليل صعبة لأنني لم أعد أعرف الطُرق، ورغم أن روحي تحفَظ المكان عن ظهر قلْب فإنني كدتُ لا أعرفها جيدًا، فملامحها كادت تختفي، وكان كُل شيء مختلفًا تمامًا عمًا كان قبل أشهر..
أذكر كم كانت الطريق صعبة ومرهقة وطويلة ومُختلفة لدرجة أنني لم أعرفها.
خلال سنة واحدة، أصبح السفر من رام الله إلى الخليل وكأنه سَفَر كامل من فلسطين إلى أوروبا بطائرة من الأردن إلى تركيا مع ساعة استراحة لنفسك في فندق، ثم البدء برحلتك والاستمتاع بها..
إن نظرنا بدقّة وتعمّقنا في السؤال: على ماذا يذهب يومُنا؟ نرى أننا نعيش على خط الحواجز وتسكير الطرقات، وبأن وجوهنا يعلوها الانتظار الطويل للوصول إلى الوجهة التي نريدها هذا اليوم. آه كم نتألم كوننا أبناء ضفة، إذ إننا نَكبر عُمرًا ونحن ننتظر فتح المعبر! وكم يتألم الآن أبناء القطاع من التهجير والمجازر التي تحدث على مدار الساعة هُناك..
نعم، أنا من الجنوب وتحديدًا جنوب فلسطين العظيمة، أتمزق كثيرًا داخلي حيث يعتَصِرني الألم شوقًا لأهلي، لمدينتي.. ولكن كُل شيء أجبرني أن أكون في مكاني الآن، نظرًا لقلة الفرص وضيق العيش في المدن كلّها.
الأمر مُرهق والبلاد مُظلمة، وبِتُّ لا أرى السماء من سوء الطرق التي فُتحت بديلة عن الأصلية التي قد تصبح بيوتًا للمستوطنين في ما بعد. وها نحن على مشارف اختفائنا بالكامل. كُنا نملك جزءًا منها ومن أرضها، ولكن هل ستبقى معنا كواقع؟ أم ستظل باقية في أرواحنا للأبد.؟ هل سنعود كي نراها؟ أم أننا لن نبصرها بعد فترة من الزمن!
إننا نتقلص كَفلسطين ونذوب كشمعة في ليل ينتظره انتهاء الحرب والعودة بنا إلى ما قبل السابع من أكتوبر،
إننا نَختفي وكل يوم نفقد جزءًا منا؛
نفقد أحلامنا،
نفقد أرواحنا،
نفقد عَملنا الذي نحب،
نفقد حياتنا،
نفقد وطننا.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
عندما يتحمل الفلسطيني المستحيل
حديث القدس
المشهد الراهن والمصير الوطني
جمال زقوت
الخيار العسكري الإسرائيلي القادم
راسم عبيدات
ترامب في خدمة القضية الفلسطينية!!
د. إبراهيم نعيرات
ما المنتظر من لقاء نتنياهو وترامب؟
هاني المصري
زكريا الزبيدي تحت التهديد... قدّ من جبال فلسطين
حمدي فراج
هل وصلت الرسالة إلى حماس؟
حمادة فراعنة
مجدداً.. طمون تحت الحصار
مصطفى بشارات
بين الابتكار وحكمة التوظيف .. الذكاء الاصطناعي يعمق المفارقات !
د. طلال شهوان - رئيس جامعة بيرزيت
الطريق إلى شرق أوسط متحول: كيف نحافظ على السلام في غزة مع مواجهة إيران
ترجمة بواسطة القدس دوت كوم
عيد الربيع يصبح تراثاً ثقافياً غير مادي للإنسانية
جنيباليا.. مأساة القرن
حديث القدس
لقاء نتنياهو- ترمب ومصير مقترح التطهير العرقي ووقف الإبادة
أحمد عيسى
"الأمريكي القبيح" واستعمار المريخ
د. أحمد رفيق عوض
رافعة لفلسطين ودعماً لمصر والأردن
حمادة فراعنة
"ترمب" والتهجير الخبيث!
بكر أبو بكر
تحويل الضفة إلى غيتوهات
بهاء رحال
من أين جاؤوا بنظرية "الضعيف إذا لم يُهزم فهو منتصر" ؟
د. رمزي عودة
محمد الطوس "أبو شادي" يبعث من جديد بعد أربعين سنة
وليد الهودلي
الذكاء الاصطناعي في التعليم.. قفزة نحو المستقبل أم تحدٍّ أخلاقي يلوح في الأفق؟
سارة الشماس
الأكثر تعليقاً
من أين جاؤوا بنظرية "الضعيف إذا لم يُهزم فهو منتصر" ؟
الاحتلال يفرج عن الدفعة الرابعة من المعتقلين ضمن اتفاق وقف إطلاق النار
الترامبيّة المُتحوّرة!
استراتجية أم تكتيك؟ تصريحات أبو مرزوق تلقي حجراً في المياه المتدفقة
الرئيس يطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لوقف العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية
21 اقتحامًا للأقصى ومنع رفع الأذان 47 وقتاً في الإبراهيمي الشهر الماضي
المشهد الراهن والمصير الوطني
الأكثر قراءة
إعلام عبري: نتنياهو يناقش خطط عودة الجيش الإسرائيلي إلى غزة
الشرطة الإسرائيلية تعتقل 432 عاملا فلسطينيا داخل أراضي 1948
ترامب: لا ضمانات لدي أن الهدنة بين إسرائيل وحماس ستصمد
مستعمرون يقتحمون مبنى "الأونروا" في حي الشيخ جراح
ترامب يبحث الثلاثاء مع نتنياهو سيناريوهات التهجير لغزة واحتمال العودة للحرب
مارتن أولينر يدعو إلى دعم خطة ترامب للتهجير.. "سكان غزة لا يستحقون الرحمة"
استراتجية أم تكتيك؟ تصريحات أبو مرزوق تلقي حجراً في المياه المتدفقة
أسعار العملات
الثّلاثاء 28 يناير 2025 12:16 مساءً
دولار / شيكل
بيع 3.61
شراء 3.6
دينار / شيكل
بيع 5.09
شراء 5.08
يورو / شيكل
بيع 3.77
شراء 3.76
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%55
%45
(مجموع المصوتين 554)
شارك برأيك
البقعة السوداء