أقلام وأراء
الثّلاثاء 13 أغسطس 2024 9:39 صباحًا - بتوقيت القدس
التعليم الأكاديمي في فلسطين: استثمار في المستقبل وتحدٍ للواقع الراهن
تلخيص
التعليم الأكاديمي في فلسطين ليس مجرد وسيلة للحصول على شهادة جامعية أو وظيفة؛ بل هو استثمار لا خسارة فيه، وسلاح معنوي وثقافي للشعب الفلسطيني يواجه به التحديات، بما فيها الاحتلال الإسرائيلي.
الإصرار على التعليم يبقى رمزاً لصمود الفلسطينيين، يجسد احترام العلم والتعلم كجزء من الهوية والثقافة الفلسطينية، فكان وما زال السبيل لتحقيق التنمية والتطلع إلى الحياة والمستقبل، لمساهمته في تنمية المجتمع اقتصادياً وثقافياً وغيرها.
التعليم الجامعي هو أداة لتعزيز العلم والمعرفة والابتكار، ورحلة في اكتشاف الذات وتطوير للمهارات و حافز للتغيير ومصدر للإلهام، ومن خلال التعليم، ينمو الفرد وينضج ويصبح قادراً على التحليل، ويتعلم بأبعاد متعددة: شعورياً ومعرفياً وحسياً، فالتعليم الجامعي رحلة تعليمية تساعد الفرد على الاستقلالية وتكوين الشخصية، وتفتح أمامه آفاقاً جديدة.
في السنوات الأخيرة، تصاعد النقاش حول جدوى الحصول على الشهادات العليا وأهميتها في ظل متطلبات وظائف العصر الحالي. البعض رأى أن الشهادة الجامعية لا تزال العامل الأساسي للنجاح المهني، وأن المهارات العملية والتجارب هي التي يجب أن تكون في المقدمة.
وهناك من يرى أن المهارات والتجارب هي الأكثر أهمية في بيئة العمل المتغيرة، وأن القدرة على التكيف مع المتغيرات والتعلم من التجربة هي المفتاح للنجاح في ممارسة العمل.
في المقابل، يعارض البعض التقليل من قيمة الشهادات الجامعية، مؤكدين أن التعليم الأكاديمي هو الحجر الأساس لبناء المعرفة والمهارات، وهو ليس مجرد شهادة، وهو الإطار النظري الذي ينمي القدرات العقلية والتحصيل العلمي، مكملا للمهارات العملية التي يحتاجها سوق العمل.
يواجه الطالب الجامعي اليوم، تحديات تتمثل في أن سوق العمل يتغير كل خمس سنوات أو أكثر قليلا، فما هو رائج اليوم قد لا يكون بذات الأهمية بعد تخرجه، فيجد الطالب نفسه أمام واقع جديد حيث يمتلئ السوق بالمجالات والتخصصات التي كانت تعتبر واعدة أمامه.
وأمام هذا التغير، أصبح من الضروري أن تكون المرجعية الأساسية في التعليم، هي القدرة على أداء المهام والاستمتاع بها، إلى جانب الشهادة الجامعية، فالرغبة قد تتغير ولكن امتلاك المهارات والقدرة على التكيف تبقى عوامل أساسية للنجاح.
والقلق من اختيار التخصص هو شعور طبيعي لطالب الثانوية العامة، خاصة في ظل التحولات المستمرة في سوق العمل، ومن البديهي أن يرغب الطلاب في اختيار تخصص يساعدهم في الحصول على الوظيفة، فاختيار التخصص حاجة أساسية ولكن ليس حكماً غير قابل للاستئناف، ومن الطبيعي أن يشعر الطالب بالحيرة في الاختيار، وقد يجد الطالب نفسه يتساءل خلال دراسته أو بعد التخرج: ماذا لو درست تخصصاً آخر؟ وهذا سؤال مشروع، لأن الإنسان دائم التغير والتطور، الأهم أن ندرك أن التخصص هو بداية رحلة طويلة مليئة بالتجارب.
هذه المشاعر هي جزء من عملية اكتشاف الذات، التي تحدثت عنها في سياق التعليم، فالحياة مليئة بالتغيرات، وحياتنا اليوم عبارة عن مراحل واهتمامات متجددة، واهتمامات اليوم ليست كما هي الاهتمامات قبل سنوات.
على الطالب أن يستمتع برحلته الجامعية، فالرحلة أهم من الوجهة والاختيار، وأساسية لاكتشاف الذات ومواجهة التحديات، وعليه أن يتأكد أن الفرص متوفرة دائماً، ويجب استغلالها وعلينا إدراك أن القدرات الفطرية للإنسان تتطور مع كل تجربة تعلم.
وكلما تعلم الفرد، زادت استقلاليته وتكوينه الشخصي، فمثلاً، تعلم اللغات يفتح آفاقاً جديدة في التواصل مع الآخرين دون الحاجة لمترجم، وهذا مثال واحد على كيف التعليم يساهم في تطوير مهارات متعددة في جوانب الحياة المختلفة، وهكذا في بقية التخصصات المختلفة.
وكما أن التقدم في المسيرة التعليمية، يعزز من فرص اكتشاف الذات وبناء الشخصية، ويمهد الطريق لتحقيق النجاح في الحياة الشخصية والمهنية.
أن تنويع التجارب هو إحدى الركائز المهمة في عملية التعلم واكتشاف الذات. على سبيل المثال، قد يجد الشخص نفسه شغوفا برياضة معينة مثل السباحة، معتقداً أنها الأنسب له، ولكن عندما يجرب رياضة جديدة مثل التنس، قد يكتشف أن هذه الرياضة تمنحه متعة أكبر مما كان يتصور.
هذا المثال ينطبق على جوانب الحياة كافة، بما فيها المجال المهني، فقد يبدأ الشخص مسيرته العملية كمحاسب أو معلم، ومن ثم يجد نفسه لاحقا في وظيفة أخرى ويتساءل: أين كنت من هذا العمل؟ التجارب المتنوعة تفتح أمامنا فرص جديدة، وتبرز مهارات وإمكانيات لم ندركها من قبل، والتعليم نقطة البداية الذي لا ينتهي بانتهاء المرحلة الأكاديمية بل يمتد ليشمل التجارب المهنية والشخصية المتنوعة.
وفي ظل التطور العلمي والتكنولوجي، أصبح من الضروري أن ندرك أن الاستثمار في التعليم المهني والتقني استثمار في مستقبل أبنائنا، وهذا النوع من التعليم لا يساهم فقط في تنويع الاقتصاد وزيادة الإنتاجية، بل يساعد أيضا في إعداد الأجيال القادمة لمواجهة تحديات سوق العمل بمرونة وكفاءة.
في النهاية، يبقى التعليم المحرك الأساسي للتنمية ويُقاس تقدم الشعوب والدول بمدى اهتمامها بالتعليم ولضمان أن يكون تعليمنا مواكباً لتحديات العصر وقادراً على تمكين الشعب الفلسطيني من تحقيق أحلامه وطموحاته، فلا بد من الاستثمار في التعليم، وتقديم خدمات تعليمية متطورة، معتمدة على التكنولوجيا الرقمية والمناهج الحديثة لنبني المستقبل ونتحدى الحاضر.
..............
كلما تعلم الفرد، زادت استقلاليته وتكوينه الشخصي، فمثلاً، تعلم اللغات يفتح آفاقاً جديدة في التواصل مع الآخرين دون الحاجة لمترجم، وهذا مثال واحد على كيف التعليم يساهم في تطوير مهارات متعددة في جوانب الحياة المختلفة.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
الاحتلال الإسرائيلي يتوغل في القنيطرة السورية ويعتقل راعيا
الأكثر قراءة
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 81)
شارك برأيك
التعليم الأكاديمي في فلسطين: استثمار في المستقبل وتحدٍ للواقع الراهن