أقلام وأراء
السّبت 10 أغسطس 2024 9:52 صباحًا - بتوقيت القدس
عندما يُشربُ بدمائنا لبناً
تلخيص
جُلنّا سمع بالحرب الطاحنة والطويلة التي وقعت في العصر الجاهلي بين قبيلتي بني بكر وتغلب والتي عُرفت بإسم حرب "البسوس" نسبة لرأس الفتنة والشر البسوس بنت منقذ التميمية. هذه الحرب التي كانت بسبب قتل البكري جساس بن مُرّة، وائل بن ربيعة التغلبي والمشهور في التاريخ بـ"كليب" . وقد قاد التغلبيين في هذه الحرب شقيق القتيل سالم بن ربيعة المشهور بـ"الزير سالم"، والذي رفض الدية وكل أشكال الصلح مع أبناء عمومته، وكان شعاره أن لا يُبقي من البكريين طفلاً ولا شيخاً ولا أمرأة . ويعود هذا الرفض القاطع من الزير وبشدة لكل وساطات العرب في قضية الصلح، وإعطاء الدية إلى تلك الكلمات التي قالها له شقيقة المغدور "كليب" قبل مقتله بمدة قصيرة، بعد أن نشب بينهما خلاف في الفترة التي كانت النفوس تمتلىء حقداً وتتأجج بين بني بكر وتغلب، إذ أثرت فيه تلك الكلمات، وكان أثرها عميقاً في نفسه، وكانت تحمل رسائل التحقير له وتصوره بالعاجز والمتخاذل الجبان. فقال وائل في تلك المشاحنة لأخيه سالم (والله لو قُتلتُ ما أخذت بدمي إلا اللبن). أي أراد وائل أن يُحقّر أخيه ويحط من شأنه، وهو كناية عندهم عن بيع دم القريب بتوافه الأمور، وهي مهانة ومسبة في عرف العرب آنذاك ...
إن الناظر لحالنا في هذا العصر والآوان يجد أن دماءنا وأعراضنا أصبحت رخيصة بعد أن تولى أمور حياتنا من ليسوا من جلدتنا ولو تسموا بإسمائنا. فالدماء التي تُراق من أبناء الأمة في الصباح والمساء ومن مشرقها لمغربها لا ثمن لها عند حكامنا وقادة أمورنا إلا أخذهم وشربهم اللبن مقابلها، بل باعونا بما هو أقل من اللبن، وشربوا دية لنا ما هو دونه.
إن المعادلة والمفارقة تكمن بين ذاك العصر وقادته، وعصرنا ومن تولى شؤوننا أن "الزير سالم" رفض أن يأخذ بدل دم أخيه لبناً لأنه يجسد الأخوة الحقة، ولقطع الطريق على كل الساعين للدية مقابل عدم أخذ الثأر، قال على لسان طفلة شقيقة كليب "اليمامة" قولاً مستحيلاً أمام كل وجهاء القبائل العربية الساعية لمنع الحرب إذ قالت: "أريد أبي حيّاً". واليوم من تولى أمورنا نقضاء لنا في كل شيء بل أتخذوا شعوبهم والأمة عدوا لهم ولا أخوّة بينهم وبين الأمة بل يبيعوننا في أسواق النخاسة بأقل الأثمان، وأرخص الأشياء.
إن سبيل خلاصنا من هذا الواقع المظلم لا يكون إلا بعودتنا كتلة واحدة، يحكمها ويرعاها من يتقي الله فيها ويحس أنه جزءٌ من هذه الأمة، فلا يأخذ بدل دمائنا المراقة ظلماً وبغياً اللبن، بل يقول لكل المعتدين علينا، وكل من يريق منّا قطرة دم، كما قال من سبقه ممن تولى حكمنا ورعايتنا لملك الصليبين: "لا ، والله لا تُروع بك مسلمة أبداً".
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
عندما يتحمل الفلسطيني المستحيل
حديث القدس
المشهد الراهن والمصير الوطني
جمال زقوت
الخيار العسكري الإسرائيلي القادم
راسم عبيدات
ترامب في خدمة القضية الفلسطينية!!
د. إبراهيم نعيرات
ما المنتظر من لقاء نتنياهو وترامب؟
هاني المصري
زكريا الزبيدي تحت التهديد... قدّ من جبال فلسطين
حمدي فراج
هل وصلت الرسالة إلى حماس؟
حمادة فراعنة
مجدداً.. طمون تحت الحصار
مصطفى بشارات
بين الابتكار وحكمة التوظيف .. الذكاء الاصطناعي يعمق المفارقات !
د. طلال شهوان - رئيس جامعة بيرزيت
الطريق إلى شرق أوسط متحول: كيف نحافظ على السلام في غزة مع مواجهة إيران
ترجمة بواسطة القدس دوت كوم
عيد الربيع يصبح تراثاً ثقافياً غير مادي للإنسانية
جنيباليا.. مأساة القرن
حديث القدس
لقاء نتنياهو- ترمب ومصير مقترح التطهير العرقي ووقف الإبادة
أحمد عيسى
"الأمريكي القبيح" واستعمار المريخ
د. أحمد رفيق عوض
رافعة لفلسطين ودعماً لمصر والأردن
حمادة فراعنة
"ترمب" والتهجير الخبيث!
بكر أبو بكر
تحويل الضفة إلى غيتوهات
بهاء رحال
من أين جاؤوا بنظرية "الضعيف إذا لم يُهزم فهو منتصر" ؟
د. رمزي عودة
محمد الطوس "أبو شادي" يبعث من جديد بعد أربعين سنة
وليد الهودلي
الذكاء الاصطناعي في التعليم.. قفزة نحو المستقبل أم تحدٍّ أخلاقي يلوح في الأفق؟
سارة الشماس
الأكثر تعليقاً
من أين جاؤوا بنظرية "الضعيف إذا لم يُهزم فهو منتصر" ؟
الاحتلال يفرج عن الدفعة الرابعة من المعتقلين ضمن اتفاق وقف إطلاق النار
الترامبيّة المُتحوّرة!
استراتجية أم تكتيك؟ تصريحات أبو مرزوق تلقي حجراً في المياه المتدفقة
الرئيس يطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لوقف العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية
21 اقتحامًا للأقصى ومنع رفع الأذان 47 وقتاً في الإبراهيمي الشهر الماضي
المشهد الراهن والمصير الوطني
الأكثر قراءة
إعلام عبري: نتنياهو يناقش خطط عودة الجيش الإسرائيلي إلى غزة
الشرطة الإسرائيلية تعتقل 432 عاملا فلسطينيا داخل أراضي 1948
ترامب: لا ضمانات لدي أن الهدنة بين إسرائيل وحماس ستصمد
مستعمرون يقتحمون مبنى "الأونروا" في حي الشيخ جراح
ترامب يبحث الثلاثاء مع نتنياهو سيناريوهات التهجير لغزة واحتمال العودة للحرب
مارتن أولينر يدعو إلى دعم خطة ترامب للتهجير.. "سكان غزة لا يستحقون الرحمة"
استراتجية أم تكتيك؟ تصريحات أبو مرزوق تلقي حجراً في المياه المتدفقة
أسعار العملات
الثّلاثاء 28 يناير 2025 12:16 مساءً
دولار / شيكل
بيع 3.61
شراء 3.6
دينار / شيكل
بيع 5.09
شراء 5.08
يورو / شيكل
بيع 3.77
شراء 3.76
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%55
%45
(مجموع المصوتين 553)
شارك برأيك
عندما يُشربُ بدمائنا لبناً