أقلام وأراء
الإثنين 20 مايو 2024 8:41 صباحًا - بتوقيت القدس
شاهد على مصر والقضية الفلسطينية

تلخيص
د. محمد السيد سعيد، رحمه الله، وأنا ذهبنا لمقابلة «أبو مازن» فى واحدة من أمسيات ربيع ١٩٨٩، بناء على طلب من الأستاذ لطفى الخولى رحمه الله وتوصية من الرئيس ياسر عرفات بأنه الشخص المناسب الذى يتحدث معنا عن الاستراتيجية الفلسطينية، ونتحدث معه ونعطيه الدراسة التى قمنا بها عن تجارب حركات التحرر الوطني الجارية فى العالم.
كنا قد حضرنا ذكرى استشهاد أبو جهاد، خليل الوزير، وهناك قابلنا لأول مرة منذ ثورة الطلبة المصريين فى مطلع السبعينيات د. سمير غطاس الذى صار اسمه محمد حمزة فى غمرة الكفاح الفلسطينى. كان الموعد المحدد لنا هو منتصف الليل تقريبا فى مبنى رقيق الحال فى العاصمة التونسية، وما أن دخلنا حتى وجدنا خلية نحل لا تعرف فارقا بين الليل والنهار.
جلس معنا من صار بعد ذلك خليفة لعرفات تحت اسمه الأصلى «محمود عباس»، ومعه حزمة من العقول الفلسطينية الدارسة للعلوم السياسية والعارفة بالكثير من النظريات الاستراتيجية والمختلفة من حيث «القماشة» الدراسية و«النوعية» «الجهادية» عن تلك التى تحدثنا معها واستمعنا إليها خلال الأيام الماضية. فى هذا المبنى كانت هناك طائفة فلسطينية تجعل الصراع مع إسرائيل عملية عقلية صبورة وليست حريق كلمات حماسية عن مستقبل موعود.
وهكذا دار الحوار وسلمنا الدراسة التى لم يكن منها إلا نسخة وحيدة للأسف، وعند مطلع الفجر وفى طريق العودة إلى الفندق كنا أكثر اطمئنانا وأقل سخطا على «القضية الفلسطينية»، وكان باديا أن الانتفاضة الفلسطينية لم تفرز جيلا جديدا من القيادات الفلسطينية فقط وإنما ولدت معها فكراً جديداً يقوم على اختراق العالم ومعه إسرائيل. المجموعة كانت أكثر فهما وأكثر قدرة على استيعاب ما قام به الرئيس السادات من قبل.
عدنا من تونس على وعد بلقاءات أخرى سوف تحدث بعد ذلك، وهو ما لم يتحقق كما هى العادة، ولم يكن ذلك لإهمال وإنما لأنه مع مطلع عقد التسعينيات كان العالم العربى قد تعرض لأكبر محنة عرفها فى العصر الحديث: الغزو العراقى للكويت. كان الرئيس صدام حسين قد اختطف دولة عربية أخرى ذات سيادة، وأعلن أنه طالما أن إسرائيل تحتل فلسطين فإن من حقه احتلال الكويت ولا يستطيع الجلاء عنها إلا بعد جلاء إسرائيل.
الحرب شهدت إطلاق الصواريخ العربية على تل أبيب من بغداد، ومعها جرى إطلاقها على الرياض فى المملكة العربية السعودية. خرج الفلسطينيون فى الضفة الغربية وقطاع غزة يرقصون احتفالا بضرب إسرائيل دون أسف على ضرب بلد عربى آخر. الطريف والحزين وقتها كان أن اجتمع عدد من الجماعات المعارضة العربية- من اليسار واليمين- على بقاء الاحتلال مع التغطية على ذلك بحل عربى للقضية، رغم معرفة الجميع أن ذلك لن يحدث أبدا. فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية كان هناك اثنان فقط اللذان سارا فى هذا الاتجاه، أما الغالبية فقد اختارت أن مصالح مصر العليا والمصلحة العربية هى ضرورة رفض المغامرة العراقية الكارثية.
تسببت الحرب فى حالة من الانقسام داخل كل المنظمات العربية التى عرفت بالدفاع عن القضية الفلسطينية من منطلقات عروبية، ومن ناحيتى أصبحت خارج الصف بالنسبة لمركز دراسات الوحدة العربية، ولأول مرة جرى شق لعلاقة كانت تزداد وثوقا مع أستاذ جيلنا محمد حسنين هيكل. لكن فى الوقت الذى بدا فيه أن الغزو العراقى للكويت قد أزاح القضية الفلسطينية بعيدا، بدا فى الواقع أنها سوف تكون فاتحة انفراجة على القضية التى استعصت على الاقتراب الجدى طوال عقود سابقة. وظهرت الانفراجة عندما أخذت الولايات المتحدة على عاتقها أن تنتهز فرصة الحرب وتحولها إلى فرصة لتحقيق السلام فى الشرق الأوسط.
وبعد ثمانى جولات مكوكية فى المنطقة حصل جيمس بيكر وزير الخارجية الأمريكى على موافقة كافة الأطراف المعنية بما فيها الاتحاد السوفيتى والاتحاد الأوروبى ودول مجلس التعاون الخليجى ومصر والأردن وسوريا ولبنان، وإسرائيل بالطبع. كانت العقدة المتبقية هى كيف يمكن تمثيل الفلسطينيين فى المؤتمر، فتحققت الفكرة التى اقترحتها مصر والأردن وهى أن يكون هناك وفد مشترك من الأردن ومنظمة التحرير ينقسم إلى وفدين وبعدها يصير كل وفد مسؤولا عن نفسه.
جرى تذليل كل العقبات أمام مؤتمر مدريد الذى بزغت فيه قيادات الداخل الفلسطينى مثل حنان عشراوى وصائب عريقات رحمه الله. بات مؤتمر مدريد نقطة فارقة فى فقه المفاوضات، حيث لم ينقسم فقط إلى مفاوضات مباشرة، وإنما أضيف لها مفاوضات متعددة الأطراف، وكان لكل منهم قصة تُحكى.
(عن المصري اليوم)
-----------------------------
كان باديا أن الانتفاضة الفلسطينية لم تفرز جيلا جديدا من القيادات الفلسطينية فقط وإنما ولدت معها فكراً جديداً يقوم على اختراق العالم ومعه إسرائيل.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
زامير والتهديد بالتغيير
حديث القدس
خطاب فانس في ميونخ.. الضلال والسطحية والتطرف
أحمد رفيق عوض
جمعية فلسطين الدولية.. تفوّق نوعي متعدد الطبقات
حمادة فراعنة
مصر صمام الأمان للقضية الفلسطينية ضد مخطط التهجير
رائد عبد الفتاح مهنا
عن السعدنة وطريق السعادين
مصطفى بشارات
الأنظمة وتهجير غزة.. بين "التنمية بالحماية الشعبية" ومواجهة الصهيوأمريكي
د. عادل سمارة
التحول في الترمبية في المرحلة الثانية
رمزي عودة
نتنياهو وتزييف الحقائق
حديث القدس
الحالة الفلسطينية وغياب العقد الاجتماعي
محسن أبو رمضان
الاقتراح المصري خطة وطنية وخطوة ضرورية
بهاء رحال
في القدس.. حرب على الوعي والمناهج والهوية والذاكرة والتاريخ
راسم عبيدات
الشرعية الفلسطينية تمثلها منظمة التحرير
فوزي علي السمهوري
قمة بعد أخرى.. ماذا قدمت القمم العربية للقضية الفلسطينية؟
أمين الحاج
عدالة القضية الكردية وتطلعاتها المشروعة
حمادة فراعنة
أمريكا من المكارثيـة إلى الترامبية
نبهان خريشة
المرسوم الرئاسي وملف الأسرى
دلال صائب عريقات
دون تهجير!
اتفاق مع وقف التنفيذ!
حديث القدس
خطة ترمب نكبة ثانية
عقل صلاح
فرعون العصر والرّد العربي!
بكر أبو بكر
الأكثر تعليقاً
نتنياهو يرفض إدخال الكرافانات لقطاع غزة وترامب يريد تغيير الاتفاق
محاضرة في جامعة القدس للبروفيسور رياض إغبارية حول الموسيقى والدماغ وصحة الإنسان
ترمب.. اسكُت
الاقتراح المصري خطة وطنية وخطوة ضرورية

ترامب يحث إسرائيل بشكل غير مباشر على استئناف الحرب على غزة

القمة العربية المنتظرة هل تستجيب الأمة للمخاطر الوجودية؟
بصمود الغزيين وجهود الوسطاء.. سحب الفتيل من صاعق التهجير!

الأكثر قراءة
"القسام" تعلن أسماء الأسرى الثلاثة المنوي الإفراج عنهم غداً و"إسرائيل" توافق عليهم
إصابة صيادين باستهداف الاحتلال قاربا قبالة ميناء غزة

وصول أطفال مرضى من غزة للعلاج في المستشفيات الإيطالية

الدفاع المدني بغزة: ننتشل جثث الشهداء بمعدات يدوية وبلا وسائل حماية

الاحتلال يحكم على الأسير المقدسي الطفل محمد زلباني بالسجن لمدة 18 عاما
الاحتلال يشن غارة على وسط قطاع غزة

بيان صادر عن حركة حماس بشأن القصف الأخير على جنوب قطاع غزة


أسعار العملات
الأحد 09 فبراير 2025 9:22 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.55
شراء 3.56
دينار / شيكل
بيع 5.01
شراء 5.0
يورو / شيكل
بيع 3.68
شراء 3.67
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%54
%46
(مجموع المصوتين 653)
شارك برأيك
شاهد على مصر والقضية الفلسطينية