يحتفل العالم اليوم في الثالث من آيار باليوم العالمي لحرية الصحافة، وهو اليوم الذي حددته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) لتحيي عبره ذكرى اعتماد إعلان ويندهوك( عاصمة ناميبيا) التاريخي الذي تم في اجتماع للصحافيين الأفارقة في 3 أيار 1991.

كان هدف هذا الإعلان تذكير الحكومات بضرورة احترامها لحرية الصحافة، كما ونصَّ هذا الإعلان على ضمان بيئة إعلامية حرة وآمنة للصحافيين، وكذلك يعتبر الثالث من أيار يوم لتأمل الصحافيين والإعلاميين حول قضايا حرية الصحافة وأخلاقياتها.

وتخصص الأمم المتحدة هذا اليوم للاحتفاء بالمبادئ الأساسية، وتقييم حال الصحافة في العالم، وتعريف الجماهير بانتهاكات حق الحرية في التعبير، والتذكير بالعديد من الصحافيين الذين واجهوا الموت أو السجن في سبيل القيام بمهماتهم في تزويد وسائل الإعلام بالأخبار اليومية.

نتساءل كيف سيتم الاحتفال هذا العام وضمن اية معايير في ظل ما تواجهه غزة منذ سبعة اشهر من سياسات اسرائيلية اعدمت الحقيقة واستهدفت الأقلام الحرة وشوشت على الصورة ووأدت الجسم الصحفي الفلسطيني وقتلت ١٤٦ صحفيا فلسطينيا وعمدت لملاحقة الصحفيين كالفلسطينيين وحتى نشطاء المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي بالاعتقالات والتهديدات والضغوطات ، ومارست سياسة تكميم الأفواه والرقابة والقيود والإقصاء ..

لقد ضربت إسرائيل بعرض الحائط كل القيم والمبادئ والأعراف والمواثيق والقوانين والمعايير الدولية التي تقوم على حماية الصحفيين ، وتضمن الحرية لهم بالتعبير ونقل الاحداث بشكل موضوعي ومحايد ، وأدت ممارسات اسرائيل العدوانية وغير القانونية لفضح ممارساتها وكشفت وجهها الحقيقي الزائف الذي يدعي الديمقراطية وهو بعيد كل البعد عنها ..

ان الحصانة الممنوحة للأجسام الصحفية الفلسطينية اثبتت ضعفها وفشلها ، حيث انها لم تردع اسرائيل ولم تقدم اي نوع من الحماية للصحفيين الذين اصبحوا اهدافا للموت ترصدهم آلة الحرب الاسرائيلية بشكل متعمد ، في محاولات بائسة لمنع الحقيقة من الانطلاق إلى الفضاء العالمي الرحب والواسع ، وطمسها حتى لا تتمكن من فضح ممارسات اسرائيل وجرائمها ومجازرها ، وفي هذا السياق طالت اجراءات الاحتلال ايضًا المؤسسات الصحفية والإعلامية حيث اغلقت إسرائيل اكثر من ٨٠ مؤسسة ومطبعة خلال عام واحد ..

لقد اشارت المادة ٧٩ من البروتوكول الاول الاضافي لاتفاقيات جنيف عام ١٩٤٩ إلى ان الصحفيين الذين يباشرون مهمات مهنية خطرة في مناطق النزاعات المسلحة ، هم مدنيون يتوجب حمايتهم، لكن اسرائيل التي اعتادت على سياسة ضرب القوانين بعرض الحائط لا تأبه نهائيا لهذه البروتوكولات الاممية والعالمية ، وتواصل حملة استهداف الحقيقة الإعلامية ، لكنها فشلت في ذلك ، فالرسالة التي نقلها الإعلاميون الفلسطينيون من قلب الاحداث ، حققت الغاية وكشفت اسرائيل على حقيقتها ، بالصورة والخبر والتقرير والتحليل ، ولم يعد خافيا على احد ما مارسته اسرائيل من جرائم حرب وابادة جماعية في قطاع غزة ..

تحية لكل الاعلاميين الفلسطينيين الشرفاء في اليوم العالمي لحرية الصحافة الذين سلطوا الضوء على قضية فلسطين ، وتمكنوا من نقل الواقع الحقيقي امام محاولات اسرائيل تعتيم المشهد وقدموا رسائلهم بانتماء وعطاء كبير وتضحيات جسيمة ، وكانوا رأس الحربة في كل الميادين والمواقع ، وتقدير حار لكل إعلاميي العالم الاحرار الذين شاهدوا بأم أعينهم جرائم إسرائيل وعدوانها على الشعب الفلسطيني ، وتحملوا الاخطار والأعباء في مساعيهم النبيلة لتسليط الأضواء على الحرب الاسرائيلية الكارثية على الشعب الفلسطيني ، بالخبر والتحليل والتقرير والصورة ، فكشفوا زيف الرواية الاسرائيلية وقدموا انطباعا حسنا عن الحق الفلسطيني ..

المطلوب في اليوم العالمي لحرية الصحافة ان يتم فصل اسرائيل من عضوية هيئة الامم المتحدة والمنظمات الدولية التابعة لها وذلك في ضوء ارتكابها مجازر ابادة دموية بحق الفلسطينيين ، وذلك لاستعادة بريق الحرية التي سلبتها إسرائيل من الصحفيين وحولت عملهم إلى جحيم