أقلام وأراء
الأربعاء 01 مايو 2024 8:54 صباحًا - بتوقيت القدس
الجنائية الدولية وقرار اعتقال نتنياهو ... حكمة أم نكتة
تلخيص
يعدّ طلب المدعية العامة فاتو بنسودا في شباط 2021، والذي أيده القاضي يانسو مبانين، آنذاك، بفتح تحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية في أراضي السلطة الفلسطينية وغزة وشرقي القدس، شرارة الفكرة التي تشتعل هذه الآونة في رأس المدعي العام للمحكمة الدولية (كريم خان) حول احتمال أن يصدر مذكرات اعتقال دولية بحق بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن يوآف غالانت، ورئيس أركان جيشه هرتسي هاليفي، على خلفية انتهاكات للقانون الدولي وارتكاب جرائم حرب في غزة، حيث ستلزم أوامر الاعتقال، في حال صدورها، 120 دولة من الأعضاء في المحكمة، باعتقال الشخصيات الإسرائيلية الصادرة بحقها إذا وصلت إلى أراضيها، وتسليمها من ثم إلى المحكمة في لاهاي.
وعلى الرغم من تضخم السوبر إيجو لدى نتنياهو وغطرسته التي أطلقها، وهو يعتلي موجته الجامحة، كالعادة، بمنشور على منصة إكس يوم الجمعة الماضي يقول فيه: "إن إسرائيل لن تقبل بأي محاولة من جانب المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، لتقويض حقّها الأساسي في الدفاع عن نفسها"، ولعب دور الضحية، كما يفعل الوزير الإرهابي بن غفير بتكرار مع كل من يعارضه، بمن في ذلك زملاؤه في مجلس الحرب مثل غالانت، باتهامهم بممارسات النازية ضد اليهود.
وبغض النظر عما تناقلته وسائل الإعلام حول قلق نتنياهو من إمكانية حصول الأمر، واتخاذه خطوات احترازية ضد القرار المنتظر، ومنها مناقشة رؤساء دول هولندا والنمسا والتشيك، وإرساله وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، وسفيره في واشنطن، مايك هرتسوغ، لإجراء محادثات مع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، يريد منها أن يتخذ خطوة احترازية دفاعية باستخدامها حق النقض (الفيتو) ضده. علينا عدم إغفال أن الدولة المؤسِّسة والداعمة لمحكمة العدل الدولية هي الولايات المتحدة الأمريكية، التي هي في الوقت ذاته الداعم الأساس لحرب الإبادة على غزة، نتيقن عندها أنه لا يمكن لها أن تدين نتنياهو أو تصدر بحقه مذكرة اعتقال، لأنها عندئذ تدين نفسها، وتضر بمصالحها التي تتمركز بإحلال الكيان الصهيوني مكان الشعب الفلسطيني، والسيطرة على المنطقة ومقدراتها، والميناء الذي تنشئه الآن في غزة هو أكبر دليل على المصالح المشتركة والسيناريو الواحد الذي يخططانه، وبالتالي مثل تلك الأطروحات هي مجرد مخدّر لشعوب العالم التي تنتفض من أجل غزة، وخاصة الحراكات المؤججة في الجامعات حول العالم.
على الصعيد الآخر وإذا نظرنا إيجابيا نظرة الخصم المضّهَد، نستطيع أن نقول إن المسألة برمّتها تعبر عن وصول مفاعيل الحرب على غزة إلى ذروة عالمية وإقليمية، وحتى داخلية إسرائيلية، فعلى صعيد إسرائيل نلاحظ وصول المشادات ذروتها بين وزيري الصهيونية الدينية: بن غفير وسموتريتش، ووزير الجيش بيني غانتس، حول الصفقة التي اقترحتها مصر، لوقف إطلاق النار في غزة والإفراج عن رهائن إسرائيليين، فالوزيران يهددان بفرط الحكومة إذا وافق نتنياهو على الصفقة، وفي الوقت ذاته يعتبرها غانتس ساقطة إذا لم يوافق، ولكن هذه الخلافات مهما اشتدت حدتها لا يسمح لها إلا أن تخرج مثمرة، وفي نهاية المطاف تبقى الجبهة واحدة في الدفاع عن الكيان الصهيوني وصد أي خطر يهدده، وفرط الحكومة سيجلب من هم أشدّ خطرًا، فالكل في إسرائيل يحمل وجهًا واحدًا.
أما على الصعيد العربي فإن التطور في القضية يتمثل في اجتماع العاصمة السعودية الرياض، يوم الأحد، واستخدامه كلمات واضحة لتوصيف ما يحصل في غزة باعتباره إبادة وجرائم حرب، وبمطالبة المنظومة الدولية بفرض عقوبات فاعلة على إسرائيل ردًا على ارتكابها انتهاكات وجرائم حرب، ويكتسب هذا أهمية لصدوره على لسان وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، في إشارة واضحة إلى فشل الإدارة الأمريكية في مسعاها للضغط على الفلسطينيين عبر عرض متابعة مشاريع التطبيع، في الوقت الذي تستمر فيه إسرائيل بسفك الدم الفلسطيني.
إقليميًّا، إن التوتّر بين إيران ومشاركة دول غربية كبرى لصد مسيرات الأخيرة، فيه إشارة هائلة إلى احتمالات التورط في حرب شاملة تزعزع الشرق الأوسط كله، وهو أمر لم ينحسر بعد مع استمرار التبادلات النارية في البحر الأحمر بسبب هجمات صواريخ ومسيرات الحوثيين، وكذلك المجابهات المستمرة بين حزب الله اللبناني وإسرائيل.
على صعيد الولايات المتحدة الأمريكية، شكلت الاحتجاجات الطلابية مشهدًا نضاليًّا ملفتًا لطلاب العالم، كما أنها شرعت الأبواب، للوقوف عند مفهوم إسرائيل والصهيونية، رغم كونها أشبه بالبقرة المقدسة التي صنعها اللوبي الإسرائيلي، تحت دعوى معاداة السامية، وتيارات المسيحية الخلاصية التي تعتبر الدولة العبرية قرارًا إلهيًّا، إلا أنها فيما بعد زعزت هذه الثوابت وانطلقت للتنقيب عن حقيقتها ومصداقيتها.
وعلى الرغم من اليقين السائد بأن العالم بعد غزة لم يعد كما كان قبلها، وأن إسرائيل لم تعد الصنم المقدس الذي لا يمكن المساس به، إلا أن هذا الصنم الذي صنعته أمريكا، التي هي ذاتها المؤسِّسة والداعمة لمحكمة العدل الدولية، أي أن أمريكا والدول الغربية التي تدعم إسرائيل هي ذاتها التي تدعم المحكمة، فمن الحكمة ألا نعوّل على سماجة تلك النكتة باعتقال نتنياهو وغيره.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
منع الدواء والطعام في غزة.. سلاح إسرائيلي قاتل
حديث القدس
رسالة فلسطين في عيد الميلاد
فادي أبو بكر
معركة المواجهة وشروط الانتصار
حمادة فراعنة
احفظوا للمخيم هيبته وعزته وللدم الفلسطيني حرمته
راسم عبيدات
مئوية بيرزيت.. فوق التلة ثمة متسع رحب لتجليات الجدارة علماً وعملاً!
د. طلال شهوان ، رئيس جامعة بيرزيت
لجنة الإسناد.. بدها إسناد!
ابراهيم ملحم
من التغريد إلى التأثير .. كيف تصنع المقاطعة الرقمية مقاومة شعبية فعالة
مريم شومان
الحسم العسكري لغة تبرير إسرائيلية لمواصلة قتل الفلسطينيين
حديث القدس
سعيد جودة طبيب جراحة العظام في مشفى كمال عدوان شهيداً
وليد الهودلي
بوضوح.. الميلاد في زمن الإبادة الجماعية
بهاء رحال
ولادة الشهيد الأول
حمادة فراعنة
(الْمَجْدُ لِلّهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلامُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ)
حديث القدس
اعتقال المسيح على حاجز الكونتينر
عيسى قراقع
ما الذي يحدث في جنين، ولماذا الآن، وما العمل؟
هاني المصري
ما يجري في جنين يندى له الجبين
جمال زقوت
شرق أوسط نتنياهو لن يكون
حمادة فراعنة
في ربع الساعة الأخير للإدارة الموشكة على الرحيل!
حديث القدس
العام الثلاثون.. حلم جميل وواقع أليم
الأب إبراهيم فلتس نائب حارس الأراضي المقدسة
بلورة استراتيجيات للتعامل مع الشخصيّة المزاجية – القنبلة الموقوتة
د. غسان عبدالله
من الطوفان إلى ردع العدوان.. ماذا ينتظر منطقتنا العربية؟ الحلقة الثانية
زياد ابحيص
الأكثر تعليقاً
ما الذي يحدث في جنين، ولماذا الآن، وما العمل؟
اعتقال المسيح على حاجز الكونتينر
دويكات: أجندات خارجية لشطب المخيمات الشاهد الحي على نكبة شعبنا
الاحتلال يخلي المستشفى الإندونيسي ويقصف المستشفيين الآخرين شمالي غزة
قناة إسرائيلية: كاتس يعترف لأول مرة بالمسؤولية عن اغتيال هنية
مقتل عنصر من الأجهزة الأمنية في الأحداث المستمرة بجنين
مصطفى يبحث مع خارجية قبرص الرومية إنهاء الإبادة الإسرائيلية بغزة
الأكثر قراءة
العام الثلاثون.. حلم جميل وواقع أليم
اعتقال المسيح على حاجز الكونتينر
تحديات كبيرة وانغلاق في الأفق السياسي.. 2025 في عيون كُتّاب ومحللين
الحوثيون يعلنون إسقاط طائرة "إف-18" واستهداف مدمرة
السماح بنشر تفاصيل محاولة إنقاذ فاشلة لأسيرة في غزة
الكرملين يكشف حقيقة طلب زوجة بشار الأسد الطلاق
يسوع المسيح مُقمّطاً بالكوفية في الفاتيكان.. المعاني والدلالات كما يراها قادة ومطارنة
أسعار العملات
الأربعاء 25 ديسمبر 2024 9:36 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.65
شراء 3.64
دينار / شيكل
بيع 5.15
شراء 5.13
يورو / شيكل
بيع 3.8
شراء 3.77
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%57
%43
(مجموع المصوتين 304)
شارك برأيك
الجنائية الدولية وقرار اعتقال نتنياهو ... حكمة أم نكتة