فلسطين
السّبت 21 يناير 2023 2:27 مساءً - بتوقيت القدس
صفقة تبادل أسرى جديدة ما بين الجمود ورسائل "حماس" لمحاولة تحريك "المياه الراكدة"
غزة - خـــــاص "القدس" دوت كوم - عادت "كتائب القسام" الجناح العسكري لحركة "حماس"، لنشر مقطع فيديو جديد (في السادس عشر من الشهر الجاري) لأحد الأسرى الإسرائيليين لديها، وهو الثاني في غضون أشهر، بعد أن كانت بثت مقطع مماثل لأسير لآخر (في الثامن والعشرين من يونيو/ حزيران الماضي)، في خطوات وصفت من قبل بعض المراقبين بأنها محاولة لتحريك هذا المياه الراكدة في هذا الملف منذ 8 سنوات ونصف.
وتؤكد "كتائب القسام" أن لديها 4 إسرائيليين أسرى، وتقول أن جمعيهم من الجنود العسكريين، في حين أن الاحتلال الإسرائيلي يدعي أن اثنين منهما هما من الجنود وهما عبارة عن جثث وهما "هدار غولدن"، و "أورون شاؤول"، في حين أن هناك ثالث هو أفراهام منغستو وهو من أصول اثيوبية، والرابع هو من أصول فلسطينية بدوية يدعى هشام السيد.
خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والذي استمر لمدة 51 يومًا في عام 2014، وتحديدًا منذ الثامن من يوليو/ تموز وحتى السادس والعشرين من أغسطس/ آب، من ذاك العام، أعلنت "كتائب القسام" في العشرين من تموز عن أسر الجندي "أورون شاؤول" في حي التفاح شرق مدينة غزة خلال معارك مباشرة مع الجنود الإسرائيليين، وفي الأول من آب وبعد وقت قصير من إعلان وقف إطلاق نار مؤقت وصف بـ "الإنساني" تعرضت مدينة رفح جنوب قطاع غزة لقصف عنيف، ولاحقًا اتهم جيش الاحتلال، "القسام" بأنه "خرق وقف إطلاق النار" وهاجم دورية عسكرية ما أدى لفقدان أحد الجنود والذي تم قصفه مع الخاطفين، قبل أن تشير "الكتائب" أن العملية وقعت قبل دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ دون الإعلان عن مصير الجندي "هدار غولدن" الذي بقي عبارة عن "صندوق أسود" كثيرًا ما تلوح "كتائب القسام" بأنه على قيد الحياة.
بعد فترة قصيرة من انتهاء ذلك العدوان، تسلل "أفراهام منغستو" في نفس العام 2014، من ثغرة على النقطة البحرية لكيبوتس زيكيم على الحدود الشمالية الغربية لقطاع غزة، وبحوزته حقيبة صغيرة بداخلها كتب ورصاصة وغيره، لكن عناصر "كتائب القسام" الذين يرابطون باستمرار قرب الحدود رصدوا دخوله إلى القطاع، وتمكنوا من أسره، ولكن بقي ذلك طي الكتمان حتى كشف عن ذلك من قبل الرقابة العسكرية في يوليو/ تموز 2015، ولاحقًا أكدت ذلك "القسام"، وطالبت "إسرائيل" حينه بالإفراج عنه بحجة أنه "مريض نفسي"، فيما تمسكت "القسام" بروايتها بأنه جندي إسرائيلي.
وفي أبريل/ نيسان 2015، تسلل هشام السيد البدوي من أصول فلسطينية من ثغرة في الجدار الحدودي شرق المنطقة الوسطى لقطاع غزة وتحديدًا قرب كيبوتس "بئيري"، وتمكن مقاومون من "القسام" من ضبط والتحقيق معه قبل أن ينقل للأسر، وعاودت "إسرائيل" لاحقًا لاستخدام نفس الذريعة بأنه يعاني من "مرض نفسي"، نافيةً ما ورد لاحقًا من قبل "القسام" بأنه مجند إسرائيلي، ومدعيةً أنه تم تجنيده ضمن التجنيد الإلزامي قبل أن يتم الاستغناء عنه بسبب مرضه.
وخلال هذه السنوات، سعت مصر بصفتها الراعية الدائمة للمفاوضات غير المباشرة بين حركة "حماس"، والاحتلال الإسرائيلي، لمحاولة التوصل لاتفاق تهدئة شامل في قطاع غزة يتضمن رفع الحصار بما في ذلك فتح المعابر وغيره، ويتضمن صفقة تبادل أسرى.
مصر التي نجحت في التوصل لصفقة تبادل أسرى عرفت باسم "وفاء الأحرار" في عام 2011 بعد 5 سنوات على أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط عام 2006، من قبل مجموعة من المقاومة منها "كتائب القسام" وأذرع أخرى، لم تنجح مساعيها في محاولات تقريب وجهات النظر خلال السنوات الثمانية الأخيرة، رغم أنها نجحت في الأولى بالإفراج عن 1027 أسيرًا وأسيرة على مرحلتين.
وبحسب مصادر فلسطينية مطلعة تحدثت لـ "القدس" دوت كوم، فإن "إسرائيل" ومن خلال عدة حكومات كان يقودها بنيامين نتنياهو، وكذلك الأخيرة بزعامة يائير لابيد بعد أن تولى رئاسة الحكومة بدلًا من نفتالي بينيت، حاولت الحصول عبر مصر على دلائل أن الجنديين على قيد الحياة من أجل خوض مفاوضات جادة، إلا أن حركة "حماس" كانت في كل مرة تصر على أن ذلك يجب أن يقابله ثمن.
ومع تدهور الأوضاع الصحية لبعض الأسرى، طرح رئيس حركة "حماس" في قطاع غزة، يحيى السنوار، بداية شهر أبريل/ نيسان 2020، مبادرة عبر "فضائية الأقصى" التابعة لحركته، أن حركته جاهزة لتقديم تنازل جزئي في هذا الملف مقابل الإفراج عن الأسرى من كبار السن والمرضى كمبادرة إنسانية في ظل أزمة انتشار فيروس كورونا ووصولها لبعض السجون، إلا أنه لم تلق تلك المبادرة أي اهتمام إسرائيلي حتى وإن كان خلف الكواليس، رغم محاولات مصر للتحرك باتجاه محاولات تقريب وجهات النظر، إلا أنها اصطدمت بحالة اللا مبالاة الإسرائيلية.
وخلال حفل انطلاقة حركة "حماس" الأخير الذي نظم في غزة، بتاريخ الرابع عشر من الشهر الماضي، كشف السنوار خلال خطاب له عن اتصالات جرت قبل أشهر مع الاحتلال للتوصل لصفقة تبادل أسرى، إلا أنها توقفت بسبب الانتخابات التي جرت لدى الاحتلال في الأول من نوفمبر/ شباط الماضي، وخلال ذلك الحفل ظهر مقاومون من "وحدة الظل" التابعة لـ "كتائب القسام" المسؤولة عن الاحتفاظ بالأسرى الإسرائيليين، وهم يظهرون بندقية الجندي "هدار غولدن"، في محاولة لإيصال رسالة جديدة لقادة الاحتلال وربما كدليل على أنه أسر على قيد الحياة وليس مجرد جثة، ثم تبع ذلك منذ أيام نشر مقطع فيديو للأسير "منغستو" وهو الأمر الذي أثار ردود فعل إسرائيلية أكثر من سابقاتها.
وفي أعقاب ذلك، كشفت قناة 12 العبرية في السادس عشر من الشهر الجاري، أن المفاوضات التي جرت مؤخرًا كانت بإيعاز من رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق يائير لابيد الذي أبدى مرونة أكثر من نفتالي بينيت، وحاول التوصل لصفقة تبادل أسرى، وأنها كانت ستجري على أساس "إنساني" بالإفراج عن النساء والمرضى من كبار السن وحتى من أصحاب المحكوميات العالية ممن يعانون من أمراض خطيرة تهدد حياتهم.
مصادر مطلعة تحدثت لـ "القدس" دوت كوم، أن لابيد أجرى اتصالات مع الجانبين المصري والألماني، وأن وسيطًا ألمانيًا عقد اجتماعات مع قيادات من حركة "حماس" في الخارج، بينما أجرت القاهرة العديد من الاتصالات وحاولت أن تصل لنقطة اتفاق مبدئي، إلا أن الأوضاع السياسية وانهيار حكومة لابيد بسبب خلافات داخلية ألقى بكل ما جرى في "سلة المهملات"، وفق تعبير المصادر.
وبحسب المصادر، فإنه "إسرائيل" تعاني من انقسام في الآراء على المستوى السياسي بشأن التوصل لصفقة تبادل، وهو ما يظهر من المواقف المتناقضة التي تنقل للجانب المصري، لافتةً إلى أن حركة "حماس" تخلت في بعض المفاوضات عن شرطها المسبق بالإفراج عن الأسرى المعاد اعتقالهم بعد "صفقة شاليط/ وفاء الأحرار"، على أن يتم معالجة هذا الأمر بمتابعة مصرية لاحقة، إلا أن كل ذلك لم يحرك ساكنًا لدى الحكومات المتعاقبة.
ووفقًا للمصادر، فإن قيادات من "كتائب القسام" شاركوا في بعض المفاوضات التي جرت بشكل غير مباشر بعد أن توجهوا لمصر بشكل سري من أجل محاولة الوصول لاتفاق يتضمن أيضًا العديد من الشروط المتعلقة بتهدئة شاملة في القطاع لعدة سنوات.
ويبدو أن كلفة أسر الجنود الإسرائيليين على المستوى الأمني والمادي وغيره، يدفع حركة "حماس" من حين إلى آخر، إلى محاولة التأثير على الاحتلال والمجتمع الإسرائيلي بشكل خاص من أجل الضغط على حكومة تل أبيب لإجراء مفاوضات صفقة تبادل أسرى، كما يؤكد العديد من المراقبين، الذين تحدثوا عن إمكانية لجوء "كتائب القسام" لتنفيذ عمليات لأسر مزيد من الجنود الإسرائيليين بهدف إجبار الاحتلال على مثل هذه الصفقة.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم، أن رسالة "القسام" من الفيديو الأخير للأسير الاثيوبي تأتي في إطار سعي حركة "حماس" لتفعيل قضية الأسرى الفلسطينيين، لافتًا إلى أنها حاولت استغلال الأوضاع السياسية ولحظة مغادرة رئيس أركان جيش الاحتلال أفيف كوخافي، واستلام الجديد هرتسي هاليفي، لتثير هذه القضية في أوساط الإسرائيليين، وتظهر فشل كوخافي في تحرير أسراه، وأنها مناسبة لتفعيل القضية بعد عامين من مبادرة السنوار.
ولفت إبراهيم في حديث لـ "القدس" دوت كوم، إلى أن جميع الجهود التي بذلت في السنوات الأخيرة اصطدمت بالرفض الإسرائيلي خاصة وأن هناك شبه اجماع لدى الاحتلال على عدم تكرار "صفقة شاليط"، والإفراج عن عدد كبير من الأسرى.
وبين أن الفيديو الذي نشر لمنغستو بمثابة دليل قدمته "حماس" بأنه على قيد الحياة، وأنه يتمتع بصحة جيدة وليس مريضًا نفسيًا كما يدعي الاحتلال وعائلته، كما أنه يحمل رسالة بأن الجنديين أيضًا قد يكونا على قيد الحياة وليس كما تعتقد "إسرائيل" بأنهما عبارة عن جثث.
وأشار إبراهيم وهو مختص بالشأن الإسرائيلي، إلى أن "حماس" حاولت أيضًا استغلال الوضع السياسي المتوتر والحراك ضد حكومة نتنياهو وسياساتها، لاعتقادها أن الشارع الإسرائيلي قد يضم هذه القضية إلى جانب احتجاجاته، مبينًا أن الجمهور لدى الاحتلال متماهي مع حكومته ولم يكن لديه أي رد فعل خلال السنوات الماضية كما جرى في "صفقة شاليط"، كما أن أهالي الأسيرين الاثيوبي والعربي لا يستطيعون تحريك الشارع، وهما من فئات تتعرض للاضطهاد داخل المجتمع الإسرائيلي.
ويقول إبراهيم: يبدو أن نتنياهو لم يتحرك باتجاه صفقة تبادل أسرى كما جرى في عهده إبان صفقة شاليط، لأن هناك تأكيدات إسرائيلية بأن الجنديين من أصول يهودية هما عبارة عن جثث، ولذلك الشارع الإسرائيلي أيضًا لم يتحرك، مرجحًا أن لا يكون هناك أي فرصة للتوصل إلى صفقة في ظل وجود الحكومة اليمينية المتطرفة وفي ظل الإجماع الإسرائيلي على عدم تكرار "صفقة شاليط"، والأوضاع الإقليمية والعربية.
من ناحيته، يقول المحلل السياسي إبراهيم المدهون، إن مقطع الفيديو الأخير للأسير الإسرائيلي أفراهام منغستو، جاء كرد أولي على ما صرح به كوخافي في نهاية خدمته حول الجنود الأسرى، وتعزيز معادلة الردع باتجاه غزة، وأن الفيديو من "القسام" كرسالة له بأنه فشل في معرفة مصير جنوده وتحريرهم، وأنه يضلل الجمهور الإسرائيلي بمثل هذه التصريحات.
وبين المدهون في حديث لـ "القدس" دوت كوم، أن هذا الفيديو يأتي أيضًا ضمن سياسة "كتائب القسام" لتحريك ملف الأسرى والضغط على الاحتلال للذهاب لصفقة تبادل أسرى، خاصة وأن "القسام" أعلن أن عام 2023 سيكون عام الأسرى، وسيكون هناك تركيز كبير من قيادة الكتاب لتحريك هذا الملف، وربما من خلال تنفيذ عمليات أسر جنود، أو تنفيذ عمليات نوعية تستهدف تحريكه، في ظل واقع الأسرى الصعب داخل سجون الاحتلال، والذي لا يمكن السكوت عنه.
ولفت المدهون إلى أن الاحتلال يتصرف بعنصرية تجاه قضية أسراه الجنود بغزة، من خلال الاهتمام باليهود، واهمال من هم من الاثيوبيين أو الاوروبيين وغيرهم، والذين لا تهتم لمصيرهم.
وأشار إلى أن الحكومات الإسرائيلية ما زالت تتهرب من استحقاق الذهاب لصفقة "وفاء أحرار" جديدة، وأن رد نتنياهو الأخير على الفيديو كان متوقعًا، وهو بمثابة محاولة للهروب من أي استحقاق في هذا الملف، وأن حكومته غير معنية بالذهاب إلى صفقة جديدة.
ورأى أن لدى "كتائب القسام"، الكثير من المساحة والعمل من أجل الضغط على حكومة الاحتلال والجمهور الإسرائيلي الذي بدوره يلتزم بقرارات الرقيب العسكري، والتوجه الجديد بعد "صفقة شاليط"، بعدم إبداء أي اهتمام بأسراهم، وكذلك بتحرير أي أسرى فلسطينيين بسبب عودتهم للنضال بعد خروجهم من الأسرى، وأن أي صفقة ستقوي المقاومة وتعزز من حالة الصمود والحضور، وأن الاحتلال بات يخشى تعاظم قوة المقاومة ومنحها أي نصر معنوي، ولذلك المعركة الآن تتمثل في تركيز قدرة المقاومة للضغط على الاحتلال للذهاب لصفقة تبادل أسرى.
دلالات
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
الأكثر قراءة
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 81)
شارك برأيك
صفقة تبادل أسرى جديدة ما بين الجمود ورسائل "حماس" لمحاولة تحريك "المياه الراكدة"