فلسطين
الجمعة 22 نوفمبر 2024 9:36 صباحًا - بتوقيت القدس
مذكرات الجلب في لاهاي.. زلزال يضرب "الكريا"
رام الله -خاص بـ"القدس" دوت كوم
د. رائد أبو بدوية: القرار يفتح الباب أمام المحكمة لإصدار مزيد من مذكرات الاعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين متورطين بجرائم حرب
أكرم عطا الله: قرار تاريخي ومهم بالرغم من الضغوط التي مورست على المحكمة وله ارتدادات واسعة لكنه سيواجه تحديات التنفيذ
د. عبد المجيد سويلم: زلزال سياسي وأمني مفاجئ يضرب إسرئيل وشكّل صدمة كبرى وسوف يمتد تأثيره ليطال المجتمع الدولي بأسره
فراس ياغي: نتنياهو قد يهرب من تداعيات القرار بالتصعيد الإقليمي لأن أي تهدئة قد تُعزز من ضعف موقفه داخلياً ودولياً
نهاد أبو غوش: القرار يدشن مرحلة جديدة من العمل القانوني الدولي لمحاصرة سياسات إسرائيل ويمهد الطريق نحو محاسبتها
د. حسين الديك: القرار سيدفع نتنياهو وغالانت لتوخي الحذر في زياراتهم الخارجية خاصة للدول الموقعة على الاتفاقية الناظمة لعمل المحكمة
بعد أشهر من الانتظار أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الجيش يوآف غالانت، ما يمثل تطوراً قانونياً وسياسياً غير مسبوق، بل إنه زلزال تشهده إسرائيل لأول مرة في تاريخها، إذ يطال القرار أعلى المستويات القيادية في إسرائيل.
ويرى كتاب ومحللون سياسيون ومختصون وأساتذة جامعات، في أحاديث منفصلة مع "ے"، أن التوقيت المفاجئ للقرار أربك القيادة الإسرائيلية، التي حاولت مراراً عرقلة مسار التحقيقات الدولية بمساندة أمريكية وأوروبية، فيما يمثل القرار اختباراً للدول الأعضاء في ميثاق روما الناظم للمحكمة.
ويشيرون إلى أن القرار سيعمّق القرار الأزمة السياسية الإسرائيلية ويزيد من الضغوط على نتنياهو، خاصة من المعارضة التي ترى في هذه الاتهامات تهديداً لدولة الاحتلال ككل، ويؤثر على صورتها دولياً.
خطوة نوعية واستثنائية في إطار القانون الدولي
يؤكد د. رائد أبو بدوية، أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية في الجامعة العربية الأمريكية، أن قرار المحكمة الجنائية الدولية الذي يمس رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يعدّ خطوة نوعية واستثنائية في إطار القانون الدولي.
القرار، وفقاً لأبو بدوية، يطال رأس الدبلوماسية والقيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية، وليس مجرد مسؤول عسكري أو سياسي من مستوى أدنى، مما يعزز تأثيره على حكومة الاحتلال، لا سيما في الساحة الدولية، خاصة أوروبا، حيث الدول الأعضاء في ميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية والملزمة بتنفيذ القرار.
ويوضح أبو بدوية أن القرار جاء بمثابة مفاجأة لاسرائيل التي سعت على مدار الأشهر الماضية، بمساندة أمريكية وأوروبية، لعرقلة صدور مثل هذا القرار من المحكمة، إلا أن توقيت القرار أربك القيادة الإسرائيلية.
ويشير أبو بدوية إلى أن الموقف الأوروبي تجاه تنفيذ قرارات المحكمة الجنائية الدولية قد تم التعبير عنه مسبقاً بوضوح بالالتزام بتنفيذ قرارات المحكمة.
على الجانب الأمريكي، يتوقع أبو بدوية أن تلجأ إسرائيل إلى إدارتي بايدن وترمب، لمساعدتها في الضغط على المحكمة والدول الأعضاء، مشيراً إلى ما حدث في الفترة السابقة لرئاسة ترمب حينما فرض عقوبات على قضاة المحكمة.
وفي ما يتعلق بالآثار القانونية الدولية، يؤكد أبو بدوية أن صدور مذكرة اعتقال بحق نتنياهو وغالانت يترتب عليه إلزام الدول الأعضاء في ميثاق روما بتنفيذ الاعتقال إذا وطأت قدماهما أراضيها، وهو تطور بالغ الخطورة، كما أن القرار يفتح الباب أمام المدعي العام للمحكمة لإصدار مزيد من مذكرات الاعتقال ضد مسؤولين سياسيين وعسكريين إسرائيليين متورطين في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، سواء فيما يتعلق بالعدوان على غزة أو جرائم أخرى ضد الفلسطينيين.
ويعتقد أبو بدوية أن هذا القرار يمنح دفعة قوية للمؤسسات القضائية والقانونية الأوروبية، سواء على المستوى الوطني أو الدولي، للتحرك في الاتجاه ذاته من خلال رفع قضايا تطالب بمحاسبة المسؤولين الإسرائيليين.
ويشير أبو بدوية إلى أن الدول الأوروبية التي تصدر الأسلحة لإسرائيل ستواجه معضلة قانونية وأخلاقية، لأن استمرار توريد السلاح في ظل اتهامات بجرائم حرب يضعها في موقف قانوني محرج.
على الصعيد السياسي، يوضح أبو بدوية أن القرار سيؤدي إلى حرمان نتنياهو، بصفته رأس الدبلوماسية الإسرائيلية، من العمل بحرية على الساحة الأوروبية، التي تعدّ إحدى أهم ساحات العلاقات الدولية بالنسبة لإسرائيل.
ويلفت أبو بدوية إلى أن القرار قد يؤثر على العلاقات التجارية والاقتصادية بين إسرائيل ودول الاتحاد الأوروبي، خاصة تلك المتعلقة بالتعاون الاقتصادي المرتبط بالسلوك الحربي الإسرائيلي.
إقليمياً، يلفت أبو بدوية إلى أن القرار يوفر فرصة للدول العربية للتعاون مع أوروبا في اتخاذ خطوات لمحاصرة إسرائيل.
ويوضح أبو بدوية أن الظروف الدولية باتت مهيأة لذلك، إذ تشترك أوروبا والدول العربية في رفض التوسعات والاعتداءات الإسرائيلية على غزة والضفة الغربية، والقرار يزود هذه الدول بأدوات قانونية تعزز جهودها في الضغط على إسرائيل دولياً وإقليمياً.
من جانب آخر، يؤكد أبو بدوية أن القرار سيترك تأثيرات على الجبهة الداخلية الإسرائيلية من ناحيتين: قانونية وسياسية.
على الصعيد القانوني، يشير أبو بدوية إلى أن المستشارة القانونية لحكومة الاحتلال سبق أن طالبت بفتح تحقيقات داخلية لتجنب المحاكمات الدولية، إلا أن طلبها قوبل بالرفض، ومع صدور القرار الدولي، قد يعزز هذا المطلب من جديد ويضع المستشارة في موقع أقوى داخل النظام القانوني الإسرائيلي.
أما سياسياً، يتوقع أبو بدوية أن يزيد القرار من الضغوط على نتنياهو لإبعاده عن الحياة السياسية، خاصة من قِبل المعارضة التي ترى في بقائه تهديداً للدولة بسبب الاتهامات الدولية الموجهة إليه.
ويشير أبو بدوية إلى تصريحات رئيس المعارضة يائير لبيد، الذي شجب القرار لكنه دعا في الوقت ذاته إلى إجراء انتخابات مبكرة، كدليل على بداية هذا الضغط السياسي المتزايد.
وفي ما يتعلق بالمؤسسة العسكرية، يوضح أبو بدوية أن القرار يمثّل سابقة خطيرة، حيث تُوجَّه للمرة الأولى اتهامات مباشرة لمسؤولين إسرائيليين بمستوى وزير الحرب او رئيس الحكومة، وهذا التطور قد يؤدي إلى زعزعة الثقة داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية ويثير مخاوف من ملاحقة قضائية لعناصرها، مما قد ينعكس سلباً على معنويات الجيش ويفاقم ظاهرة التهرب من الخدمة العسكرية.
على صعيد آخر، يحذر أبو بدوية من أن إسرائيل قد تلجأ إلى فرض عقوبات على السلطة الفلسطينية كإجراء انتقامي، ما يؤكد ضرورة أن تستعد السلطة لمواجهة تداعيات هذا السيناريو الكارثي.
تحول قانوني كبير على الساحة الدولية
يصف الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله قرار المحكمة الجنائية الدولية الأخير بأنه قرار تاريخي ومهم، على الرغم من الضغوطات الهائلة التي مورست عليها علناً وسراً من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ودول أخرى، مشيراً إلى أن القرار سيكون له ارتداداته لكنه سيواجه تحديات التنفيذ.
ويوضح عطا الله أن القرار يعكس تحولاً قانونياً كبيراً على الساحة الدولية، ويفتح المجال أمام محاسبة إسرائيل ورئيس وزرائها نتنياهو كمتهم بارتكاب جرائم حرب.
ويشير عطا الله إلى أن تداعيات القرار تتجاوز مجرد احتمالية محاكمة نتنياهو، التي قد تبدو صعبة التنفيذ، لتضع إسرائيل كدولة في خانة الدول المجرمة تاريخياً.
ويعتقد عطا الله أن تصنيف رئيس وزراء إسرائيل كمجرم حرب سيُلقي بظلاله على صورتها الدولية، حيث بات نتنياهو في موقف مشابه لزعماء دول ارتبطت بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
ويؤكد عطا الله أن القرار يظل مرتبطاً بإجراءات التنفيذ التي تتطلب زيارة نتنياهو لدولة موقعة على اتفاقية روما.
ويوضح عطا الله أن دولاً مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين ليست ملزمة بتنفيذ القرار نظراً لعدم انضمامها إلى الاتفاقية، ما يوفر لها حرية عدم الامتثال لقرارات المحكمة.
ويشير عطا الله إلى أن بعض الدول الأوروبية، مثل هولندا، أبدت موقفاً واضحاً بأنها ستلتزم بتسليم نتنياهو للمحكمة حال زيارته أراضيها، ما يجعل من الصعب أن يغامر نتنياهو بزيارة تلك الدول، حيث سيواجه خطر الاعتقال.
وعن الموقف الأمريكي، يشير عطا الله إلى أن الولايات المتحدة تُعد أبرز معارضي المحكمة الجنائية الدولية، وهو ما قد يتصاعد بعد صدور القرار، خاصة مع قدوم ترامب إلى البيت الأبيض، نظراً لمواقفه المؤيدة لإسرائيل والمعادية للمؤسسات الدولية.
ويوضح عطا الله أن القرار اتخذ طابعاً قانونياً، لكن واشنطن وإسرائيل ستسعى لتسييسه وتشويه طبيعته القانونية من خلال الترويج لكونه جزءاً من استهداف سياسي لإسرائيل.
ويشير عطا الله إلى أن القرار يمثل تحدياً قانونياً كبيراً لإسرائيل، رغم صعوبة تنفيذه عملياً، إلا أنه يشكل ضربة لصورتها ويؤكد أهمية المسار القانوني في مواجهة الانتهاكات الدولية.
ضربة قاسية للقيادة الإسرائيلية
يؤكد الكاتب والمحلل السياسي د. عبد المجيد سويلم أن قرار الجنائية الدولية بشأن نتنياهو وغالانت يمثل "زلزالاً حقيقياً" تتردد أصداؤه في الأوساط السياسية، والأمنية، والعسكرية داخل إسرائيل، بل ويمتد تأثيره ليطال المجتمع الدولي بأسره، وشكل صدمة كبرى داخل المجتمع الإسرائيلي.
القرار، الذي وصفه سويلم بأنه "مفاجئ ومذهل"، يأتي بعد سنوات من الشعور الإسرائيلي بأن الدعم الأميركي والتواطؤ الغربي يوفران حصانة ضد أي محاسبة قانونية دولية.
ويشير سويلم إلى أن هذا القرار يُعدّ ضربة قاسية للقيادة الإسرائيلية، التي تجد نفسها الآن في مواجهة غير مسبوقة مع مؤسسات القانون الدولي، وباتت الآن مهددة بشكل مباشر بقرارات تطال شخصيات بارزة بمكانة رئيس الوزراء ووزير الحرب، ما يعمق الأزمة والانقسامات السياسية داخل إسرائيل حول كيفية التعامل مع الأزمة.
ويتوقع سويلم أن القرار سيخلق فجوة كبيرة بين الولايات المتحدة وأوروبا، حيث لن تتمكن الدول الأوروبية من التماهي الكامل مع الموقف الأميركي في هذا السياق، وستجد نفسها أمام اختبار حقيقي لمصداقيتها حول الالتزام بالقانون الدولي، وهذا الالتزام قد يُحدث شرخاً في العلاقات الأميركية الأوروبية، ما يؤثر سلباً على قدرة واشنطن على المناورة في القضايا الدولية.
ويلفت سويلم إلى أن استمرار الولايات المتحدة في دعمها المطلق لإسرائيل، سيُنظر إليه كشكل من أشكال "العار السياسي والأخلاقي"، ليس فقط على مستوى العالم، ولكن داخل المجتمع الأميركي نفسه.
ويرى سويلم أن السلوك الأميركي في مواجهة قرارات المحكمة الجنائية سيعزز الصورة السلبية للسياسات الأمريكية في العالم، حول ازدواجية المعايير الأميركية التي ستصبح أكثر وضوحاً، مما يؤدي إلى تآكل مصداقيتها كدولة تدعي الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وبحسب سويلم، فإن هذا الموقف الأميركي يعكس "شكلاً فجاً من العنصرية والانحياز لدولة تمارس الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني".
وعلى الرغم من أن المحكمة الجنائية الدولية تُركز على محاسبة الأفراد، يشير سويلم إلى أن تبعات القرار ستطال إسرائيل كدولة، ومن المتوقع أن تواجه إسرائيل صعوبات كبيرة في تسويق روايتها المعتادة لدى الإعلام الغربي، التي اعتادت عليها طيلة 14 شهراً من الجرائم التي ارتُكبت في حرب الإبادة على غزة.
تنفيذ قرارات المحكمة سيكون سهلاً نسبياً
وبحسب سويلم، فإن تنفيذ قرارات المحكمة سيكون سهلاً نسبياً، حيث ستلتزم معظم الدول الموقعة على بروتوكول المحكمة بالتعاون، في حال قيام مسؤولين إسرائيليين، مثل نتنياهو أو غالانت، بزيارة أي من هذه الدول، فإن اعتقالهم قد يصبح أمراً واقعاً.
من جانب آخر، يرى سويلم أن القرار قد يدفع إسرائيل إلى البحث عن حلول سريعة للخروج من الأزمة، مثل تسريع التوصل إلى اتفاقيات سياسية في غزة أو لبنان، وهذه الاتفاقيات قد تكون محاولة من القيادة الإسرائيلية لإعادة ترتيب أوراقها السياسية والأمنية في ظل الضغوط الدولية المتزايدة.
وبالرغم من الاتهامات الإسرائيلية المتوقعة بأن المحكمة منحازة ضدها، يوضح سويلم أن المحكمة أصدرت مذكرات اعتقال بحق شخصيات فلسطينية أيضاً، مثل إسماعيل هنية ومحمد الضيف ويحيى السنوار، مما يعكس حيادها القانوني، رغم انه مجحف، لكن هذا الحياد يُفقد إسرائيل ذريعة الادعاء بأن المحكمة مُسيّسة، وهو ما سيضعف موقفها على الساحة الدولية.
في ظل هذه التطورات، يعتقد سويلم أن محاولات إسرائيل الالتفاف على القرار ستواجه صعوبات كبيرة، حيث ان الدول الأوروبية بدأت بالفعل بالإعلان عن التزامها بالقرار، كما أن نطاق التأثير سيكون واسعاً وشاملاً، ما يجعل من الصعب على إسرائيل الإفلات من تبعات القرار.
ويشدد سويلم على أن القرار يُمثل نقطة تحول كبيرة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مع تداعيات قد تُغير موازين القوى على المستويين الإقليمي والدولي.
ويؤكد سويلم أنه بينما تحاول إسرائيل استيعاب صدمة "الزلزال"، فإن العالم بأسره يراقب كيف ستُعيد هذه التطورات تشكيل المشهد السياسي والدبلوماسي في المنطقة.
خطوة غير مسبوقة ذات أبعاد تاريخية
يعتقد الكاتب والمحلل السياسي فراس ياغي أن قرار الجنائية الدولية يعتبر خطوة غير مسبوقة ذات أبعاد تاريخية، يحمل تداعيات كبيرة على إسرائيل وعلى شخص رئيس وزرائها، ويطرح تساؤلات حول مستقبل إسرائيل كدولة تدّعي الديمقراطية، بينما تواجه اتهامات بالجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، حيث يُعد القرار "زلزالاً حقيقياً"، لإسرائيل كدولة، ولنتنياهو، الذي يرى نفسه فوق القانون داخلياً ودولياً.
ووفق ياغي، فإن هذا القرار للمحكمة يضع إسرائيل في مصاف الدول الديكتاتورية، رغم أنها تدّعي أنها دولة ديمقراطية تتبنى القيم الليبرالية الغربية، وللمرة الأولى في تاريخ المحكمة الجنائية الدولية، يُتخذ قرار ضد رئيس حكومة دولة تُصنف أنها ديمقراطية، مما يضيف صدمة كبيرة على المستوى الدولي.
ويوضح ياغي أن هذه الخطوة تُعري إسرائيل أمام العالم، وتجعلها تبدو كدولة من العالم الثالث تُحكم بسياسات قمعية واستبدادية، بدلاً من أن تكون منارة للديمقراطية كما تدّعي.
ويؤكد ياغي أن التداعيات الفورية للقرار تطال نتنياهو شخصياً وسيكون ممنوعاً من زيارة 124 دولة موقعة على اتفاقية روما، خشية اعتقاله.
ووفقاً لياغي، قد تواجه هذه الدول ضغوطاً لمنع أي مساعدات عسكرية لإسرائيل، لأن ذلك قد يعني دعم استمرار الجرائم التي تحقق فيها المحكمة.
من جانب آخر، يوضح ياغي أن المسؤولين الإسرائيليين الذين يعملون تحت قيادة نتنياهو سيواجهون بدورهم اتهامات بارتكاب جرائم حرب في المستقبل، لأنهم يعملون بناءً على أوامر صادرة من رئيس وزراء متهم دولياً بانه مجرم، مما يضع مستقبل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية على المحك.
عبء كبير على إسرائيل وسمعتها الدولية
وعلى رغم أن قرار المحكمة هاجمته المعارضة والائتلاف الحاكم وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية، لكن ياغي يؤكد أن القرار يمثل عبئاً كبيراً على إسرائيل وسمعتها الدولية، كما أصبح نتنياهو عبئاً على الدولة العبرية، وقد يفتح القرار الأبواب لتغيير جذري داخل إسرائيل، حيث قد تبدأ "الدولة العميقة" بالتفكير جدياً في مستقبلها بعيداً عن نتنياهو، الذي يبدو أنه يقود إسرائيل نحو عزلة دولية وانهيار داخلي.
ويتوقع ياغي أن يلجأ نتنياهو لمزيد من التصعيد الإقليمي في محاولة للهروب من تداعيات القرار، وربما يوجه ضربات عسكرية في سوريا، أو لبنان، أو العراق، أو حتى إيران او اليمن، لأن أي تهدئة قد تعزز ضعف موقفه داخلياً ودولياً.
ويؤكد ياغي أن قرار المحكمة قد يؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الإسرائيلي، وتضرر سمعة إسرائيل قد ينعكس سلباً على علاقاتها التجارية والاستثمارية، خاصة مع الدول الغربية، مما يزيد من الضغط على حكومة نتنياهو.
من جهة أخرى، يشير ياغي إلى أن الولايات المتحدة لن تتخلى عن دعم إسرائيل، فالإدارة الأمريكية، وخاصة تحت قيادة دونالد ترامب، ترى في إسرائيل حليفاً استراتيجياً لا غنى عنه، وعلى الرغم من الانتقادات الدولية، سيستمر الدعم الأمريكي لسياسات إسرائيل، خاصة فيما يتعلق بالضفة الغربية.
فتح الباب لمحاسبة قادة الاحتلال وجنرالاته
يؤكد الكاتب والمحلل السياسي والمختص بالشأن الأمريكي د.حسين الديك أن قرار المحكمة الجنائية الدولية الأخير يمثل خطوة تاريخية على طريق تحقيق العدالة الدولية، بفتح الباب لمحاسبة قادة وجنرالات الاحتلال الإسرائيلي أمام القانون الدولي.
ويعتقد الديك أن توقيت القرار يحمل دلالات كبيرة، حيث يعكس المهنية العالية والشفافية التي تعاملت بها المحكمة مع القضية، استناداً إلى النظام الأساسي لاتفاقية روما، والتي تُعد فلسطين عضواً فيها.
ويشير الديك إلى أن القرار يُعد دليلاً على فشل الضغوط الأمريكية التي مورست على المحكمة، سواء من الكونغرس أو مجلس الشيوخ أو الإدارة الأمريكية، بهدف ثني قضاتها عن أداء مهامهم، وبالرغم من تلك المحاولات، التزمت المحكمة بمبادئ القانون الدولي ونظامها الأساسي، ويُبرز القرار كذلك الإحراج الذي سيلحق بالدول الحليفة لإسرائيل، خاصة الدول الأوروبية الموقعة على اتفاقية روما، إذا ما زار نتنياهو أو غالانت أراضيها.
ويشير الديك إلى أن القرار سيضع هذه الدول في مواجهة حقيقية مع التزاماتها القانونية، ما قد يدفعها لاتخاذ مواقف حاسمة، أو التهرب تحت ذرائع سياسية حفاظاً على علاقاتها مع إسرائيل والولايات المتحدة.
ويتوقع أن القرار سيُقابل بموجة من التصعيد الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، كرد على شكوى السلطة المقدمة للمحكمة الجنائية الدولية.
القرار سيشجع اليمين الإسرائيلي المتطرف على تصعيد عدوانه
ويرى الديك أن القرار سيشجع اليمين الإسرائيلي المتطرف على تصعيد سياساته القمعية، وتسريع مخططاته الاستيطانية، وتنفيذ ما يُعرف بـ"خطة الحسم"، التي تسعى إلى ضم الضفة الغربية بالكامل، بالتزامن مع تسلم ترامب مهامه في البيت الأبيض، مما سيعزز من دعم الولايات المتحدة لهذه السياسات، خاصة مع سيطرة الجمهوريين، حلفاء اليمين الإسرائيلي، على الكونغرس.
ويشير الديك إلى أن هذه التطورات بشأن قرار المحكمة قد تؤدي إلى فرض مزيد من القيود الاقتصادية والمالية على الشعب الفلسطيني والسلطة الفلسطينية، في إطار سياسة العقاب الجماعي التي تنتهجها إسرائيل.
ورغم أهمية القرار، يشدد الديك على أن تنفيذه يواجه عقبات عديدة، أبرزها غياب آلية تنفيذية للمحكمة الجنائية الدولية، التي تعتمد في تنفيذ مذكرات التوقيف على حكومات الدول الأعضاء في اتفاقية روما.
ويوضح الديك أن تنفيذ الاعتقال يتطلب تعاون هذه الدول، وهو أمر يظل غير ملزم لها، حيث لا تتضمن الاتفاقية نصوصاً تفرض عقوبات على الدول الممتنعة عن التنفيذ.
ويشير الديك إلى أن الدول الأوروبية، التي تربطها علاقات استراتيجية قوية مع إسرائيل والولايات المتحدة، قد لا تُقدم على اعتقال نتنياهو أو غالانت، ما يُضعف من قيمة القرار عملياً، وفي المقابل، قد تتخذ دول أخرى، ليست لديها علاقات قوية مع إسرائيل، موقفاً أكثر صرامة حال دخول المسؤولين الإسرائيليين أراضيها.
ويعتقد الديك أن القرار سيدفع نتنياهو وغالانت إلى توخي الحذر في زياراتهم الخارجية، خاصة إلى الدول الموقعة على الاتفاقية الناظمة لعمل المحكمة، والتي قد تقوم بتسليمهما للمحكمة الجنائية الدولية.
ويؤكد الديك أن القرار قد يفتح الباب أمام تصعيد أمريكي وإسرائيلي ضد المحكمة الجنائية الدولية، خاصةً مع عودة ترامب إلى الحكم، المعروف بمواقفه العدائية تجاه المؤسسات الدولية والداعمة لإسرائيل.
ويؤكد الديك أن القرار يمثل تحولاً قانونياً كبيراً، لكنه يُبرز أيضاً الصراع السياسي المحيط بالعدالة الدولية.
وعلى الرغم من هذه العقبات، يشير الديك إلى أن القرار يبقى خطوة نحو ترسيخ العدالة الدولية، وفتح المجال أمام محاسبة مرتكبي الجرائم ضد الشعب الفلسطيني.
القرار ينزع الشرعية عن أفعال إسرائيل الوحشية
يرى الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشأن الإسرائيلي نهاد أبو غوش أن القرار الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية يمثل تطوراً جوهرياً في مسار العدالة الدولية في ما يتعلق بالجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني، مشيراً إلى أن الخبراء القانونيين يجمعون على عدم إمكانية استئناف هذا القرار، حيث لا يسمح النظام القضائي للمحكمة بذلك، ومع ذلك، يمكن للمتهمين الدفاع عن أنفسهم بعد المثول أمام المحكمة وتقديم دفوعهم وأدلتهم خلال المسار القضائي.
ويوضح أبو غوش أن إصدار مذكرة توقيف بحق مسؤولين إسرائيليين، بمن فيهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الجيش يوآف غالانت، يشير إلى توفر أدلة وقرائن دامغة دفعت المحكمة لاتخاذ هذه الخطوة، حيث أن المذكرة استندت إلى تصريحات علنية ووثائق رسمية لم تعد خافية على أحد، وُثِّقت بعناية من قبل المحكمة.
بالإضافة إلى ذلك، يشير أبو غوش إلى أن أي مسؤول إسرائيلي شارك في اتخاذ قرارات أو أصدر توجيهات على مستوى مجلس الحرب الإسرائيلي أو هيئة الأركان يعد شريكًا في الجرائم التي تُستوجب المحاكمة.
ويشير أبو غوش إلى أن الدول الموقعة على ميثاق روما، البالغ عددها 124 دولة، ملزمة باعتقال المتهمين وتسليمهم إلى المحكمة الجنائية الدولية فور دخولهم أراضيها.
ومع ذلك، يوضح أبو غوش أن المحكمة نفسها لا تمتلك أدوات تنفيذية مثل الشرطة الدولية لإجبار المتهمين على المثول أمامها، ما يجعل تنفيذ هذا القرار مرتبطاً بإرادة الدول المعنية والتزامها بالقانون الدولي.
ويشير أبو غوش إلى أن إسرائيل، التي اعتادت على الإفلات من المحاسبة طيلة ثمانية عقود، تجد نفسها اليوم أمام تحدٍ جديد قد يهدد مشروعيتها الدولية.
ويرى أبو غوش أن الفيتو الأمريكي الأخير، الذي استُخدم لمنع قرار أممي يُدين إسرائيل، شجع الأخيرة على ارتكاب مزيد من المجازر، في بيت لاهيا وضاحية الشيخ رضوان في غزة، والتي راح ضحيتها نحو 100 شهيد.
لكن أبو غوش يؤكد أن تأثير القرار القضائي سيظهر لاحقًا، عندما يبدأ القادة الإسرائيليون في الشعور بالقلق إزاء إمكانية تعرضهم للملاحقة القانونية في المستقبل.
ويشير أبو غوش إلى أن إسرائيل لجأت إلى وسائل شتى لتعطيل صدور هذا القرار، من خلال الضغط الدبلوماسي والتهديدات المباشرة وغير المباشرة، كما أن جهاز الموساد الإسرائيلي لعب دوراً في محاولات تعطيل القرار، في حين دخلت الولايات المتحدة بكل ثقلها لمنع صدوره، إلى جانب ذلك، حاول بعض الحلفاء الأوروبيين، مثل ألمانيا، تقديم الدعم لإسرائيل، ومع ذلك، فإن الأدلة القوية والموثقة حالت دون تجاهل الجرائم الإسرائيلية، ما جعل المحكمة تتخذ قرارها التاريخي.
ويؤكد أبو غوش أن القرار ينزع الشرعية عن أفعال إسرائيل الوحشية، وخاصة في سياق الحرب المستمرة على غزة، ويدحض الادعاءات الإسرائيلية بأن تلك الجرائم تُرتكب بدوافع الدفاع عن النفس.
ويرى أبو غوش أن القرار يشكل نقطة تحول رئيسية في تعزيز الجهود الدولية لمقاطعة إسرائيل وفرض العقوبات عليها وسحب الاستثمارات منها، مشيرًا إلى أن هذا التطور يمنح أنصار فلسطين حول العالم دافعًا قويًا لتكثيف جهودهم لمحاصرة إسرائيل.
وبحسب أبو غوش، فإن هذا القرار سيدفع إسرائيل إلى إعادة النظر في ممارساتها وسياساتها، خاصة في ظل تزايد الإدانات الدولية لأفعالها.
ورغم أنه من غير المتوقع أن يمثل قادة إسرائيليون أمام المحكمة فعليًا، إلا أن ابو غوش يرى ان الاتهام لقادة إسرائيل بارتكاب جرائم حرب سيؤثر على مكانتها الدولية، ويضعف مشروعيتها.
ويشير أبو غوش إلى أن القرار لن يقتصر تأثيره على الحاضر، بل ستكون له تداعيات طويلة المدى، فهو قد يؤدي إلى فرض مزيد من القيود على عمليات تسليح إسرائيل، ويشجع العديد من الدول على إعادة النظر في علاقاتها مع تل أبيب، كما يعزز القرار الجهود القانونية لمحاصرة إسرائيل، خاصة إذا أضيف إلى قرارات أخرى صدرت أو قد تصدر، مثل قرار محكمة العدل الدولية بشأن شرعية الاحتلال وأعمال الاستيطان أو الإبادة الجماعية.
ويشدد أبو غوش على أهمية هذا القرار بالنسبة للشعب الفلسطيني، كونه يمثل انتصاراً للضحايا، ويسهم في تخفيف معاناة الفلسطينيين من خلال الضغط على إسرائيل للسماح بدخول المساعدات الإنسانية ورفع الحصار جزئيًا.
لكن أبو غوش يؤكد أن هذه المعركة القانونية طويلة ومعقدة، وتحتاج إلى جهود موحدة من قبل السلطة الفلسطينية والفصائل والمجتمع الدولي.
ويرى أبو غوش أن القرار يدشن مرحلة جديدة من العمل القانوني الدولي لمحاصرة السياسات الإسرائيلية، ما يساهم في تعزيز الحقوق الوطنية الفلسطينية، ويمهد الطريق نحو محاسبة إسرائيل على جرائمها المتواصلة.
دلالات
الأكثر تعليقاً
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
أ.د. أبو كشك يشارك في المؤتمر العالمي للغة الصينية في بكين ويوقع اتفاقية تعاون مع جامعة جيان شي
الأكثر قراءة
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الأونروا: فقدان 98 شاحنة في عملية نهب عنيفة في غزة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%54
%46
(مجموع المصوتين 80)
شارك برأيك
مذكرات الجلب في لاهاي.. زلزال يضرب "الكريا"