بقلم: الدكتور لؤي شبانه
المدير الإقليمي لصندوق الأمم المتحدة للسكان للدول العربية

غادة سباتين سيدة أرملة في عقدها الرابع من عمرها، وهي أم لستة اطفال، أطلق عليها النار أثناء سيرها على المدخل الشرقي لقرية حوسان بمحافظة بيت لحم. أفاد المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، السيد تور وينسلاند أن السيدة "لم تكن تشكل أي تهديد ودعا إلى "إجراء تحقيق شامل في مثل هذه الأفعال." في قرية فقوعة بمحافظة جنين فارقت الطالبة في الثانوية العامة، حنان خضور، الحياة متأثرة بجراحها بسبب رصاصات اخترقت جسدها على مدخل قريتها.
غادة وحنان صورتان مأساويتان لواقع مرير وأزمة إنسانية تشير إلى أن النساء أكثر ضعفاً خلال الحروب والأزمات الإنسانية، وأن العنف والمعاناة والحاجة سمات دائمة لحياتهن.
أصدر صندوق الأمم المتحدة للسكان ومركز شؤون المرأة في غزة تقريراً ﻟﺘﻘﻴﻴﻢ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﻨﺴﺎء والفتيات ﻓﻲ ﻗﻄﺎع ﻏﺰة في أعقاب أحد ﻋﺸﺮ ﻳﻮﻣﺎ ﻣﻦ العمليات العسكرية ضد قطاع غزة ﻣﻦ 10ايار إﻟﻰ 21 ايار.2021 وأشار التقييم لفقدان 40 امرأة و 23 فتاة حياتهن فيما جرحت نحو 400 وستعاني 10% منهن من إعاقات طويلة بعد 6 أشهر من الإصابة. ونجم عن العمليات أيضا 101 أرملة جديدة ناهيك عن النزوح لأكثر من 107 آلاف شخص، ما يزال 8400 منهم نازحين حتى الآن أكثر من نصفهم من النساء والفتيات.
ﺗﺴﺒﺐ النزاع أيضاً ﻓﻲ ﺣﺪوث ﻣﺸﺎﻛﻞ ﻧﻔﺴﻴﺔ ﻋﺪﻳﺪة ﻟﺪى اﻟﻨﺴﺎء واﻟﻔﺘﻴﺎت، ﻣﺜﻞ ﺷﻌﻮرﻫﻦ ﺑﺎﻟﻘﻠﻖ واﻟﺘﻮﺗﺮ واﻟﻌﺼﺒﻴﺔ واﻻﻧﻔﻌﺎل اﻟﺰاﺋﺪ، واﻟﺨﻮف اﻟﺸﺪﻳﺪ واﺿﻄﺮاﺑﺎت اﻟﻨﻮم، واﺿﻄﺮاﺑﺎت اﻷﻛﻞ، واﻟﺤﺰن واﻟﺒﻜﺎء اﻟﻤﺴﺘﻤﺮ، واﻟﺸﻌﻮر ﺑﻔﻘﺪان اﻷﻣﻞ ﺑﺎﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ وﻏﻴﺮﻫﺎ من اﻟﻤﺸﺎﻛﻞ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ. وﺗﺤﻤﻠﺖ اﻟﻨﺴﺎء اﻟﻌﺐء اﻷﻛﺒﺮ ﻓﻲ رﻋﺎﻳﺔ اﻷﻃﻔﺎل واﻟﻘﻴﺎم ﺑﺠﻤﻴﻊ اﻟﻤﻬﺎم اﻟﻤﻨﺰﻟﻴﺔ اﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ ﻓﻲ ﻇﻞ أﺟﻮاء ﻣﻦ اﻟﺨﻮف واﻟﺮﻋﺐ وﻋﺪم اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻷﻣﺎن وﺗﻬﺪﻳﺪ اﻟﺤﻴﺎة، واﻧﻘﻄﺎع اﻟﺘﻴﺎر اﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻲ وﻧﻘﺺ اﻟﻤﻴﺎه وﻋﺪم ﺗﻮﻓﺮ ﻣﺴﺘﻠﺰﻣﺎت اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻬﺬا اﻟﺪور.
تشكل الضغوط الناجمة عن الاحتلال والنزاعات عوامل مباشرة تساهم في ارتفاع مستويات العنف داخل الأسر، بما في ذلك العنف القائم على النوع الاجتماعي والزواج المبكر والقسري والعنف الأسري والجنسي والتحرش والحرمان من الوصول العادل إلى الموارد وسوء المعاملة النفسية. ووفق آخر مسح عن العنف أصدره الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عام 2019، فإن حوالي 29٪ من النساء المتزوجات أو المتزوجات في أي وقت مضى تعرضن "مرة واحدة على الأقل" لشكل من أشكال العنف (النفسي والاجتماعي ، الجسدي ، الجنسي ، الاجتماعي أو الاقتصادي) وأكثر أشكال العنف الذي تتعرض له المرأة شيوعًا هو العنف النفسي، حيث بلغت نسبته 52٪ بينما بلغ معدل انتشار العنف الجسدي 17٪. فمثلاً، في عام 2021 ، أبلغ مقدمو خدمات الصحة العقلية عن زيادة في حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي والعنف الذي يؤثر على النساء والأطفال ، وازدادت الأوضاع صعوبة بعد جائحة كوفيد-19.
يعمل صندوق الأمم المتحدة للسكان جاهداً من أجل ضمان حماية سلامة وحقوق وكرامة النساء والفتيات، حيث أن الجهود التي تبذل للقضاء على مسببات العنف والاستجابة لتداعياته ليست كافية. ووفقا للبيانات المتوفرة فإن 1.4% فقط ممن تعرضن للعنف طلبن المساعدة من محام أو متخصص ويعود ذلك أساساً لندرة خدمات رعاية الناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي المتاحة التي يمكن الوصول إليها وندرة خدمات الإحالة وحتى الخدمات المتوفرة فهي مشتتة وتتباين جودتها من منطقة لأخرى.
لقد آن الأوان لأن تكون حماية النساء والفتيات وتلبية احتياجاتهن وتمكينهن وضمان حقوقهن الإنسانية في صميم التدخلات التي تقوم بها الجهات الرسمية والشركاء المحليين والإقليميين والدوليين.