أقلام وأراء
الإثنين 18 أبريل 2022 9:58 صباحًا - بتوقيت القدس
جنين ترفع من وتيرة التحولات في المجتمع الفلسطيني، وحملة كاسر الأمواج تعمق من مأزق إسرائيل
بقلم العميد: أحمد عيسى
المدير العام السابق لمعهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي
يجادل كثير من الإسرائيليين أن إسرائيل دخلت منذ بداية الألفية الجديدة في مأزق لا يبدو أنه قابل للحل، ويرى البعض من خبراء الجيوبولتيك سواء داخل إسرائيل أم خارجها، أن إنقسام المجتمع الإسرائيلي بين داعم ورافض لإنسحاب شارون من غزة من جانب واحد العام 2005، كان التعبير الأوضح عن هذا المأزق.
ويضيف هؤلاء الخبراء أن المأزق يكمن في توظيف موارد الدولة في مواجهة التهديدات الآنية الجارية التي تواجه الدولة، وغياب إهتمام الدولة وكنتيجة غياب إستعدادها للتهديدات المتوقع بروزها في المدى المتوسط والبعيد، إذ فيما جاء قرار شارون بالإنسحاب من غزة من جانب واحد بناء على تقدير (ساعده بالتوصل اليه ماضيه العسكري)، أن التهديدات المتوقع أن تبرز أمام الدولة في العقد القادم، أكثر خطورة على إسرائيل من التهديدات التي تمثلها غزة بعد إنسحاب الجيش منها، رأى بالمقابل معسكر اليمين الذي يهمن على الدولة الآن، أن التهديدات التي تمثلها العمليات (الإرهابية) على حد وصفهم التي ممكن أن تصدر من غزة بعد إنسحاب الجيش منها، هي الخطر الحقيقي على الدولة، أما التهديدات المتوقع بروزها في المستقبل كما يجادل شارون ومعسكره فهي ليست أكثر من توقعات نظرية.
وفيما بلغت التحولات في المجتمع الإسرائيلي ذروتها خلال العقد الماضي وأصبح اليمين (الديني والعلماني) الذي لا يرى أن تحولات البيئة الإستراتيجية الإسرائيلية تنطوي على تهديدات وجودية للدولة هو المهيمن على مؤسسات الحكم في الدولة، نرى بالمقابل أن التحولات الجارية في المجتمع الفلسطيني منذ فترة غير قصيرة لم تصل بعد إلى مآلاها النهائي.
في الواقع يشهد المجتمع الفلسطيني برمته، لا سيما في الضفة الغربية حراكاً منذ فترة ليست قصيرة، والعنوان الرئيس لهذا الحراك هو "بعث الحركة الوطنية الفلسطينية من جديد"، لا سيما بعد إكتشاف أصغر الفلسطينيين سناً إن الدولة الفلسطينية المستقلة الموعودة ليست في متناول اليد، والأهم بعد إكتشافهم إن إسرائيل ليس بواردها صناعة سلام مع الفلسطينيين، إنما تسعى إلى توظيف ما يسمى بمسيرة السلام لفرض الإستسلام على الشعب الفلسطيني كما تجلى خلال صفقة الرئيس ترامب الأمريكي السابق المعروفة بصفقة القرن.
وقد تجلت أبرز علامات التحول الذي يشهده المجتمع الفلسطيني، وما تنطوي عليه هذه التحولات من دلالات في عمليات الطعن والدهس الفردية، التي بادر إليها الشباب الفلسطيني (صبيان وفتيات) تحث سن الثلاثين من العمر في كافة أنحاء الضفة الغربية، لا سيما في القدس.
في الواقع لم تكن ما أصطلح على تسميتها بإنتفاضة السكاكين التي وصلت ذروتها قبل خمس سنوات من الآن، موجة عابرة يمكن القضاء عليها وإستئصالها بوسائل وإجراءات أمنية فقط، بل كانت تلك الموجة هي الإشارة الأكثر تعبيراً من بين إشارات أخرى برزت خلال العقد الأخير، على ما يشهده المجتمع الفلسطيني برمته من تحولات غلب عليها الطابع الفردي للخلاص من الإحتلال والإستيطان والتهويد والبطش والتبجح بالقتل والإعتقال.
وقد جاءت أحداث الشهر الماضي التي بادر إليها أفراد من محافظة جنين (ضياء ورعد) لترفع من وتيرة هذه التحولات في المجتمع الفلسطيني، والأهم أنها جاءت لتحدد مسار واتجاه هذه التحولات، الأمر الذي تجلى بوضوح في خطاب والد رعد الخازن، وخطاب كبار مسؤولي السلطة الفلسطينية في جنين ومعهم مسؤولي ونشطاء حركة فتح في المحافظة، مما يعني أن ما بادر اليه (ضياء ورعد) حتى وإن كان عملاً فردياً، إلا أنه جعل منهم ومن عملهم نموذجا يقتدي به جيلهم والأجيال القادمة.
من جهتها المنظومة الأمنية الإسرائيلية بدأت منذ باية شهر نيسان/أبريل الجاري وتحديداً بعد العملية التي نفذها ضياء حمارشة في مدينة بني براك يوم الثلاثاء الموافق 29/3/2022، بتنفيذ حملة عسكرية واسعة في الضفة الغربية أطلق عليها الجيش إسم (كاسر الأمواج)، ووفقاً لتصريحات رئيس أركان الجيش (أفيف كوخافي) الذي يقود الحملة، من المتوقع أن تستمر هذه الحملة لشهرين قادمين.
ويظهر الخطاب الإعلامي سواء لوزير الجيش (بيني جانتس)، أو لكبار ضباط الجيش، أو للإعلاميين الإسرائيليين، أن الهدف المعلن لحملة كاسر الأمواج هو القضاء على الأفراد الفلسطينيين الذين يمكن حسب تقديرات المخابرات الإسرائيلية أن يبادروا لتنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية، ومقابل ذلك توضح تقديرات مؤسسات البحث المتخصصة في قضايا الأمن القومي الإسرائيلي، أن إسرائيل تخطىء أيما خطأ إذا تجاهلت التحولات الجارية في المجتمع، لا سيما وأن العمليات الأخيرة تمثل نجاحا إستراتيجيا لحركة المقاومة الفلسطينية، أو للإرهابين على وصفهم.
وأجادل في هذه المقالة أنه قد "رفعت الأقلام وجفت الصحف" فإسرائيل ليس بواردها أبدا السماح لدولة فلسطينية على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية أن تقوم، بل هي ماضية في الإستيطان والتهويد والحصار والتميز العنصري الأبارتهايد، الأمر الذي يعمق من مأزقها الذي لا يبدو أنه قابل للحل، أما فلسطينياً فقد زادت جنين من وتيرة وسرعة ومسار التحول في المجتمع الفلسطيني.
المزيد في أقلام وأراء
أسرى فلسطين في معسكرات الموت
حديث القدس
الفلسطينيون بين وعيد ترمب بالجحيم وسعي نتنياهو لـ"النصر المطلق"
اللواء المتقاعد أحمد عيسى
البدائل الوطنية الديمقراطية.. مفتاح التغيير الحقيقي بالمنطقة ولمواجهة الاحتلال
مروان اميل طوباسي
قد تتوقف الإبادة ولكن !
بهاء رحال
رحيل عيسى الشعيبي
حمادة فراعنة
أمريكا تؤسس لعالم جديد وعنيف
د. أحمد رفيق عوض
آفاقُ التربية: نحوَ سُمُوٍّ إنسانيٍّ مُلْهِمٍ
ثروت زيد الكيلاني
حلحلة الانسداد السياسي في لبنان و سوريا، مؤشر لشرق عربي مشرق
كريستين حنا نصر
بوادر اتفاق تلوح بالأفق!
حديث القدس
الدبلوماسية العامة والمؤثرون.. أداة قوة ناعمة
دلال صائب عريقات
هل تصل الفاشية الرأسمالية الغربية إلى الحكومات العربية؟
عبدالله جناحي
جابوتنسكي ونظرية الأمن الإسرائيلي
أسماء ناصر أبو عيّاش
هل كانت لداود مملكة في هذه البلاد؟!
تيسير خالد
منطق استعماري قديم
حمادة فراعنة
الأسرى يتعرضون للتنكيل والتعذيب الدائمَين
بهاء رحال
ترمب و"تسوية الحدّ الأدنى" للقضية الفلسطينية: قراءة استشرافية (الحلقة الثالثة والأخيرة)
د. علي الجرباوي
ترمب و"تسوية الحدّ الأدنى" للقضية الفلسطينية: قراءة استشرافية -(الحلقة الثانية)
د. علي الجرباوي
المفتول الفلسطيني من يد الحاجة أم نزار العيسة
بهاء رحال
دروس "الطوفان" وارتداداته(2) السياسي يربك الثقافي
د. اياد البرغوثي
كيف يُغيّر الذكاء الاصطناعي حياة الأطفال؟ التأثيرات الإيجابية والمخاطر المحتملة
بقلم / صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
الأكثر تعليقاً
دروس "الطوفان" وارتداداته(2) السياسي يربك الثقافي
ارتفاع حصيلة قتلى حرائق لوس أنجلوس إلى 11 شخصا
المالية: سيتم صرف رواتب الموظفين فور تحويل أموال المقاصة
غضب واسع من فشل احتواء حرائق لوس أنجليس
قلقيلية: الاحتلال يهدم منزلاً ومحلاً تجارياً ومنشأة زراعية ويجرف أراضي
بايدن: أحرزنا تقدم حقيقي نحو صفقة تبادل الرهائن
المسجد الأقصى في دائرة الخطر: جرائم الاحتلال مستمرة بلا توقف
الأكثر قراءة
الاحتلال سيستخدم عوائد الضرائب الفلسطينية لسداد ديون شركة الكهرباء
الاحتلال يأخذ قياسات 3 منازل في قباطية جنوب جنين
الجيش الإسرائيلي: عثرنا على جثة حمزة الزيادنة داخل نفق في رفح
ترمب و"تسوية الحدّ الأدنى" للقضية الفلسطينية: قراءة استشرافية (الحلقة الثالثة والأخيرة)
"الاتصالات" تحذّر من توقف تدريجي للخدمة في غزة بسبب نفاذ الوقود
الجيش الإسرائيلي: امرأة وابنها قتلا في "غلاف غزة" في 7 أكتوبر بنيران قواتنا
مجلس النواب الأميركي يصوّت بمعاقبة المحكمة الجنائية الدولية
أسعار العملات
الأربعاء 08 يناير 2025 9:02 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.65
شراء 3.64
دينار / شيكل
بيع 5.15
شراء 5.13
يورو / شيكل
بيع 3.78
شراء 3.77
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%59
%41
(مجموع المصوتين 405)
شارك برأيك
جنين ترفع من وتيرة التحولات في المجتمع الفلسطيني، وحملة كاسر الأمواج تعمق من مأزق إسرائيل