أقلام وأراء
الأحد 17 أبريل 2022 10:27 صباحًا - بتوقيت القدس
هل كان الاقتحام الحاقد للمسجد الأقصى "بروفا" مصغرة لهدمه
بقلم المحامي زياد أبو زياد
اقتحام المسجد الأقصى وما حدث خلاله من اعتداء على المصلين وتخريب داخل المسجد القبلي ومساس بقدسيته يفرض نفسه فهو حديث الساعة ولا يمكن تجاهله أو التعامل مع الأمور وكأن شيئا ً لم يحدث.
وبداية أقول بأن الفعل بحد ذاته يُعتبر امتهانا ً لكرامة المسجد ولمشاعر المسلمين المؤمنين في كل مكان في شهر رمضان الفضيل وفي يوم الجمعة! وهو إن دل على شيء فإنما يدل بشكل قاطع على أن من أعطوا الأوامر باقتحام المسجد ينتمون أيديولوجيا وسياسيا ً لنفس مدرسة الأشخاص الذين لا يتورعون عن القول جهارا ً بأن هدفهم النهائي ليس تقاسم الأقصى مع المسلمين وإنما هدمه وإعادة بناء الهيكل مكانه. وهؤلاء لا يعترفون بقدسية المكان للمسلمين ولا يقيمون وزنا ً لمشاعرهم وبالتالي فإن المسجد بالنسبة لهم كأي مكان عام. وأكبر دليل على ذلك هو انتهاك حرمة المكان والدخول اليه بأحذيتهم المدنسة وإطلاق الرصاص وقنابل الغاز والقنابل الصوتية داخل المسجد والقيام بشكل همجي حاقد بإطلاق الرصاص على النوافذ الزجاجية التاريخية المزخرفة وتحطيمها بشكل لا يمكن أن يقوم به أحد إلا من التتر أو أحفاد جنكيزخان.
فالنوافذ التاريخية الزجاجية الملونة المزخرفة هي على ارتفاع أكثر من عشرة أمتار وليست في مرمى إطلاق الرصاص على المصلين حتى لو كان ذلك هدفهم. فالواضح أن إطلاق الرصاص على النوافذ وتهشيمها ليس سوى "بروفا" مصغرة لما يدور في نفوسهم المريضة من نية لتخريب الأقصى وهدمه.
لقد شاهد العالم كيف تم الاعتداء الوحشي على المصلين بما في ذلك المسنين كبار السن والصبايا اللواتي كن يقفن جانبا ً يحاولن توثيق ما حدث من خلال استخدام التصوير بهواتفهن، والصحفيين الذين لا يتم الاعتداء جسديا ً عليهم ومنعهم من أداء عملهم الصحفي الا في الدول المتخلفة الدكتاتورية التي تقمع الحريات وتحاول التعتيم على جرائمها ضد حقوق الانسان. إن إصابة العشرات بل المئات من المصلين واعتقال المئات واحتجازهم وتمديد توقيفهم وهم صيام لهو تحد لكل القيم الدينية والأخلاقية.
ليست هذه هي المرة الأولى التي تقع فيها مواجهات مع شرطة الاحتلال وحرس الحدود في ساحات المسجد، ولكن رجال أمن وشرطة الاحتلال كانوا في الماضي يمتنعون عن الدخول الى داخل المسجد ويكتفون بمحاصرته من الخارج الى أن يتم الاتفاق على طريقة لخروج المحاصرين من داخله، ولكننا شهدنا تصعيدا ً في السنوات المتوالية وبدأوا يدخلون الى داخل المسجد القبلي ويعيثون فيه تخريبا وتدنيسا ً وفسادا. وهذا التصعيد يتزامن ويسير جنبا الى جنب مع تصعيد وتكثيف اقتحامات المتدينين المتطرفين لساحات المسجد وإقامتهم الصلوات والطقوس التلموذية في ساحاته امعانا في محاولات التهويد وتغيير الأمر الواقع status quo الذي هو متعارفٌ عليه منذ عام 1855 أثناء العهد العثماني.
وقد جاءت الأعمال التخريبية أول من أمس في يوم الجمعة الثانية برمضان وفي أجواء روحانية إسلامية، ولكن الدعوات اليهودية المتطرفة لإدخال القرابين الى ساحات الأقصى وذبحها بمناسبة عيد الفصح اليهودي هي التي استفزت مشاعر المسلمين وخلقت وما زالت حالة من التوتر بين المصلين الذين تأهبوا للدفاع عن حرمة مسجدهم وصد محاولات الاعتداء عليه.
إن ما حدث يوم الجمعة الثانية في رمضان لهو ناقوس خطر ينذر بما يمكن أن يحدث لو تمادى المتطرفون في غيهم وفي سعيهم لفرض واقع جديد في المسجد. وعلى العقلاء على الجانب الإسرائيلي، إن وجدوا، أن يلجموا متطرفيهم ويكبحوا جماحهم لأن الفتنة القادمة، إن وقعت، فستكون أكبر وأخطر.
لقد قلنا وعلى لسان أكثر من مسؤول فلسطيني شعبي ورسمي بأن المسجد الأقصى هو قنبلة موقوتة وأن العبث بها هو كالعبث بقنبلة نووية إن انفجرت فسوف لا تُبقي ولا تذر. وإذا كان هناك في إسرائيل من انخدع بالهوان العربي المتمثل بالتطبيع المهين وظن أن العرب والمسلمين قد رضخوا واستسلموا للأطماع الإسرائيلية فإنه يخطئ كل الخطأ لأن الذي سيتصدى لأي مساس بالمسجد الأقصى أو بأية أماكن دينية بالمدينة هم أبناء القدس المؤتمنون عليها مسلمين ومسيحيين والذين لا يستطيع أحد أن يُطوعهم او يركعهم أو يفرض ارادته عليهم. وإذا ما ظن أحد بأن بإمكانه المساس بالأقصى فإن عليه أن يعرف بأنه يلعب بالنار وأنها ستحرقه.
لقد أدرك حاخامات اليهود وعلى مدى مئات السنين قدسية المكان والمخاطر التي تترتب على أية محاولة للمساس به فكانت فتواهم (هلخاه) بأنه لا يجوز لليهود الدخول الى ساحات المسجد ولكن الصهاينة الجدد الذين ركبوا موجة الدين لتحقيق أهداف سياسية هم الذين يثيرون الفتنة ويحاولون اشعال فتيل حرب دينية سيكونون هم الخاسرين فيها مهما خدعتهم أنفسهم بقوتهم وصورت لهم بأنهم قادرين عليها.
وعلى أية حال فإن المراقب السياسي لا يمكن أن يستبعد أن تكون أحداث أول من أمس هي أحداث تتغذى من الأزمة السياسية داخل إسرائيل والمشاحنات التي تدور بين السياسيين فيها سواء من هم داخل الحكومة أم من هم في المعارضة، وأن حكومة بينيت حاولت وتحاول ارسال رسائل الى ناخبيها في اليمين المتطرف بأنها أكثر قدرة من الحكومة التي سبقتها بقيادة نتنياهو على قتل العرب والتماهي مع المستوطنين في القدس والضفة ومع محاولات تهويد المسجد الأقصى. ولكن محاولة تصدير هذه الأزمة السياسية الداخلية الإسرائيلية الى الساحة الفلسطينية وحلها على حساب أرواح ودماء الفلسطينيين وأرضهم وقدسهم وأقصاهم هي محاولة ساذجة غبية لأنها تقوم على حسابات خاطئة وتفتقر الى فهم القوة الكامنة للشعب الفلسطيني، وفهم المضاعفات التي يمكن أن تترتب على استمرار هذه العنجهية الإسرائيلية في مواجهة شعب أقسم على ألا يركع إلا لله.
[email protected]
المزيد في أقلام وأراء
أسرى فلسطين في معسكرات الموت
حديث القدس
الفلسطينيون بين وعيد ترمب بالجحيم وسعي نتنياهو لـ"النصر المطلق"
اللواء المتقاعد أحمد عيسى
البدائل الوطنية الديمقراطية.. مفتاح التغيير الحقيقي بالمنطقة ولمواجهة الاحتلال
مروان اميل طوباسي
قد تتوقف الإبادة ولكن !
بهاء رحال
رحيل عيسى الشعيبي
حمادة فراعنة
أمريكا تؤسس لعالم جديد وعنيف
د. أحمد رفيق عوض
آفاقُ التربية: نحوَ سُمُوٍّ إنسانيٍّ مُلْهِمٍ
ثروت زيد الكيلاني
حلحلة الانسداد السياسي في لبنان و سوريا، مؤشر لشرق عربي مشرق
كريستين حنا نصر
بوادر اتفاق تلوح بالأفق!
حديث القدس
الدبلوماسية العامة والمؤثرون.. أداة قوة ناعمة
دلال صائب عريقات
هل تصل الفاشية الرأسمالية الغربية إلى الحكومات العربية؟
عبدالله جناحي
جابوتنسكي ونظرية الأمن الإسرائيلي
أسماء ناصر أبو عيّاش
هل كانت لداود مملكة في هذه البلاد؟!
تيسير خالد
منطق استعماري قديم
حمادة فراعنة
الأسرى يتعرضون للتنكيل والتعذيب الدائمَين
بهاء رحال
ترمب و"تسوية الحدّ الأدنى" للقضية الفلسطينية: قراءة استشرافية (الحلقة الثالثة والأخيرة)
د. علي الجرباوي
ترمب و"تسوية الحدّ الأدنى" للقضية الفلسطينية: قراءة استشرافية -(الحلقة الثانية)
د. علي الجرباوي
المفتول الفلسطيني من يد الحاجة أم نزار العيسة
بهاء رحال
دروس "الطوفان" وارتداداته(2) السياسي يربك الثقافي
د. اياد البرغوثي
كيف يُغيّر الذكاء الاصطناعي حياة الأطفال؟ التأثيرات الإيجابية والمخاطر المحتملة
بقلم / صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
الأكثر تعليقاً
دروس "الطوفان" وارتداداته(2) السياسي يربك الثقافي
ارتفاع حصيلة قتلى حرائق لوس أنجلوس إلى 11 شخصا
المالية: سيتم صرف رواتب الموظفين فور تحويل أموال المقاصة
غضب واسع من فشل احتواء حرائق لوس أنجليس
قلقيلية: الاحتلال يهدم منزلاً ومحلاً تجارياً ومنشأة زراعية ويجرف أراضي
بايدن: أحرزنا تقدم حقيقي نحو صفقة تبادل الرهائن
المسجد الأقصى في دائرة الخطر: جرائم الاحتلال مستمرة بلا توقف
الأكثر قراءة
الاحتلال سيستخدم عوائد الضرائب الفلسطينية لسداد ديون شركة الكهرباء
الاحتلال يأخذ قياسات 3 منازل في قباطية جنوب جنين
الجيش الإسرائيلي: عثرنا على جثة حمزة الزيادنة داخل نفق في رفح
ترمب و"تسوية الحدّ الأدنى" للقضية الفلسطينية: قراءة استشرافية (الحلقة الثالثة والأخيرة)
"الاتصالات" تحذّر من توقف تدريجي للخدمة في غزة بسبب نفاذ الوقود
الجيش الإسرائيلي: امرأة وابنها قتلا في "غلاف غزة" في 7 أكتوبر بنيران قواتنا
مجلس النواب الأميركي يصوّت بمعاقبة المحكمة الجنائية الدولية
أسعار العملات
الأربعاء 08 يناير 2025 9:02 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.65
شراء 3.64
دينار / شيكل
بيع 5.15
شراء 5.13
يورو / شيكل
بيع 3.78
شراء 3.77
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%59
%41
(مجموع المصوتين 405)
شارك برأيك
هل كان الاقتحام الحاقد للمسجد الأقصى "بروفا" مصغرة لهدمه