أقلام وأراء
الأحد 17 أبريل 2022 10:24 صباحًا - بتوقيت القدس
القائد مروان
بقلم:نهاد أبو غوش
في يوم الأسير الفلسطيني، يستذكر كل منا بعضا من أحبته وأصدقائه ومعارفه ممن غيّبتهم سجون الاحتلال، وهذه المناسبة كانت وما زالت مكرسة لإظهار الاعتزاز من جهة والتضامن من جهة أخرى، مع أولئك " الشهداء الأحياء" الذين يدفعون هم وأسرهم ضريبة حرية شعبهم، فيقضون أغلى سنوات عمرهم وأجملها خلف القضبان، محرومين من أبسط حقوقهم الإنسانية. وكانوا وما يزالون هدفا متاحا لعمليات البطش والتنكيل من قبل قوة غاشمة ترى أن كسر إرادة هؤلاء الأبطال يُمكّنها من إخضاع شعبهم، ولجم تطلعاته الوطنية، لا سيما وأن أولئك الأسرى الذين يزيد عددهم الآن عن خمسة آلاف أسير وأسيرة، ليسوا مجرد أرقام لفلسطينيين وفلسطينيات وجدوا صدفة على هامش حياة شعبهم الذي تسير حياته من دونهم كالمعتاد، بل هم في الحقيقة طلائع وقادة وبينهم أمناء عامون لفصائل ونواب منتخبون ومثقفون وأكاديميون ومبدعون، كما أن بينهم أطفالا، ومناضلين ضربوا أرقاما قياسية عالمية في مددة بقائهم في السجون، وما زالوا متمسكين بالحياة والحرية، بل هم الذين يبقون أمل شعبهم بالحرية متّقدا ومتوهجا.
يخالط شعورنا بالاعتزاز بأسرانا ودورهم وتضحياتهم مشاعر أخرى سلبية تحزّ في النفس، نتيجة شعورنا بالتقصير، وتراجع اهتمامنا على المستويات الشعبية والمؤسسية بقضية الأسرى، واتخاذ فعاليات التضامن مع قضيتهم طابعا موسميا متقطعا. وفي كثير من الأحيان تكاد هذه الفعاليات تقتصر على ذويهم وعلى بعض الناشطين من الهيئات المتخصصة، إلا في حالات استثنائية نادرة مثل إضراب اسير عن الطعام يجعله يشارف على الموت، أو حالة صحية إنسانية ضاغطة مثل حالة الأسير الطفل أحمد مناصرة والأسيرة الجريحة إسراء جعابيص.
الشعور بالتقصير الأقرب للخذلان هو الذي يراودنا حين نستقبل أسرى أمضوا في السجون كامل مدة محكوميتهم بالتمام والكمال حتى اليوم الأخير من حكمهم كما حصل مؤخرا مع الأسرى مجد بربر ومجد زيادة وشادي الشرفا الذين أمضى كل منهم عشرين عاما لا تنقص يوما واحدا، وقبلهم الأسير المحرر صالح أبو مخ الذي تحرر قبل عام بعد أن أمضى في السجون خمسة وثلاثين عاما، وقبل كل هؤلاء وبعدهم رموز الحركة الأسيرة الرازحون في السجون مسجلين أرقاما لم يسجلها أي معتقل سياسي في العصر الحديث على امتداد العالم، وفي طليعتهم نائل البرغوثي وكريم يونس وماهر يونس، وإلى جانبهم من يستحقون أن يكونوا في الصفوف الأولى لهيئات شعبهم ومؤسساته القيادية وعلى رأسهم القائدان احمد سعدات ومروان البرغوثي.
لا مسيرة التسوية والمفاوضات وما تخللها من "شهور عسل" واتفاقيات وتفاهمات وإجراءات بناء الثقة فضلا عن الآمال والأوهام العريضة، لا شيء من كل ذلك قاد للإفراج عن هؤلاء القادة، ولا حتى الصفقات التي أبرمتها فصائل المقاومة اللبنانية ثم الفلسطينية، وما سلسلة الإضرابات الفردية ومحاولة التحرر الذاتي البطولية من سجن جلبوع إلا دليلا على عدم تعويل الأسرى على الوسائل التي يملكها الخارج للضغط من أجل الإفراج عنهم، وبالتالي لم يعد أمامهم سوى البحث عن طرق فردية للخلاص.
لقد ابتلعنا الطعم الإسرائيلي الخبيث، وارتضينا القبول مكرهين بمعايير التمييز العنصرية الإسرائيلية بين أسرانا وأسرانا، بين أسرى الداخل المحتل عام 1948 وأسرى القدس والضفة وغزة، بين من على أيديهم دم يهودي وأنواع أخرى من الدماء، بين الأحكام العالية التي يصورونها وكأنها تجسيد لعدالة ما، والأحكام الخفيفة، بينما هي كلها أحكام سياسية في الجوهر، فالأسرى الفلسطينيون لم يعتقلوا ويحاكموا إلا لأنهم جزء من الحركة الوطنية لشعبهم، وقيادتهم هي عينها القيادة التي تفاوضهم وتجلس معهم سواء في المقاطعة أو في أماكن أخرى.
من المؤسف أن شخصا مثل الجندي الإسرائيلي الذي كان أسيرا لدى المقاومة في غزة، واقترنت صفقة "وفاء الأحرار" باسمه، صار معروفا عالميا ومحليا أكثر من معظم مناضلينا وقادتنا الذين لا يمكن مقارنة جزء يسير جدا من مواصفاتهم ومناقبهم بهذا الشخص الذي حولته حكومته إلى أيقونة للحرية، وجعلت من زيارة أسرته محطة إجبارية لزيارة أي وفد او مسؤول أجنبي، وشكلت لجانا رسمية وأهلية جابت دول العالم للتعريف بقضيته.
من أبرز علامات التقصير الأهلي والمؤسسي تجاه أسرانا، قضية الأسير القائد مروان البرغوثي الذي مرّت بالأمس ذكرى اعتقاله العشرون، لتضاف هذه السنوات الطويلة لست سنوات اخرى قضاها هذا المناضل في السجون مطلع شبابه، ف"أبو القسام" يملك من العوامل والمؤهلات والسجابا ما يجعل قضيته قضية عالمية بامتياز ترمز لقضية شعبه وحقه بالحرية، ومنها أنه منتخب مرتين لعضوية المجلس التشريعي الفلسطيني، ومرتين لعضوية اللجنة المركزية لحركة فتح وهي أعلى هيئة قيادية لاكبر فصائل الحركة الوطنية الفلسطينية، وهو أكاديمي يحمل درجة الدكتوراة ويساهم من سجنه في توفير التعليم الجامعي للأسرى، وهو قائد شعبي ميداني في الوقت نفسه، وجميع استطلاعات الرأي العام تمنح مروان البرغوثي تقدما ملحوظا على أية شخصية قيادية فلسطينية تنافسه سواء كانت من فتح أو حماس أو من باقي الفصائل والمستقلين، ولا يعود ذلك لوجوده في السجن فقط، بل لأن الشعب الفلسطيني يتطلع إلى نمط من القيادة قادرة على توحيد الشعب من جهة وتكون نابعة من معاناتها وتضحياتها في الوقت نفسه.
لدينا مثل شعبي مفاده أن "من ليس له كبير، يشتري كبيرا"، والمؤسف في حالتنا أن لدينا كبارا ولكننا نهملهم ولا نستطيع استثمارهم لصالح قضية شعبنا وحريته.
ربما يقول قائل: ولماذا فلان وليس فلانا؟ لا شك ان الكل مهم وغال وعزيز، ولكن لدينا قائد بحجم مروان يمكن لنا وله أن يتحول بقليل من الجهود وكثير من المواظبة إلى رمز لحرية شعبنا المسلوبة، وليس لحريته الشخصية والفردية فقط، رمز لا يقل شأنا وتأثيرا عن القائد العالمي نيلسون مانديلا.
المزيد في أقلام وأراء
الشتاء.. فصل من المعاناة في غزة
حديث القدس
أي شرق نريد؟
إياد البرغوثي
مجرما حرب
بهاء رحال
ما الذي يعنيه قرار الجنائية الدولية بحق قادة دولة الاحتلال؟
راسم عبيدات
بانتظار الجهد العربي والإسلامي
أحمد رفيق عوض
خطوة على طريق الانتصار
حمادة فراعنة
التربية والتراث.. قوة الانتماء في مواجهة التحديات
د. سارة محمد الشماس
سيادة العراق ولبنان في خندق واحد
كريستين حنا نصر
إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين
حديث القدس
توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين
سري القدوة
حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال
د. دلال صائب عريقات
سموتريتش
بهاء رحال
مبادرة حمساوية
حمادة فراعنة
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
"الجنائية" تتحرك أخيراً ضد الجُناة.. قِيَم العدالة في "ميزان العدالة"
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
زعيمة حركة استيطانية تدخل غزة بدون علم الجيش لإعادة الاستيطان
مصدر إسرائيلي: التوصل لاتفاق بشأن لبنان.. ولدينا ضمانات
نتنياهو يطلب تأجيل شهادته بالمحكمة بذريعة مذكرات الاعتقال في الجنائية الدولية
الأكثر قراءة
زعيمة حركة استيطانية تدخل غزة بدون علم الجيش لإعادة الاستيطان
الفيتو في مجلس الأمن... أمريكا حارسة مرمى شباكه ممزقة!
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
لائحة اتهام إسرائيلية ضد 3 فلسطينيين بزعم التخطيط لاغتيال بن غفير ونجله
نتنياهو و"الليكود" يتربصان بغالانت لفصله من الحزب وإجباره على التقاعد
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%51
%49
(مجموع المصوتين 101)
شارك برأيك
القائد مروان