منذ بدأت حرب الإبادة في غزة استعر الاستيطان في المدن والبلدات الفلسطينية، وعلى نحو خاص في القدس التي تتعرض لأكبر عملية تهويد وعزل عن محيطها العربي الفلسطيني، حيث ترافق ذلك بدعم غير مسبوق من حكومة الحرب والاحتلال ومن وزرائها المتطرفين في مقدمتهم سموتيرتش وبنغفير، فبين تشريعات وقوانين تم إقرارها في كنيست الاحتلال وبين الإجراءات المتسارعة على الأرض هيمن الاستيطان على الضفة وقضم مئات آلاف الدونماتمن الأرض، وفق خطط معلنة الهدف منها بات واضحًا ومعلنًا وهو يتمثل بالسيطرة الكاملة، وطرد وتهجير الفلسطينيين من الضفة والقدس، تمامًا كما هي المحاولات لتهجير الناس من غزة.
ومع اتساع رقعة العدوان وتواطؤ المجتمع الدوليوالصمت الإقليمي والعربي، تصاعدت عمليات الهدم والمصادرة، في مشهدٍ يعكس حجم التواطؤ والتغطية على سياسات الاحتلال التوسعية التي لم تتوقف، بل هي آخذه بالتصاعد يومًا وراء يوم.
والمتابع لكل ما يجري على الأرض يعلم أنه لم تَعُد المسألة مجرد قرارات عسكرية أو أمنية، بل باتت خطة ممنهجةتتشارك فيها الأذرع السياسية والعسكرية والقضائية للاحتلال، لإعادة تشكيل الجغرافيا والديموغرافيا بما يخدم المشروع الصهيوني الاحلالي، وهم يجاهرون بتصريحاتهم. وفي القدس، تتكثف الإجراءات من تضييق على السكان، وهدم للمنازل، وتغيير ملامح المدينة، إلى منع أي مظهر من مظاهر الحياة العربية الفلسطينية، في محاولة لطمس الهوية وسلب المكان من معناه الفلسطيني العميق.
إن ما يجري ليس سوى فصلٍ من فصول النكبة المستمرة، والتطهير العرقي والإبادة التي يحاول فيها الاحتلال إعادة إنتاج المشروع الاستعماري بثوبٍ جديد، هو ثوب القتل والقهر والقمع، وسياسات مرعبة وغير مسبوقة من قبل، وقوانين جائرة وظالمة، ضاربًا كل النداءات والقرارات الدولية، ومحاولًا الاستفادة من التواطؤ الدولي الذي يقف على رأسه ترامب الداعم لاستمرار حرب التطهير العرقي في غزة والضفة والقدس.
إن ما يتعرض له الناس من اعتداءات دائمة يقوم بهاقطعان المستوطنين، تتمثل في مصادرة الأراضي وحرق الممتلكات والعربدة بكل أشكالها تحت حراسة مشددة من جيش الاحتلال وبدعم مستمر من حكومة نتنياهو التي توزع السلاح بشكل علني، وتمنحهم الغطاء القانوني والسياسي لممارسة إرهابهم ضد الفلسطينيين العُزّل. هذا الواقع المأساوي خلق بيئة من الرعب اليومي في القرى والبلدات، حيث باتت حياة الأهالي مهددة في كل لحظة، بين اجتياحات المستوطنين للبيوت والمنازل، ومهاجمة المحاصيل الزراعية التي تُعد مصدر رزقهم الوحيد.
ومع ذلك، يبقى الشعب الفلسطيني على الأرض، صامدًا، ثابتًا، متمسكًا ببيته رغم الهدم والخراب، مؤمنًا بفلسطين الأرض والهوية، و على يقين تام أن الاحتلال مهما طال، زائل لا محالة.
شارك برأيك
حرب المستوطنين في الضفة