Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

فلسطين

الجمعة 11 أبريل 2025 10:10 صباحًا - بتوقيت القدس

ترامب يعلق رفع الرسوم الجمركية.. انسحاب تكتيكي لامتصاص الغضب وتقليص الخسائر

رام الله - خاص بـ"القدس" والقدس دوت كوم-

د. مؤيد عفانة: ردة الفعل الحادة في أسواق الأسهم والسندات والانهيار غير المسبوق في الأسواق المالية كانت دليلاً واضحًا على فشل سياسة ترامب

أكرم عطا الله: ترامب استغل الرسوم الجمركية كأداة للتمييز بين الدول موجهاً تركيزه بشكل رئيسي نحو تصعيد حربه التجارية مع الصين

د. عمر رحال:  الاحتجاجات الداخلية في أمريكا بسبب الخسائر الاقتصادية وتهاوي الأسهم لعبت دورًا محوريًا في قرار تجميد رفع الرسوم الجمركية

د. حسين الديك: السبب الرئيس وراء التعليق الضغوط الداخلية القوية من الحزب الجمهوري ومستشاري ترامب ومؤسسات "الدولة العميقة

د. محمد الطماوي: قرار تعليق الرسوم الجمركية يمثل مناورة تكتيكية لامتصاص الضغوط وتهيئة الأجواء للتفاوض دون التخلي عن الخطاب الصارم

 

 

 على وقع الاحتجاجات على السياسات الاقتصادية التي انتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خاصة فيما يتعلق بفرض الرسوم الجمركية على عدد من الدول، تراجع ترامب عن تنفيذ تلك الرسوم وعلقها مدة 90 يوماً، لتكشف هشاشة قرارات ترامب وآثارها السلبية على النظام الاقتصادي العالمي. 


ويرى كتاب ومحللون سياسيون ومختصون اقتصاديون في أحاديث منفصلة مع "القدس"، أن هذه الإجراءات التي قام بها ترامب لم تأتِ بنتائجها المرجوة، بل أدت إلى حالة من الفوضى في الأسواق المالية ودفعت الإدارة الأمريكية إلى اتخاذ خطوة غير متوقعة بتعليق هذه الرسوم لمدة 90 يومًا.


ويشيرون إلى أن هذا التراجع رافقته خسائر كبيرة في البورصات الأمريكية والعالمية، حيث جاء نتيجة حتمية لضغوط داخلية وخارجية متراكمة، شملت احتجاجات اقتصادية وتحذيرات من مؤسسات الدولة العميقة في الولايات المتحدة، إلى جانب اعتراضات من حلفاء تقليديين مثل الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، ووسط هذه الأجواء المشحونة، حاول ترامب الحفاظ على صورته كرجل صفقات دون التنازل الكامل عن خطابه الصارم.


وفي الوقت الذي تم فيه استثناء الصين من قرار التعليق، يؤكد المحللون والخبراء أن الأنظار تتجه إلى مستقبل هذه المواجهة التجارية بين القوتين العظميين، واشنطن وبكين والتي يُرجّح استمرارها لسنوات قادمة في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية والتنافس على قيادة النظام الاقتصادي العالمي، وبينما يستبعد المحللون والخبراء احتمال اندلاع نزاع عسكري مباشر، فإن تداعيات هذه الحرب الاقتصادية قد تعيد رسم ملامح العلاقات الدولية والتحالفات الاستراتيجية في السنوات المقبلة.

 

 

اضطراب في السياسيات الأمريكية

 

ويقول الباحث والخبير الاقتصادي د. مؤيد عفانة إن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض تعريفات جمركية على دول مختلفة ثم تعليق ذلك بأنه يعكس حالة من "الاضطراب" التي تعيشها الإدارة الأمريكية الجديدة تحت قيادته. 


ويعتقد عفانة أن هذا الاضطراب لا يقتصر على الجانب الاقتصادي الداخلي فحسب، بل يمتد إلى السياسات الخارجية والعلاقات مع الحلفاء، مما أدى إلى ردود فعل حادة على المستوى العالمي أجبرت ترامب على تعليق هذه الإجراءات لمدة 90 يومًا، باستثناء الصين.


ويوضح عفانة أن التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب لم تكن مبنية على دراسات اقتصادية متأنية، بل تعكس شخصيته "غير المتوقعة" و"المضطربة" كما يوصف في الأوساط السياسية والاقتصادية حتى في داخل الولايات المتحدة الأمريكية. 


ويؤكد عفانة أن هذه السياسات تناقض مبادئ التجارة الحرة والعولمة التي كانت الولايات المتحدة تدافع عنها تاريخيًا، مما أثار موجة من الرفض العالمي من حلفاء وغير حلفاء على حد سواء. 


ويشير عفانة إلى أن ردة الفعل الحادة في أسواق الأسهم والسندات، والانهيار غير المسبوق الذي شهدته الأسواق المالية العالمية، كانت دليلاً واضحًا على فشل هذه السياسة، حيث يصفها عفانة بأنها "ارتداد كبير جدًا" لإجراءات ترامب.

 

تراجع ترامب السريع عن خططه

 

ويلفت عفانة إلى أن الضغوط الاقتصادية والاحتجاجات الدولية، إلى جانب الآثار الجانبية السلبية على الاقتصاد الأمريكي نفسه، دفعت ترامب إلى التراجع السريع عن خططه. 


ويؤكد عفانة أن الخسائر التي تكبدها الاقتصاد الأمريكي كانت ملموسة، حتى إن بعض المقربين من ترامب بدأوا يتراجعون عن دعمهم لهذه السياسات. 


ويوضح عفانة أن ترامب، بصفته "رجل صفقات"، يتخذ قراراته بسهولة ويتراجع عنها بنفس السهولة، لأنها لا تستند إلى "حكمة أو دراية أو دراسة".


وفيما يتعلق بالصين، التي استثنيت من قرار التعليق، يشير عفانة إلى أن الوضع معها "أكثر حدة وشدة"، حيث أن الصين ليست دولة عادية، بل قوة اقتصادية من الطراز الأول، استطاعت أن تفرض حضورها التجاري والصناعي في أسواق العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة نفسها. 


ويؤكد عفانة أن عبارة "صنع في الصين" أصبحت علامة تجارية (براند) قوية حتى في السوق الأمريكية، مما يجعل الحرب الاقتصادية معها مكلفة للغاية، ليس فقط على الصين، بل على الاقتصاد الأمريكي أيضًا.


ويرى عفانة أن "الدولة العميقة" في الولايات المتحدة لن تسمح لترامب بمواصلة سياسته "المتهورة" و"المضطربة" تجاه الصين أو غيرها من دول العالم. 


ويستبعد عفانة تحول هذا الصراع الاقتصادي مع الصين إلى صراع عسكري على المدى القريب أو المتوسط أو البعيد، مشيرًا إلى أن ترامب، الذي يدرك أن هذه فترته الرئاسية الأخيرة، يحاول تقديم نفسه كقائد تاريخي على غرار الآباء المؤسسين مثل جورج واشنطن وأبراهام لينكولن.


لكن عفانة يرى أن قيادة حرب عسكرية مع الصين تبدو مستبعدة، نظرًا لقوتها الاقتصادية والجيوسياسية الكبيرة، ولعدم اختبارها في صراع عسكري جدي حتى الآن.

 

انهيار كبير في أسواق الأسهم العالمية

 

ويشير عفانة إلى أن ترامب أطلق على يوم فرض التعريفات الجمركية اسم "يوم التحرير"، لكن اليوم التالي شهد انهيارًا كبيرًا في أسواق الأسهم العالمية، وتضرر الدولار بشكل ملحوظ. 


ويوضح عفانة أن مؤشر الدولار سجل انخفاضًا واضحًا خلال الشهر الماضي، نتيجة هذه الإجراءات، فيما يتساءل عفانة بالقول: "إذا كان ترامب يسعى لعزل الولايات المتحدة تجاريًا من خلال التعريفات والرسوم المضادة، فلماذا يبقى الدولار عملة عالمية؟"، مشيرًا إلى أن هذه السياسات تضعف الدولار وتقلل من هيمنته العالمية.


ويرى عفانة أن تعليق التعريفات الجمركية لمدة 90 يومًا، والذي أعقبه انتعاش ملحوظ في الأسواق المالية، يشير إلى أن هذه الإجراءات ستتبعها مفاوضات وتسويات مع الدول المختلفة، وربما تراجع أكبر في حزمة التعرفات التي أقرها ترامب. 


ويؤكد عفانة أن رفض حلفاء الولايات المتحدة، مثل الاتحاد الأوروبي، لهذه السياسات، يجعل من الصعب على ترامب حشد الدعم اللازم لمواجهة قوى اقتصادية كبرى مثل الصين.


ويشير عفانة إلى أن ترامب الذي يوصف بأنه "رجل الكاوبوي الأمريكي" ويعيش حلم "الأمريكي العظيم"؛  يحاول فرض ما يريد، لكنه يواجه واقعًا دوليًا معقدًا لن يكون فيه العالم "لقمة سائغة" له. 


ويؤكد عفانة أن وجود دول مثل الصين، التي صنعت لنفسها حضورًا اقتصاديًا وجغرافيًا قويًا، يجعل من الصعب على ترامب تحقيق أهدافه الاقتصادية بسهولة. 


ويشير عفانة إلى أن هذه الاضطرابات تكشف عن خلل واضح في سياسات الإدارة الأمريكية الحالية، التي لم تعد اللاعب الوحيد في الساحة الاقتصادية العالمية.

 

 

الرسوم الجمركية تحدث فوضى بالأسواق العالمية

 

من جانبه، يقول الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله أن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال فترة حكمه أحدثت حالة من الفوضى في الأسواق العالمية، بما في ذلك الأسواق الأمريكية نفسها، مشيرًا إلى أن هذه السياسة أدت إلى ظهور عدد من المؤشرات الاقتصادية التي شكلت ضغوطًا متزايدة على ترامب. 


ويؤكد عطا الله أن هذه الضغوط لم تقتصر على الجانب الاقتصادي الداخلي فقط، بل امتدت إلى تواصل واتصالات مكثفة من دول العالم التي تأثرت بهذه الرسوم، حيث طلبت قيادات ورؤساء دول، من بينهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من الإدارة الأمريكية إعادة النظر في هذا القرار الذي أثار جدلاً واسعًا.


ويوضح عطا الله أن ترامب استغل هذه الرسوم الجمركية كأداة للتمييز بين الدول، موجهاً تركيزه بشكل رئيسي نحو تصعيد حربه التجارية مع الصين، التي اعتبرها العدو التجاري الأول للولايات المتحدة منذ ولايته الأولى. 


ويشير عطا الله إلى أن القرار الصيني الذي جاء كرد فعل على السياسات الأمريكية كان بمثابة تأكيد على استمرار هذا الصراع الاقتصادي. 


وبحسب عطا الله، فإن ترامب في ولايته الثانية، واصل هذه الحرب التي تصاعدت يومًا بعد يوم، حيث شهدت تبادلًا لـ"اللكمات الاقتصادية" بين واشنطن وبكين، ما أدى إلى تعقيد المشهد الاقتصادي العالمي.


ويؤكد عطا الله أن هذه الحرب التجارية لم تكن مجرد نزاع اقتصادي عابر، بل استراتيجية طويلة الأمد تبناها ترامب لإعادة تشكيل العلاقات التجارية الدولية، مع تركيز واضح على مواجهة النفوذ الاقتصادي الصيني المتزايد، مما جعل الأسواق العالمية تواجه تحديات غير مسبوقة في ظل هذا التوتر المتصاعد.

 

 

قرارات متسرعة وغير حكيمة

 

بدوره، يقول الكاتب والمحلل السياسي د. عمر رحال إن تأجيل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تنفيذ الرسوم الجمركية جاء كنتيجة حتمية لقرارات اتخذها في بداية مسيرته وصفتها بأنها "متسرعة وغير حكيمة".


ويوضح رحال أن ترامب تصرف دون الاستماع إلى مستشاريه، معتمدًا على منطق الاستحواذ ونهج رجل الأعمال والتاجر، متجاهلاً أن الدول التي استهدفها بالرسوم ليست شركات أو جمعيات خيرية، بل دول ذات سيادة، بعضها يمتلك اقتصادات كبيرة ومؤثرة، وأخرى صاعدة بقوة على الساحة العالمية. 


ويشير رحال إلى أن هذه القرارات كانت منذ البداية خارج سياقها المناسب، مما أثار ردود فعل حادة من دول عدة، منها البرازيل والمكسيك في أمريكا اللاتينية، والصين، وجنوب أفريقيا التي ردت بمنع شركات أمريكية من التنقيب عن المعادن، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي وقادته مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذين أعلنوا مواجهة هذه السياسة.


ويؤكد رحال أن الولايات المتحدة، رغم كونها أكبر اقتصاد عالمي بتريليونات الدولارات، لا تستطيع فرض شروطها منفردة، مؤكدًا أن هناك اعتمادية متبادلة بين اقتصادات العالم. 


ويوضح رحال أن هذا التسرع أدى إلى خسائر متتالية، شملت تهاوي البورصات والأسواق المالية العالمية، وتضرر أسهم وشركات حلفاء ترامب داخل الولايات المتحدة، مما أجبره على التراجع عن قراراته غير المدروسة. 

 

الوضع الداخلي الأمريكي أصبح هشاً بعد كورونا

 

ويؤكد رحال أن الاحتجاجات والتظاهرات الداخلية في أمريكا، التي اندلعت بسبب الخسائر الاقتصادية وتهاوي الأسهم، لعبت دورًا محوريًا في هذا القرار، حيث تضرر المستثمرون ورجال الأعمال الأمريكيون بشكل كبير، مما أثر على الاقتصاد الداخلي.


ويشير رحال إلى أن الوضع الداخلي الأمريكي أصبح هشًا بعد جائحة كورونا، مع استنزاف الموارد بسبب الدعم اللامحدود لإسرائيل وأوكرانيا، مما أدى إلى تفاقم أوضاع الفئات المهمشة وقضايا التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية والمسنين. 


ويؤكد رحال أن الولايات المتحدة تعتمد بشكل كبير على الواردات، خاصة المعادن والبترول، ولديها استثمارات ضخمة في دول العالم معرضة للخطر بسبب هذه السياسات، مما يعني أنها لا تستطيع الانعزال أو فرض شروطها دون عواقب.


وفي سياق الحرب الاقتصادية مع الصين، يصفها رحال بـ"الحرب المفتوحة" التي بدأها ترامب منذ ولايته الأولى، حيث لم يخفِ عداءه للصين، معتبرًا إياها العدو الأول في العقيدة الاقتصادية والأمنية والعسكرية الأمريكية، وواضعًا مواجهتها على رأس أولوياته. 


ويوضح رحال أن هذا الصراع سيستمر عبر أسواق المال والاستثمارات، مع رفع الضرائب على السلع الصينية للحد من تنافسيتها، وحضور الصين المتزايد في دول العالم عبر شركاتها واستثماراتها. 

 

توقع مزيد من التصعيد الاقتصادي ضد الصين

 

ويرجح رحال أن يشهد المستقبل مزيدًا من التصعيد الاقتصادي ضد الصين، لكنه يستبعد تحول هذا الصراع إلى مواجهة عسكرية، مرجعًا ذلك إلى قوة الصين العسكرية المتمثلة في جيشها الاحترافي وأسلحتها النووية المتطورة، وحلفائها مثل روسيا وكوريا الشمالية.


ويوضح رحال أن الولايات المتحدة تدرك تعقيدات المواجهة العسكرية مع الصين، التي تمتلك عددًا هائلاً من السكان ومساحة جغرافية شاسعة، إلى جانب قواعد أمريكية قريبة من بحر الصين وفي الشرق الأوسط، لكنها تواجه في المقابل كوريا الشمالية، الحليف الأقوى للصين. 


ويستشهد رحال بحادثة إسقاط الصين لطائرة تجسس أمريكية قبل 24 عامًا والسيطرة عليها ومكوناتها كدليل على قدراتها العسكرية، مؤكدًا أن المواجهة العسكرية بين البلدين ستكون بمثابة حرب عالمية ثالثة تستخدم فيها الأسلحة النووية، وهو سيناريو مستبعد بسبب التوازن العسكري والاقتصادي بين الطرفين. 


ويشير رحال إلى أن إعلان الحرب يتطلب موافقة الكونغرس، وهو أمر يراه رحال صعبًا حتى مع الأغلبية الجمهورية، مما يعزز استمرار الصراع في الإطار الاقتصادي فقط، بعيدًا عن المواجهات العسكرية المباشرة.

 

تجميد قرار ترامب كان متوقعا

 

من جهته، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي المختص في الشأن الأمريكي والاستراتيجي د. حسين الديك أن تأخير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تطبيق الرسوم الجمركية التي فرضها على دول العالم لم يكن أمرًا مفاجئًا، بل كان متوقعًا بناءً على مؤشرات وتصريحات سابقة. 


ويشير الديك إلى أن المستشار الاقتصادي لترامب سبق أن كشف عن توجه لتعليق هذه الرسوم لمدة 90 يومًا، بهدف دراسة إمكانية إعفاء بعض الدول منها. 


ويلفت الديك إلى أن تصريحات ترامب خلال لقاءاته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ألمحت إلى أن الأمر لا يقتصر على إسرائيل فقط، بل يشمل العديد من الدول التي قد تُخفَّض الرسوم بحقها بعد تقييم دقيق.


ويرى الديك أن السبب الرئيس وراء هذا التعليق يكمن في الضغوط الداخلية القوية من الحزب الجمهوري، ومستشاري ترامب المقربين، فضلاً عن تأثير مؤسسات "الدولة العميقة" في الولايات المتحدة، وعلى رأسها الشركات العملاقة متعددة الجنسيات. 


ويوضح الديك أن هذه الشركات، التي تقود اللوبيات ومراكز القوى في أمريكا، لعبت دورًا حاسمًا في دفع ترامب للإعلان عن تجميد العمل بالرسوم لمدة تصل إلى عام. 


ويؤكد الديك أن الخسائر الكبيرة التي مُني بها الاقتصاد الأمريكي، بما في ذلك انهيار البورصة وفقدان مليارات الدولارات، أثرت على قطاعات واسعة من المجتمع الأمريكي، مما شكّل حافزًا إضافيًا لترامب لاتخاذ هذا القرار.


ويشير الديك إلى أن ترامب قد يستخدم هذه الرسوم كورقة تفاوضية في مرحلة لاحقة، لا سيما في مواجهة الصين التي تُعد الهدف الأساسي لهذه السياسة. 

 

خطر الاقتصاد الصيني على الهيمنة الأمريكية

 

ويوضح الديك أن النخب السياسية والاقتصادية الأمريكية تدرك جيدًا الخطر الذي يمثله الاقتصاد الصيني على الهيمنة الأمريكية، نظرًا لتفوق بعض الصناعات الصينية بتكاليف منخفضة وقدرة تنافسية عالية في الأسواق العالمية والأمريكية على حد سواء. 


وبحسب الديك، فإن هذه الحرب التجارية مع الصين مرشحة للاستمرار لفترة طويلة، لكنها لن تتحول إلى صراع عسكري بسبب طبيعة النظام الدولي، وامتلاك البلدين أسلحة نووية وقوة عسكرية فتاكة.


ويرجّح الديك أن تلجأ الولايات المتحدة إلى استراتيجيات بديلة لتقويض الاقتصاد الصيني، مثل زعزعة النظام السياسي الداخلي عبر تحريك الأقليات أو بعض الجماعات، أو بناء تحالفات اقتصادية مع دول آسيا والمحيط الهادئ لضرب النفوذ الصيني. 


ويستبعد الديك أي مواجهة عسكرية مباشرة بين البلدين، مشددًا على أن الصراع سيظل محصورًا في الإطار الاقتصادي والتجاري، مع استمرار التوترات التي تهدف إلى الحفاظ على التفوق الأمريكي في مواجهة التحدي الصيني المتزايد.

 

محاولة لإعادة ضبط المسار الاقتصادي

 

ويوضح الباحث في الاقتصاد السياسي والعلاقات الدولية د. محمد الطماوي أن الخطوة المفاجئة، التي أعلنت فيها الولايات المتحدة تعليق الرسوم الجمركية على واردات بعض الدول لمدة 90 يومًا، تأتي في محاولة لإعادة ضبط المسار الاقتصادي بعد اضطرابات تجارية حادة، وليس تراجعًا كاملاً تحت ضغط الاحتجاجات الدولية، بل استجابة مدروسة لضغوط مركبة.


ويؤكد الطماوي أن القرار الأمريكي جاء في سياق تصاعد شكاوى أكثر من 75 دولة ضد السياسات التجارية المتشددة لواشنطن، مما هدد بعزلة اقتصادية قد تضر بمصالحها الاستراتيجية، كما أن الاقتصاد الأمريكي بدأ يعاني من تبعات تلك السياسات، حيث شهدت الأسواق المالية تذبذبًا حادًا، وتضررت سلاسل الإمداد العالمية، وارتفعت التكاليف على الشركات والمستهلكين المحليين.  


ويشير الطماوي إلى أن إدارة ترامب اتبعت سياسات تجارية عدوانية تحت شعار "أمريكا أولاً"، بهدف تقليل العجز التجاري، لكنها تجاهلت الآثار الجانبية لتلك الإجراءات، سواء على المستوى الداخلي عبر ارتفاع الأسعار، أو على المستوى الخارجي عبر استفزاز الشركاء التجاريين الكبار مثل الاتحاد الأوروبي والصين.  


ويرى الطماوي أن قرار تعليق الرسوم الجمركية يمثل مناورة تكتيكية لامتصاص الضغوط وتهيئة الأجواء للتفاوض، دون التخلي عن الخطاب الصارم، خاصة تجاه الصين.


ويقول الطماوي: "هذه الخطوة لا تعني انقلابًا في السياسة التجارية الأمريكية، بل محاولة لتخفيف الأعراض السلبية مع الحفاظ على جوهر السياسات العدوانية"، مؤكدًا أن واشنطن لا تزال متمسكة بموقفها التفاوضي القوي.  

 

صراع حول الهيمنة على النظام الاقتصادي العالمي

 

وبحسب الطماوي، يتجاوز النزاع بين واشنطن وبكين مجرد تبادل الرسوم الجمركية، حيث يتحول إلى صراع أوسع حول الهيمنة على النظام الاقتصادي العالمي. 


ويشير الطماوي إلى أن التصعيد المتبادل في فرض الرسوم يشير إلى أن هذا النزاع قد يمتد لسنوات، مع احتمال توسيعه إلى مجالات حيوية مثل التكنولوجيا المتقدمة، الأمن السيبراني، وسلاسل الإمداد الاستراتيجية.  


ورغم التصعيد، يرى الطماوي أن احتمالية تحول الأزمة إلى نزاع عسكري مباشر تبقى محدودة حاليًا، نظرًا لإدراك الطرفين للتكاليف الباهظة لأي مواجهة مسلحة، سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي. 


ومع ذلك، يحذر الطماوي من أن استمرار الحرب التجارية قد يزيد التوترات الإقليمية، خاصة في مناطق مثل بحر الصين الجنوبي وتايوان، حيث تتصاعد الخلافات الجيوسياسية.  


ويعتقد الطماوي أن السيناريو الأكثر ترجيحًا هو استمرار الحرب التجارية وتوسعها إلى مجالات جديدة، مع بقاء الصراع في الإطار غير العسكري، إلا في حال وقوع أحداث طارئة أو أخطاء في التقدير تؤدي إلى انفجار الأوضاع. 


ويؤكد الطماوي أن إدارة الأزمة الحالية تعتمد على قدرة القوى الكبرى على موازنة مصالحها الاقتصادية مع متطلبات الأمن الدولي، وهو ما يتطلب إصلاحات جذرية في النظام التجاري العالمي لتفادي الانزلاق نحو صراع شامل.  


وبحسب الطماوي، تبقى الخطوة الأمريكية الأخيرة مؤشرًا على مرونة تكتيكية في سياسة ترامب التجارية، لكنها لا تعكس تغييرًا جوهريًا في الاستراتيجية. ومع استمرار التوترات، يبدو أن العالم مقبل على مرحلة جديدة من المنافسة الاقتصادية التي قد تعيد تشكيل التحالفات والنظام التجاري العالمي.

 

دلالات

شارك برأيك

ترامب يعلق رفع الرسوم الجمركية.. انسحاب تكتيكي لامتصاص الغضب وتقليص الخسائر

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

الخميس 17 أبريل 2025 1:14 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.69

شراء 3.68

دينار / شيكل

بيع 5.2

شراء 5.19

يورو / شيكل

بيع 4.19

شراء 4.18

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 1076)