أقلام وأراء
الأربعاء 13 أبريل 2022 1:46 مساءً - بتوقيت القدس
الأحد… وكل يوم أحد الشهيد نزار بنات يقرع جدار الخزان !
بقلم: المحامي زياد أبو زياد
قتل الشهيد نزار بنات هو جريمة بشعة ووصمة عار في جبين كل المتورطين فيها الذين يجب إحضارهم للعدالة بأسرع وقت ممكن وإيقاع أشد العقوبات بهم ، علما ً بأن نزار بنات ليس الأول الذي يموت في أقبية تحقيق القوى الأمنية ولكن الطريقة التي قتل فيها نزار والوقت القصير جدا بين اعتقاله ووفاته كان صادمامن جهة ومستفزا للناس من جهة أخرى فكان هذا السيل العارم من الاحتجاجات التي بدأت وما زال من المبكر التنبوء متى ستنتهي أو التنبؤ بتداعياتها. وهذه الاحتجاجات لم تتوقف عند الأجهزة الأمنية بل امتدت نحو الحكومة ورئيسها ونحو الرئيس عباس شخصيا.
في اعتقادي أن الموضوع هو أكبر وأشمل من مجرد جريمة قتل معتقل سياسي خلال أقل من ساعتين من اعتقاله. فقتل نزار هو مؤشر ودليل على خلل كبير في الأجهزة الأمنية وهذا الخلل هو جزء صغير من خلل أكبر في مجمل السلطة الفلسطينية. وإذا كان هناك مجال للمحاسبة فليحاسب الذي فشل في بناء دولة القانون وفي بناء أجهزة أمنية تحترم القانون وتقوم على حمايته لا خرقه.
قتل نزار بنات يثبت بأن السلطة فشلت في بناء نظام أمني system يحدد تعليمات إطلاق النار والسلوك عند الاعتقال او عند التعامل مع المدنيين وهو ما يعرف code of conduct لأن التعامل مع المدنيين يجب أن يتم من خلال شرطة مدنية وعلى صدر كل واحد اسمه ورقمه بل وهناك اليوم كاميرات يحملها الشرطي ورجل الأمن على جبينه توثق سلوكه وسلوك المعتقل الذي يتعامل معه لاستخدامها كدليل اذا ما وجهت له تهمة مخالفة القانون. فهل لدينا مثل ذلك؟ والجواب لا. بل بالعكس من ذلك فإن القوات الخاصة التي تستخدم لتفريق المتظاهرين المدنيين في الشوارع تلبس أقنعة على وجوه أفرادها لكي لا تعرف هوياتهم وكأنها تتعامل مع “إرهابيين” مسلحين. فهل نجحنا في استنساخ بعض الأنظمة القمعية العربية ذات السجون ومراكز التعذيب والموت كسجن العقرب وهو من أسوأ سجون مجموعة سجون طرة في مصر وسجن صيدنايا في دمشق وسجن التاجي (الحوت) في بغداد، وأصبحنا نبحث عن مكان متقدم في قائمة تلك الأنطمة ؟ أرجو أن لا نصل الى ذلك الحد.
وأعود الى نزار فأقول أن الأدهى وأمر من ذلك هو أن الذين ذهبوا لاعتقاله لم يكونوا حتى يتصرفون بأسلوب العسكر أو رجال الأمن الذين ذهبوا للإشتباك مع إرهابيين مسلحين وإنما كعصابة مافيا لها عداوة شخصية مع خصم ذهبت لتصفيته الجسدية وليس كقوة أمن تطبق القانون وتحرص على سيادة حكم القانون. وأقول كعصابة مافيا ذهبت لتصفية خصم شخصي وذلك بسبب ما أكده أهله من أسلوب وحشي واعتداء جسدي عنيف ضده منذ لحظة اقتياده عاريا من بين أهله وأطفاله بقصد تصفيته النفسية قبل تصفيته الجسدية والذي أدى لوفاته خلال وقت قصير جدا، ولا أتفق مع من يقول بأن قتل نزار جاء بأوامر “من فوق” ويحاولون تحميل قادة الأجهزة الأمنية ورئيس الوزراء المسؤولية المباشرة عن ذلك وليس فقط المسؤولية الوظيفية. فالمنطق يقول بأنه لو كانت هناك نية “من فوق” لتصفيته لتم ذلك دون ترك أي أثر ولكان من قاموا بتصفيته أول من سار على رأس جنازته ونادى بمحاسبة من قتله.
هذا الخلل في بناء شرطة وأجهزة أمنية تعمل تحت القانون وتحرص على أن لا تتورط في مخالفة القانون هو جزء من الخلل العام الذي يتمثل في الفشل في بناء سلطة/دولة حكم القانون وهذا هو بيت القصيد.
فنحن اليوم في سلطة فراغ وغياب للقانون يسيطر فيها عدد من المتنفذين والمنتفعين الذين لا يخضعون لأي شكل من أشكال المساءلة القانونية بل بالعكس يتم تغيير القوانين وتكييفها لتتواءم مع أهوائهم ومصالحهم وهم يرون في المرحلة الحالية “جمعة مشمشيه” يعرفون أن نهايتها تقترب ويحاولون تحقيق الحد الأقصى من المكاسب الشخصية قبل أن ينتهي موسم المشمش.
أكتب هذا المقال بعد ثمان وأربعين ساعة من قتل نزار بنات ولم أسمع حتى الآن عن إجراءت عملية لمعالجة الجريمة. فأنا لم أسمع مثلا ً أن النيابة العسكرية قررت وقف أفراد الدورية ال 27 عن العمل واحتجازهم في سجون فردية بمعزل عن بعضهم البعض لكي لا يقوموا بالتنسيق بينهم وإخفاء البينات، ولم أسمع أن التحقيق قد بدأ معهم وبشكل مكثف، ولم أسمع أن مسؤولا كبيرا قدم استقالته اعترافا بالمسؤولية عن الفشل الإداري الذي أدى الى ما حدث. بل الانطباع السائد هو أن هناك محاولة للتقليل من أهمية الموضوع وإعطائه أبعادا ً أخرى غير البعد القانوني المتمثل بقتل مواطن غير مسلح وغير عنيف على يد قوة مدججة بالسلاح وبالحقد الشخصي على هذا المواطن. وأقصد بالأبعاد الأخرى الانحراف بالأمر وتصوير الاحتجاجات وكأنها ضد فتح وبالتالي استنهاض لجان الأقاليم لكي تهب للدفاع عن فتح كما تم تداوله على بعض وسائل التواصل الاجتماعي من نداءات.
صحيحح أن ليس كل المحتجين على قتل نزار هم من الحريصين على حرية الرأي والتعبير، وصحيح أن هناك استغلال سياسي وانتهازية قذرة وجدت في الحدث وسيلة لمناكفة السلطة أو مهاجمة الرئيس عباس أو رئيس الوزراء شخصيا ً من قبل أفراد لهم حسابات مع السلطة أو مع فتح، ومن تنظيمات ركبت موجة الاحتجاجات وتحاول إما تصفية حسابات مع فتح أو تطهير نفسها على حساب فتح، ولكن على فتح أن لا تنزلق وتتجاوب مع هذه المهاترات وأن تظل في صف الجماهير كما كانت دائما وأن تتعامل مع ما حدث على أنه جريمة لا يُشرف فتح أن تدافع عنها أو تتواطأ مع منفذيها.
وإذ قلت بأن من المبكر التنبؤ متى تتوقف هذه الاحتجاجات أو ماذا ستكون تداعياتها فإنني أقول بأنه آن الأوان لتغيير شامل في النظام والمنهج والبنية وإنقاذ البرنامج الوطني الذي دفعنا ثمنه عشرات الآلاف من الشهداء والأسرى والجرحى. آن الأوان لأن استمرار الوضع الحالي كما هو لن يكون طويلا وسيكون الثمن الذي ندفعه على المستوى الوطني باهظا جدا وقد نفيق ذات يوم لنجد بأن أولي الجمعة المشمشية قد هربوا ومعهم الجمل بما حمل. فمن سيقوم بالتغيير ومن سينقذ الحلم والوطن إن لم تتكاتف كل القوى الوطنية والإسلامية وتترفع فوق مستوى كل الخلافات وتدرك أمر الساعة وتقود السفينة الى شاطئء الأمان!
المزيد في أقلام وأراء
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
الأردن: قصف إسرائيل حيًّا ببيت لاهيا ومنزلا بالشيخ رضوان "جريمة حرب"
نيويورك تايمز تكشف تفاصيل اتفاق وشيك بين إسرائيل ولبنان
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
الأكثر قراءة
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%54
%46
(مجموع المصوتين 84)
شارك برأيك
الأحد… وكل يوم أحد الشهيد نزار بنات يقرع جدار الخزان !