Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الأحد 26 يناير 2025 9:12 صباحًا - بتوقيت القدس

الحرب على الضفة هي الأسوأ منذ النكسة



بعد الإعلان عن وعد بلفور سنة 1917، وبداية التمهيد لزرع الكيان الصهيوني في فلسطين ومرورًا باحتلال فلسطين سنة 1948، والإعلان الرسمي عن قيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين، وصولًا إلى احتلال ما تبقى من فلسطين سنة 1967، واحتلال أجزاء من الدول العربية المجاورة، والمقاومة والانتفاضات الفلسطينية المستمرة، وصولًا لمحطة توقيع اتفاقية أوسلو سنة 1993؛ التي فشلت في وضع حد للصراع المستمر بسبب عدم التزام إسرائيل بأي من بنود الاتفاقية، على الرغم من أنها لا تمنح الفلسطينيين دولة مستقلة. ففي سنة 2000 حاولت الولايات المتحدة الأمريكية الضغط على الرئيس الشهيد ياسر عرفات في كامب ديفيد الثانية من أجل التنازل عن جميع القضايا الجوهرية التي تم ترحيل حلها إلى المرحلة النهاية من أوسلو، والمتمثلة بالقدس واللاجئين والحدود والمياه وإقامة الدولة؛ بعدها اقتنع الرئيس عرفات أن إسرائيل لا تريد الالتزام بأبسط البنود فعمل على إشعال الانتفاضة الثانية التي كان سببها الموقف الأمريكي والإسرائيلي، ومنذ ذلك الوقت والنضال الفلسطيني في مرحلة مد وجز، إلا أنه لم يتوقف، ويعود ذلك للطبيعة البشرية المقاومة للاحتلال. 

وهنا تبرز الأسئلة بعد مرور 77 سنة على احتلال فلسطين التي ربما لن نجد لها إجابات شافية في القريب؛ أسئلة حول مستقبل الدولة الفلسطينية المستقلة، وعن مصير الضفة في ظل الاستيطان، عن كل ما مرت وتمر به فلسطين؛ سعيًا إلى فهم أعمق لهذه التساؤلات المعقدة، وإن لم نحسم أمر كشف إجابات لها، حيث امتدت محاولاتنا للمقارنة ما بين الماضي والحاضر من حيث السياسة والممارسات الفعلية على أرض الواقع، وما هي الأهداف منها وبالتحديد أهداف الحكومة اليمينية المتطرفة في الضفة، والتي أثمرت عن مراجعة تاريخية للنضال الفلسطيني في الضفة ومستقبله، كل منها يعكس جانبًا من جوانب السياسة الفلسطينية الرسمية وغير الرسمية، وبنفس الوقت تناول الممارسات الاحتلالية وممارسة المستوطنين. هذه الأسئلة هي التي دفعتنا للبحث والكتابة عبر سلسلة مقالات تعالج هذه المواضيع، وقد يكون طرح سؤال حول جدوى استمرارية النضال الفلسطيني، من أبرز الردود المعرفية التي كثيرًا ما نلجأ إليها في الرد على من لا يجد في مقاومة الاحتلال جدوى، وكأنّ أحد أوجه الأزمات التي تعيشها الضفة هي حرب على الثقافة الوطنية، وثقافة مقاومة الاحتلال بكل الوسائل المشرعة في القانون الدولي التي تتيح مقاومة الاحتلال حتى نيل الحرية والاستقلال، فلا يجب أن ننشغل بجدوى المقاومة في ظل الاستيطان والحواجز والممارسات الوحشية للمستوطنين، بقدر انشغالنا بطرح موضوع الوحدة الفلسطينية والتوحد خلف مقاومة الاستيطان، ومواجهة ممارسات الجيش والمستوطنين ومنطلقاتهم التي تعبر عن الفهم التوراتي الذي ينص على أن الضفة جزء من "أرض إسرائيل". وهذه الممارسات ليست جديدة وإنما بدأت منذ الاحتلال وقبل "طوفان الأقصى"، الذي انطلق ليرد على هذه الممارسات ضد الشعب الفلسطيني، واستهداف الأسرى في السجون من خلال تشريع العشرات من القوانين والقرارات التي اتخذها وزير الأمن الإسرائيلي المستقيل إيتمار بن غفير، الذي كان يتفنن في معاقبة الأسرى، وإدخال الكلاب البوليسية لقمع الأسرى وحرمانهم من أبسط الحقوق المشرعة دوليًا، حيث أصبحت حياتهم جحيماً، ليطرح سؤال جوهري: "هل استطاعت حركة حماس تحرير الأسرى وبالتحديد المؤبدات من خلال معركة الطوفان؟". 

ولقد استحوذت قضية الأسرى المؤبدات على حيز كبير من الاهتمام لدى قيادة الطوفان، وبالتحديد الثنائي القائد الشهيد يحيى السنوار والقائد الشهيد صالح العاروري اللذين تحررا من سجون الاحتلال، وتعهدا للأسرى بالتحرير، وهذا ما حصل ودفعا حياتهما مقابل القرار التاريخي بخوض معركة الطوفان، التي جاءت بعد تسارع وتيرة الأحداث والاعتداءات على الأقصى والأسرى، والتغول الاستيطاني في الضفة من عمليات القتل وحرق للقرى والبلدات، كما حصل في حوارة والمغير وترمسعيا والبيرة وبرقة رام الله وبرقة نابلس وجينصافوط والفندق، وسياسة الاغتيالات الإسرائيلية الممنهجة للقيادات الميدانية المؤثرة في شمال الضفة. وهذا ما يمكن استخلاصه من دعوة رئيس "الشابك" الإسرائيلي، رونين بار، إلى اتخاذ خطوات واسعة النطاق لتغيير الواقع في الضفة، والقضاء على ظاهرة المجموعات المسلحة فيها. 

هذا ما تم تطبيقه بطريقة جنونية في 20 كانون الثاني/ يناير2025، حيث تم إغلاق جميع مداخل المدن والبلدات والقرى الفلسطينية بالبوابات الحديدية والكتل الأسمنتية والتلال الترابية، حيث تحولت الضفة إلى سجن كبير للفلسطينيين وبداخل هذا السجن أقسام، فكل مدينة وبلدة وقرية هي قسم من أقسام هذا السجن الإسرائيلي، وما زال الاحتلال يواصل وضع البوابات والحواجز الجديدة، وهناك أكثر من 120 بوابة منصوبة في كافة مناطق مدن وقرى الخليل بشكل غير مسبوق منذ سنة 1967، ومحافظة بيت لحم مغلقة بأكثر من 98 بوابة تحاصر مدنها وقراها، وعشرات البوابات أيضًا موجودة في رام الله، وعلى محافظة نابلس وحدها ١٣٦ بوابة، وأكثر من 60 ساتراً ترابياً و١٠ حواجز ثابتة في محيطها، وعشرات البوابات والحواجز على محافظات جنين وطولكرم وقلقيلية تضيق الخناق على الفلسطينيين، حيث وصل عدد الحواجز في الضفة لأكثر من 800 حاجز، وسجلت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان آلاف الاعتداءات من قبل المستوطنين على الضفة خلال السنة الماضية فقط. وحتى البوابة اليتيمة لأي بلدة التي يفتحها الجيش الإسرائيلي يسارع المستوطنون لإغلاقها، كما حصل في 21 كانون الثاني/ يناير2025 حيث قام المستوطـنون بإغلاق مدخل واد الشاجنة المدخل الوحيد لمدينة دورا الذي تم فتحه من قبل الجيش الإسرائيلي. 

وكأن الحرب تنتقل للضفة، وهذا يدلل على أن نتنياهو وحكومته لا يريدون أي هدوء، ويتنقل نتنياهو من جبهة إلى أخرى، وكل المخطط والممارسات الاحتلالية تهدف لضم الضفة، وإخضاع الشعب الفلسطيني، وما يحدث منذ 21 كانوان الثاني/ يناير 2025، في مخيم جنين وشمال الضفة من عملية عسكرية واسعة وخطيرة، دليل على أن إسرائيل تسابق الزمن لإنهاء المقاومة في شمال الضفة من أجل إعادة الاستيطان في المستوطنات الثلاث المخلاة في جنين "سانور، وغانيم، وكاديم"، بعد عودة المستوطنة الرابعة "حومش" التي تعمل بها الجرافات ليلًا نهارًا، لتشيد البيوت الاستيطانية، وتهدف إسرائيل من خلال هذه العملية العسكرية على مخيم جنين والضفة إلى تسجيل إنجاز ما، بعدما فشلت فشلًا ذريعًا في غزة، وتحاول ترميم صورة الجندي الإسرائيلي الذي لم يستطع الانتصار وسحق المقاومة، كما كان يتحدث نتنياهو في بدايات الحرب، فهذا الجندي الذي تمت مواجهته من قبل المقاومة التي استطاعت تبديد صورته التي كان يرسمها بأنه "الجيش الذي لا يقهر". 

ويعطي نتنياهو وحكومته الأمر للجيش الإسرائيلي في عملية عسكرية ضخمة عنوانها القتل والاعتقال والتدمير، وكل ذلك في الوقت الذي يحرق فيه المستوطنون القرى والبلدات الفلسطينية، وعلى بعد أمتار يقوم الجيش باقتحام قرية عزون، ويعتقل العشرات منها بطريقة مذلة، وهذا هو تبادل الأدوار وحماية المستوطنين من قبل الجيش، وكل ذلك يصب في الحرب على الضفة من أجل الدفع نحو التهجير الطوعي للشعب الفلسطيني من خلال القتل والحرق والتضيق، وإيجاد بيئة طاردة للشعب الفلسطيني، وهذا يقول إن إسرائيل غير قادرة على استيعاب إطلاق سراح الأسرى المؤبدات، لذلك تقوم بالانتقام من الضفة، وتريد طمس الفرحة لدى الفلسطينيين، وبنفس الوقت تريد رفع معنويات الجيش والمجتمع الإسرائيلي، بعد الفشل الذريع في تحقيق أهداف الحرب في غزة، وإجبار نتنياهو على توقيع صفقة التبادل وبشروط المقاومة. 

وهذا يعيدنا إلى موضوع مستوى الغباء الذي يستفحل في عقول القادة الإسرائيليين على مدار 77سنة من عدم الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وتذهب لمزيد من الممارسات الوحشية ضد الشعب الفلسطيني الذي لم ولن يرفع الراية البيضاء، وكل ذلك يزيد الشعب الفلسطيني إصرارًا على مقاومة الاحتلال من أجل إقامة دولته المستقلة. وفي النهاية لا يمكن إنهاء حالة المقاومة إلا بزوال السبب وهو الاحتلال؛ فعلى إسرائيل وضع حد لغبائها وعنجهيتها وممارستها الوحشية وأن تقوم بالاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. 

*كاتب وباحث فلسطيني مختص بالحركات الأيديولوجية

دلالات

شارك برأيك

الحرب على الضفة هي الأسوأ منذ النكسة

المزيد في أقلام وأراء

رسالة إلى ترمب .. لن يرحل الشعب

حديث القدس

تأملات حداثية في معجزتي الإسراء والمعراج

مسعود ريان

يتعاملون مع مسألة التهجير كأنها عمل خيري

د. أحمد رفيق عوض

الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين

حمادة فراعنة

الضفة الغربية بين "السور الواقي" و"السور الحديدي"

أحمد عيسى

عندما "تُحرَّم" الأرض على أهلها ؟

عطية الجبارين

الصفقة اليوسفية بعد أن حصحص الحق

وليد الهودلي

بين اتفاقين... إغراء المقارنة وغوايتها

عريب الرنتاوي

وللحرية باب

بهاء رحال

قدسية الأسرة في القدس.. بين التحديات والحلول

د. فريال رياض التميمي

"الأيديولوجيا تسقط من جيبي": قراءة في ديوان "في البيت وما حوله" لعبود الجابري

نداء يونس

بين يدَي الذكرى العطرة

إبراهيم ملحم

السجن ما بسكّر على حدا..!

ابراهيم ملحم

بين اتفاقين... إغراء المقارنة وغوايتها

كتب: عريب الرنتاوي، مدير عام مركز القدس للدراسات السياسية

٢٥-١-٢٥ يوم للتاريخ

حديث القدس

بوابات وحواجز قهر وإذلال وامتهان كرامة

راسم عبيدات

أزمة غزة والمصير المجهول بين التحديات الداخلية والمخطط الاستعماري لإسرائيل

إياد أبو روك

مأزق نتنياهو وهزيمته

حمادة فراعنة

مفاوضات صفقة تبادل الأسرى هل هي مستدامة؟

د. دلال صائب عريقات

تربية الأمل!

ابراهيم ملحم

أسعار العملات

الأربعاء 22 يناير 2025 9:11 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.55

شراء 3.54

دينار / شيكل

بيع 5.01

شراء 5.0

يورو / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 505)