أطلق أهالي جنين لقب الخميس الأسود على يوم مضى بقسوة من حياتهم، وذلك جراء إبعاد عشرات العائلات عن منازلها في مخيم جنين وقيام قوات الجيش الإسرائيلي بطردهم وإبعادهم عن أماكن سكنهم التي يعتزون بها.
لم يسلم الأطفال الصغار ولا النساء ولا المسنون الكبار من عملية الطرد، حيث منحهم الاحتلال فرصة محددة لمغادرة المخيم وسط إجراءات عسكرية حولت المخيم إلى ثكنة مغلقة، حاصرها الجيش من كل الأرجاء، واستقدم آليات ثقيلة جداً لهدم المخيم وتدمير بنيته التحتية، إضافة لعمليات اغتيال المواطنين المدنيين، ومحاصرة الأطباء والممرضين، ومنع طواقم الإسعاف والمسعفين من الوصول إلى المصابين، وتعريض حياة الصحفيين والإعلاميين للخطر، لثنيهم عن نقل الحقائق.
نكبة أخرى يعيشها مخيم جنين تماما كما هو الحال في غزة، حيث لبت قيادة الجيش الإسرائيلي النداءات الصادرة عن الوزراء المتطرفين الذين طالبوا بأن تصبح قرية الفندق، التي شهدت عملية إطلاق نار قبل أسبوعين وجنين ونابلس كما هو حال جباليا، التي مسحها الاحتلال عن قائمة الوجود بتدمير معالمها، لكنها ستبقى راسخة في الأذهان والوجدان وحتماً فإنه سيتم بناؤها من جديد.
تعيش جنين للأسف واقعاً مشابهاً لغزة، فالعملية العسكرية الإسرائيلية فيها تختلف عن العمليات السابقة، فالنية هذه المرة لتدمير وقتل كل مقومات الحياة، وهذا ما ثبت على أرض الواقع من خلال العنف المستشري في صفوف البعض الذين حولوا تهديداتهم بشأن جنين إلى واقع صعب ومرير.
يبدو أن العدوان على جنين سيطول هذه المرة لأسباب ومبررات واهية، يتحدث عنها رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال المستقيل هرتسي هليفي، حيث ادعى أن مخيم جنين أصبح مكاناً يتجه اليه من يرغبون بتنفيذ عمليات، أو من قاموا بعمليات فعلاً، مطالبا الجيش بمواصلة العملية التي تعتبر في طور البدايات، مشيراً إلى مناطق اخرى في شمال الضفة الغربية قد يستهدفها العدوان، وهو ما أشار إليه رئيس جهاز الشاباك رونين بار، حين وصف المعركة بأنها متعددة الجبهات، وأنها ستنتقل من مكان إلى آخر.
الخميس الأسود كما قال أهالي جنين هو يوم واحد فقط من أيام سوداء تعيد التذكير باقتحامات جنين والمعارك السابقة، وبنكبات غزة التي قرر الاحتلال أن ينقلها للضفة التي أصبحت هدف الحرب الأول في هذه المرحلة.
اجتياح باقي مناطق الضفة الغربية مسألة وقت أمام قوات الاحتلال، التي قررت مواصلة العدوان على شعبنا وتضييق الخناق عليه في كل مناحي ومقومات حياته، وما إجراءات العقاب والانتقام من المواطنين على حواجز الغضب إلا البداية لمرحلة حرجة وحساسة سيعيشها شعبنا المكافح، وسيكون حتماً أقوى من كل إجراءات الاحتلال، وسيدحرها للأبد.
شارك برأيك
الخميس الأسود