أقلام وأراء
الخميس 23 يناير 2025 5:23 مساءً - بتوقيت القدس
حماس وأمريكا هل تغيرت قواعد اللعبة؟
د. أمجد أبو العز محاضر متخصص في العلاقات الدولية في الجامعة العربية الامريكية
في تطور غير مألوف، أثارت التصريحات المتبادلة بين حركة حماس والإدارة الأمريكية تساؤلات حول إمكانية فتح قنوات حوار بين الطرفين. جاءت البداية مع تصريح القيادي في حركة حماس موسى أبو مرزوق، في مقابلة هاتفية مع صحيفة نيويورك تايمز، عن استعداد الحركة للحوار مع الولايات المتحدة، بل واستعدادها لاستقبال مبعوث من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في قطاع غزة مع توفير الحماية له إذا لزم الأمر. واعتبر أبو مرزوق أن مثل هذا الحوار يمكن أن يساعد واشنطن على فهم مشاعر الفلسطينيين وتطلعاتهم، مما قد يؤدي إلى تبني موقف أكثر توازناً يعكس مصالح جميع الأطراف. من الجانب الأمريكي، رحب المبعوث الخاص للرئيس دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، بهذه التصريحات بحذر، قائلاً: "أعتقد أنه أمر جيد إذا كان دقيقاً"، في إشارة إلى إمكانية استكشاف هذه الخطوة دون التزام واضح. تأتي هذه التصريحات في وقت تشهد فيه المنطقة جهوداً مكثفة لتهدئة الأوضاع في قطاع غزة بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ. وقد أكدت تقارير صحفية أن إدارة ترامب بدأت العمل على المرحلة الثانية من الاتفاق، والتي تشمل وقف إطلاق النار وتبادل الرهائن بين إسرائيل وحماس. تثير هذه التطورات أسئلة حول ما إذا كان هذا التقارب يعكس جزءاً من استراتيجية أوسع للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، خاصة في ظل تركيز إدارة ترامب على تحولات غير تقليدية مثل تطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية. كما أن رغبة ترامب في بناء إرث كـ"صانع سلام" قد تكون دافعاً إضافياً لاستكشاف قنوات اتصال جديدة حتى مع أطراف مثل حركة حماس، التي تصنفها واشنطن كمنظمة إرهابية منذ عام 1997. في نفس السياق أعلن ستيف ويتكوف، أنه سيزور المنطقة قريباً للمشاركة في فريق دولي يعمل على مراقبة الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وفي مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" الأمريكية، كشف ويتكوف أن فريق التفتيش سيركز على نقاط حساسة، منها ممر "نتساريم" الذي يفصل شمال القطاع عن جنوبه، ومحور صلاح الدين (فيلادلفي) الحدودي بين غزة ومصر. وأكد أن هذه المناطق ستشهد وجود مشرفين دوليين لضمان عدم تسلل أسلحة أو أفراد ذوي نوايا عدائية، ما يمثل أول إقرار علني بمشاركة الولايات المتحدة ميدانياً في مراقبة الاتفاق. والتواجد على الأرض في قطاع غزة المبعوث الأمريكي اشاد بدور قطر المحوري في الوساطة، وخص بالذكر مهارات رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في التواصل مع حركة حماس، واصفاً جهوده بأنها "لا غنى عنها" في إنجاح الاتفاق. معتبراً أن هناك "إحساساً جديداً بالقيادة في المنطقة". واعتبر قطر ا نموذجاً للدول التي يمكن أن تلعب دوراً أكبر في تعزيز الاستقرار الإقليمي هنا تفرض أسئل أبرزها، هل دخول قطر على خط التطبيع سيتبعه تقديم مسار لاحتواء حركة حماس في الصفقات الإقليمية التي تعد الان؟ هل ستشترط قطر الاعتراف بالدولة الفلسطينية كشرط للتطبيع القطري الإسرائيلي؟ هل ستوافق حماس الانضمام الى النادي الجديد؟ وما الذي ستقدمه حماس في المقابل؟ وما هي التنازلات التي ستقدمها؟ وماذا عن منظمة التحرير؟ لماذا لجأت حماس الى الحوار مع الولايات المتحدة قبل الحوار مع منظمة التحرير وهي المنظمة اقصد الممثل الشرعي للفلسطينيين؟
ورغم هذا الانفتاح المبدئي، يواجه أي حوار محتمل بين الطرفين عقبات كبيرة. التصنيف الأمريكي لحماس كمنظمة إرهابية يشكل حاجزاً قانونياً وسياسياً أمام أي تواصل رسمي، إلى جانب الحساسيات الإقليمية التي قد ترى دول عدة في هذا التقارب تهديداً لمصالحها أو سياساتها تجاه القضية الفلسطينية. كما أن موقف إسرائيل، الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في المنطقة، قد يعارض أي حوار بين واشنطن وحماس. من جانبها، قد تكون حركة حماس تسعى إلى تحسين صورتها الدولية من خلال إظهار الانفتاح على الحوار، في محاولة لتخفيف الضغط الإقليمي والدولي عليها. كما أن دخول أطراف إقليمية، مثل تركيا، قد يسهم في لعب دور الوسيط لدفع هذه المبادرة قُدماً. يبقى السؤال الأساسي ما إذا كانت هذه التصريحات تمثل بداية فعلية لفتح قنوات اتصال مباشرة أو غير مباشرة بين حماس وواشنطن، أم أنها مجرد مناورة تكتيكية من الطرفين؟ في الوقت الحالي، يبدو أن الاهتمام الأمريكي مقتصر على تحقيق تقدم مرحلي يتعلق بوقف إطلاق النار وضمان الاستقرار، دون التزام واضح بخطوات أوسع. ما يحدث قد يعكس تحولاً محدوداً أو مناورة سياسية ذات أهداف مرحلية. لكن تحقيق تقدم ملموس يتطلب تجاوز العقبات السياسية والقانونية، وتوفير دعم دولي وضمانات إقليمية قد تلعب تركيا أو أطراف أخرى دوراً مهماً فيها. في نفس السياق تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول فرص إعادة إعمار قطاع غزة، وتأكيده على أن غزة تتمتع بإمكانات كبيرة وطقس جميل وفرص استثمارية واعدة، تثير العديد من التساؤلات حول طبيعة الدور الأميركي المرتقب في القطاع. تبدو هذه التصريحات وكأنها تقدم رؤية اقتصادية أكثر منها سياسية، مما يفتح المجال أمام تساؤلات حول ما إذا كانت إدارة ترامب تتعامل مع القضية الفلسطينية، بما في ذلك الصراع في غزة، بمنظور استثماري عقاري بحت، بعيدًا عن الأبعاد السياسية والإنسانية. نهج ترامب في الحديث عن غزة كمنطقة استثمارية يعكس أسلوبه الشخصي الذي تميز به كرجل أعمال ومطور عقاري قبل دخوله عالم السياسة. هذه الرؤية قد تعكس رغبة في استخدام التحفيز الاقتصادي كأداة لتحقيق الاستقرار وتهدئة الأوضاع في القطاع، وهو جزء من نهج أوسع تم تبنيه خلال خطة "صفقة القرن"، التي ركزت على تحسين الأوضاع الاقتصادية كبديل عن الحلول السياسية التقليدية.
غير أن هذه النظرة "الاقتصادية" للصراع قد تواجه عقبات كبيرة. الصراع في غزة ليس مجرد قضية تنمية أو استثمار، بل هو صراع سياسي معقد يرتبط بالاحتلال الإسرائيلي، الحصار المفروض على القطاع، وحقوق الفلسطينيين. تجاهل الأبعاد السياسية والجذرية للأزمة، والتركيز فقط على مشاريع إعادة الإعمار والاستثمار، قد يؤدي إلى حلول سطحية لا تعالج جوهر القضية. من جهة أخرى، قد تكون تصريحات ترامب محاولة لتقديم نهج جديد في التعامل مع غزة، مستوحى من خبراته في مجال الأعمال. غير أن هذا النهج قد يواجه مقاومة من الأطراف الإقليمية والدولية التي ترى في القضية الفلسطينية مسألة ذات أبعاد سياسية وتاريخية لا يمكن تبسيطها إلى مجرد فرصة اقتصادية.
إذا كان هذا النهج يعكس رؤية ترامب للصراع، فإنه قد يُنظر إليه على أنه محاولة لتغيير قواعد اللعبة عبر التركيز على المصالح الاقتصادية بدلًا من السعي إلى حلول سياسية عادلة. كما أن التحديات التي تواجه أي دور استثماري أميركي في غزة ستكون كبيرة، خاصة في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي والانقسام الفلسطيني الداخلي.
يبقى أن هذه التصريحات، رغم طابعها الاقتصادي، قد تشير إلى استراتيجية أميركية تسعى لتطبيع أو "تسليع" الصراع، عبر تقديم غزة كفرصة استثمارية أكثر منها قضية سياسية. ومع ذلك، يبقى من غير الواضح ما إذا كانت هذه الرؤية قادرة على تحقيق نتائج ملموسة على الأرض، أم أنها مجرد انعكاس آخر لنهج ترامب الذي يمزج بين السياسة وعالم الأعمال. باعتقادي بدون رؤية وخطة فلسطينية موحدة الان سنصبح جزءا من خطط الاخرين التي ستفرض علينا.
الأربع سنوات المقبلة حُبلى بمفاجآت ترامب وفريقه فشدوا الحزام.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
قسد والدور المحوري في مرحلة الانتقال السياسي لبناء سوريا الجديدة
حكاية شعب لا ينسى
حديث القدس
الشهداء يُحررون الأحياء
عيسى قراقع
لقاء الدوحة الفلسطيني
حمادة فراعنة
حكومة التطرف وتفجير الصراع في الضفة
سري القدوة
هل تسقط الهدن المؤقتة على جبهتي جنوب لبنان وقطاع غزة؟
راسم عبيدات
اتـفـاق الـهـدنـة: "نـحـن الـذيـن صـمـدنـا فـي هـذه الـحـرب" تـقـول بـراء
د. ماهر الشريف
كيف يمكن للفن الفلسطيني أن يساهم في الصحة النفسية للمجتمع؟
د.سماح جبر
العَلْمانِيَّةُ في العالَمِ العَرَبِيِّ: أُفُقُ التَّجْدِيدِ أَمْ تَهْدِيدٌ لِلْهُوِيَّةِ؟
ثروت زيد الكيلاني
ملامح سياسات ترامب الخارجية الجديدة
كريستين حنا نصر
جنين أول فصول المذبحة الإسرائيلية في الضفة
حديث القدس
الاحتلال الإسرائيلي وسيناريو فرض كيان طواعي في غزة
فادي أبو بكر
آنا فرانك وهند رجب رمزان لمأساتين مختلفتين ودروس مشتركة
عمر فارس
معارك ترمب المقبلة
حمادة فراعنة
المساعدات الدولية: بين الصمود والمرونة!
أمين الحاج
من يحكم غزة بعد هذه الإبادة؟!
محمد جودة
رسائل فلسطينية لترامب
حديث القدس
جدل الانتصار والهزيمة
هاني المصري
بَحرُ غزّة..
المتوكل طه
غزة.. الكارثة والبطولة !
جمال زقوت
الأكثر تعليقاً
الرئيس يهنئ ترامب لمناسبة أدائه اليمين الدستورية
ترامب يلغي العقوبات على المستوطنين ويجمد المساعدات للفلسطينيين
الأمم المتحدة: 92% من منازل غزة دمرت أو تضررت جراء العدوان
العَلْمانِيَّةُ في العالَمِ العَرَبِيِّ: أُفُقُ التَّجْدِيدِ أَمْ تَهْدِيدٌ لِلْهُوِيَّةِ؟
هيئة البث العبرية: حماس قدمت هدايا تذكارية للأسيرات الإسرائيليات
نبكي جنين!
رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يستقيل من منصبه
الأكثر قراءة
رئيس وزراء قطر: نأمل في عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة
ترامب يقسم اليمين ليصبح الرئيس الأميركي 47، ويفتخر بصفقة غزة
شهيدان برصاص قناصة الاحتلال في رفح جنوب قطاع غزة
إطلاق سراح أول دفعة من الفلسطينيين من سجون الاحتلال بموجب اتفاق وقف إطلاق النار
النقد" تصدر تعليمات للمصارف للتعامل مع أقساط المقترضين المتراكمة خلال العدوان
ترامب يلغي العقوبات على المستوطنين ويجمد المساعدات للفلسطينيين
هيئة البث العبرية: حماس قدمت هدايا تذكارية للأسيرات الإسرائيليات
أسعار العملات
الأربعاء 22 يناير 2025 9:11 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.55
شراء 3.54
دينار / شيكل
بيع 5.01
شراء 5.0
يورو / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%56
%44
(مجموع المصوتين 477)
شارك برأيك
حماس وأمريكا هل تغيرت قواعد اللعبة؟