أقلام وأراء
الخميس 23 يناير 2025 8:27 صباحًا - بتوقيت القدس
اتـفـاق الـهـدنـة: "نـحـن الـذيـن صـمـدنـا فـي هـذه الـحـرب" تـقـول بـراء
بدأ يوم الأحد تنفيذ اتفاق الهدنة، وتبادل المحتجزين الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين، وذلك بعد أن أعلن هذا الاتفاق من الدوحة في 15 كانون الثاني/يناير الجاري، وأقرّته الحكومة الإسرائيلية في 18 من الشهر نفسه، وجاء مطابقاً إلى حد كبير لاقتراح الاتفاق الذي قدمه الرئيس الأميركي جو بايدن في 31 أيار/ مايو 2024، لكن الحكومة الإسرائيلية امتنعت عن قبوله، في ذلك الحين، علماً أن خطوطه العريضة كان قد عرضها بنيامين نتنياهو نفسه على الرئيس الأميركي.
ما هي العوامل التي ساعدت على التوصل إلى الاتفاق؟
لماذا تم قبول هذا الاتفاق، الذي تم رفضه سابقاً، بعد نحو ثمانية أشهر؟ ساعدت عدة عوامل، بما في ذلك التنصيب (الوشيك في حينه) لدونالد ترمب في البيت الأبيض، على التوصل إلى اتفاق الهدنة، كان من ضمنها تخلي حركة "حماس" عن مطلب الانسحاب الكامل والفوري للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة، باعتباره شرطاً أساسياً لأي هدنة، وكذلك توصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي عرقل مفاوضات الهدنة لأنها كانت وسيلته لمواصلة الحرب، إلى قناعة بأنه لن ينجح في تحرير المحتجزين ولا فرض الاستسلام بالقوة على المقاومة الفلسطينية، وخصوصاً بعد أن صار جيش الاحتلال يسجل عدداً متزايداً من القتلى في صفوفه في كل يوم. ثم جاء التغيير في الولايات المتحدة الأميركية، وبروز "تأثير ترمب"، إذ تفاخر الرئيس الأميركي المنتخب بأنه هو القادر على ضمان التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحركة "حماس"، وأنه يريد أن يحدث ذلك قبل توليه منصبه، وهو لم يكتفٍ بتهديد حركة "حماس" كما يبدو، بل ضغط كذلك على بنيامين نتنياهو من خلال موفده الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، وقد استجاب رئيس الوزراء الإسرائيلي لهذا الضغط لأنه يحتاج إلى الدعم الأميركي لمواجهة إيران، ذلك إن هذه الدولة، بترسانتها البالستية وربما النووية، هي التي تشكل التهديد الأكبر لإسرائيل، كما أن بنيامين نتنياهو ودونالد ترمب هما اللذان وقّعا في سنة 2020 "اتفاقيات إبراهيم" بشأن تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وأربع دول عربية، ويريد الرئيس الأميركي المنتخب الآن توسيع نطاق هذه الاتفاقيات لتشمل المملكة العربية السعودية. ولا يُستبعد أن يكون دونالد ترمب قد أعطى ضمانات لبنيامين نتنياهو بشأن دعمه استمرار الاستيطان في الضفة الغربية وحتى ضمها، أو ضم أجزاء واسعة منها، الأمر الذي من شأنه أن يسمح لرئيس الوزراء الإسرائيلي بأن يحد من معارضة وزرائه اليمينيين المتطرفين للاتفاق.
وبحسب صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، فإن اللقاء "المتوتر" الذي عقد في القدس، في 11 كانون الثاني/يناير الجاري، بين بنيامين نتنياهو ومبعوث الرئيس دونالد ترمب للشرق الأوسط ستيف ويتكوف فتح الطريق أمام التوصل إلى اتفاق الهدنة، إذ "تمكن كبير مستشاري الرئيس الأميركي المنتخب من التأثير على رئيس الوزراء في اجتماع واحد أكثر مما فعله الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن طوال عام". وخلال ذلك اللقاء، حث المبعوث الأميركي بنيامين نتنياهو "على قبول التنازلات الضرورية للتوصل إلى اتفاق"، وبعد 48 ساعة من اللقاء في القدس، أشار وفدا إسرائيل وحركة "حماس" للوسطاء إلى قبولهما، من حيث المبدأ، الاتفاق المقترح.
هل يصمد اتفاق الهدنة وتُتفذ مراحله الثلاث؟
تستمر المرحلة الأولى من الاتفاق 42 يوماً، يتم خلالها وقف القتال وتبادل محتجزين إسرائيليين وأسرى فلسطينيين على دفعات، وسيتم، اعتباراً من اليوم السابع من هذه المرحلة، السماح للنازحين بالعودة إلى الشمال سيراً على الأقدام عبر شارع الرشيد، والسماح للمركبات بالتوجه شمالاً عبر ممر نتساريم، بشرط فحص المركبات من قبل شركة خاصة تم تعيينها من قبل الوسطاء، ثم سيكون في إمكان النازحين، اعتباراً من اليوم الثاني والعشرين، استخدام شارع صلاح الدين. وبعد 16 يوماً من بدء المرحلة الأولى، ستجري المباحثات حول "المرحلة الثانية" بما يجعل وقف إطلاق النار دائماً، على أن تقوم حركة "حماس"، في هذه المرحلة، بالإفراج عن بقية المحتجزين الرجال، في مقابل المزيد من الأسرى الفلسطينيين وانسحاب القوات الإسرائيلية.
وأخيراً، ستتم إعادة جثامين المحتجزين المتبقين لدى "حماس" إلى إسرائيل في مقابل خطة لإعادة إعمار غزة تحت إشراف دولي (4).
ويتخوّف العديد من المراقبين من أن يعمل بنيامين نتننياهو على تعطيل تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق، وخصوصاً بعد أن أعلن في بيان ألقاه مساء يوم 18 كانون الثاني/يناير الجاري أنه "مصمم على إتمام أهداف الحرب على قطاع غزة بإعادة المخطوفين الإسرائيليين، والقضاء على حركة حماس"، وقال: "إننا نحتفظ بحقنا في العودة إلى القتال، إذا ما لزم الأمر، وذلك بدعم من الولايات المتحدة"، مضيفاً: "سنزيد عديد قواتنا في محور فيلادلفيا والمنطقة العازلة في غلاف غزة"، بينما أعلن مستشار دونالد ترمب للأمن القومي، مايك والتز، في تصريح لقناة "فوكس نيوز" الأميركية، في 15 من الشهر نفسه، أن الولايات المتحدة "ستدعم استئناف إسرائيل القتال إذا لم تحترم حماس شروط الاتفاق"، بحيث يكون مستقبل وقف إطلاق النار معتمداً، إلى حد كبير، على استعداد دونالد ترمب للضغط من أجل الاستمرار في هذا المسار.
ولدى الإعلان عن التوصل إلى الاتفاق، أعرب إيلي برنافي أستاذ التاريخ الفخري في جامعة تل أبيب، وسفير إسرائيل السابق في فرنسا (2000-2002)، عن "ارتياحه" و"فرحه" على موقع "فرانس إنفو" ولكن "فرحة مشوبة بالمرارة، لأنه كان من الممكن –كما قال- أن يكون لدينا هذا الاتفاق منذ ثمانية أشهر؛ ولو كنا قد فعلنا ذلك آنذاك، لكنا أنقذنا حياة ما لا يقل عن عشرات الرهائن و120 جندياً إسرائيلياً وآلاف الفلسطينيين في غزة"، وهو لا يزال حذراً بشأن نهاية الحرب ونوايا رئيس الوزراء الإسرائيلي، ذلك إن بنيامين نتانياهو "يقدم هذا الاتفاق على أنه اتفاق مؤقت لوقف إطلاق النار"، وهو "يبيع لقاعدته وشركائه اليمينيين المتطرفين أن الحرب ستبدأ من جديد، مدمرة كما كانت من قبل، وأنه لن تكون هناك مرحلة ثانية". ومن هنا، يعتقد السفير الإسرائيلي السابق أن الانتقال إلى المرحلة الثانية التي تنص على وقف إطلاق النار الدائم والانسحاب الكامل للجنود الإسرائيليين "ليس مؤكداً على الإطلاق"، وهو يتصوّر أن "اتفاقاً" لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعوديين، الذين "يلعبون دوراً مهماً للغاية وراء الكواليس"، يترافق مع "تحالف إقليمي واسع تحت القيادة الأميركية في الوقت الذي يضعف فيه المحور الإيراني بصورة كبيرة"، يمكن أن يضمن استقرار الأوضاع في الشرق الأوسط.
أما سعيد عكاشة، الخبير في الشؤون الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، فهو يرى أن الغموض يشوب بعض بنود الاتفاق: "فعلى سبيل المثال، ينص الاتفاق على وقف جميع النشاطات الجوية الإسرائيلية لمدة 10 ساعات يومياً، ولا شيء سيمنع إسرائيل من توجيه ضربات خلال الـ 14 ساعة المتبقية، بحيث تتذرع بذرائع مختلفة لمواصلة ضرب قطاع غزة، كالقول، على سبيل المثال، إن بعض المباني تستخدم كمراكز تدريب لحماس"، ثم "ينبغي على الجيش الإسرائيلي، من الناحية النظرية، الانسحاب التدريجي من غزة، باستثناء محيط أمني لم يتحدد بعد، ولكن ما الذي يمنع الإسرائيليين من البقاء وعدم الانسحاب؟". ويضيف الخبير المصري أن "الضمانات الأميركية التي أُعطيت للحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة غير مفصلة، ولا أحد يتحدث عنها ولا نعرف ما هي في الحقيقة".
وبخصوص موقف مصر من الوجود الإسرائيلي في ممر فيلادلفيا على حدودها، والذي من المقرر أن تنسحب القوات الإسرائيلية منه، بحسب الاتفاق، بصورة تدريجية، أكد الخبير المصري أن بلاده "كانت تصر على الانسحاب الكامل والفوري لجميع القوات الإسرائيلية، ولكن لتشجيع الطرفين، الإسرائيلي والفلسطيني، على إبرام اتفاق وقف إطلاق النار ووضع حد لمعاناة الفلسطينيين، وافقت القاهرة على انسحاب إسرائيلي تدريجي يكتمل في نهاية اليوم الخمسين من دخول الاتفاق حيز التنفيذ"، مضيفاً أنه "لا توجد حتى الآن معلومات محددة حول كيفية إدارة الممر بعد هذه الفترة".
ما هو مستقبل قطاع غزة في حال تطبيق الاتفاق؟
في 14 كانون الثاني/يناير الجاري، أي عشية الإعلان عن التوصل إلى اتفاق الهدنة، ألقى وزير الخارجية أنتوني بلينكن خطاباً مطولاً أمام المجلس الأطلسي، اقترح فيه باسم الإدارة المنتهية ولايتها خارطة طريق لفريق الرئيس المنتخب دونالد ترمب، تقضي بأن تقوم السلطة الفلسطينية، بالتشاور مع المجتمعات المحلية في قطاع غزة وبمساعدة من الشركاء الدوليين، بإنشاء إدارة مؤقتة تكون مسؤولة عن القطاعات المدنية الرئيسية في القطاع، على أن يقدم المجتمع الدولي الأموال والدعم الفني لهذه الإدارة المؤقتة، التي ستعمل بصورة وثيقة مع مسؤول كبير في الأمم المتحدة سيتم تعيينه للإشراف على جهود إعادة الإعمار الدولية، على أن يتم بعد ذلك استبدال اللجنة المؤقتة، بأسرع وقت، بسلطة فلسطينية بعد إصلاحها.
كما تضمن اقتراح الوزير بلينكن أن تتشكّل لجنة أمنية، مؤقتة كذلك، من قوات دول متحالفة مع الولايات المتحدة، وتضم فلسطينيين أيضاً، بحيث تكون مسؤولة عن ضمان توريد المساعدات الإنسانية وكذلك أمن الحدود ومنع تهريب الأسلحة، كاشفاً عن أن بعض حلفاء الولايات المتحدة أعربوا بالفعل عن استعدادهم لإرسال وحدات عسكرية للانضمام إلى هذه اللجنة الأمنية المؤقتة، لكنهم ربطوا هذا الدعم بقبول إسرائيل إعادة توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة تحت قيادة حكومة تم إصلاحها، وذلك في إطار حل الدولتين. وخلص إلى أنه: "يجب على الإسرائيليين التخلي عن أسطورة الضم الفعلي للضفة الغربية"، وأن "يقرروا العلاقة التي يريدون إقامتها مع الفلسطينيين، الذين لا يمكنهم قبول أن يكونوا بلا حقوق وطنية"، وأن "سبعة ملايين يهودي إسرائيلي ونحو خمسة ملايين فلسطيني تعود جذورهم إلى الأرض نفسها، لن يذهبوا إلى أي مكان آخر".
فهل يمكن أن يقبل الرئيس دونالد ترمب بمثل هذا الاقتراح ؟ في إجابته عن هذا السؤال، يرى مارك سيمو، رئيس تحرير مجلة "شالانج" الفرنسية، أن الرئيس الجديد يريد، على الأغلب، "إحياء الزخم الذي أدى إلى التوصل إلى اتفاقات أبراهام من خلال اتفاق مع المملكة العربية السعودية، ولكن وفقاً للرياض، يتطلب ذلك التزاماً واضحاً لا رجعة فيه من قبل السلطات الإسرائيلية بدولة فلسطينية، فهل سيضغط دونالد ترمب على السلطات الإسرائيلية في هذا الصدد؟"، ليخلص إلى أن إسرائيل قد تكون في حاجة إلى الولايات المتحدة أكثر من أي وقت مضى، ذلك إن "انتصارها العسكري الحقيقي"، لم يترافق مع "إنجازات سياسية ودبلوماسية"، إذ لم يسبق لها أن كانت "معزولة" دولياً مثلما هي عليه الآن، وهي "خسرت إلى حد كبير الحرب الإعلامية"، وهزت مذكرات الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية ضد بنيامين نتنياهو والوزير السابق يوآف غالانت "بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بصورة خطيرة، الصورة الدولية للدولة العبرية التي لطالما تفاخرت بأنها تمتلك جيشاً "أخلاقياً" وبأنها الديمقراطية الحقيقية الوحيدة في الشرق الأوسط".
أما الخبير المصري في الشؤون الإسرائيلية سعيد عكاشة، فهو يقدّر أن مسألة من سيدير قطاع غزة تظل مسألة شائكة، ذلك "إن إسرائيل ترفض أن يديره فلسطينيو القطاع، حتى تحت إدارة السلطة الفلسطينية"، وهي "تطالب بوجود عسكري، يضمن نوعاً من المراقبة"، وتعتبر أن الإدارة الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية "ستكون نقطة الانطلاق لإقامة الدولة الفلسطينية" وهو ما ترفضه؛ أما الاقتراح القاضي بأن "تتشكل لجنة تحت إشراف المجتمع الدولي والدول العربية، مثل الإمارات العربية المتحدة وقطر، فما زال مصيره غير معروف".
ومن جهته، يقدّر سامي عون، الأستاذ الفخري في جامعة شيربروك الكندية، أن حركة "حماس" قد "ضعفت لكن لم يتم تفكيكها"، وهي يمكنها "أن تفخر بأنها أجبرت إسرائيل على إطلاق سراح عدد لا بأس به من الأسرى، يتراوح بين 1000 و1600 أسير"، وهي ما زالت تأمل في "أن تكون جزءاً من الحكم المستقبلي لغزة، بطريقة أو بأخرى"، متوقعاً أن يتم في البدء، بمبادرة من مصر، "تشكيل لجنة دعم مجتمعي مكوّنة من السلطة الفلسطينية والفلسطينيين غير المنتمين لحماس، على أن يُضاف إليهم مراقبون عرب وأجانب، سواء كانوا إسكندنافيين أو أميركيين أو من جنسيات أخرى"، وأن يجري البحث فيما بعد في مستقبل الأوضاع الفلسطينية، مع تقديره بأن "حل الدولتين"، الذي "يُعتبر على نطاق واسع الضمان الوحيد للسلام"، لن يحرز أي تقدم في المستقبل المنظور، ذلك إن "التأييد في المجتمع الإسرائيلي لتشكيل دولة فلسطينية انخفض بصورة حادة، إذ بينما كان حوالي 55% من الإسرائيليين، قبل 7 أكتوبر، يتبنون حل الدولتين، فإن 23% فقط من الإسرائيليين باتوا يؤيدونه اليوم". ولكن من المرجح –كما تابع- أنه "إذا ما تمّ استعادة درجة من الاستقرار، فإن الإسرائيليين سينظرون في مزايا العيش بسلام مع جيرانهم"، كما أن المملكة العربية السعودية "تحتاج، من أجل النظر في الانضمام إلى اتفاقات إبراهيم، أولاً إلى التزام واضح بإنشاء دولة فلسطينية".
"نحن الذين صمدنا في هذه الحرب، ولسنا مدينين لأحد، لا لقائد ولا لبلد"
ما أن أعُلن التوصل إلى اتفاق الهدنة، حتى تجمع سكان قطاع غزة في الشوارع، وهم يلوحون بالأعلام الفلسطينية، ويغنون الأغاني الوطنية، وعلى وجوهم علائم الفرح، وبدا بعضهم مرتبكاً، وغير مصدق الأمر بعد. قالت براء لمراسل "راديو فرانس": "سنقوم بتنظيف الأنقاض، وسنعيد بناء غزة التي ستصبح أجمل من ذي قبل؛ أنا الان مع طفلة صغيرة، ابنة شهيد؛ يوجد هنا الصغار والكبار، ولكننا سنبدأ جميعاً في إعادة البناء، لأن غزة فينا، فنحن الذين صمدنا في هذه الحرب، نحن الذين صمدنا في هذه الحرب، نحن الذين صمدنا، ولسنا مدينين لأحد، لا لقائد ولا لبلد".
أما جنى، من سكان دير البلح، التي تفكر قبل كل شيء بأحبائها الذين سيلتئم شملها معهم، فقالت: "نحن سعداء، لكنني افتقدت أطفالي منذ سنة وأربعة أشهر، إنهم في جنوب غزة ولم أرهم، لقد قُتل بعض أطفالي الآخرين، إنهم شهداء، سأقوم بتنظيم لمّ شمل ولحظة عزاء، ولكن على الرغم من ارتياحي لوقف إطلاق النار، فإنني أشعر بالحزن الشديد لفقدان أطفالي وبيتي". ويقول فادي، وهو طبيب: :أريد أن أبكي، ولكن لا أعتقد أن لدي ما يكفي من الدموع؛ إن كل هذه الأربعين مليون ثانية التي انقضت، من أجل ماذا؟ في كل ثانية كانت تمر، كانت قلوبنا تتمزق أكثر فأكثر، ألماً وحزناً على ما نمر به في غزة؛ كان هناك أيضاً رعب الاكتشاف، ورؤية حجم الدمار الشامل الذي لحق بقطاع غزة".
وفي هذا الصدد، تشير التقديرات إلى أن ما بين 47000 و78000 شخص قد استشهدوا في القطاع نتيجة الحرب، وأن 70% من المباني قد دُمرت. وبعد بدء سريان وقف إطلاق النار، راح كثيرون من الغزيين والغزيات يعودون إلى منازلهم، حيث "لم يجد الكثير منهم سوى الخراب والدمار". ففي شمال القطاع المدمر، وفي غبار الشوارع المحطمة، كانت "أرتال من النازحين تشق طريقها، معظمهم سيراً على الأقدام، عبر بحر رمادي من الأنقاض والكتل الخرسانية المنهارة والهياكل المعدنية الملتوية"، وذلك بعد أن "أُلقي بهم على الطرقات، ونُقلوا عدة مرات إلى مخيمات مؤقتة من الخيام أو أماكن إقامة مؤقتة أو مدارس تم تحويلها إلى ملاجئ"، وكان من بينهم وليد أبو جياب، الذي "عاد للتو إلى منزله في جباليا، مركز الهجوم الإسرائيلي الواسع منذ تشرين الأول/أكتوبر الفائت الذي دفع السكان نحو مدينة غزة"، وعلّق قائلاً: "لم يعد هناك شيء، لقد أصبح الوضع لا يطاق".
وهكذا، يستقبل الغزيون والغزيات اتفاق الهدنة في ظل مشاعر متناقضة: الفرح لوقف المذبحة، والحزن على ما ضاع، والترقب لما سيأتي.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
حكاية شعب لا ينسى
حديث القدس
الشهداء يُحررون الأحياء
عيسى قراقع
لقاء الدوحة الفلسطيني
حمادة فراعنة
حكومة التطرف وتفجير الصراع في الضفة
سري القدوة
هل تسقط الهدن المؤقتة على جبهتي جنوب لبنان وقطاع غزة؟
راسم عبيدات
كيف يمكن للفن الفلسطيني أن يساهم في الصحة النفسية للمجتمع؟
د.سماح جبر
العَلْمانِيَّةُ في العالَمِ العَرَبِيِّ: أُفُقُ التَّجْدِيدِ أَمْ تَهْدِيدٌ لِلْهُوِيَّةِ؟
ثروت زيد الكيلاني
ملامح سياسات ترامب الخارجية الجديدة
كريستين حنا نصر
جنين أول فصول المذبحة الإسرائيلية في الضفة
حديث القدس
الاحتلال الإسرائيلي وسيناريو فرض كيان طواعي في غزة
فادي أبو بكر
آنا فرانك وهند رجب رمزان لمأساتين مختلفتين ودروس مشتركة
عمر فارس
معارك ترمب المقبلة
حمادة فراعنة
المساعدات الدولية: بين الصمود والمرونة!
أمين الحاج
من يحكم غزة بعد هذه الإبادة؟!
محمد جودة
رسائل فلسطينية لترامب
حديث القدس
جدل الانتصار والهزيمة
هاني المصري
بَحرُ غزّة..
المتوكل طه
غزة.. الكارثة والبطولة !
جمال زقوت
ما لها وما عليها
حمادة فراعنة
التسوية الإقليمية والقضية الفلسطينية في ظل الرؤية الأمريكية القادمة
مروان اميل طوباسي
الأكثر تعليقاً
الرئيس يهنئ ترامب لمناسبة أدائه اليمين الدستورية
بن غفير: نترقب عودة المزيد من المحتجزين بالقوة
أبو عبيدة: شعبنا قدم من أجل حريته تضحيات غير مسبوقة خلال 471 يوما
ترامب يلغي العقوبات على المستوطنين ويجمد المساعدات للفلسطينيين
نبكي جنين!
العَلْمانِيَّةُ في العالَمِ العَرَبِيِّ: أُفُقُ التَّجْدِيدِ أَمْ تَهْدِيدٌ لِلْهُوِيَّةِ؟
هيئة البث العبرية: حماس قدمت هدايا تذكارية للأسيرات الإسرائيليات
الأكثر قراءة
ترامب يقسم اليمين ليصبح الرئيس الأميركي 47، ويفتخر بصفقة غزة
شهيدان برصاص قناصة الاحتلال في رفح جنوب قطاع غزة
أبو عبيدة: شعبنا قدم من أجل حريته تضحيات غير مسبوقة خلال 471 يوما
النقد" تصدر تعليمات للمصارف للتعامل مع أقساط المقترضين المتراكمة خلال العدوان
إطلاق سراح أول دفعة من الفلسطينيين من سجون الاحتلال بموجب اتفاق وقف إطلاق النار
ترامب يلغي العقوبات على المستوطنين ويجمد المساعدات للفلسطينيين
هيئة البث العبرية: حماس قدمت هدايا تذكارية للأسيرات الإسرائيليات
أسعار العملات
الأربعاء 22 يناير 2025 9:11 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.55
شراء 3.54
دينار / شيكل
بيع 5.01
شراء 5.0
يورو / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%56
%44
(مجموع المصوتين 477)
شارك برأيك
اتـفـاق الـهـدنـة: "نـحـن الـذيـن صـمـدنـا فـي هـذه الـحـرب" تـقـول بـراء