من حق شعبنا الفلسطيني العظيم أن يبتهج مع قرب تنفيد اتفاق وقف إطلاق النار، ووقف العدوان على قطاع غزة اعتباراً من يوم الأحد المقبل، وهو موعد دخول الاتفاق حيز التنفيذ.
بعد ١٥ شهراً من القتل والتدمير لكل مقومات الحياة في غزة، ووسط قوافل الشهداء الذين ارتقوا في معركة الدفاع عن القدس والمسجد الأقصى، من حق شعبنا العظيم أن يحظى بكل عبارات الفخر والاعتزاز والثناء على صموده الأسطوري وهامات أبنائه الأوفياء التي ظلت مرفوعة عالية شامخة تناطح عنان السماء، ليحصد شعبنا ثمرة تضحياته العظيمة بهذا الاتفاق الذي سيوقف الحرب بشكل تدريجي، على أمل إتمام مراحل الاتفاق وصولاً إلى نهاية العدوان بشكل كامل.
لقد جاء الاتفاق الذي أعلنه يوم أمس رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بعد مفاوضات ماراثونية ومعقدة بإشراف قطر ومصر والولايات المتحدة، ليشكل إنجازاً لشعبنا وأمتنا ومقاومتنا الباسلة وكل أحرار العالم، الذين تظاهروا واعتصموا في كل أرجاء المعمورة، واستنكروا وأدانوا وشجبوا هذا العدوان الأشرس في التاريخ، ليسجَّل كعلامة ومحطة فارقة من محطات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، على طريق حرية شعبنا وعودته.
يضع الاتفاق إذا تم الالتزام به حداً لشلال الدم الفلسطيني، الذي سال على تراب الوطن بغزارة جراء المجازر وحرب الإبادة التي تعرض لها شعبنا، ولا بد من كلمة شكر لكل من وقف وتضامن مع شعبنا من أصحاب المواقف المشرفة، سواء المؤسسات الرسمية أو الشعبية التي ساهمت بفضح الاحتلال وسياساته العدوانية.
لقد نجحت غزة بإسقاط كل الخطط والمؤامرات، وفي مقدمتها خطة الترحيل والتهجير والاستيطان، وضم أجزاء من غزة وخطة القضاء والإجهاز على المقاومة وخطة تحطيم إرادة الغزيين الفولاذية، لتُنصّب نفسها في قمم الشموخ والعزة، رغم الألم والمعاناة وفقدان الأحبة في المذبحة الإسرائيلية التي لم يسبق لها مثيل، فاستحقت السلام لأنها وعد السلام القادم، عندما يعود أهلها إلى خيامهم التي مزقتها مدافع القصف الإسرائيلي، حتى لو نام أهلها فوق الركام.
ستكون الأيام والساعات المقبلة صعبة ومشحونة بالتوتر والترقب والقلق لدى المواطنين الذين سيعودون إلى بيوتهم أو خيامهم، وعائلات الأسرى الذين سيتم الإفراج عنهم، لكنها لا تعادل شيئاً مع الأشهر والايام الطويلة التي عاش فيها المواطنون في جحيم وكوابيس مرعبة، وآن أوان أن تتوقف هذه الحرب للقيام بواجب إكرام الشهداء وانتشال الجثامين من تحت الأنقاض، وعلاج المصابين والمعاقين، وبدء رحلة العمر الجديدة مع إعمار قطاع غزة.
انتصرت غزة على حرب الإبادة وصح فيها قول الشاعر:
إِذا الشَّعْبُ يوماً أرادَ الحياةَ
فلا بُدَّ أنْ يَسْتَجيبَ القدرْ
ولا بُدَّ للَّيْلِ أنْ ينجلي
ولا بُدَّ للقيدِ أن يَنْكَسِرْ
شارك برأيك
الإرادة انتصرت على الإبادة