اقتصاد
الجمعة 03 يناير 2025 8:55 صباحًا - بتوقيت القدس
"نيسان" وشبح الإفلاس: الاقتصاد اليابانيّ على المحكّ أمام صناعة السيّارات الصينيّة
وكالات
تدرس شركتا هوندا ونيسان عملية إنتاج مشتركة للمركبات الكهربائية في مصانع الشركتين، كجزء من خطتهما لتعميق العلاقات وربما "الاندماج"، حسب تقرير نشرته وكالة كيودو اليابانية.
وأضاف التقرير أن مصنع السيارات هوندا تدرس توريد مركبات هجينة لنيسان كجزء من الخطة.
ومن شأن اندماج هوندا، ثاني أكبر شركة سيارات في اليابان، ونيسان، ثالث أكبر شركة سيارات فيها، أن ينشئ ثالث أكبر مجموعة سيارات في العالم من حيث مبيعات المركبات، حيث تصنع الشركتان 7.4 مليون مركبة سنويًا، بعد تويوتا وفولكس فاجن، وستبلغ قيمة الشركة حوالي 54 مليار دولار.
في مارس/آذار الماضي، أبرمت الشركتان شراكة استراتيجية للتعاون في تطوير المركبات الكهربائية، لكن نيسان واجهت مشاكل مالية واستراتيجية في الأشهر الأخيرة.
ورفضت نيسان التعليق على البحث عن مستثمر رئيسي وإمكانية شراء هوندا لحصة، لكنها صرحت "الشراكة مع هوندا مهمة استراتيجيًا بشكل كبير، ونأمل في تحقيق نتائج أنشطتنا بشكل سريع من خلال التقدم المنتظم على مستوى إدارة كلتا الشركتين".
الحل الأول: خفض الإنتاج وتسريح العمال
حسب الأخبار الأخيرة والتقارير المالية وتقارير المبيعات، يبدو أن نيسان بحاجة لمعجزة بحق للخروج من مأزقها. وإن لم تحصل تلك المعجزة، فإن الشركة تتجه نحو الإفلاس في غضون 12 إلى 14 شهرًا، حسب أحد كبار المسؤولين في نيسان، وستطلق نيسان سلسلة من تدابير إعادة الهيكلة على خلفية انخفاض المبيعات في كل من الصين والولايات المتحدة، وسيتم النظر في "جميع الخيارات" وعلى رأسها شراء هوندا لبعض أسهم الشركة.
أولى الحلول التي تفكر الشركة اليابانية بعملها هي، حسب رئيس التصنيع هيديوكي ساكاموتو، خطوات خفض التكاليف الرئيسية التي من شأنها أن توفر ثلاثة مليارات دولار من خلال خفض حصتها في ميتسوبيشي بشكل كبير بالإضافة إلى تسريحات بالجملة لـ 9000 من موظفيها في العالم الذين يزيدون عن 133000 موظف.
قال ساكاموتو في مؤتمر صحفي في وقت سابق من شهر تشرين الثاني/نوفمبر "على مستوى العالم، لدينا حاليًا 25 خط إنتاج للمركبات. خطتنا الحالية هي تقليل الحد الأقصى للقدرة التشغيلية لهذه الخطوط الـ 25 بنسبة 20%. واحدة من الطرق المحددة لذلك هي تغيير سرعة الخط وأنماط التحول، وبالتالي زيادة كفاءة الموظفين التشغيليين". هذا وقد اضطرت الشركة إلى بيع حصة كبيرة في ميتسوبيشي موتورز، فانخفضت حصتها من 34% إلى أقل من 25%، ووافق الرئيس التنفيذي ماكوتو أوشيدا على خفض غير مسبوق في راتبه بنسبة 50%.
تأتي إعادة التفكير في الاستراتيجية بعد ثمانية أشهر فقط من محاولة أوشيدا تحفيز النمو بخطة عمل جديدة تسمى "ذا ارك" The Arc والتي تهدف إلى زيادة المبيعات العالمية بمقدار مليون سيارة للوصول إلى حوالي 4.4 مليون. ولكن يبدو أن الخطة لم تنجح، إذ خفضت نيسان توقعات مبيعاتها العالمية للسنة المالية الحالية، وتبدو مستسلمة للأمر الواقع بمبيعات 3.5 مليون سيارة
البدائل الصينية تلتهم حصة نيسان
يطرح المراقبون أسئلة مثل: لماذا تواجه نيسان مثل هذه الصعوبات؟ لربما يعود الجواب على ذلك بالأساس إلى منتجات الشركة وخططها المستقبلية. وبصرف النظر عن حقيقة أن تشكيلة منتجات العلامة التجارية الحالية لا تضرب عصبًا في السوق، مع وجود نموذجين كهربائيين فقط للبيع في الأسواق الدولية، فإن جذر المشاكل ينبع من موجة من بدائل السيارات الكهربائية الأرخص القادمة من الصين والتي تغمر السوق العالمية، وتسرق الحصة السوقية من الشركة اليابانية. زيادة على ذلك، فإن تقنية الكهرباء الأساسية، أي مجموعة نقل الحركة الهجينة "إي باور" e-Power، الخاصة بنيسان، والتي كانت ناجحة في اليابان، لم تُطْرَح للبيع بعد في الولايات المتحدة.
بشكل عام، عمليات الدمج في الشركات تولد من أكثر من سيناريو، الأول هو الضرورة والآخر هو الراحة والرفاه الاقتصادي. وفي حالة اندماج هوندا ونيسان المحتمل، فإن الأمر دفاعي يأتي من ضرورة قصوى لشركة نيسان التي تواجه الغرق. إذ تجتاح الشركات الصينية المصنعة للسيارات الكهربائية العالم. وفي حين أن التحدي المتمثل في الخبرة الصينية الكبيرة والمتقدمة في مجال السيارات الكهربائية يلوح في الأفق بالنسبة لجميع شركات صناعة السيارات التقليدية، فإنه يمثل بالنسبة لليابان تهديدًا مباشرًا لسلسلة توريد تصنيع السيارات الضخمة التي كانت المحرك الاقتصادي للبلاد لسنوات!
لم يحتج الأمر الكثير من الوقت لرؤية تأثير السيارات الصينية، إذ أعلنت شركة هوندا عن انخفاض بنسبة 15% في أرباحها الربع سنوية الشهر الماضي، متأثرة بالتراجع في الصين، كما قامت بتقليص قوتها العاملة هناك. شركة نيسان أيضًا لم تسلم من انخفاض المبيعات في الصين. ويحذر سانشيرو فوكاو، الزميل في معهد إيتوشو للأبحاث في طوكيو، من أن السرعة التي تمكن بها مصنعو السيارات الكهربائية الصينيون من الابتكار تعني أن هوندا ونيسان "ليس لديهما وقت" لمواصلة العمل كالمعتاد.
ومن بين شركات صناعة السيارات اليابانية كانت تويوتا الأكثر صراحة بشأن الضرر المحتمل الناجم عن التحول الدراماتيكي والسريع إلى السيارات الكهربائية، حيث حذر رئيس مجلس الإدارة أكيو تويودًا مؤخرًا من أن مستقبل السيارات الكهربائية لوحده من شأنه أن يؤدي إلى خسارة العديد من الوظائف في الصناعة، وخاصة لدى الموردين وأولئك الذين يعملون على المحركات.
ولطالما دافعت تويوتا عن ما تسميه استراتيجية "المسارات المتعددة" التي تشمل إنتاج السيارات الهجينة والسيارات المعتمدة على الوقود، بالإضافة إلى السيارات الكهربائية. وقال إيكي سوزوكي، وهو عضو في البرلمان من الحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم، ويمثل محافظة ميي، موطن مصنع هوندا وحلبة سباق سوزوكا، إنه يأمل أن يؤدي اندماج هوندا ونيسان إلى زيادة قدرتهما التنافسية العالمية. لكنه أضاف أنه إذا كان الاندماج سيؤثر سلبًا على التصنيع المحلي والعمالة، فإن ذلك سيتعارض مع سياسات رئيس الوزراء شيجيرو إيشيدا، الذي تعهد بتنشيط الاقتصادات الإقليمية في اليابان.
بالنسبة لليابان، الأمر واضح وبسيط، الاقتصاد على المحك، والأمر كله يتعلق بالسيارات. يقول تاكومي تسونودا، كبير الاقتصاديين في معهد أبحاث بنك شينكين المركزي "إذا لم تتحسن صناعة السيارات، فلن يتحسن التصنيع الياباني بأكمله". ويضيف "لم نعد في العصر الذي تتحد فيه شركات صناعة السيارات، وتنتج أرباحًا من خلال الاقتصادات الكبيرة، ثم تعيد استثمارها في خطة إعادة هيكلة مدتها خمس سنوات".
ويشير مراقبون إلى أن أي انحدار لصناعة السيارات في اليابان سيكون مؤلمًا على نحو خاص للاقتصاد، فصناعة السيارات هو القطاع الأقوى في رابع أكبر اقتصاد في العالم، ولأن المصائب لا تأتي فرادى، يأتي التراجع في صناعة السيارات في وقت تراجعت فيه مكانة اليابان في صناعات رئيسية أخرى مثل الإلكترونيات والرقائق الإلكترونية في السنوات الأخيرة.
وشهدت سوق السيارات اليابانية بشكل عام صعود كبير في الأسواق العالمية منذ أواخر السبعينيات. أثرت التقاليد اليابانية "مونوزوكوري" "monozukuri" أو الحرفية التصنيعية في ذلك الصعود بشكل كبير. وساهمت تويوتا، الرائدة في السوق، والتي أحدثت ثورة في التصنيع الحديث بنظامها للإنتاج والتسليم في الوقت المناسب. وساعدت هذه الأساليب في تطوير ثقافة "التحسين التدريجي" وكفاءة خط الإنتاج التي دعمت صعود صناعة السيارات اليابانية.
ومع ذلك، يشهد العالم الآن التحول إلى السيارات الكهربائية، بالإضافة إلى اهتمام المستهلك بشكل كبير بميزات القيادة الذاتية المعتمدة على البرامج وتجربتها الرقمية داخل السيارة وهي المجالات التي يتفوق فيها الصينيون.
كارلوس غصن
في عام 1999 وصلت نيسان إلى الهاوية، فقد كانت الشركة مثقلة بالديون، واستمرت الخسائر لمدة سبع سنوات متتالية. حينئذ تم تعيين كارلوس غصن مديرًا تنفيذيًا في صناعة مليئة بالعمالقة الكبار، وأدار الرجل تحالفًا يضم ثلاث شركات سيارات عالمية، رينو ونيسان وميتسوبيشي في قارتين بصفته الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس الإدارة. كان غصن مسؤول عن 470 ألف موظف و 122 مصنعًا.
يقول ساتورو تاكادا، المحلل في شركة الاستشارات "تي إي دبليو" TIW ومقرها طوكيو، إن غصن كان ينظر إليه على أنه "حجر الزاوية في التحالف". وقال إن "كاريزما" غصن هي التي ربطت التحالف معًا.
وفي اليابان، وصل الرجل إلى النجومية، في استطلاع رأي وطني أجري في عام 2011 حول من يرغب اليابانيون في إدارة بلادهم، جاء في المرتبة السابعة، أمام باراك أوباما الذي جاء في المركز التاسع. وذكر استطلاع آخر أنه كان الرجل الذي ترغب معظم النساء اليابانيات في الزواج به. حينها كان يشار إليه باعتباره "صاحب رؤية"، إذ تبنى غصن المركبات الكهربائية قبل العديد من المنافسين، حيث أطلق نيسان ليف في اليابان والولايات المتحدة في نهاية عام 2010
لإنقاذ نيسان، بدأ غصن في إعادة هيكلة ضخمة تضمنت إغلاق المصانع والتخلص من وظيفة واحدة من كل سبع وظائف. ودفع التحالف لرفع مبيعاته في الأسواق العالمية، حتى وصل إلى 10.6 مليون سيارة في السنة.
الآن في أسوأ وضع منذ وصول كارلوس غصن في عام 1999 لإنقاذ الشركة التي كانت على وشك الإفلاس، وبعد أن عجزت الشركة عن إعادة اختراع نفسها بعد اعتقال الرئيس التنفيذي السابق غصن بتهمة خرق الثقة وإساءة استخدام أصول الشركة في نوفمبر 2018، أعلنت نيسان مؤخرًا أن أرباحها هذا العام ستكون أقل بنسبة 70% من المتوقع هذا وقد عانت الشركة من خسارة 60 مليون دولار في الربع الأخير.
وتعليقًا على التطورات الأخيرة لشبكة "سي إن بي سي" CNBC عربية، قال غصن "إن لم يأت أحد لمساعدة نيسان، فإنها سوف تفلس"، مشيرًا إلى أن "الشركة مهتمة بالاندماج؛ لأنها بحاجة إلى المال، ولكن لا أعتقد أن الشركات متحمسة لإقراضها". مضيفًا أن "هوندا ليست الحل، لأن هوندا ونيسان شركتان يابانيتان متقاربتان وموجودتان في الأماكن نفسها، ولا يتكاملان"
دلالات
الأكثر تعليقاً
دروس "الطوفان" وارتداداته (1)... قول في النصر والهزيمة
حجب قناة الجزيرة في فلسطين.. محللون يعتبرونها خطوة متسرعة ويطالبون السلطة بالتراجع عنها
قرار بوقف بث وتجميد كافة أعمال فضائية الجزيرة والعاملين معها ومكتبها في فلسطين
نادي الأسير: المخاطر على مصير د.حسام ابو صفية تتضاعف
وزيرة خارجية ألمانيا من دمشق: أوروبا لن تمول "هياكل إسلامية"
"حارس أملاك الغائبين".. الحرامي يسطو على أراضي السكان الأصليين
ارتفاع قيمة ضريبة المغادرة عبر معبر الكرامة
الأكثر قراءة
"سرايا القدس": إنقاذ أسير إسرائيلي حاول الانتحار
نواب في الكنيست يطالبون "كاتس" بتدمير كافة مصادر الماء والغذاء والطاقة في قطاع غزة
قرار بوقف بث وتجميد كافة أعمال فضائية الجزيرة والعاملين معها ومكتبها في فلسطين
القبض على "عزرائيل" سجن صيدنايا في سوريا
شهادات جديدة لعدد من معتقلي غزة في سجن "النقب"
دروس "الطوفان" وارتداداته (1)... قول في النصر والهزيمة
وزيرة خارجية ألمانيا من دمشق: أوروبا لن تمول "هياكل إسلامية"
أسعار العملات
السّبت 04 يناير 2025 10:26 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.65
شراء 3.64
دينار / شيكل
بيع 5.15
شراء 5.12
يورو / شيكل
بيع 3.75
شراء 3.72
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%59
%41
(مجموع المصوتين 349)
شارك برأيك
"نيسان" وشبح الإفلاس: الاقتصاد اليابانيّ على المحكّ أمام صناعة السيّارات الصينيّة