من الجيد أن تنتهي الحرب على لبنان، وأن يتوقف العدوان الإسرائيلي على الشعب اللبناني الشقيق، ومقاومته الباسلة التي يقودها حزب الله الذي شكّل جبهة إسناد للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، ووقف إلى جانب شعبنا وقدّم تضحيات كبيرة، وإذا ما نجحت المساعي وتحقق وقف إطلاق النار في لبنان حسب ما هو مقرر في المباحثات الأخيرة، وما يصدر هنا وهناك، فإن ذلك يعتبر أفضل إنجاز للمقاومة اللبنانية التي حققت بفضل عوامل الضغط على إسرائيل هدف وقف العدوان ورفع آثاره السلبية عن الشعب اللبناني.
صحيح أن تكلفة الحرب على لبنان، خصوصاً منطقة الجنوب وقرى الخطين الأول والثاني، كانت باهظة جداً، حيث تم مسح بلدات وأحياء بأكملها عن الخارطة، وسط تدمير آلاف المباني والمنشآت، إضافة لارتقاء آلاف الشهداء وإصابة أعداد كبيرة بجروح، إلا أن بلاد الأرز ستبذل كل جهد ممكن للنهوض بسرعة، وهي التي تردد يومياً رفضها الموت، واستعداد عاصمتها للقيام من تحت الردم، لتقدم مثالاً نموذجياً على الكبرياء اللبناني الذي يبعث في النفوس مشاعر الارتياح والنشوة.
ونحن نتحدث عن وقف محتمل بنسبة كبيرة للعدوان على لبنان، فإن ثمة مسألة أهم تتعلق بالحرب الإسرائيلية على شعبنا في قطاع غزة والضفة الغربية، فالحرب هنا لن تتوقف، وإذا صح التعبير فهي ليست حرباً عادية، بل حرب إبادة وحملة تطهير عرقي بكل ما ترمز له هذه الكلمات من معانٍ، لأن إسرائيل لديها مطامع وأهداف أبعد بكثير من حدود حرب فقط، تستهدف من خلالها مجمل قضيتنا الفلسطينية، وليس فصيلاً على حساب آخر، أو قطاع على حساب ضفة، فالحملة الإسرائيلية تهدف لتدمير كل مقومات الحياة في قطاع غزة واستمرار احتلاله، ومن ثم ضم الضفة الغربية، واستكمال مخططات بناء الدولة اليهودية، في ظل ما ترصده الحكومة اليمينية المتطرفة من أهداف، تجعل مطامع إسرائيل أكبر بكثير من مجرد التفكير فقط بمسألة حرب أو عدوان فقط، فهناك خطط لترسيم واقع جديد تسعى لتحقيقه.
خطر المشاريع الإسرائيلية أنها ترصد مجيء الرئيس الأمريكي الجديد ترمب، الذي تعلق إسرائيل عليه آمالاً كبيرة لتحقيق أهدافها التوسعية والاحتلالية والاستعمارية، حتى الوصول إلى استهداف إيران ومحاولة القضاء على برنامجها النووي، وقطع إمداداتها من السلاح والذخيرة لحركات المقاومة التي تدعمها، وبالتالي مواصلة المحاولات الإسرائيلية للعب دور الجلاد في منطقتنا، بانتظار أقرب فرصة لجرّ إيران لقواعد اشتباك جديدة، قد تكون هذه المرة من خلال تصعيد وتيرة الاستهدافات في العراق وسوريا، ولكن الهدف الأهم في هذه المرحلة لإسرائيل هو مواصلة عدوانها وإبادتها لشعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، وتضييق الخناق بمزيد من الإجراءات القاسية على شعب مقهور ومظلوم، يتعرض لأصعب وأشرس واعنف حرب في التاريخ.
حتى لو توقفت الحرب على لبنان، فإن ذلك على الأغلب سيكون مؤقتاً لأن إسرائيل اعتادت على ضرب الاتفاقيات ونسفها، لتتسق وتتوافق مع لغة الحرب التي تشنها في كل مكان، وفي المقدمة طبعاً العدوان على غزة والسعي لإبادة شعبنا الفلسطيني في كل مكان
شارك برأيك
وتستمر الحرب على غزة!