مع بدء تأثير المنخفض الجوي وسقوط الأمطار وهبوب الرياح، بدأت فصول أُخرى من المعاناة التي تواجه مواطني قطاع غزة، حيث يتسبب فصل الشتاء بمناخه القاسي بتدهور أوضاع النازحين، والذين يقدر عددهم بعشرات الآلاف، إضافة لتفاقم معاناتهم الإنسانية أساساً.
مع استمرار عمليات النزوح القسرية ومغادرة البيوت التي لم تعد صالحة بسبب القصف الإسرائيلي، الذي دمرها عن بكرة أبيها، أصبحت الخيمة وحدها الملاذ والمأوى من خطر الفيضانات والسيول والرياح، وللوقاية من البرد، لكن هذه الخيمة اهترأت وتمزقت بعد أن تسربت إليها مياه الأمطار والسيول، وبعد أن طارت بفعل الرياح، والحديث هنا عن مئات الخيام التي تركت الأطفال الصغار والرضع والنساء والحوامل والشيوخ وكبار السن والمرضى وكل من يكابدون الحياة الصعبة في القطاع، يبحثون عن سبل وأدوات وحلول ناجعة، ويناشدون الضمائر الحية بمساعدتهم وتوفير خيام جديدة لهم، وسط الخوف من ظروف الطقس الشتوي الذي يزيد المعاناة، بسبب غياب ابسط مقومات الحياة.
أمس تعرضت الخيام، التي تؤوي آلاف النازحين في مخيم ملعب اليرموك ومتنزه بلدية غزة، ومنطقة مخيم الشاطئ ووادي الدميثاء في القرارة ومنطقة وادي السلقا ومحيط بركة حي الأمل وحرم جامعة الأقصى ومنطقة الشاكوش في رفح والبركة وساحل البحر في دير البلح، لأضرار جسيمة جداً بعد أن تدفقت مياه الأمطار نحوها، ما أدى إلى تضرر الأمتعة والفراش والملابس لمعظم عائلات النازحين، وهو الأمر الذي يترك العشرات دون مأوى وسط لسعة البرد القارس والأمطار الغزيرة.
لقد خلق الاحتلال تداعيات خطيرة جداً في معظم أنحاء القطاع لتعصف بحياة النازحين وفي مقدمتها تدميره للبنى التحتية، وتخريب الشوارع وهدم المنازل التي يخشى انهيار ما تبقى منها، ووجود أماكن غير صالحة للسكن وآيلة للسقوط، لكن عدداً من النازحين يلجأون إليها في محاولة لإنقاذ ما يمكن انقاذه قبل فوات الأوان.
على كل مؤسسات وهيئات المجتمع الدولي المختصة بالعناية بشؤون وقضايا النازحين، الوقوف أمام مسؤولياتها، ومدّ مواطني القطاع بخيام وكرفانات إيواء للوقاية من أضرار ومخاطر فصل الشتاء الحقيقي الذي يهدد قطاع غزة، ويفرض مآسي وكوارث جديدة، تضاف لما يرتكبه الاحتلال من مجازر وجرائم تجعل المواطنين دائماً عرضة للخطر والقتل والدمار.
مَن ينصف هؤلاء النازحين، ويقف معهم في مأوى يحميهم، ودفء يقيهم من برودة الأجواء، وصوت عالمي ودولي ينصفهم وينهي أكبر معاناة في التاريخ، قبل أن يتحول فصل الشتاء إلى فصل آخر من فصول الموت والمعاناة؟
شارك برأيك
الشتاء.. فصل من المعاناة في غزة