Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الثّلاثاء 20 أغسطس 2024 3:46 مساءً - بتوقيت القدس

الكتابة برسم الواجب والوجوب

قلت في وقت الحرب عادةً ما تقلّ الرّغبة في الكتابة؛ إذ ينزح الإنسان إلى خوفه وقلقه وترقبه للآتي، فالمجهول يُربك ويُقلق بالتأكيد، ولكن في الحالة الفلسطينية الأمر يختلف كثيرًا، حيث نتابع ما يُكتب تحت القَصفِ وفوقَ الرّدم من نصوص يومية عن الحرب والعدوان الذي لا زال يزاول دوره في تدمير الحياة ومقوماتها، إذ تجاوز الكاتب الفلسطيني القلق، وكسرَ حواجز الخوف من القادم، لأنه اعتاد الحاضر وحفظ الماضي، ويرى ما ظلّ من مستقبلٍ بين أمل خافتٍ في الآخرين، وإيمان قويّ بالذات، لأنه يدرك أهمية توثيق اليوميّ والعاديّ في حياته غير الطبيعية ليبحث فيما يَكتُب عن حياة لإنعاش الحياة، وكي يقرأ الآخرون المُختلف على أرضِ الوقع، فالكتابة في هذه اللحظةِ هي ضرورة إبداعية تحمل رغم الألم إضاءات جمال، وسياقات فنّية مختلفة، فهي خارج ترَف المجاز وفي قلب حقيقة المعنى واللغة المُتقَنة التي خَبِرَت صوت القارئ البعيد.


لم يكن سهلاً عليّ أن أقتفي أثر الوجع في سرد الأصدقاء، السرد المُضمّد بمرهم المعاني المكلومة، المعاني التي بالأصل متوجسة من عتمة الخذلان. ماذا يعني أن تشير بإعجاب على صدر صفحات الكون الأزرق، وتعليق موجز كأنه رفع عتبٍ من خجل يتلبّسنا. هذا الكون الذي بتنا نتحسس حياتهم بضوئه الأخضر ليشي بأن ثمة نفس لحياة لمن يجيدون معنى الحياة، أنهم لا زالوا يضيئون بما تيسّر من طاقة لتضيء نافذة التواصل على الكون الذي يشاهدهم، يُنعَفون تحت غبار صفيح يتطاير على مدّ البصر الغباش.


يا أصدقائي، الأصدقاء الذين أعجز عن سؤالهِم، عن سؤال الحال والأحوال، السؤال المُتعب أصلاً، المُرهق من حمل الجواب المكلوم بالشوق، المسكون بالحنين، الحنين؟! أذكُره ويذكُرني بحدّة الشوق لأبصره في عيوني، لأرى حالنا في عيون الآخرين.


 هي الأيام نُبصرها فتوجعنا، وتكوي جرحنا الغائر الذي لا يشفى، فنشقى بالسؤال ونوقد حطب الانتظار، وأشعل جمر الكلام تحت صدر الجوع؛ لتصير الفكرة لقمة أقبضها أنا الجائع للحنين أقول، وأضمّد بها جرح الشوق ثانية وأشدّ خاصرة الانتظار، ويشق عليّ السؤال، السؤال الذي يرتد صداه مُتعبًا مُرهقُا: نحن بخير يهمسون، فأقبض على الخير أفلّيه حرفًا حرفًا، أفكّ أزرار العتمة كي أرى في آخره ضوءًا وأتحسس مواقد الضوء على جدران النفق الطويل، يا أصدقائي الذين في الحلم أتلمس على وجوههم تجاعيد ارتمست من صدى الصرخات العطشى للحياة، ومن بحة الأمنيات الجائعة لعلامات السؤال التي لا تُكتب، فتصير سطراً لا ينتهي، يا أصدقائي كيف لي أن أغمس الجواب المنقوع بغبار الردم المنشور على ما ظل من حبال للوقت الذي لم تعرف له بداية حتى ينتهي، يا أصدقائي الذين يرسمون للنهار نوافذ للشمس، وللبحر شواطئ ومرافئ للنجاة، يا أصدقائي الذين يغنون للحياة، كي نحيا ولا ظل معنى للسؤال عن الحال.


..............


هي الأيام نُبصرها فتوجعنا، وتكوي جرحنا الغائر الذي لا يشفى، فنشقى بالسؤال ونوقد حطب الانتظار، وأشعل جمر الكلام تحت صدر الجوع؛ لتصير الفكرة لقمة أقبضها أنا الجائع للحنين.

دلالات

شارك برأيك

الكتابة برسم الواجب والوجوب

المزيد في أقلام وأراء

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام

بهاء رحال

المقاومة موجودة

حمادة فراعنة

وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي

سري القدوة

هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!

محمد النوباني

ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟

حديث القدس

أسعار العملات

الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.28

شراء 5.26

يورو / شيكل

بيع 3.96

شراء 3.95

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%53

%47

(مجموع المصوتين 81)