أقلام وأراء
الثّلاثاء 20 أغسطس 2024 9:06 صباحًا - بتوقيت القدس
مفاوضات تحت النار والمقترح الأميركي يدفع باتجاه الحرب
ربما تتراجع صيغة سائدة أن (أمريكا تضغط على إسرائيل من أجل الصفقة)، بعد تقديم المقترح الأمريكي الجديد للصفقة. حتى أن مراسلاً لإحدى الفضائيات رفع النبرة كثيراً حين اعتبر أن (أمريكا تمارس ضغطاً هائلاً على إسرائيل)، وذلك رغم كل الحشود العسكرية لأمريكا وحلفائها في فرنسا وبريطانيا وألمانيا، من بوارج وحاملات طائرات، ومخازن انفتحت، وأموال تدفقت ثمناً للعتاد.
لم يكن غريباً أن تعلن حماس، باسم قوى المقاومة، رفضها للمقترح الأمريكي، ففي تفاصيله المسرّبة، وكما أعلنت حماس، يوجد كل ما يريده نتنياهو من شروط، وأعلنها مراراً كشروط لتعطيل أي اتفاق، وهو مقترح يبتعد كثيراً عما أعلنه بايدن في 2 أيار وتبناه مجلس الأمن. فيما يتعلق بوقف العدوان والانسحاب، من محوري فيلادلفيا ونتساريم، وأعداد الأسرى وأسمائهم والمكان الذي يقصدونه بعد التحرر، وعودة النارحين من الجنوب للشمال، كل هذه القضايا تبنى فيها المقترح موقف نتنياهو، والأهم يريد إغراق المفاوضات بتفاصيل التفاصيل بعيداً عن المسائل الجوهرية: الانسحاب الكامل، ووقف العدوان، وصفقة مشرفة للتبادل، والإعمار وإدخال غير محدد للمعونات، وإعادة الإعمار ورفع الحصار. المقترح بصيغته الحالية، وهذا بالتأكيد يعرفه الأمريكان، لا يمكن القبول به مطلقاً من قبل المقاومة، والأهم أنه لن يقنع إيران وحزب الله بمقايضته برد رمزي ومحسوب، وقد سبق وأعلن الطرفان قبولهما بما تقبل به المقاومة من حيث المبدأ، وبالتالي فهو مقترح يفتح بوابة الحرب في المنطقة على مصراعيها.
لم يكن غريباً أيضاً تزامن عدة تطورات معاً في الأيام الأخيرة. من جهة تزامَنَ تقديم المقترح مع زيارة ثلاثية من وزراء خارجية الدول المشاركة في العدوان، أمريكا وفرنسا وبريطانيا، ومخطئ مَنْ يعتقد أن هذا الحشد الدبلوماسي جاء فقط ليعلن عن دعمه لدولة الإبادة، ودفاعاً عنها أمام أي رد من قوى المحور، فإعلان كهذا لا حاجة له لتلك الزيارة، ويمكن تأكيده ببيان رسمي، وهذا يفعلونه يومياً. إن هذا التزامن، وعلى قاعدة تقديرهم برفض المقاومة للمقترح، هو بمثابته رسالة لنتياهو بأن خطة توجيه ضربة قاسمة للمحور لفرض مقترحنا/ مقترحك هي على الطاولة. ليس لدى حلف الأطلسي، وعلى رأسه الإمبريالية الأمريكية أية ترددات بخصوص ضربة للمحور إذا توفرت ظروفها، والأهم التقدير بنجاحها لصالح دولة الإبادة ولمشروع الهيمنة الإمبريالي على المنطقة، في جوهره دمج نهائي لدولة الإبادة فيها.
إن افتراضاً قطعياً ومحسوماً بأن أمريكا لا تريد الحرب ليس واقعياً تماماً، شأنه شأن افتراض أن أمريكا (تمارس ضغطاً على إسرائيل). هي لا تريدها إذا اعتقدت أنها وتابعها الضعيف، دولة الإبادة، يمكن أن يخسراها، لأن نتائجها غير مضمونة تماماً، ولكن إن استعصى كسر إرادة المقاومة، ولجم المحور عن الرد الجدي والقاسي، بصفقة مشرفة وحسب شروط المقاومة، أي إذا شعروا باقتراب المحور من تحصيل تلك الصفقة، فإن الشروع بضربة سريعة وموجعة للمحور ستكون مطروحة تماماً على الطاولة، مع ضرورة ضمان نجاحها، وكل تلك الحشود هي من أجل هذا التطور. أما مراعاة الوضع الأمريكي الداخلي على أعتاب الانتخابات فيمكن أخذه بالحسبان بأن يكون العدوان على المحور، وفقاً للحسابات والترتيبات العسكرية، شاملاً وسريعاً وموجعاً وحاسماً. هذا التزامن يدفع باتجاه الحرب دون مواربة.
أما التزامن الثاني فهو التصاعد في المواجهة العسكرية على محور غزة والجنوب اللبناني. من الصحيح القول أن المفاوضات تجري تحت النار، شأن أية مفاوضات بين طرفين متحاربين عسكرياً. في الشمال تضرب دولة الإبادة مواقع مدنية ويستشهد مدنيون سوريون ولبنانيون، فيرد حزب الله بقصف صفد ومستوطنات جديدة وقواعد عسكرية، ويوقع قتلى وجرحى تعلن عنهم دولة الإبادة. في القطاع مجازر يومية متصاعدة في رفح وخانيونس وغزة، وهل في جعبة دولة الإبادة إلا المجازر والإبادة؟ فيما المقاومة ترد بعمليات نوعية في محور نتساريم وتل السلطان ورفح وخانيونس، والأهم أنها تُظهر قدرة عالية على إعادة تجديد قواها وعلى التخطيط والتنفيذ. لسان حال نتنياهو وعصابته كما دائماً (إن لم تتنازلوا في المفاوضات، فستتحملون عبء المجزرة تلو المجزرة)، والرهان - كما كان دائماً، وفشل حتى اللحظة، ومتوقع أن لا ينجح- هو تأليب الحاضنة الشعبية ضد المقاومة وقواها. إنهم يجعلون من دماء الأطفال والنساء ورقة تفاوض. إن هذا التصعيد الإسرائيلي وبالتزامن مع الحشود العسكرية الأطلسية وإعلان المقترح الأمريكي لا يمكن فهمه إلا في إطار التحضير لحرب أطلسية إسرائيلية ضد المحور.
وعليه لم يبقَ للتفاوض سوى وظيفة واحدة: غطاء للعدوان والإبادة في القطاع، وتأجيل متواصل لرد محور المقاومة. ولكن إلى متى يمكن للمحور الانتظار، والسماح بذلك، خاصة أن الحشد الأطلسي كحشد عدواني ليس خافياً على أطراف المحور وحساباته؟
إن هذا التصعيد الإسرائيلي وبالتزامن مع الحشود العسكرية الأطلسية وإعلان المقترح الأمريكي لا يمكن فهمه إلا في إطار التحضير لحرب أطلسية إسرائيلية ضد المحور.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
مآلات موافقة حزب الله على ورقة أمريكا الخبيثة
حمدي فراج
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
الأكثر قراءة
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 81)
شارك برأيك
مفاوضات تحت النار والمقترح الأميركي يدفع باتجاه الحرب