اغتيل فجر أمس إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس، ولم يعلن أحد مسؤوليته عن الاغتيال، لكن الشكوك تحوم على الفور حول إسرائيل، التي تعهّدت بقتل هنية وغيره من قادة حماس؛ بسبب الهجوم الذي شنّته في 7 أكتوبر/تشرين الأول على إسرائيل .
تطور خطير
بعد دقائق من الإعلان رسميًا عن اغتيال هنية، وصف موقع "إسرائيل اليوم" عملية الاغتيال بـ "التطور الخطير" الذي "من شأنه أن يعيد تشكيل الحرب المستمرّة منذ أكثر من تسعة أشهر في غزة".
العملية بالغة الخطورة، وهي زلزال حقيقيّ، قد يضرب الشرق الأوسط، وقد يتضرر منه الداخل الإسرائيلي نفسه، ولعل ذلك الذي حمل تل أبيب ـ المتهم الأول حتى الآن ـ على الصمت والتهرب من أي أسئلة من صحفيي المنصات الإخبارية العالمية.
وأيًا ما كان الأمر.. فهل إسرائيل "سعيدة" باغتيال أهم قيادة عربية معادية لها؟! ليس بوسع أحد أن يقطع بذلك! فالشارع الإسرائيلي مشغولٌ بصفقة تبادل الأسرى مع المقاومة، وليس باغتيال قادة فلسطينيين.
توقيت العملية، ربما يعيد نتنياهو إلى هدف في ميدان رماية الإسرائيليين مجددًا، الذين يعتبرونه أكبر عائق أمام إبرام صفقة تعيد أبناءهم الأسرى في غزة. بل ربما يُنظر إلى عملية اغتيال هنية بوصفها عملًا ليس في صالح الأمن القومي الإسرائيلي، وإنما في خدمة سيناريوهات نتيناهو المتعددة والمتنوعة لإفشال أي جهود لإنهاء الحرب، وتسوية ملف الأسرى؛ خوفًا من استئناف محاكمته في قضايا فساد، بات من المؤكد أنها ستقوده إلى السجن بعد أن تضع الحرب أوزارها.
عملية الاغتيال، من المرجح أنها قد نُفذت بدون استشارة سيد البيت الأبيض "الضعيف" معتمدة على أنه غير قادر حتى على العتاب أو التوبيخ.. فالبيان الأميركي قال إنه على "علم بالتقارير التي تتحدث عن اغتيال هنية"، فضلًا عن تصريحات وزير الدفاع الأميركي الذي أعاد ذات المعنى وأنه علم بـ"خبر" العملية، مثله مثل عامة الناس وليس كأكبر راعٍ للبلطجة الإسرائيلية في المنطقة.
انفلات العقل السياسي الإسرائيلي
بيدَ أنه ليس من شك في أن هاريس نائبة الرئيس "المغيب" والذي لا يُخفي حاجته المستمرة إلى النوم فيما يشتعل العالم من حوله ـ المرشحة المحتملة، في مواجهة منافس جمهوري عدواني وشرس – هي الآن في ورطة وأمام سؤال انفلات العقل السياسي الإسرائيلي، وعجز إدارتها "المؤقتة" عن وقف تهوره ونزقه وإحراج واشنطن أمام حلفائها الإقليميين، وتحملها سداد فواتير هوس نتنياهو بالسلطة ولو على حساب العالم كله، خاصة أن الحدث جلل، ويمسّ بسمعة الولايات المتحدة الأميركية، وبنفوذها وقدرتها في التأثير على قنوات وأوعية صناعة القرارات الإقليمية السيادية في الشرق الأوسط.
فضلًا عن تكلفة تورّطها في المنطقة حال دخلت إسرائيل في حرب أوسع تمتد من طهران والعراق شمالًا وإلى صنعاء جنوبًا مرورًا بلبنان وحزب الله المسلح، بما يعيد إسرائيل إلى ما قبل وجودها.
ومن المرجح أن تفضي العمليّة إلى مراجعة أميركية لخطابها التبريري للعربدة الإسرائيلية في المنطقة، إذ بات شعار "حقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها" شيكًا على بياض استخدمه نتنياهو لإضافة المزيد إلى رصيده السياسي بكل حمولته الشخصية القلقة من المحاكمة بعد الحرب، وخصمًا من رصيد واشنطن في منطقة مضطربة ولا يفصلها عن الفوضى إلا غياب الحضور الأميركي بشقّيه: العسكري والسياسي.
صفعة للسرديات العربية
ولذا فإنه ليس من شك في أن اغتيال هنية "تهوّر" لا تُقدم عليه قيادة سياسية رصينة وعاقلة، فهو قد جاء بعد سويعات قليلة من محاولة اغتيال قيادة عسكرية وازنة لحزب الله في الضاحية الجنوبية من بيروت، وقبل أن يقرّر الحزب سقف الرد على العملية.. فعلامَ كان يراهن نتنياهو وهو يوقّع على قرار اغتيال أرفع مسؤول سياسي ودبلوماسي في حماس، وأن يتم ذلك في داخل إيران التي تنتشر أذرعها العسكرية في أربع عواصم عربية، وصواريخها قادرة على إلحاق الأذى بنصف إسرائيل؟!
العملية إهانة لإيران.. واستفزاز ليس بوسع المراقب، أن يستشرف مآلاته والخطوة التالية له. إذ يتعين على السلطات الإيرانية الإجابة عن سؤال: لِمَ اغتيل في طهران تحديدًا؟!.. وليس في أية عاصمة أخرى من تلك التي كان يقيم فيها أو زائرًا إليها كمفاوض ممثلًا لحماس؟!
وتبقى الإشارة هنا إلى أن اغتيال هنية يعتبر أكبر صفعة للسرديات العربية التي أحرجتها عملية "طوفان الأقصى" وما تلاها من صمود أسطوري على غير أي مثال سابق في تاريخ الشعوب التي كافحت من أجل استقلالها.
إذ لم تنفك ـ تلك السرديات قبل اغتياله ـ عن الادعاء بأنه يرفل في دفء الفنادق المخملية خارج فلسطين، تاركًا شعبه تفترسه آلة الحرب الإسرائيلية الهوجاء والعمياء، حيث استشهد أخيرًا هنية، ومن قبله ثلاثة من أبنائه حازم ومحمد وأمير في غارة جوية إسرائيلية في 10 أبريل/نيسان الماضي، كما فقد أربعة من أحفاده، هم ثلاث فتيات وصبي، في الهجوم نفسه.
أقلام وأراء
الخميس 01 أغسطس 2024 10:19 صباحًا - بتوقيت القدس
اغتيال هنية في طهران.. ما تبعات الإقدام عليه؟

تلخيص
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
إلغاء اتفاق أوسلو
حمادة فراعنة
التفاوض مع حماس.. لماذا أقدم ترامب عليه ولماذا قبلت الحركة؟
عريب الرنتاوي
أهداف ترامب من التفاوض المباشر مع حماس
بقلم : محمد غازي الجمل
سوريا أمام المخاطر
عمرو الشوبكي
بالونات اختبار أمريكية
بهاء رحال
لجنة ثنائية القومية لبناء الثقة
جيرشون باسكين
غزة بين التهجير والصمود
رام الله - "القدس" دوت كوم
ماذا يجري في الضفة !
ابراهيم ملحم
اجتماع عمّان الخُماسي ، يتزامن مع مخاوف تقسيم سوريا
كريستين حنا نصر
لجنة ثنائية القومية لبناء الثقة
جيرشون باسكين
الأمريكان ملهمش أمان !
إبراهيم ملحم
حرق المساجد في فلسطين
الضفة الغربية المحتلة في عين العاصفة
أهداف ترامب من التفاوض المباشر مع حماس
الصين والأمن القومي العربي
تصريحات حماس المتناقضة.. تكتيك أم انقسام ؟
لا تضيعوا البوصلة في فهم الصراع مع الصهيونية
كانت درة فغدت مقبرة !
ابراهيم ملحم
دور المرأه المقدسية في مقاومة التهويد وتعزيز الصمود.
تهاني اللوزي
بمناسبة عيد المرأة : مستمرة بالمعاناة والنضال لنيل حقوقها عالمياً
كريستين حنا نصر
الأكثر تعليقاً
الأمن القومي العربي.. أنا "فلسطين" يا أبي

الاحتلال يفرج عن الطفلة المقدسية تقى غزاوي بشروط
ترامب يعلن اعتقال الناشط محمود خليل "المؤيد لحماس" في جامعة كولومبيا ويتوعد بالمزيد
سموتريتش: هناك تعقيدات لوجيستية لتطبيق خطة ترامب بشأن غزة

المعرفة المُستعبَدة: عندما تصبح الحقيقة خطرًا

رام الله: هدم معرضي مركبات وإضرام النيران في كراج سيارات

الشرع: الهجمات على قوات الأمن مدعومة من موالين للأسد ودول أجنبية
الأكثر قراءة
الشرطة الإسرائيلية تعتقل 40 عاملا من الضفة خلال مكوثهم داخل أراضي الـ48
رام الله: هدم معرضي مركبات وإضرام النيران في كراج سيارات

إسرائيل تضع خطط حرب جديدة للضغط على حماس

إعلام إسرائيلي: المحادثات بين واشنطن و"حماس" تجري دون تل أبيب
اعتقال ناشط فلسطيني شارك في احتجاجات جامعة كولومبيا الأميركية
بيان صادر عن حركة حماس بشأن التطورات المتعلقة باتفاق وقف إطلاق النار

إمهال نتنياهو 24 ساعة لإلغاء قرار قطع الكهرباء عن غزة

أسعار العملات
الأربعاء 12 مارس 2025 9:55 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.66
شراء 3.65
دينار / شيكل
بيع 5.16
شراء 5.15
يورو / شيكل
بيع 3.99
شراء 3.98
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%54
%46
(مجموع المصوتين 812)
شارك برأيك
اغتيال هنية في طهران.. ما تبعات الإقدام عليه؟