أقلام وأراء
الإثنين 29 يوليو 2024 9:21 صباحًا - بتوقيت القدس
لماذا سحّج الكونغرس طويلاً لزعيم مطلوب للمحاكم في الداخل والخارج؟!
تلخيص
التسحيج بالفصحى هو التقشير، أو الحك بقصد التقشير، أو هو ما ينشأ عن الخدش بالظفر أو نحوه. أما التسحيج بلهجتنا الفلسطينية الباذخة المتنوعة والتي تتميز بكثير من المرح والدقة، فهو التهليل والتطبيل بقصد النفاق، أو المجاملة. ولهذا، فإن التسحيج مذمّة في أغلب الأحيان، ولكنه ضرورة اجتماعية أو أكثر في كثير من الأحيان أيضاً، ولك أن تختار بين أن تكون سحّيجاً فتدخل أو ألا تكون كذلك فلا تدخل.
ويبدو أن التسحيج هذا عرض أو مرض، يصيب الناس جميعاً، لا فرق بين عربي أو أعجمي إلا بالكيفية أو الكمية، فليست جماهيرنا هي التي تهتف أو تصفق دون تدبّر أو تبصّر، وليست برلماناتنا هي التي تبصم دون أن تدقق أو تحقق، فهذا كونغرس أمة الأمريكان التي خصّها الله بالنشاط والإبداع، كما وصفت عند بعض المؤلفين أو المنظرين الذين قالوا "أن حضارة الأمريكان تقوم على الحريات الفردية والحقوق المدنية، وأنها ضد الظلم والاستغلال". المهم، أن (كونغرسهم) هذا سحّج أكثر من 50 مرة وقوفاً، لرجل مطلوب للمحاكم الإسرائيلية بتهم الفساد، وخيانة الأمانة، ومطلوب للمحاكم الدولية بتهم الإبادة الجماعية وغيرها. هذا الكونغرس سحّج لكل جملة قالها نتنياهو، بغض النظر عن كذبها أو مناقضتها للواقع، أو معارضتها للقانون الدولي، سحّج الكونعرس لكل ما قاله نتنياهو بشأن استمرار الحرب، وتواصل الاحتلال، ورفض التسوية، واحتقار المحاكم الدولية، واتهام كل شيء في الكون، دون أن يتحمل مسؤولية أي شيء.
إن منظر التسحيج بحق كان منفراً ومزعجاً ومخيباً للآمال؛ إذ إن هذا الكونغرس المبجل الذي يدعي الحفاظ على السلم والمساواة والحقوق، أثبت أنه لا يؤمن بذلك، ولا يطبّق هذه المبادئ إلا إذا كانت في مصلحته ومصلحة نظامه. كان ذلك التسجيج تعبيراً عن تأليه القوة والبلطجة والتطرف والعنصرية والعمى والتعصب الديني المهووس، كان ذلك التسحيج إعلاناً لكل العالم أن بعض ممثلي الجمهور في أمريكا يرفضون القرارات الدولية والمحاكم التي تشكل ضمير العالم، وأنهم يدعمون المذبحة في فلسطين، ولا يريدون معرفه التفاصيل ولا التاريخ، كان ذلك التسحيج تعبيراً عن الحنين للاستبداد والتمييز بين البشر، فليس كل البشر تحقّ لهم الحياة والحرية والكرامة، وليست كل الشعوب تستحق الدولة والسيادة، وليس كل إنسان يشبه إخوته الآخرين في الإنسانية.
كان التسحيج دعوة إلى معاندة العالم، ووقف حركة التاريخ، كان ذلك التسحيج إعلاناً بأن هؤلاء يريدون كسر الحصار عن زعيم محاصر دولياً، ومتهم عند جمهوره، ومذنب دوليّ في المحاكم العالمية. كان هذا التسحيج يعارض كل هؤلاء ويصر على رؤية زعيم قوي كاريزماتي يمثل قوة الأوهام والأحلام. كان التسحيج لخطاب منتزع من نصوص توراتية عليها خلاف في التفسير والتأويل، فاليهودية طبقات واجتهادات، والصهيونية ليست اليهودية بأي حال من الأحوال، ولكن المُسحجين اعتبروا نتنياهو وكأنه ملك قديم لإسرائيل يقاتل العماليق ويريد إبادتهم.
كان التسحيج قوياً ومتواصلاً، وليس لمجرد زعيم أجنبي يخطب أمامهم، بل كان التسحيج من القوة والحماسة وشدة الصوت لدرجة يمكن القول معها إنهم يصفقون لصاحب البيت، وليس لمجرد ضيفٍ عابر، كان التسحيج يقول إن نتنياهو والقضية الإسرائيلية عموماً هي قضية يومية في أمريكا، وليست مجرد قضية خارجية. كان التسحيح أخيرا -بكل ما أحاط به من إخراج مسرحي وسينمائي- تعبيراً عن قوة اللوبي اليهودي الصهيوني في أمريكا، بحيث استطاع هذا اللوبي تجنيد كل هؤلاء، ليس من أجل التسحيج فقط، بل من أجل ادعاء كل هذا الحب وهذا الحماس.
أخيراً، برأيي إن الكونغرس بكل هذا التسحيج وكل هذه الحفاوة قد أوصل رسالته بأقوى ما يمكن لكل العالم ولكل فرد في المنطقة العربية والإسلامية بأن إسرائيل لا تقاتلنا ولا تعتدي علينا وحدها، وهي رسالة لن تفلح في إرساء السلام أو الاستقرار في بلادنا. إسرائيل تغرق في عدوانيتها، كما أمريكا تغرق في غبائها وعماها.
......
كان التسحيج قوياً ومتواصلاً، وليس لمجرد زعيم أجنبي يخطب أمامهم، بل كان التسحيج من القوة والحماسة وشدة الصوت لدرجة يمكن القول معها إنهم يصفقون لصاحب البيت، وليس لمجرد ضيفٍ عابر.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
مآلات موافقة حزب الله على ورقة أمريكا الخبيثة
حمدي فراج
الأكثر تعليقاً
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
استهداف الصحفيين بالقتل والاعتقال.. محاولة للتعمية على الجريمة الـمُدوّية
الأكثر قراءة
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الأونروا: فقدان 98 شاحنة في عملية نهب عنيفة في غزة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%54
%46
(مجموع المصوتين 79)
شارك برأيك
لماذا سحّج الكونغرس طويلاً لزعيم مطلوب للمحاكم في الداخل والخارج؟!