Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الخميس 25 يوليو 2024 11:13 صباحًا - بتوقيت القدس

الخروج من الحياة المعلبة

تلخيص

كنا أولاداً طيبين ليني الرؤوس، نقبل على الحياة بجنون، وعصافير أروحنا مربوطة بخيوط اللعب. نقطع نهاراتنا بالمرح والركض. في الصيف نهب للبساتين نبني في الوادي بركة نتبلبط فيها كسمك مفزوع، ونؤوب إلى البيوت مع مبيت الدجاج قبيل الشفق، وكنا نمد فراشنا للحاف السماء نعابث النجوم، وندغدغها من إبطها، رغم تخويف الجدات أن هذا يورث أيادينا ثألولة بكل نجمة نعدها.


وكنا منزوعي الدسم. لكننا أقوياء صبورون، بشهادة الآباء والأجداد، الذين كانوا يحرثون علينا بالطلبات والأوامر النزقة، كنقل الحجارة لبناء السناسل (الأسوار الحجرية)، أو تمهيد الأرض، أو استرجاع حمار حرون قطع حبله وطار حتى وصل تخوم الصين.


أجساد نحيلة، كأعواد الخيزران، نركب بها أجنحة الريح، نسبق أصواتنا وأصداءها، ونطارد فراشات بسبعة ألوان، أو نصطاد صرصاراً طناناً، قرر أن يعتصم على رأس شجرة سرو شاهقة كمئذنة الجامع. وما أجمل أن يميد بك السرو مترنحاً قرب غيمة!.


كنّا مشدودين كالنوابض، نمتطي العصي الطويلة (الشواريط)، التي ترفع بها أمهاتنا حبال الغسيل، نتخذها أحصنةً لنقاتل أشرار الأرض، بسيوف القصب، وأناشيد اللهب. وكنا لا نأكل إلا على جوع، فعندما تشقشق عصافير البطن نهرع نشقُّ خبزةً، كراحة اليد ونُخضِّبها بالزيت، ونرشُّها بالسكر، فتصنع فينا قنبلة نووية.


أطفالنا في هذه الأيام باتوا (مربربين) مكتنزين بالهبر والشحوم والخصور المتورمة، ولهذا أحاول أن أتذكر زماننا القريب. هل كان بيننا ولد سمين في الحارة؟ هل كان أحدنا يجرجر كرشه ولهاثه ويثقله ظله مثل هذه المشاهدات التي صارت عادية في حياتنا؟ أسترجع كل الصور وأستذكر أصدقائي العفاريت واحداً واحداً.


وكلما رأيت طفلاً مفرط السمنة كفيل صغير يتدحرج، ألوم أهله، وأستنكر ثقافتنا المخدرة، وكلما رأيت شطيرة أكبر من رؤوسهم، يتصارعون معها في مطاعم للوجبات السريعة. أقول ماذا فعلنا بأولادنا؟ كيف سمحنا لهم أن يكنزوا بكل هذا الشحوم، وبذور الأمراض؟، فكيف تركناهم نهباً لحياة معلبة خالية المذاق منزوعة المعنى؟ كيف تركناهم يغرسون رؤوسهم في شاشات هواتفهم أسرى مستلبين لمصيبة تبديد الوقت؟ كيف تركناهم ينتفخون لتستعصي عليهم بضع درجات صعوداً دون أن يدلقوا ألسنتهم لهاثاً؟


تشير دراسة صحية إلى أن أكثر من ربع طلبة مدارسنا مصابون بالسمنة، وهذا من شأنه أن يزيد نسب الإصابة بالسكري وأمراض الغدد المزمنة، والفشل الكلوي والعيون. ولهذا فليس علينا أن نعيد النظر بمناهج التدريس فقط، بل أن نعيد الشأن أيضاً للعب والحركة والتفاعل الإنساني المباشر، بعيداً عن حياة معلبة نحياها، ونجيرها لأولادنا بكل كسل.


تشير دراسة صحية إلى أن أكثر من ربع طلبة مدارسنا مصابون بالسمنة، وهذا من شأنه أن يزيد نسب الإصابة بالسكري وأمراض الغدد المزمنة، والفشل الكلوي والعيون.

دلالات

شارك برأيك

الخروج من الحياة المعلبة

المزيد في أقلام وأراء

الوحدة الوطنية الشاملة هي الحل الأوحد لكل مشاكلنا

نعمان توفيق العابد

ردّ على دعوة جرشون باسكين.. بين بناء الثقة وتنامي مظاهر الاستعمار البشع

مروان إميل طوباسي

مسلسل إرهاب الاحتلال في الضفة لا يتوقف.. فكيف يكون الرد؟

محمد علوش

النظام الدولي الجديد.. والدولة الفلسطينية

محمد المصري

الأكراد ضحايا الجغرافيا

رمزي الغزوي

هل يقلب ترامب الطاولة على نتنياهو؟

رشاد أبو داود

إلغاء اتفاق أوسلو

حمادة فراعنة

التفاوض مع حماس.. لماذا أقدم ترامب عليه ولماذا قبلت الحركة؟

عريب الرنتاوي

أهداف ترامب من التفاوض المباشر مع حماس

بقلم : محمد غازي الجمل

سوريا أمام المخاطر

عمرو الشوبكي

بالونات اختبار أمريكية

بهاء رحال

لجنة ثنائية القومية لبناء الثقة

جيرشون باسكين

غزة بين التهجير والصمود

رام الله - "القدس" دوت كوم

ماذا يجري في الضفة !

ابراهيم ملحم

اجتماع عمّان الخُماسي ، يتزامن مع مخاوف تقسيم سوريا

كريستين حنا نصر

لجنة ثنائية القومية لبناء الثقة

جيرشون باسكين

الأمريكان ملهمش أمان !

إبراهيم ملحم

حرق المساجد في فلسطين

الضفة الغربية المحتلة في عين العاصفة

أهداف ترامب من التفاوض المباشر مع حماس

أسعار العملات

الخميس 13 مارس 2025 1:56 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.65

شراء 3.64

دينار / شيكل

بيع 5.15

شراء 5.13

يورو / شيكل

بيع 3.97

شراء 3.96

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%53

%47

(مجموع المصوتين 820)